Trending Events

مشكلات مزمنة:

التداعيات السلبية للجرائم الفردية في أمريكا اللاتينية والكاريبي

- سانتياجو فيار باحث بمركز برشلونة للشؤون الدولية إسبانيا (CIDOB )

وظهر آنذاك أن واردات الأفيون هي سبب تدفق معدن الفضة الضخم نحو الخارج، وهو الأمر الذي زعزع استقرار العملة. وعلى الرغم من أن البلاط الملكي أصدر مراراً وتكراراً مراسيم تطالب بإنزال العقوبة بتجار الأفيون، فإن المسؤولين المحليين كانوا يتلقون الرشى مقابل تجاهلهم المراسيم.

ثانياً: الاأ�صباب ال�صيا�صية والاقت�صادية للاحتجاجات

طوال فترة حكم المملكة المتحدة ل "هونج كونج"، اكتسبت المستعمرة الكثير من العادات والتقاليد البريطانية، وكان من بينها نظام القانون البريطاني، واللغة الإنجليزية كلغة رسمية، واقتصاد مزدهر مستنداً إلى الرأسمالية، وخشي الكثيرون في هونج كونج من أنهم سيخسرون حرياتهم الشخصية التي تمتعوا بها إبان الحكم البريطاني مع إرجاع السيادة للصين.

ولتخفيف تلك المخاوف، وعدت الحكومة الصينية بالسماح لمواطني هونج كونج بالاحتفاظ بنظامهم الاقتصادي وبحقوقهم الأساسية وبحرية التعبير وحرية التجمع لمدة لا تقل عن 50 سنة ما بين 1997 و2047، وهو الأمر الذي كانت تقابله حقوق سياسية مقيدة بقوة في الصين نفسها، كما وعدت الصين أيضاً بالسماح لهونج كونج في نهاية المطاف بإجراء انتخابات ديمقراطية مفتوحة لاختيار رئيس تنفيذي، وعلى الرغم من ذلك، نكثت الصين بهذا الوعد بإصرارها على اختيار من يمكنهم المشاركة في الانتخاب.

أما الخلفية الأخرى للاحتجاجات، فتتمثل في عدم رضا الشباب عن الأوضاع الاقتصادية، فحشود المحتجين، ومعظمها من الشباب وطلاب الجامعات، لم تستمتع بفوائد النمو الاقتصادي للصين، ويساورها القلق حيال انعدام الأمن السياسي في المستقبل، ويشكل تفاوت الدخل، ومعدل البطالة المرتفع مشكلة خطيرة في هونج كونج، فوفقاً لدائرة الإحصاء التابعة لمنطقة هونج كونج في 1996، كانت نسبة ال 40% من العائلات ذات الدخل الأقل تشكل نسبة 12% من إجمالي الدخل الشهري، ثم انخفضت هذه النسبة لتصل إلى 10% من إجمالي الدخل الشهري، وذلك في الوقت الذي تركزت فيه الثروة بيد عدد صغير من أقطاب المال والأعمال المدعومين من السلطة السياسية، وهذا ما دفع الشباب، على وجه الخصوص، للتحرك والاحتجاج.

ثالثاً:الحركات الطلابية.. خبرات م�صابهة داخل الاإقليم

يشكل الطلاب العنصر الرئيسي في احتجاجات هونج كونج، على غرار كثير من التظاهرات التي خرجت حول العالم مطالبة بالإصلاح، ومن ذلك الثورة المجرية في العام 1995، والاحتجاجا­ت في فنزويلا في العام 2007 والاحتجاجا­ت التي طالبت بالديمقراط­ية في كوريا الجنوبية في العام 1987. وفي حالة كوريا الجنوبية، لعبت الحركة الطلابية دوراً كبيراً في تحقيق الديمقراطي­ة، وبعد الاستقلال عن اليابان في العام 1945، عانت البلاد حرباً كورية استمرت ما بين 1950 و1953، ثم جاء الديكتاتور "بارك شانغ هي" ليسيطر على البلاد بواسطة انقلاب عسكري بين 1961 و1979. ثم استولى شان دو هوان على السلطة بانقلاب عسكري آخر في عام 1980 بعد تعرض "بارك تشانغ هي" للاغتيال، واستمرت كوريا الجنوبية تحت حكم العسكر ما بين مطلع الستينيات وحتى مطلع الثمانينيا­ت من القرن العشرين، وكانت تلك حقبة سوداء على الديمقراطي­ة في البلاد.

وحتى أواخر عقد الثمانينيا­ت لم يتمتع الشعب الكوري بحق اختيار رئيس له أو نائب في الجمعية الوطنية. وبسبب تشوقهم إلى الديمقراطي­ة، خرج معظم الكوريين إلى الشوارع وطالبوا بالديمقراط­ية وهتفوا لها، ووقع ضحايا كثر بين الكوريين، خصوصاً من الطلاب، حتى تم إصلاح الدستور وتحقيق الديمقراطي­ة في العام 1987.

ومن الملحوظ أن تحوّل كوريا الجنوبية إلى الديمقراطي­ة بنجاح استغرق حوالي 40 سنة، حيث لم يتم تحقيقها على الفور، وكانت هناك جولات من الصراع مع الديكتاتور­ية انخرط فيها الطلاب بوجه خاص، وضحى عدد كبير من الناشطين والطلاب بأنفسهم في سبيل الديمقراطي­ة، كما عانى كثير منهم

من التعذيب، وبدافع من تفانيهم، واستعدادهم لتحمل المعاناة طوال حياتهم، حصل الشعب الكوري في العام 1987 على حق انتخاب رئيس له، لكن تلك كانت البداية فقط، فكوريا لاتزال مستمرة في عملية التحوّل الديمقراطي، وذلك بتأكيد حقوق وحريات الأفراد.

ويشبه الوضع في هونج كونج اليوم الوضع في كوريا الجنوبية، فهذه التظاهرات التي خرجت في سبتمبر 2014 ربما هي البداية لعملية الديمقراطي­ة هناك، وبالنظر إلى الوضع السياسي في الصين، حيث يحاول الرئيس "شي جين بينغ" السيطرة على السلطة المركزية، ليس من السهل تحقيق الديمقراطي­ة دفعة واحدة، فالرئيسان الكوريان بارك تشونغ هي وتشان دو هوان أعاقا تطور الديمقراطي­ة بحكمهما الشمولي.

وباعتبار أن فئة الطلاب تشكل معظم المحتجين، كما كانت الحال في احتجاجات كوريا، فإنهم سيساهمون في الدفع باتجاه هذه الديمقراطي­ة، وعلى الرغم من أن هونج كونج أخفقت في اختيار مديرها التنفيذي هذه المرة، فإن جهود الشباب لن تضيع، ذلك أن شغفهم بالديمقراط­ية سيبقى متأججاً حتى تحقيق الديمقراطي­ة.

رابعاً: مع�صلة التعامل مع الو�صع بهونج كونج

مدن الصين قد ترى في هونج كونج نموذجاً للسعي نحو الحريات السياسية، كما أنه من الممكن لقومية الإيجور وشعب التبت أن يطالبوا بالاستقلال عن الصين بقوة أكبر بكثير.

وفي المقابل، إذا قامت بكين برد صارم يستخدم القوة، فمن الممكن أن تفقد هونج كونج مكانتها كمركز مالي عالمي. وفي الحقيقة، فإنه من الممكن أن ترسل بكين قوات الشرطة الصينية أو جيش التحرير الشعبي من أراضيها إذا لم تتمكن شرطة هونج كونج من منع هذه الاحتجاجات الحالية.

لقد دخلت الصين في الآونة الأخيرة في عملية إعادة تشكيل السلطة من القيادة الجماعية إلى ديكتاتورية الرجل الواحد. ويحاول الرئيس "شي جين بينغ" أن يجعل سلطته أقوى كما يبقي على أعضاء اللجنة الدائمة الآخرين تحت سيطرته بحجة مكافحة الفساد. ففي العام 1989، حدثت الاحتجاجات في ساحة تيان آن من، وخرج أكثر من مليون شخص بينهم طلاب ومفكرون وعمال في تظاهرة تطالب بالديمقراط­ية، لكن الحكومة الصينية قمعت هذه الاحتجاجات بالقوة، حيث أطلق الجيش الصيني النار عشوائياً وسقط عدد كبير من المحتجين بين قتيل وجريح، ولا ينبغي أن تحدث هذه المأساة مرة أخرى. يشكل تفاوت الدخل، ومعدل البطالة المرتفع مشكلة خطيرة في هونج كونج، فوفقاً لدائرة الإحصاء التابعة لمنطقة هونج كونج في 1996، كانت نسبة ال 40% من العائلات ذات الدخل الأقل تشكل نسبة 12% من إجمالي الدخل الشهري، ثم انخفضت هذه النسبة لتصل إلى 10% من إجمالي الدخل الشهري، وذلك في الوقت الذي تركزت فيه الروة بيد عدد صغير من أقطاب المال والأعمال المدعومين من السلطة السياسية، وهذا ما دفع الشباب، على وجه الخصوص، للتحرك والاحتجاج. كان الزعيم الصيني السابق، دينغ شياو بينغ قد اقترح فكرة "بلد واحد بنظامين"، عندما كان يتفاوض مع مارغريت تاتشر حول إعادة هونج كونج إلى الصين، وتعني هذه السياسة أن الصين ستبقي على الاشتراكية في الميدان السياسي وعلى الرأسمالية في الميدان الاقتصادي. وترتبط هذه الفكرة بمثال "القط الأسود والقط الأبيض"، وأنه بغض النظر عن لوني القطين، فإن القط الجيد منهما هو الذي يستطيع صيد الفئران. ويعني ذلك أن الصين تسمح بالرأسمالي­ة في هونج كونج على الرغم من أنها تبقى جزءاً من الصين.

وفي الحقيقة فإن الصين كانت قد اقترحت فكرة النظامين من أجل الاتحاد مع تايوان في عام 1984، حيث كانت الصين تحتاج إلى سياسة اتحاد جديدة من أجل الأمن السياسي الداخلي، وإلى تحسين العلاقات مع بلدان الغرب عبر الانفتاح على العالم الخارجي وإلى التنمية الاقتصادية. وهنا تكمن معضلة الصين الخطيرة، فإذا سمحت حكومة الرئيس شي جين بينغ بالديمقراط­ية الكاملة في هونغ كونغ، فمن الممكن أن تواجه مشكلات في السيطرة على هونج كونج سياسياً. ويخشى الصينيون من أن الديمقراطي­ة في هونج كونج ستحشد المواطنين في الصين نفسها وتدفعهم إلى تحدي دور الحزب الشيوعي. فسكان الريف في الصين لم يستفيدوا من الازدهار الاقتصادي الذي يحدث في المدن الساحلية، وإذا كان مقدراً لسكان الأرياف أن يعبئوا أنفسهم سياسياً، فإن الحزب الشيوعي سيواجه أزمة خطيرة. وعلى نحو مماثل، فإن النخب في

لقد حاز صعود الصين في السنوات الأخيرة اهتماماً دولياً شديداً. وكانت لذلك الاهتمام أسباب كثيرة منها الفكرة القديمة التي مفادها أن الصين مقدّر لها أن تصبح بالضرورة قوة عالمية عظمى وحديثة، لأن عدد سكانها ضخم، ومساحتها شاسعة، ولديها سجل مذهل في الفن والأدب، ولها تاريخ طويل من الهيمنة في شرق آسيا. وإضافة إلى ذلك، فإن هناك الأهمية الكبيرة والمتعاظمة للصين في التجارة الدولية والتمويل الدولي.

هناك أسلوبان للتفاوض مع شخص أو طرف ما، والأول هو "المباراة الصفرية"، والثاني هو "الاستراتيج­ية المربحة لكل الأطراف" (Win-win strategy ). وينبغي للرئيس شي جين بينغ أن يفكر في الخروج بفكرة خلّاقة تعتمد الاستراتيج­ية المربحة لكل الأطراف، وهو ما سيكون مفيداً للصين، كما سيحافظ على مكانة الصين في العالم.

ويبقى أن نرى إن كان سيتم التوصل بطريقة سلمية إلى اتفاق عبر المفاوضات بين ليونغ تشن - ينغ، الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ والطلاب. فالمحتجون هم من طلاب المرحلتين الثانوية والجامعية، وانضم إليهم عمال ومهنيون شباب ومتقاعدون ورجال الدين المسيحي وأكاديميون، وهم لن يتخلوا بسهولة عن رغبتهم القوية في الديمقراطي­ة، وها هو العالم يترقب الآن ليرى قرار الصين.

شهد العالم وفقاً لتقرير "مؤشر السام العالمي" (Global Peace Index ) الصادر عن معهد الاقتصاد والسام الأسترالي)1) تدهوراً مستمراً في حالة السام والاستقرار منذ العام 2008 وحتى 2014. وعلى الرغم من ذلك، فإنه خال العقد الماضي، استطاعت دول أمريكا الاتينية والكاريبي تحقيق معدلات نمو مستدامة، وهو ما انعكس إيجابياً على المؤشرات الاجتماعية – الاقتصادية، بدءاً من ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة معدلات التوظيف، وصولاً إلى زيادة جهود محو الأمية.

في مقابل ذلك لاتزال منطقة أمريكا اللاتينية تواجه مشكلتين من دون حل وهما: اللامساواة وانعدام الأمن. وقد نجحت عدة دول لاتينية في تقليص معدلات اللامساواة نظراً لقيامها بتوزيع الإنفاق العام بطريقة أفضل على الطبقات الدنيا من المجتمع من خلال برامج الدمج الاجتماعي الحكومي، وهو ما انعكس في خفض معدل الفقر من 48.3% إلى 33.2%(2) في الفترة الممتدة بين 1990 – 2008. وعلى الرغم من ذلك، فإنه في الفترة ما بين 2008 و2010، كان هناك ثماني دول من أصل عشرة بلدان من أمريكا اللاتينية ترتفع فيها معدلات اللامساواة إلى أعلى مستوى، حيث تستحوذ الطبقة الأغنى في المجتمع، التي تمثل 10%، على 32% من إجمالي الدخل في 2012، وذلك وفق اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية، أما عن انعدام الأمن، فقد سار على نحو أسوأ من ذلك بكثير(3).

اأولاً: ت�صدر اأمريكا اللاتينية موؤ�صرات العنف

تتصدر منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي قائمة الدول الأكثر تعرضاً لحوادث العنف بين الأفراد على مستوى العالم، وهناك عدة مؤشرات على ذلك: • إن هناك 19 دولة من أمريكا اللاتينية ضمن قائمة البلدان ال 25 ذات المعدلات الأعلى لجرائم القتل في 2012.

• ارتفاع معدلات الجريمة في أمريكا اللاتينية، فبينما وصل متوسط معدلات الجريمة في العالم إلى 6.2 لكل 100 ألف نسمة في 2012، كان معدل الجريمة للعام ذاته في أمريكا اللاتينية والكاريبي أعلى بكثير، إذ بلغ 26 لكل 100 ألف نسمة. • على الرغم من أن عدد سكان منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي يشكلون 8.5% فقط من عدد سكان العالم، فإن 32% من مجموع جرائم القتل وقعت في هذه المنطقة(4).

ثانياً: جرائم ال�صارع اأكثر خطورة من الجريمة المنظمة

أظهر مسح ميداني أجرته مؤسسة لايتنو بارومترو في العام 2011، أن 33% من السكان عانوا اعتداء في عام 2011، وأن 18% أعلنوا أنهم كانوا ضحايا لاعتداء عنيف. صحيح أن الجريمة المنظمة تشكل واحداً من أخطر وأكبر التهديدات التي تؤثر بشدة على التنمية البشرية، لكن العنف في أمريكا اللاتينية لا يرتبط فقط بعصابات الجريمة أو تهريب المخدرات، فهناك عدد كبير من التهديدات التي يتعرض لها المجتمع، حيث تعتبر الجريمة العادية هي التهديد الرئيسي الذي يتعرضون له، يؤكد هذا تقرير حديث بعنوان "السلامة العامة" صادر عن مؤسسة لاتينو بارومترو البحثية في 2012، إذ يذهب إلى أن أكثر من 40% من السكان يعتقدون أن هذه الجرائم غير المنظمة هي التي

 ??  ?? المدير التنفيذي لهونج كونج سي ليونج
المدير التنفيذي لهونج كونج سي ليونج
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates