Trending Events

سياسات مزدوجة:

روسيا تواجه الأزمة الأوكرانية بالقوة الناعمة والصلبة

- أليسكي دولينيسكي خبير مشارك في مؤسسة كابستون كونكشنز لتحليل وتقييم السياسات العامة - روسيا

وتهريب السجائر والبنزين والمواد الغذائية والأسلحة، الأمر الذي جعل المنطقة مصدراً لتهديدات أمنية إقليمية ودولية خطيرة، وكان لابد مع هذه الحالة أن تُتخَذ إجراءات إقليمية ودولية لمكافحة هذه الأعمال الإرهابية.

ثالثاً: مكافحة الاإرهاب في غرب اأفريقيا:

إن مواجهة التحديات الأمنية السالفة الذكر في غرب أفريقيا تستلزم صياغة استراتيجية أمنية فعالة، وهذا يتطلب اتخاذ موقف موحد حول الأحداث وتطوراتها، والمساهمة بفاعلية في رسم مستقبل الحل السياسي والأمني والتنموي في المنطقة، وتحويلها إلى منطقة تعاون، بدلاً من جعلها ساحة لتصفية الحسابات البينية.

ومن الإجراءات والقرارات المتخذة لوقف هذه التهديدات الأمنية في المنطقة نذكر أهمها:

1 على الصعيد الإقليمي:

• تأسيس تجمع دول الساحل والصحراء في 4 فبراير 1998 بطرابلس في ليبيا، إثر مؤتمر القمة الذي شارك فيه رؤساء دول مالي وتشاد والنيجر والسودان ومندوب عن رئيس بوركينا فاسو.

• اجتماع وزراء خارجية بلدان الساحل الأفريقي والصحراء في الجزائر 2010، للبحث في قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة والتنمية بالمنطقة. وقد اتفق وزراء الدول المشاركة، ليبيا وموريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، بإجماع كامل على مجابهة الإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة.

• الاجتماع الثالث لرؤساء الأجهزة الأمنية في دول المنطقة، الذي عقد في تشاد سبتمبر 2013، تزامناً مع انعقاد المؤتمر الوزاري الثاني حول "تعزيز التعاون الأمني وتفعيله في منطقة الساحل والصحراء"، وأكد على ضرورة دعم وتطوير المنظومات الأمنية وتوثيق التعاون في هذا المجال، والعمل على وضع حد للنشاطات الإرهابية، والتنبيه إلى خطورة الاندماج بين المجموعات الإرهابية في شمال مالي وفي بعض الدول المجاورة لها.

2 على الصعيد الدولي:

تم إبرام اتفاقيات بينية تتعلق بتكثيف الأجهزة الأمنية ضد مخاطر الإرهاب، وتم عقد اتفاقيات دولية مع الدول الغربية، فضلاً عن تعاون دول شمال أفريقيا مع "الإنتربول"، وإجراء مناورات بينية عسكرية بين دول غربية ودول المنطقة لمواجهة مخاطرالإره­اب.

وتتمثل الأداة الرئيسية التي يتم من خلالها تنفيذ السياسة الأمريكية لمكافحة الإرهاب في هذه المنطقة في "الشراكة عبر الصحراء لمكافحة الإرهاب"، والتي تقودها وزارة الخارجية الأمريكية؛ علماً بأن أعمال مؤتمر قمة أفريقيا – أمريكا، الذي تم انعقاده في مطلع شهر أغسطس 2014 في واشنطن، ركزت على هذا الموضوع.

والملحوظ أن التدخل الغربي في غرب أفريقيا بزعم فض

النزاعات ليس إلا لحماية مصالحه فحسب، والتدخل الفرنسي العسكري دليل على ذلك، فقد أرسلت فرنسا قوات عسكرية قوامها 1700 جندي، بهدف وقف الاعتداء ومواجهة التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي سيطرت على شمال مالي وتأمين العاصمة "باماكو" والحفاظ على وحدة أراضي مالي.

وقد بررت فرنسا تدخلها بأنه جاء وفق قرار لمجلس الأمن الدولي، وتلبية لطلب رسمي من حكومة مالي، إلا أن البعض يرى أن هذا التدخل السريع خطوة استباقية لمنع تحول المتمردين في غرب أفريقيا إلى خطر مباشر يهدد كل أوروبا، حيث تخشى فرنسا وبعض الدول الأخرى من أن تتحول مالي إلى معقل للإرهاب في حال سقوطها في يد التنظيمات المتشددة، هذا فضلاً عن جملة من المصالح الاقتصادية المتعلقة بالنفط واليورانيو­م والثروات الطبيعية، إضافة إلى حسابات أخرى تتعلق بالسياسة الداخلية لفرنسا. وإذا كانت الدول الغربية تفسر تدخلها في أفريقيا بأنه مساعدة للأفارقة لإيجاد حلول ناجعة لمشاكلهم السياسية، فكان من الأولى مساعدتهم في مجال الصحة، مثل مرض إيبولا الذي يعتبر من أخطر الأمراض التي تشهدها منطقة غرب أفريقيا هذه الأيّام.

رابعاً: مر�س اإيبولا في غرب اأفريقيا:

تمّ اكتشاف فيروس إيبولا للمرة الأولى سنة 1976 في زائير والغابون وأوغندا، وعرف تحت اسم "إيبولا النزفية" وهو مرض خطير وقاتل، يصيب الإنسان وبعض أنواع القرود مثل الشمبانزي والغوريلا، وينتقل إلى الإنسان من هذه الحيوانات البرية، كما ينتقل من إنسان إلى آخر عن طريق اتصال خارجي من شخص مريض أو عند استخدام شفرات تعود للمريض أو عند انتقال سوائل الجسم أو عند اتصال قطرة دم من المريض. ومن أعراض مرض إيبولا ظهور بوادر الزكام والصداع ثم دوران وغثيان وإسهال وخروج دم من العينين والأنف والأذنين. وينتشر فيروس إيبولا في جميع أنحاء جسم المريض ويدمر الشعيرات الدموية، وأول شيء يقوم به هذا الفيروس هو تفجير الكبد.

ويصل معدل الوفيات التي يسببها إيبولا إلى 90%، وليس هناك في الوقت الحاضر علاج أو تلقيح لهذا الوباء.

وفي الأشهر الأخيرة انتشر مرض إيبولا في غرب أفريقيا بصورة غريبة، خاصة في أربع من دول المنطقة، وهي: غينيا وسيراليون وليبيريا ونيجيريا، حيث فاق عدد الوفيات بهذا المرض ألف شخص حتى منتصف شهر أغسطس 2014، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ إجراءات مكثفة للوقاية من هذا الوباء في بلدان المنطقة كافة، وتتمثل هذه الإجراءات في المراقبات الشديدة في الحدود وفي المطارات، حيث جهزت هناك مراكز صحية للمصابين بهذا الفيروس.

أخيراً، يمكن القول إن كافة هذه الأزمات تستلزم اختيارات عديدة على صعيد السياسات العامة يمكن للدولة أن تتبناها لتجنب التوترات والصراعات العرقية، وذلك لوضع برامج سياسية وثقافية واقتصادية عادلة، لأنه في ظل غياب حلول سريعة تتحول هذه الصراعات إلى حركات مسلحة متطرفة.

تحاول روسيا مواجهة ضغوط الغرب والحفاظ على سياساتها في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة من جانب، وتعزيز شراكاتها مع الدول الصاعدة وتعزيز صورتها الدولية من جانب آخر. وفي سبيل ذلك تعمد موسكو إلى الجمع بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، ما يثير التساؤل حول أبرز التغيرات والوسائل التي تنتهجها روسيا حالياً. هذه خلاصة ما يشغل تفكير مراكز الفكر والرأي العام الروسي وصانعي القرار الروسي في الآونة الحالية.

اأولاً: تعزيز القوة الناعمة

تسعى موسكو إلى تعزيز وضعها الدولي وتوضيح صورتها أمام شعوب العالم، وذلك عبر تفعيل مجموعة "بريكس"، وتوجيه خطاب إعلامي للداخل والخارج.

1 دور جديد لمجموعة "بريكس":

اتفقت دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) في يوليو 2014 على إنشاء مؤسسة تنمية دولية جديدة متعددة الأطراف، تدعى "بنك التنمية الجديد" كبديل عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين يهيمن عليهما الشركاء الغربيون وحلفاؤهم، ومن المقرر إقامة مقر المؤسسة في الصين وبمشاركة كل الدول الأعضاء في إدارتها.

وتوضح هذه الخطوة أن بريكس أولوية رئيسية بالنسبة لسياسة روسيا الخارجية نتيجة للتدهور السريع في علاقتها بالغرب عقب الأزمة الأوكرانية. ولدى روسيا ثلاثة أسباب رئيسية مترابطة للاعتماد على بريكس، أولها: أن وجود شركاء دوليين بين الدول الكبيرة والمؤثرة يحسن موقف روسيا في مواجهتها الحالية مع الغرب، وثانيها: أن دول بريكس، وأبرزها الصين، سوف تصبح مصدراً لرأس المال والاستثمار­ات في وقت تواجه روسيا فيه عقوبات تحد من دخولها أسواق رأس المال الغربية إليها.

وثالثاً: أن دعم بريكس يعزز حفاظ روسيا على وضعها مع الدول الأخرى، لاسيما رابطة الدول المستقلة، حيث تراقب الجمهوريات السوفييتية السابقة عن كثب مدى انعزال روسيا، ما يسمح لتلك الجمهوريات بتحسين قوتها التفاوضية حول مختلف المسائل الملحة في علاقاتها الثنائية مع موسكو.

لقد اتجهت دول بريكس تدريجياً نحو التغلب على عقبات تباين المصالح واختلاف درجات التعاون الثنائي فيما بينها. فمنذ قمة يكاتيرينبي­رج في عام 2009، حاول قادة الدول الخمس إيجاد منصة للتعاون، فأُدرجِت الإدارة الاقتصادية والسياسية العالمية على جدول أعمالها، فكانت أبرز قضية تم الاتفاق عليها حينذاك هي عدم الرضا الجماعي عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ومثل زيادة عدد الأعضاء قضية أخرى تمت إضافتها لجدول الأعمال، وأدى ذلك إلى دعوة جنوب أفريقيا للانضمام.

وكانت روسيا بدأت بحث خيارات لتطوير جدول أعمال بريكس عبر مسارات متعددة، منها التعاون العلمي وإقامة مجلس للأعمال والتبادل الشبابي وغيرها، وهو ما تطور سريعاً في مقابل تباطؤ المسارات الأخرى الاقتصادية، فلقد عملت بريكس كمؤسسة دولية تعقد سلسلة من مؤتمرات القمة التي لم تكن بالطبع بالنسبة لأعضائها بأهمية الاجتماعات المتعددة الأطراف مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates