Trending Events

كيف يفكر أبوبكر البغدادي؟

د. رضوان السيد

-

يسعى “الثوران” الإسلامي للوصول إلى السلطة منذ عدة عقود، والهدف من وراء ذلك هو استعادة الشرعية الدينية للدولة والمجتمع.

مرت هذه الفكرة حتى تبلورت بأربع مراحل، مرحلة الجهاد أو الهجرة بعد أن لم تَعُدْ الدار دار إسلام، ومرحلة التنظير لافتقاد الشرعية وإنشاء جمعيات وجماعات الهوية، ومرحلة تصور برنامج "النظام الكامل" من الحاكمية إلى تطبيق الشريعة وإقامة الدولة، ومرحلة الصراع داخل التنظيمات ومع المحيط على صيغة الدولة وطرائق الإقامة والتحقيق.

التحويل المفاهيمي

إنّ أهم ما أُنجز قبل حرب أفغانستان وخلالها تصوُّر إمكان إقامة الدولة بالجهاد أو القتال، وليس الشراكة أو الانقلاب أو التسلُّل كما ظلَّ الإخوان المسلمون يتصورون لعدة عقود. وقد استلزم الوصول لهذا الاقتناع إجراء التحويلات المفهومية داخل المفاهيم الإسلامية الأساسية الكلامية والتاريخية، والتي تتضمن أو تستلزم تقديراً للموقف الحاضر في العالم المعاصر، يعتبر أن الاستعمار والتغريب دمرا ديار المسلمين، وأن الجاهلية استولت على العالم وعلى المسلمين، ويرى ضرورة الدولة لاستعادة النظام الشرعي أو الكامل، وأخيراً اتباع السبيل الجذري لإحقاق ذلك. ومن المهم على أثر تشكل جمعيات وجماعات الهوية لمكافحة التغريب ملاحظة أمرين اثنين متلازمين: اليأس من العالم الحديث ومما اعتُبر "تلاؤماً" أو استسلاماً من جانب "التقليد" الإسلامي الجامد، سواء في حياة المجتمعات أو في تطورات أنظمة الحكم. والأمر الآخر: ارتفاع منزلة الدولة والنظام السياسي في التفكير إلى أن تصبح ركناً دينياً، أو ضرورةً لإقامة الدين، وما لا يتمُّ الواجب إلاّ به فهو واجب. ولذلك أيضاً صار الوصول للسلطة أو الاستيلاء عليها أو إقامة سلطة بالقوة ضرورةً من ضرورات إحقاق الدين. إنّ التحويلات المفهومية الصاعقة هذه، جرت خلال عقودٍ منذ عشرينيات القرن الماضي. ولم يقتصر القيامُ بها على أهل الحزبيات والجمعيات، بل شملت أوساطاً واسعةً من مثقفي الصحوة ومفكريها. وقد استمدت قوتها الأُولى من كراهية السلفيات الجديدة للتقليد الإسلامي القديم من جهة، وللحداثة الهاجمة من جهةٍ ثانية. وقد تعاصر ذلك مع ظهور الذاتيات الوطنية المحدَّثة والمناضلة ضد الاستعمار. ولذلك لقيت الأمجاد الإسلامية القديمة، ولقي التفرد الإسلامي تقريظاً هائلاً، ليس من جانب الإحيائيات الإسلامية الصاعدة وحسب؛ بل ومن المثقفين المدنيين الوطنيين الذين أرادوا الانطلاق من المفاهيم الغربية كي يستقلوا عن الغرب بالثقافة الوطنية الذاتية، ويشاركوه في الوقت نفسِه بالدول الوطنية الناهضة. ومع البدء بهذه التحويلات المفهومية، ظهر التفكير في البدائل التي تُوصِل إلى استعادة الشرعية والنظام الكامل، ورمزه الخلافة، ولكنْ ليس أي خلافة، بل خلافة الراشدين بالذات، بحسب صورتها المثالية في أذهان العامة. وتأتي ضرورتها من ضرورة استعادة الشرعية باستعادة الدين. فالإمامةُ هنا صارت مقدَّسةً ليس بسبب قدسية آل البيت وعلاقتهم الخاصة بالله ورسوله كما عند الشيعة الإمامية؛ بل بسبب حيوية الوظيفة التي قامت وتقوم بها للدين. ولأن الإحيائيات والأُصوليات طهورية

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates