رابعا: الصراع الدولي على الذكاء االصطناعي

مثّــل التطــور التكنولوجــي أحــد مقومــات قــوة الدولــة يف العــر الحديــث، ولذلــك مل يكــن مــن املســتغرب أن يصبــح الــراع حــول امتــالك التكنولوجيــا املتقدمــة أحــد أبعــاد الــراع الــدويل بــن الغـرب والصـن، ويهـدف هـذا القسـم إىل إلقـاء الضـوء عـى املحـاوالت الغربيـة للحفـاظ عـى تفوقهـا

التقنـي عـرب تبنـي اسـراتيجيات تصنيعيـة يف هـذا اإلطـار، وتبنـي بكـن خططـاً مامثلـة، فضـالً عـن أبعـاد الـراع بينهـام عـى امتـالك وتطويـر التكنولوجيـا املتقدمـة، وهـو مـا سـيتم تفصيلـه يف املحـاور التاليـة: -1 سياسـات الحفـاظ عـى ريـادة الغـرب التكنولوجيـة: فرضـت الثـورة الصناعيـة الرابعـة التـي يشـهدها العـامل رضورة ُملّحـة عـى الـدول املتقدمـة لـي تعيـد النظـر يف اسـراتيجيتها التصنيعيـة مـن حيــث إعــادة بلــورة أهــداف تحافــظ لهــذه الــدول عــى ريادتهــا خــالل الســنوات القادمــة، فالقــوى املحركـة للتنميـة مبفهومهـا الشـامل تغـرت بسـبب التطـورات التكنولوجيـة املتسـارعة، والتـي تقودهـا التقنيـات الذكيـة، مثـل إنرنـت األشـياء والـذكاء االصطناعـي والروبوتكـس والطابعـات ثالثيـة األبعـاد والحاسـبات الكموميـة والهندسـة الحيويـة، وهـو مـا دفـع الـدول الصناعيـة الكـربى يف العـامل لتبنـي اسـراتيجيات جديـدة تحافـظ لهـذه الـدول عـى ريادتهـا.

ويف هــذا اإلطــار، أطلــق الرئيــس األمريــي بــاراك أوبامــا عــام 2011 مبــادرة “رشاكــة التصنيــع املتقــدم” Manufacturing Partnership( ،)23(ا)Advanced لضــامن اســتمرار التفــوق األمريــي يف مجـال التصنيـع املتقـدم وتعزيـز قدرتهـا التنافسـية العامليـة، خاصـة يف مجـال التكنولوجيـات الجديـدة، وبعــد ذلــك، طرحــت واشــنطن شــعار “إعــادة تصنيــع الواليــات املتحــدة وإعــادة وظائــف التصنيــع”، وطرحــت أملانيــا “اســراتيجية التكنولوجيــا العاليــة الجديــدة The New High-Tech Strate-( ”2020 )gy 2020 التـي تركـز عـى تحويـل األفـكار املبتكـرة يف مجــال التكنولوجيــات الجديــدة إىل تطبيقــات واقعيـة(42)، ووضعـت بريطانيـا “اسـراتيجية الصناعة والطاقــة Energy and Industrial Strat-( ”2050 ،)25(ا)egy وطرحــت اليابــان “اســراتيجية إنرنــت األشــياء”(62)، فضــالً عــن تقدمهــا عــى منافســيها يف مجــال الروبوتكــس، كــام وضعــت فرنســا عــام 2015 اســراتيجية “صناعــة املســتقبل” Industry( ،)of the Future التـي تعـد خطـة إلعـادة التصنيـع يف فرنســا تشــمل الركيــز عــى التقنيــات الذكيــة، خاصــة يف مجــال املــدن الذكيــة والنقــل والطــب والبيانــات العمالقــة(72). -2 الطمـوح الصينـي للسـيطرة عـى الـذكاء االصطناعـي: نظمـت األكادمييـة الصينيـة للهندسـة يف عـام ،2013 فريقـاً ضـم أكـر مـن مائـة أكادميـي وعـامل، لبحـث خطـط تطويـر القطـاع الصناعـي الصينـي، وذلـك بعـد مراجعـة إجـراءات واسـراتيجيات الـدول الصناعيـة املتقدمــة يف هـذا املجـال. وقــدم الفريــق، بعــد ســنتن مــن الجهــود، بحثــاً حــول القطــاع الصناعــي الصينــي، اســتندت إليــه الحكومــة الصينيــة يف صياغــة اســراتيجية “صنــع يف الصــن ،”2025 والتــي أعلنــت يف مايــو عــام .)28(2015

وتهـدف هـذه الخطـة إىل تطويـر القطـاع الصناعـي الصينـي وتحويلـه إىل قطـاع متقـدم، يسـاهم يف تعزيـز القـدرة التنافسـية الصينيـة، لتنضـم الصـن إىل صفـوف الـدول الصناعيـة الكـربى، التـي متتـاز اقتصاداتهـا بانخفـاض اعتامدهـا عـى اسـتهالك املـوارد ورفـع إنتاجيـة العمـل وتعزيـز القـدرة عـى االبتـكار التكنولوجـي وتحسـن الهيـكل الصناعـي، وزيـادة عـدد بـراءات االخـراع واالسـتثامر يف

توقــع تقريــر مــن رشكــة كاسرســي الب املتخصصـة يف مجـال األمـن اإللكـرتوين، صـدر يف ينايــر ،2015 أن تتحــول نبــوءات “الخيــال العلمــي” عــن عــامل يحــل فيــه اإلنســان اآليل محــل اإلنســان العــادي، إىل واقــع بحلــول العــام ،2045 أي بعــد 30 عامــا فقــط مــن اآلن، كــا سـتتحول املنـازل إىل ذكيـة و“مؤمتتـة” بالكامل، وتصبــح الطابعــات وســيلة إلنتــاج كل املــواد، فيـا سـتنقرض أجهـزة الكمبيوتـر بحلـول ذلـك العــام.

البحـث والتطويـر، عـى نحـو يسـاعد يف تعزيـز تطـور الصناعـات الصينيـة، ويجعلهـا يف مقدمـة الـدول املنتجـة لتكنولوجيـات الثـورة الصناعيـة الرابعـة.

ويعـود الفضـل يف هـذه التحـوالت إىل الرئيـس الصينـي الحـايل يش جـن بينـج، والـذي ركـز منـذ انتخابـه يف مـارس 2013 عـى تغيـر العقيـدة الصناعيـة للصـن، لـي تتخلـص مـن تبعيتهـا التكنولوجيـة للغـرب، وأن يجعلهـا مـن الـدول الكـربى يف مجـال التكنولوجيـة املتقدمـة، ومن هنـا جاءت “اسـراتيجية صنـع يف الصـن ،”2025 والتـي يهـدف مـن خاللهـا لتطويـر القطـاع الصناعـي بالجهـود الذاتيـة مـن عــدة جوانــب تركــز يف مجملهــا عــى الصناعــات املتقدمــة والتكنولوجيــا العاليــة، وليــس الصناعــات الرخيصـة كثيفـة العاملـة كثيفـة االسـتهالك للطاقـة.

ويف هـذا اإلطـار، اهتمـت الصـن بصناعـة الفضـاء، ومـا يرتبـط بهـا مـن تصنيـع األقـامر االصطناعية وتطويـر صواريـخ تفـوق رسعتهـا رسعـة الصـوت (الهايرسـونيك)، وكذلـك اهتمـت بصناعـة روبوتـات أعـامق البحـار، وصناعـة أشـباه املوصـالت، وتطبيقــات الواقــع املعــزز، والروبوتــات واملركبــات اآلليــة والطاقــة النوويــة، كــام ركـزت عـى مجـاالت، مثـل التعديـل الـورايث الجينـي والخاليـا الجذعيـة الجنينيـة والطـب الحيــوي، ودعمــت الــرشكات التكنولوجيــة الصينيــة الكــربى مثــل “بايــدو” ،)Baidu( و“عي بابـا” ،)Alibaba( و“تينسـنت” Ten-( ،)cent و“زد يت إي” ،)ZTE( و“وي شــات” ،)WeChat( وذلــك لــي تنافــس الــرشكات األمريكيـة الكـربى مثـل جوجـل ،)Google( والفيـس بـوك ،)Facebook( وآبـل ،)Apple( وأمــازون .)Amazon(

ويعتـرب أحـد أخطـر املجـاالت التـي تسـعى الصــن إىل زيــادة قدراتهــا التكنولوجيــة فيـه هـو الـذكاء االصطناعـي، الـذي يصفـه ســاندر بيتشــاي ،)Sundar Pichai( املديــر التنفيــذي لجوجــل، بــأن تأثــره ســيفوق تأثــر اكتشــاف الكهربــاء، وذلــك بســبب تطبيقاتــه غــر املســبوقة، ســواء يف املجــاالت املدنيــة أو العســكرية.

وإدراكاً ألهميــة الــذكاء االصطناعــي أطلقــت الصــن اســراتيجية شــاملة يف يوليــو 2017 تتنــاول بالتحديــد األهــداف املرجــو تحقيقهــا يف مجــال الــذكاء االصطناعــي، والتــي تشــمل رقائــق معالجــة الشــبكة العصبيــة االصطناعيــة، والروبوتــات الذكيــة، واملركبــات اآلليــة، والتشــخيص الطبــي الــذيك، والطائـرات مـن دون طيـار، والرجمـة اآلليـة. ومتتلـك بكـن مقومـات تؤهلهـا لـي تنافـس دول العـامل املتقــدم يف مجــال الــذكاء االصطناعــي، والتــي ميكــن تفصيلهــا عــى النحــو التــايل: أ- امتـاك البيانـات الضخمـة: متتلـك الصـن البيانـات الضخمـة الكافيـة مـن أجـل تطويـر تطبيقـات الـذكاء االصطناعـي، إذ متتلـك الصـن بيانـات هائلـة حـول مواطنيهـا البالـغ عددهـم مـا يزيـد عـى مليـار ومائتـي مليـون نسـمة. وليـس أدل عـى نجاحهـا يف االسـتفادة مـن هـذه البيانـات مـن نجاحهـا يف اسـتخدام هـذه التطبيقـات ألغـراض حفـظ األمـن الداخـي. وعـى سـبيل املثـال، قـام رجـل برسقـة

كميـة مـن البطاطـا تبلـغ قيمتهـا 17 ألـف دوالر، ثـم حـَر حفلـة يف مايـو 2018 يف مدينـة جياشـينج، وكان يف الحفلـة أكـر مـن 20 ألـف مدعـو، وعـى الرغـم مـن كـرة العـدد متكنـت خوارزميـات الـذكاء االصطناعـي مـن كشـفه مبطابقـة صورتـه املوجـودة يف لقطـات الكامـرات األمنيـة بصورتـه املوجـودة يف قاعـدة بيانـات املجرمـن املطلوبـن للعدالـة، وانتهـى األمـر باعتقالـه(92). ب- الــركات التكنولوجيــة املتقدمــة: أعلــن وزيــر العلــوم والتكنولوجيــة الصينــي يف نوفمــرب 2017 أنـه شـكل مـا سـامه “فريـق األحـالم” مـن كربيـات الـرشكات التكنولوجيـة الصينيـة “بايـدو”، و“عـي بابـا”، و“تينسـنت”، لقيـادة الدولـة يف مجـال الـذكاء االصطناعـي، وبـدأت هـذه الـرشكات بالفعـل يف إنشـاء منصـات مفتوحـة املصـدر لجمـع أكـرب قـدر مـن املعلومـات التـي ميكـن توظيفهـا يف مجـال تعلـم اآلالت، حيـث تخصـص رشكـة عـي بابـا أكـر مـن 15 مليـار دوالر لعمليـات البحـث والتطويـر، وذلـك يف الوقـت الـذي تتوسـع فيـه رشكـة هـواوي يف عمليـات االسـتثامر يف الجيـل الخامـس مـن اإلنرنـت. ج- الخــرات التقنيــة العاليــة: يف إطــار ســعي الصــن لتحقيــق هيمنتهــا يف مجــاالت التكنولوجيــة الفائقـة أو املتقدمـة خـالل السـنوات القادمـة، اهتمـت بإرسـال الطـالب الصينين لدراسـة املـواد العلمية املرتبطـة بهـذه التقنيـات يف الجامعـات األوروبيـة واألمريكيـة تحديـداً، حيـث تعتـرب الصـن أكـرب مصدر للطــالب املبعوثــن يف الخــارج بعــدد يتجــاوز 600 ألــف طالــب، كــام قامــت بإنشــاء أكــر مــن 4200 ورشــة إنتــاج ابتكاريــة وأكــر مــن 3 آالف حاضنــة تكنولوجيـة وأكـر مـن 150 منطقـة تنميـة صناعيـة فائقــة التكنولوجيــا بأنحــاء البــالد، ووفــرت بيئــة االبتــكار خدمــات لنحــو 400 ألــف رشكــة صغــرة ومتوسـطة يف مجـال العلـوم والتكنولوجيـا، كـام زاد اإلنفــاق الصينــي يف مجــال التكنولوجيــا املتقدمــة مـن 9.9 مليـار دوالر عـام 2015 إىل 15 مليـار دوالر يف 2016 إىل 21 مليــار عــام .2017 ويف ضـوء مـا سـبق، تسـعى الصـن للتخلـص مـن طرقهـا التقليديـة سـيئة السـمعة يف تحقيـق التنميـة عــرب رسقــة حقــوق امللكيــة الفكريــة وبــراءات االخـراع وتقليـد املنتجـات الغربيـة داخـل حدودهـا وإعــادة تصديرهــا، وشــن الهجــامت الســيربانية لرسقـة التصميـامت واملعلومـات وخطـط التسـويق الخاصـة بالصناعـات االسـراتيجية، وتتجـه إىل إنشـاء منظومـة حقيقيـة ومتكاملـة لالقتصـاد والصناعـة الوطنيـة تحقـق مبـادئ االبتـكار والتنـوع واالسـتدامة. -3 الـرصاع الثـايث عـى الـذكاء االصطناعـي: تشـهد العالقـات الدوليـة يف اآلونـة األخـرة تصاعـداً للتوتـر بـن الواليـات املتحـدة والـدول األوروبيـة مـن جانـب، والصـن مـن جانب آخـر، نظـراً للتخوفات األمريكيـة مـن تحقيـق الصـن هيمنـة يف التكنولوجيـات الفائقـة بصـورة تهـدد مكانتهـا االقتصاديـة والعسـكرية. ويف هـذا اإلطـار، أصـدرت وزارة التجـارة األمريكيـة قـراراً مبنـع رشكـة هـواوي و“زد يت إي” مـن رشاء معالجـات الهواتـف الذكيـة واملحمولـة مـن رشكـة «كوالكـوم» األمريكيـة عمـالق صناعـة الرقائـق اإللكرونيـة املتخصصـة يف تكنولوجيـا نظـم االتصـاالت عـى خلفيـة مزاعـم بانتهـاك لوائـح إدارة التصديـر األمريكيـة وبيـع منتجـات محظـورة إليـران.

فرضـت الثـورة الصناعيـة الرابعـة التـي يشـهدها العـامل رضورة ُمّلحـة عـى الـدول املتقدمـة لـي تعيـد النظـر يف اسـرتاتيجيتها التصنيعيـة مـن حيـث إعـادة بلـورة أهـداف تحافـظ لهـذه الدول عـى ريادتهـا خـال السـنوات القادمـة، فالقـوى املحركــة للتنميــة مبفهومهــا الشــامل تغــريت بســبب التطــورات التكنولوجيــة املتســارعة، والتـي تقودهـا التقنيـات الذكيـة، مثـل إنرتنـت األشــياء والــذكاء االصطناعــي والروبوتكــس والطابعــات ثاثيــة األبعــاد والحاســبات الكموميــة والهندســة الحيويــة، وهــو مــا دفــع الــدول الصناعيــة الكــرى يف العــامل لتبنــي اســرتاتيجيات جديــدة تحافــظ لهــذه الــدول عــى ريادتهــا.

ومـن جانـب آخـر، منـع الرئيـي األمريـي دونالـد ترامـب رشكـة “برودكـوم ليميتـد” السـنغافورية مـن محاولتهـا االسـتحواذ عـى رشكـة “كوالكـوم” يف صفقـة تاريخيـة تقـدر بــ 142 مليـار دوالر أمريي عـى خلفيـة اتهامـات بإضعـاف املنافسـة األمريكيـة لصالـح الصـن، كـام سـعت إدارة ترامـب أيضـاً لفـرض قيـود عـى الـرشكات التـي بهـا نسـبة مسـاهمة صينيـة تتجـاوز %25 والتـي تسـعى لالسـتثامر، أو حتـى رشاء تكنولوجيـا أمريكيـة متقدمـة يف مجـاالت محـددة معظمهـا يتعلـق باألمـن القومـي، مثـل صناعـة الرشائـح الدقيقـة والتشـفر، فضـالً عـن الـذكاء االصطناعـي والروبوتكـس(03).

ويتوقـع بعـض املحللـن أن يـؤدي تنامـي القـدرات الصينيـة التكنولوجيـة، خاصـة يف هـذه املجـاالت إىل تصاعـد التوتـر بـن البلديـن يف مجـال تطبيقـات الـذكاء االصطناعـي، وذلـك بالنظـر إىل الطابـع مـزدوج االسـتخدام لتطبيقاتـه، أي أنهـا ميكـن أن تسـتخدم يف الجوانـب املدنيـة والعسـكرية عـى حـد سـواء.

ومل يقتـر األمـر عـى ذلـك فقـط، بـل منعــت إدارة ترامــب الطــالب الصينيــن الذيــن يدرســون مجــاالت لهــا عالقــة بالتكنولوجيـا مـن الحصـول عـى فيـزا تزيـد عــى عــام واحــد، حيــث رصح املتحــدث الرســمي لــوزارة الخارجيــة األمريكيــة بــأن “كل قـرار خـاص بإصـدار فيـزا هـو قـرار متعلــق باألمــن القومــي األمريــي”، كــام أنــه مــن املتوقــع أن يتــم تعطيــل إصــدار التأشــرة األمريكيــة عــدة أشــهر إذا كان طالــب التأشــرة الصينــي مديــرا أو باحثــاً يف بعـض الكيانـات أو الـرشكات املتخصصـة يف جوانــب تكنولوجيــة معينــة(13).

وبنــاء عــى طلــب مــن الســلطات األمريكيــة، اعتقلــت الســلطات الكنديــة “منـج وانـزو”، ابنـة مؤسـس رشكـة هـواوي واملديـرة املاليـة للرشكـة يف ديسـمرب ،2018 وذكــرت وســائل إعــالم أمريكيــة أن واشــنطن تحقــق يف انتهـاكات محتملــة مــن قبــل رشكــة هــواوي للعقوبـات األمريكيـة ضـد إيـران، حيـث دامئـا يتهـم املرشعـون األمريكيـون الرشكـة بأنهـا تشـكل تهديـداً لألمـن القومـي األمريـي، معتربيـن أن التكنولوجيـا التـي تسـتخدمها ميكـن أن توظـف للتجسـس مـن قبــل الحكومــة الصينيــة(23).

ودعـا وزيـر الدفـاع األمريـي إىل مزيـد مـن اإلنفـاق يف مجـال الـذكاء االصطناعـي للتخـوف مـن الطمـوح الصينـي، مبـا يف ذلـك املرشوعـات التـي تعمـل عليهـا وحـدة االبتـكار التجريبيـة التابعـة لـوزارة الدفـاع، وطالـب الحكومـة األمريكيـة بتدعيـم عالقاتهـا مـع الـرشكات التكنولوجيـة، خاصـة تلـك التـي تعمـل يف مجـال الـذكاء االصطناعـي، بـل تصاعـدت بعـض املقرحـات مبنـع اسـتراد أي أجهـزة مـن هـاواوي أو “زد يت إي” ومنـع التعامـل مـع أي متعاقـد خارجـي لـه تعامـالت مـع هـذه الـرشكات خشـية التعـرض لالخـراق الصينـي وتهديـد األمـن القومـي األمريـي.

وال تقتـر هـذه املخـاوف عـى الواليـات املتحـدة، فأوروبـا تخـى مـن خطـة الصـن ،2025 خاصـة املحـاوالت الصينيـة لالسـتحواذ عـى الـرشكات التكنولوجيـة األوروبيـة الكـربى، بهـدف االسـتفادة مـام متتلكـه مـن خـربات تقنيـة متقدمـة. وقامـت بكـن بالفعـل بـرشاء العديـد مـن الـرشكات التكنولوجيـة األوروبيــة، حيــث إن تحليـل بيانـات 678 صفقــة متـت بالفعــل، أو ال تــزال قيـد التنفيــذ يف 30 دولــة أوروبيـة خـالل الفـرة مـن 2008 وحتـى عـام ،2018 يكشـف عـن تصاعـد اتجـاه الصـن لتملـك رشكات التكنولوجيـا يف أوروبـا.

وخلصـت وكالـة بلومـربج اإلخباريـة إىل أن الصـن ركزت عـى رشاء الـرشكات التكنولوجيـة الربيطانية ثــم األملانيــة. فقــد أبرمــت الــرشكات الربيطانيــة حــوايل 227 صفقــة مــع نظراتهــا الصينيــة، بينــام عقـدت الـرشكات األملانيـة، يف العقـد األخـر، 225 صفقـة معهـا بقيمـة إجامليـة 20.33 مليـار دوالر(33).

وبشـكل عـام، فـإن أكـر مـن نصـف اسـتثامرات الصــن تتــوزع عــى أكــرب خمســة اقتصــادات يف العــامل القديــم، كــام اضطــرت رشكات مثــل “ســيمنز” و“كاواســايك” و“آلســتوم”، لنقــل بعــض خرباتهـا التقنيـة للصـن مـن أجـل الحصـول عـى عقـود يف مجـال بنـاء شـبكة خطـوط النقـل الرسيـع الصينيـة. ونظـرا للمخـاوف األوروبيـة مـن حصـول الصـن عـى األرسار التكنولوجيـة األوروبيـة، يـدرس الربملــان األورويب مقرحــاً للمفوضيــة األوروبيــة يقـي بإقامـة “إطـار” أورويب يتيـح فـرض رقابـة يف االتحـاد األورويب عـى االسـتثامرات األجنبيـة خصوصــا الصينيــة منهــا(43).

تقــوم تقنيــات الــذكاء االصطناعــي بتحليــل البيانــات العماقــة، أي تلــك البيانــات التــي يتــم جمعهــا مــن مواقــع اإلنرتنــت والتواصــل االجتاعــي ومواقــع التجــارة اإللكرتونيــة وتجــارة التجزئــة، باإلضافــة إىل قواعــد البيانـات الحكوميـة املختلفـة، والسـيارات ذاتيـة القيــادة وأجهــزة أنرتنــت األشــياء ومــن خــال نظــم الــذكاء االصطناعــي يتــم تحليــل هــذه البيانــات واملعلومــات، مبــا يســاعد عــى اتخــاذ القــرار الســليم.