ماذا تريد إيران؟
يختزل خطاب مرشد جمهورية إيران الإسلامية، علي خامنئي، يوم
4 يونيو الماضي في ذكرى مرور ربع قرن على وفاة مؤسس الجمهورية الإمام الخميني، والذي قال فيه إن “الكلمة الفصل في سياسات المنطقة باتت في يد إيران”، حقيقة ماذا تريد إيران في منطقة الشرق الأوسط على وجه الدقة؛ فهي تريد أن تكون الدولة الأهم وصاحبة الكلمة الفصل، بغض الطرف عن علاقاتها التعاونية أو العدائية مع الأطراف الدولية أو الإقليمية.
لــم يكــن مفاجئــاً تصريــح خامنئــي، فليــس جديــداً أن يكــون هــدف إيــران هــو أن تكــون "الدولــة الأهــم" بالمنطقــة. ســاد ذلــك قبــل عهــد الشــاه وخلالــه وبعــده كذلـك، ومـا تغيـر فقـط منـذ ثـورة 1979، هــو اعتمــاد المنهــج المذهبــي وسياســة تصديــر "الثــورة" كأحــد أبــرز المبــادئ الاســتراتيجية الكبــرى للدولــة الإيرانيــة.
تتأســس سياســات إيــران مــن منظــور أنهــا دوليــة توســعية، تــرى فــي نفســها مركــز الثقــل الإقليمــي الرئيســي، ولا تــرى أهميــة لأيــة قــوة أو مراكــز أخــرى بالمنطقــة، فهــي تســعى لزعامــة المنطقــة مــن منطــق التأثيــر والقــوة العســكرية؛
فقــد كانــت حاميــة المصالــح البريطانيــة والأمريكيــة وشــرطي الخليــج زمــن الشــاه، وهــي تســعى منــذ الثــورة لأن تكــون الدولــة الأهــم بالمنطقــة، وهــو مــا فشــلت فيــه حتــى نهايــة حربهــا مــع العـراق، ثـم بـدأ يعـود دورهـا مـن خـلال خطابـات مناوئـة للولايـات المتحـدة، وهـو تراجـع بعـد هجمـات 11 سـبتمبر 2001، وحــدوث التوافــق الإيرانــي مــع الولايــات المتحـدة فـي الحـرب ضـد أفغانسـتان وفـي غــزو العــراق، ثــم اكتســبت دورهــا كمــا تريــده وتتصــوره علــى حســاب العــراق أيضـاً منـذ احتـلال الأمريكـي لـه فـي عـام 2003، إذ بــرزت إيــران كقــوة نافــذة ورئيســية بالمنطقــة.
واليــوم ثمــة توافــق بيــن طهــران وواشــنطن حــول تنســيق الانســحاب الأمريكــي مــن أفغانســتان، بعــد أن باتــت إيـران شـبه حـارس علـى العـراق مرحلياً. لكــن بيــن تعــاون الطرفيــن مــن أجــل الحـرب والتنسـيق بينهمـا للانسـحاب؛
كان نفـوذ إيـران قـد توغـل وتوسـع حتـى بلـغ ســواحل البحــر المتوســط، فــي توســع غيــر مســبوق لــم تعرفــه إيــران ســوى مرتيـن سـابقتين فـي التاريـخ، فـي عصـر الدولــة الساســانية التــي تأسســت عــام 226م، والدولـة الأخمينيـة التـي تأسسـت عــام 522م وتمكنــت مــن غــزو مصــر لفتــرة وجيــزة عــام 525م.
أولاً: تفكيك الاستراتيجية الإيرانية
لا تتمــدد إيــران مــن أجــل التمــدد، وإنمــا لتحقيــق أهــداف داخليــة تتمثــل فــي بقــاء نظــام الثــورة، وطــرح نفســها باعتبارهــا القــوة الإقليميــة الرئيســية وصاحبـة النفـوذ فـي الشـرق الأوسـط، أي تحقيـق الهـدف الاسـتراتيجي الدائـم، وهـو إثبــات أنهــا الدولــة الأكثــر نفــوذاً وأهميــة عــن ســائر دول المنطقــة.
وترتكــز سياســات النظــام الإيرانــي لتحقيـق هذيـن الهدفيـن علـى عـدة عوامل، مــن أبرزهــا:
1- الإبقــاء المتعمــد علــى الحالــة " الثوريــة":
يتعمــد نظــام الحكــم فــي إيــران منــذ الثـورة، وبإرادتـه، عـدم الانتقـال مـن حالة