Trending Events

تأثير اسراتيجية الفاعلين الخارجيين على الأمن العربي

-

أبوظبي - 14 أغسطس 2014

استضاف مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة الأستاذ مصطفى سالم، الخبير المتخصص في شؤون الأمن الإقليمي ومستشار الشؤون الأمنية، في محاضرة عامة، يوم الخميس الموافق 14 أغسطس 2014، ليلقي الضوء على أبرز التحولات في أدوار الفاعلين الخارجيين بالمنطقة العربية.

وقد أشار سالم إلى أن المنطقة العربية تشهد تحولات جذرية تعود لمرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003، إذ تصاعدت بعدها أدوار الفاعلين الإقليميين، خاصة تركيا وإيران، في التفاعلات العربية – العربية، وفي كافة القضايا الجوهرية التي سيطرت على إقليم الشرق الأوسط. ثم بدأت المنطقة تتعرض لتحولات أخرى وظواهر جديدة لايزال بعضها قيد التشكل، منذ اندلاع "الثورات العربية" في عام 2011 وحتى الآن، وهي مرحلة تشهد حالياً تغيراً ملموساً في أدوار الفاعلين الخارجيين بالمنطقة، لاسيما مع التقارب الأمريكي – الإيراني، وما يتركه من تداعيات متوقعة على مجمل تفاعلات

الإقليم.

الاعتماد الاأمريكي على تركيا

أكد المحاضر في حديثه على أن المصالح الاستراتيج­ية الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة العربية، والمتمثلة في حماية إسرائيل، وضمان تدفق النفط والحفاظ على الأنظمة القائمة، لم تتغير واقعياً بعد احتلال العراق في عام 2003، سوى ما يتعلق منها باستقرار النظم العربية، حيث عمدت مراكز الفكر الأمريكية إلى وضع خطط متعددة لإعادة فك وتركيب المنطقة إلى دويلات يمكن التعامل معها بشكل أسهل.

وقد حاولت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن تحقيق تغيرات كبرى بالمنطقة من خلال القيام بما يلي:

1- إحداث خلاف مذهبي سني– شيعي: والسماح لإيران بتصعيد نفوذها الإقليمي، والضغط على مصر والسعودية وبعض الدول العربية من أجل الإصلاح السياسي، والسعي إلى عودة الراديكالي­ين الإسلاميين والإرهابيي­ن الذين نسقت مع بعضهم واشنطن سابقاً في أفغانستان والبوسنة والهرسك وكوسوفو والجزائر إلى مواطنهم الأصلية.

2- الاعتماد الأمريكي على تركيا: حيث قدمت تركيا نفسها باعتبارها النموذج الإسلامي الحداثي، ونجح رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، في إقناع الغرب بتسويق النموذج التركي باعتباره الأكثر اعتدالاً، ومن ثم بدأ التلاقي الأمريكي – التركي على دعم تيارات الإسلام السياسي، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، وأيد ذلك كل من بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا تحديداً، ليبدأ صعود التيارات الإسلامية مع بروز مفاهيم جديدة مثل الدمقرطة والشرق الأوسط الكبير، بدعم كامل من تركيا التي أضحت أكثر تدخلاً في قضايا الإقليم المختلفة، مثل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والعراق، كما أصبحت تركيا مدخلاً لترتيبات عسكرية وأمنية جديدة بالإقليم، أبرزها الدرع الصاروخية، والأنشطة الاستخبارا­تية بالمنطقة.

اإعادة توجيه الدور الاإيراني

وذكر سالم أنه بعد فترة وجيزة من اندلاع "الثورات" العربية، حدثت تحولات كبرى جديدة على مستوى تغير أدوار الفاعلين الخارجيين بالمنطقة العربية، فبعد أن فشل التحالف التركي الإخواني عقب ثورة 30 يونيو 2013 في مصر، وعودة المحور المصري – الخليجي على أسس وثوابت أقوى مما كانت عليه، عرف الدور التركي انتكاسة هائلة يُتوقع لها أن تستمر خلال المرحلة المقبلة، لتعمد الولايات المتحدة إلى عدة أمور أبرزها: عدم التدخل العسكري في سوريا واستنزاف قدرات واحدة من الدول العربية الرئيسية في أتون صراع داخلي ممتد، ومحاولة علاج فشل الوكيل التركي عبر إعادة توجيه دور إيران بالمنطقة، ليس باعتبارها شرطي الخليج، كما كان قبل الثورة الإيرانية عام 1979، ولكن بالعمل على خطوات متوازية تقود لاحتواء إيران، ثم تحويلها إلى الوكيل الجديد بالمنطقة بديلاً عن تركيا، وذلك عبر عدة خطوات، أبرزها:

1- إضعاف المحور الإيراني بالمنطقة (سوريا وحزب اله وحركة حماس)، وفي سبيل ذلك يتم العمل على إطالة أمد الصراع

الداخلي في سوريا، لاستنزاف قدرات هذا المحور، ثم خوض إسرائيل حرباً ضد حركة حماس لإضعافها على الرغم من خروجها جزئياً من المحور الإيراني السوري عقب الأحداث في سوريا.

2- التوصل لاتفاق مع إيران يلجم طموحها النووي، وفي سبيل ذلك تم فرض عقوبات دولية وأمريكية أدت إلى إجبار إيران على التفاوض بجدية مع الغرب، لكنه تفاوض سوف يفضي إلى تفاهمات تؤدي لتعزيز الدور الإيراني بالمنطقة.

3- استنزاف قدرات إيران في المشرق العربي، حيث الصراع السوري، وخروج حزب اله من معاقله اللبنانية،

وإنهاك حماس، وهو ما يعني عودة إيران إلى منطقة الخليج باعتبارها منطقة نفوذها الأساسي بعد المشرق العربي والبحر المتوسط، وذلك كي تحدث توازنات جديدة لمضاهاة المحور المصري الخليجي.

محددات لم�ستقبل التدخل الخارجي

وأكد الأستاذ مصطفى سالم على بعض الملاحظات حول مستقبل الدورين التركي والإيراني، وذلك على النحو التالي:

1- تراجع الدور التركي خلال المرحلة المقبلة، إذ سوف ينشغل أردوغان في صراع سياسي داخلي حول الدستور الجديد، هذا علاوة على فقدان تركيا شعبيتها بالمنطقة عموماً، وضعف محورها المستند فقط إلى دولة قطر.

2- تصاعد الدور الإيراني في منطقة الخليج لتعويض خسارتها الإقليمية في المشرق العربي، حيث سوف تلعب إيران دور المهدد للأمن الخليجي، خصوصاً إذا فشل الاتفاق مع الولايات المتحدة أو تعطل تنفيذه في أي مرحلة لاحقة.

وانتهى سالم بالتأكيد على عدد من المقترحات للتعامل مع هذه التطورات أهمها:

1- ضرورة التعامل مع الحالة القطرية، حيث يجب أن تتعاون الدول العربية من أجل ضبط إيقاع قطر.

2- الانتباه إلى استمرار التواجد الأمريكي بالمنطقة، لكن مع إمكانية سماحها بتعظيم نفوذ طهران في منطقة الخليج تحديداً، إذ ما توصل الطرفين لمقايضة حول الملف النووي الإيراني.

3- عدم الارتكان العربي إلى دور الفاعلين الجدد بالمنطقة، وتحديداً روسيا، فثمة مصالح مشتركة حالياً، إلا أن مراجعة بسيطة للتاريخ القريب تؤكد أن روسيا، وقت الاتحاد السوفييتي، لم تكن هي الدولة التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق الاستقرار أو مصالح الدول العربية التي كانت متحالفة معها خلال الحرب الباردة. وأن أحد العوامل الأساسية التي تحقق التوزان الإقليمي في الفترة القادمة ليس التخوف من قدرات إيران العسكرية – التي لم يجر اختبارها – وليس الاعتماد على حلفاء دوليين بشكل كبير، بل العمل على تعزيز دعائم المحور الخليجي المصري الأردني والتوسع قدر الممكن في ضم دول أخرى، عربية وخارجية، تهدف إلى دعم الاستقرار بالمنطقة.

4- إيلاء مزيد من الاهتمام لأمن منطقة البحر الأحمر، فهي منطقة نفوذ إسرائيلي وإيراني؛ الأمر الذي يؤثر على الأمن العربي في منطقة تجارية حيوية (المحيط الهندي وبحر العرب)، فضلاً عن التأثير على الدولة اليمنية المعرضة للانقسام.

أخيراً، أكد المحاضر أن إيران لاتزال مهدداً أساسياً، وليست منافساً، وأننا لانزال أمام إشكالية واضحة تتعلق بحدود الدور الإيراني المفترض، والذي يرتبط بالتنازلات المتبادلة ما بين واشنطن وطهران، وعلى المحور العربي أن يعمل على الحد من التدخلات الإقليمية بالمنطقة، ويحفظ التوازنات الإقليمية قدر الممكن، ويحفظ ما بقي من دول عربية تواجه تحديات داخلية جسيمة.

أن إيران لاتزال مهدداً أساسياً، وليست منافساً، وأننا لانزال أمام إشكالية واضحة تتعلق بحدود الدور الإيراني المفرض، والذي يرتبط بالتنازلات المتبادلة ما بين واشنطن وطهران، وعلى المحور العربي أن يعمل على الحد من التدخلات الإقليمية بالمنطقة.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates