Trending Events

السنغال نموذجاً:

البعد الديني في سياسة إيران الأفريقية

-

أبوظبي 2 أكتوبر 2014 نظم مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة لقاءً عاماً يوم 2 أكتوبر 2014، استضاف فيه الأستاذة فاطمة بنداري، الباحثة المتخصصة في الشؤون الأفريقية، حيث ألقت الضوء على جهود إيران لنشر "التشيع" في غرب أفريقيا، وتحديداً في دولة السنغال، كحالة قامت الباحثة بزيارتها ميدانياً مرتين خال العام الجاري، لاطاع على الأنشطة الدينية والاجتماعي­ة والثقافية التي تقوم بها إيران في هذا البلد الأفريقي.

أشارت "بنداري" إلى أن قارة أفريقيا محورية بالنسبة لسياسة إيران الخارجية، خصوصاً فيما يتعلق بالبعد المذهبي ونشر "التشيع"، فإيران تعتبر الشمال الأفريقي إرث الدولة الصفوية، وشرق القارة مهم جداً بالنظر لوجود الممرات المائية، ولذا تقيم طهران علاقات قوية مع إريتريا وجيبوتي والسودان. وفي الجنوب، ثمة علاقات تجارية متنامية بين إيران وكل من أنجولا وموزمبيق وجنوب أفريقيا، التي يوجد بها 20 مركزاً للشيعة، تتنوع ما بين المساجد والحوزات والمؤسسات التعليمية الكبيرة.

وفيما يتعلق بمنطقة غرب أفريقيا، أشارت الباحثة إلى أن إيران "الثورة" توجهت إلى هذه المنطقة تحديداً وأولتها جهوداً خاصة، لأنها تمثل حزاماً إسلامياً كبيراً؛ إذ تستفيد إيران من خصائص محددة في الإقليم، منها أنه يمثل كتلة إسلامية كبرى، فالإسلام هو الدين الرسمي لأغلبية سكانه (يقدر عدد سكان غرب أفريقيا بنحو 257 مليون نسمة، بينهم 161 مليون من المسلمين غالبيتهم الكبرى من السنة). وعلى سبيل المثال يزيد عدد السكان المسلمين في السنغال ومالي وجامبيا عن 95% من إجمالي السكان، وتبلغ نسبتهم في غينيا 85%، وفي النيجر 80.%

وتؤكد "بنداري" أنه لا يمكن حصر أعداد التجمعات الشيعية في غرب أفريقيا على وجه الدقة، بسبب غياب أدوات إحصائية قوية في دول المنطقة، وأنه لم يعرف قبل حركة "التشيع الإيراني" وجود كثافة شيعية، حيث لم تعرف المنطقة "التشيع" إلا من خلال الجاليات اللبنانية التي تنسق معها إيران لنشر المذهب الشيعي، وهو تنسيق بدأ منذ عام 1969 حين قام الشيخ عبدالمنعم الزين تلميذ الإمام موسى الصدر بالتواصل مع بعض القيادات الصوفية وبعض المثقفين السنغاليين لإقناعهم بالتحول للمذهب الشيعي.

أما عن أدوات إيران الأكثر فاعلية في محاولة نشر مذهبها "الشيعي" في غرب أفريقيا، خصوصاً في السنغال، فتتمثل في الجاليات اللبنانية، حيث يوجد في العاصمة السنغالية، داكار، أكبر تجمع سكني وتجاري للجالية اللبنانية التي باتت تشكل لوبياً قوياً في السنغال، ويعمل البعض منهم على نشر المذهب الشيعي.

أما القناة الثانية، فهي الطرق الصوفية، وأشهرها التجانية، والمريدية، والقادرية، حيث تتواصل إيران بشكل رسمي وغير رسمي مع العديد من الطرق الصوفية، التي لها طقوس وممارسات دينية تقترب كثيراً من طقوس الشيعة. كما تدعم إيران بعض هذه الطرق من خلال إنشاء بعض المؤسسات التعليمية، مثل جامعة المصطفى العالمية التي لها 12 فرعاً في غرب أفريقيا، أو من خلال الدعم المالي، حيث قام الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني، بزيارة للسنغال في عام 1994، وتبرع شخصياً لترميم "مسجد توبة"، كما أنشأت إيران مؤسسة (والفجر) ومؤسسة (مزدهر) الاجتماعيت­ين كغطاء لجهودها لنشر "التشيع".

وتعد السفارات الإيرانية هي القناة الثالثة، إذ تقوم الملحقيات الثقافية الإيرانية بالعديد من الأنشطة لنشر المذهب الشيعي، مثل إصدار الكتب، وفتح المجال أمام تدريس المذهب الشيعي عبر المشاركة في مؤسسات طوعية اجتماعية.

أخيراً يمكن القول إن جهود إيران لنشر "التشيع" لاتزال تقابل بمقاومة من حكومات السنغال المتعاقبة، والتي لا تتدخل إلا إذا شعرت بخطر حقيقي، كما ظهر في قطع العلاقات مع إيران عقب ثورة 1979 مباشرة ومرة أخرى في عام 2009.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates