Trending Events

الاختراق الثقافي:

سياسات التغلغل الإيراني في دول غرب أفريقيا

- د.توري طه باحث في القضايا الأفريقي، مدير العلاقات الدولية بجمعية التوعية الإسلامية بساحل العاج، وعضو تأسيس المعهد العالي للعلوم الإنسانية والتقنية.

بعد نجاح الثورة الإيرانية سنة 1979م، وفي مقابل ما عاشته إيران منذ قيام تلك الثورة من ضغوط دولية، وعزلة بعد الحصار الاقتصادي الذي وقع عليها، نتيجة طموحاتها النووية، توجهت إيران إلى التوسع في القارة الأفريقية، لإشباع حاجتها من المواد الخام التي تزخر بها القارة، خاصة منطقة غرب أفريقيا، وفتح أسواق جديدة واعدة للصادرات الإيرانية، مستخدمة في ذلك الستار المذهبي الذي يتخذ الاقتصاد والسياسة والدبلوماس­ية ذريعة ووسيلة، ولتحقيق هذا الهدف، اتبعت إيران استراتيجية دمج السياسة بالدين. وقد اتضحت معالم هذه الاستراتيج­ية في إشارة محمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق في كلمة له خلال القمة الثانية عشرة للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا عام 2009 بقوله "إن أفريقيا قارة تعج بالقيم البشرية والثقافية وقدرات كبيرة في مجالات مختلفة، وفي المقابل تتمتع إيران بقدرات هائلة تمكنها من الدخول في تعاون عملي ومربح مع القارة الأفريقية".

ويرجع الحضور الإيراني الحديث في القارة الأفريقية، إلى بدايات الستينيات من القرن العشرين، وذلك من خلال علاقات ثنائية بين نظام الشاه في إيران والدول الأفريقية، وقد ظلت العلاقة الإيرانية الأفريقية في تلك الفترة دون الطموحات الإمبريالي­ة التوسعية التي عرفتها إيران بعد ذلك في علاقاتها مع أفريقيا تحت قيادة نظام الثورة الإسلامية، ومع انتصار الثورة الإسلامية، أخذت إيران على عاتقها محاولة تصدير نموذج الثورة الإسلامية إلى دول الجوار عبر الاستعمار الثقافي بمؤسسات غايتها التغلغل في الدول النامية على غرار أمانة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.

اأولاً: غايات التو�صع الاإيرانى في غرب اأفريقيا

إنّ إيران مثل أيّ دولة أخرى، تريد تحسين علاقاتها مع دول العالم، إذ تكفل لها مقتضيات السيادة الحق القانوني في بناء العلاقات الثنائية مع دول غرب أفريقيا، مادام ذلك في إطار النظم السياسية الدولية القائمة على احترام السيادة والخصوصيات. لكن في المقابل، لا يخوّل هذا الحق لإيران أن تروج لثقافتها بأبعادها العقائدية، خاصة حين تتضمن حقائق تلك العقيدة تهديداً صريحاً لتماسك نسيج المجتمعات، كحال غرب أفريقيا بمجتمعاتها المسلمة السنية.

إن النسق العقيدي لقادة نظام الثورة من الساسة ورجال الدين يرتكز على تصدير الثورة وفق النموذج الإيراني بما يتضمنه من مركزية ولاية الفقية، واعتلاء نخبة رجال الدين قمة بنية السلطة والحكم في الدولة، فضلاً عن التغلغل المذهبي في الدول الإسلامية لتوسيع قاعدة أتباع المذهب الشيعي، وتأسيس امتدادات للدولة الإيرانية عابرة للحدود على غرار حزب اله اللبناني والحوثيين في اليمن ونظام الأسد في سوريا.

وفي هذا السياق تضمنت الكلمة التاريخية للخوميني تلخيصاً للخطوط العريضة لهذه الاستراتيج­ية الإمبريالي­ة التوسعية خاصة قوله "إنّ العرب حكموا المسلمين، وكذلك الأتراك، وحتّى الأكراد، فلماذا لا يحكم الفرس، وهم أعمق تاريخاً وحضارة من كلّ

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates