Trending Events

دولة داخل الدولة:

تصاعد أدوار الفاعلين من غير الدول في الشرق الأوسط آيات عبدالعزيز

- آيات عبد العزيز باحثة في العلوم السياسية

تشغل الأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط اهتمام العديد من الباحثين والأكاديمي­ين في الغرب بصفة عامة، كونها لا تؤثر في السياسة الإقليمية فحسب، بل تمتد لتشمل التأثير على خريطة المصالح العالمية كذلك. والسطور التالية تستعرض عدداً من أبرز التحليلات والاتجاهات التي صدرت من دوريات أجنبية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2014، وتناولت قضايا مختلفة، منها صعود متزايد للفاعلين من غير الدول، وعودة المجاهدين من سوريا والعراق، والتطورات في قضية البرنامج النووي الإيراني وغيرها.

اأولً: �سعود متزايد للفاعلين من غير الدول

يشير "حاييم ملكا" في مقاله المعنون "تحدي الفاعلين من غير الدول في الشرق الأوسط") والصادر عن "Center for Strategic and Internatio­nal Studies " إلى العلاقات الجيدة التي جمعت الولايات المتحدة بالعالم العربي منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، مما كان له أبلغ الأثر في تحقيقها لمصالحها في المنطقة. لكن مع ظهور مجموعة جديدة من "الفاعلين من غير الدول" على الساحة، الذين تميزوا بعدائهم الشديد للولايات المتحدة، وانعكاس ذلك على تمكنها من استمرار تحقيقها مصالحها على نحو مغاير للموضع الذي كان ثابتاً ومستقراً مع الأنظمة العربية الموجودة، أصبحت الولايات المتحدة الآن في مأزق كبير، خاصة أن أدواتها في مجال التعامل مع هؤلاء تبقى محدودة بعكس أدواتها في التعامل مع الدول. وعليه ينبغي على الولايات المتحدة أن تتبنى حزمة من السياسات الجديدة التي تتميز بالديناميك­ية والإبداع، لأن السياسيات القديمة على ما يبدو لن تكون مجدية. ويرى الكاتب أن هؤلاء الفاعلين من غير الدول يحظون بقدر من الدعم من بعض عناصر المجتمع المحلي لهم، نظراً لكونهم كيانات اجتماعية وسياسية جاذبة لقطاعات من الشباب مع دعوتها لإقامة الخلافة التي قد يري فيها هؤلاء بديلاً حقيقياً للأنظمة القائمة) ). ولا يختلف طرح "ريك برنن" في مقاله عن "حاييم مالكا"، لكنه يركز على حالة العراق، ويتناول في مقاله المنشور في مجلة "Foreign Affairs ،" والمعنون "أعراض الانسحاب: الخروج المتخبط من العراق") قضية أن الانسحاب الأمريكي من العراق لم يكن فكرة ناجحة، بل أدى لمزيد من التدهور على الساحة العراقية، خاصة مع تعمد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي السيطرة على العراق، وتدعيم أركان حكمه على حساب المسلمين السنة والأكراد، وهو ما ساهم في صعود الجماعات المتشددة كرد فعل طبيعي ومتوقع، خاصة في ضوء فشل التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية حول عملية خروج أمريكية محكمة من العراق تحد من انزلاقه في منعطف الأزمات. ويؤكد برنن ضرورة اعتراف الإدارة الأمريكية بالأخطاء التي ارتكبتها

في العراق حتى يمكن إصلاحها أو تجنب الوقوع فيها مستقبلاً، لأن قرار خوض الحرب هو قرار مصيري يغير البنية السياسية والاجتماعي­ة الداخلية في الدول مما يؤثر بشكل رئيسي على الأمن الإقليمي والعالمي. ويعزز هذه الرؤية ما أشار إليه "توبي دودج" في دورية Survival في مقاله "هل يمكن إنقاذ العراق") الذي تناول بشكل تفصيلي الأسباب التي أدت لظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. فيوضح أن أحد أهم التفسيرات التي طرحت كسبب من أسباب ظهور التنظيم أنها جاءت كمحاولة لإنهاء اتفاقية سايكس بيكو التاريخية، والتي أدت لانفصال الشام عن العراق، وذلك عن طريق إقامة دولة الخلافة، وإزالة الحدود بين الدول العربية والإسلامية. ويشير دودج إلى أن كثيراً من المحللين والسياسيين يعتمدون على هذه الفكرة، وهي التذرع باتفاقية سايكس بيكو لتفسير الصراعات الدائرة حالياً في الشرق الأوسط، غير أنه يري خطأ مثل هذا التأويل للتاريخ، لأنه يؤدي بالضرورة لتحليلات سياسية ركيكة وغير دقيقة للواقع المعاصر، وتغفل العديد من الأحداث التي ربما أثرت في تطور المنطقة أكثر من اتفاق سيايكس بيكو ذاته.

ثانياً: المجاهدون العائدون بين التهويل والتهوين

وعلى صعيد التعامل مع العائدين من الجهاد، كتب "دانيال بايمن" و"جيرمي شابيرو" مقال في) Foreign Affairs ، يشيران فيه إلى أن هناك زيادة ملحوظة في عدد المجاهدين القادمين من الدول الغربية، وهم يشكلون حوالي 2500 من المقاتلين في سوريا والعراق. وهناك تخوف غربي واضح من عودة هؤلاء لبلادهم بعد انتهاء الحرب خشية أن يقوموا بأي عمليات عدائية ضد دولهم والمدنيين فيها. ويؤكد المقال أن مثل هذا التخوف يتم تضخيمه بشكل لا يتناسب مع الواقع الفعلي، خاصة أن أغلب المقاتلين يفضلون الموت في ساحات القتال على العودة، وأنهم في حال عودتهم لا يعودون للجهاد السابق. وفعلياً يمكن السيطرة على هؤلاء وأعمالهم عن طريق العديد من الأدوات الاستخبارا­تية، والتعاون اللوجستي بين الدول من أجل تتبع المقاتلين، ومعرفة المعلومات المتعلقة بهم كافة. من جانب آخر، يرصد المقال الأسباب التي تؤدي بالمسلمين الغربيين إلى الاتجاه نحو الانضمام ل"داعش" وغيره من التنظيمات، ويؤكد المقال في هذا السياق أن عام 2013 كان فاصلاً في الدوافع والأسباب المختلفة لانضمام المقاتلين لمثل هذه التنظيمات. فقبل عام 2013 كان السبب الرئيسي للانضمام محاولة المسلمين الغربيين دعم إخوانهم في الدول العربية والإسلامية في مواجهة النظم القمعية، مثل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكن عام 2013 شهد اختلافاً واضحاً مع بداية موجة انتشار الجهاد العالمي ضد الولايات المتحدة والغرب، وتزايد هذه الموجة بصورة واضحة. ويهتم المقال كذلك برصد الخطوات التي يمر بها المقاتلون للوصول لجبهة القتال في سوريا والعراق بداية من الخطوة الأولى، وهي جذب الانتباه والمرتبطة باتخاذ المسلم الغربي لقرار السفر لسوريا أو العراق، وتتبعها خطوة ثانية تتعلق بعملية السفر ذاتها وهي عملية يسهل تعقبها لأنها صعبة ومعقدة ثم تأتي الخطوة الثالثة والمرتبطة بتلقي التدريبات على قتال وهي النقطة الفاصلة التي تعزز انتماء الشخص لقضية أكبر، وأخيرا تأتي الخطوة الرابعة المرتبطة بعملية العودة ومحاولة تجنيد الآخرين للغرض نفسه.

ثالثاً: البرنامج النووي الإيراني .. م�ستويات ال�سعود والهبوط

أولت دورية "Arms Control Today " اهتماماً خاصاً بالملف النووي الإيراني، حيث نشرت ما لا يقل عن ثلاثة مقالات بهذا الشأن، جاء الأول بعنوان" قليل من التقدم المحرز في المحادثات مع إيران") والثاني بعنوان " تأخر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأسباب إيرانية") أما الثالث فقد جاءت بعنوان "منظمة الطاقة النووية الإيرانية: أي دور") اهتم المقال الأول بكلمتي الرئيس الإيراني روحاني والرئيس الأمريكي باراك أوباما أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2014، حيث أشار كل منهما للفرصة التاريخية السانحة والمتاحة الآن للوصول إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وأشار المقال إلى أنه وعلى الرغم من هذه الكلمات الإيجابية مازال واضحاً أن الوصول لاتفاق غربي إيراني حول البرنامج النووي الإيراني لايزال محلاً للنقاش، خاصة مع وجود العديد من الخلافات حول الموضوعات الرئيسية للاتفاق، وهو ما يحتم تقديم تنازلات واتخاذ خطوات صعبة في هذا السياق. وعرض الكاتب لجولات المفاوضات المتعددة التي خاضها المفاوضون والتي لم تخرج بأي جديد حتى اللحظة، وحالياً )نوفمبر 2014( نحن على موعد مع جولة جديدة من المفاوضات بشأن البرنامج النووي. كما اهتم المقال الثاني بالحديث عن تقرير الوكالة الدولية للطاقة

الذرية عن البرنامج الإيراني، وعرض وجهة نظر الجانب الإيراني، التي تؤكد أن مطالب الوكالة الدولية لم يتم الانتهاء من تنفيذها، كما هو متفق عليه سابقاً نظراً لكونها جزءاً من عملية معقدة يحتاج تنفيذها لوقت طويل، وهو أمر صعب، كما تؤكد إيران في السياق ذاته، أن أغلب المعلومات التي تصل للوكالة هي معلومات مغلوطة تهدف إلى التأثير السلبي على رأي الوكالة في البرنامج، خاصة أن إيران على حد وصف الجانب الإيراني تبدي استعداداً واضحاً للتعاون مع الوكالة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في نوفمبر 2013 فيما يتعلق بإزالة سوء الفهم واللغط الدائر حول إمكانية إيران تصنيع السلاح. أما المقال الثالث، فقد أشار إلى القلق الدولي الناتج عن الإصرار الإيراني على التوسع في رفع معدلات تخصيب اليورانيوم، وهو ما يمثل حجر زاوية لصناعة السلاح النووي، خاصة مع وجود ثلاثاً من المنشآت النووية السرية الإيرانية التي لا تخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن مثل هذا الوضع لايزال يحتاج إلى قرائن وأدلة حقيقية حتى يتم التعامل معه، لأنه حتى اللحظة لايزال يبدو البرنامج النووي الإيراني سلمياً، أخذاً في الاعتبار أن المنشآت الإيرانية التي خضعت للتفتيش حتى الآن لا تبدو هي الأخرى جزءاً من خطة سرية لإنشاء السلاح النووي، وعليه فإذا كانت هناك إمكانية للتصنيع ستكون بالضرورة في منشآت سرية أخرى، وحتى مع عدم وجود دلائل مازال الجميع متشككاً في النوايا الإيرانية بسبب الأداء الإيراني.

رابعاً : العلاقات الخليجية الأمريكية .. نظرية المع�سلة الأمنية

لم تكن قضية صعود الحركات المتطرفة أو إيران الموضوعات الكبرى المطروحة على الساحة، بل اتصلت بها مجموعة من الموضوعات الأخرى أيضاً، والتي تبدو متشابكة لحد كبير نظراً لأن أغلب قضايا المنطقة تلقي بظلالها على بعضها البعض، لذا حازت العلاقات العربية الأمريكية هذه الفترة على الاهتمام، فيقدم "عبداله الشايجي" في مقاله المنشور في) "Middle East Policy" رؤيته حول مستقبل العلاقات الخليجية الأمريكية في ضوء اختلافات وجهات النظر بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج، وكيفية إدارة العملية السياسية في إقليم الشرق الأوسط. ويشبه الكاتب العلاقات بين الجانبين بعلاقة الزواج الطويلة والمفيدة، وإن ظهرت بعض التوترات بين الحين والآخر، وعليه لا يمكن القول بحدوث قطيعة أو انفصال بين الجانبين على المدى القريب. وعلى الرغم من استبعاد إمكانية الانفصال في الوقت الحالي فإننا نشهد وبشكل واضح بعض التوترات بين الجانبين، ويغذي هذا الشعور القلق الواضح لدى النخب الخليجية من التغييرات التي طرأت على وجهة النظر الأمريكية فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، إذ تشعر النخب الخليجية بعدم اهتمام الجانب الأمريكي باستطلاع رأيها أو أخذ تفضيلاتها بعين الاعتبار عند الحديث عن قضايا المنطقة، كما يشعر هؤلاء بتغير في موقف واشنطن تجاه التزامها الاستراتيج­ي بأمن الخليج ووجهة نظرها حول القضايا الاستراتيج­ية في المنطقة، وماهية التهديدات التي قد تواجهها تلك المنطقة، وهذا يتزامن بالضرورة مع اتجاه واشنطن للاهتمام بمصالحها في آسيا بالإضافة إلى التركيز على ملفاتها الداخلية في الوقت الحالي. وتعزز ذلك محاولات الانسحاب من العراق وأفغانستان والاتجاه نحو عقد صفقات لتسوية البرنامج النووي الإيراني، وبنظرة فاحصة يمكن القول إن مثل هذا الاتفاق يضفي شرعية على الطموحات التوسعية لإيران؛ مما يعزز من القلق الخليجي من هذا التقارب في ضوء عدم وجود اتفاق خليجي أمريكي حول العديد من الملفات الإقليمية، مثل وضع سوريا وإيران والبحرين. ويربط الشايجي بين السلوك الخليجي ونظرية المعضلة الأمنية، فيشير إلى أن التوترات الحادثة في إطار العلاقات هي توترات هيكلية بالأساس تتعلق بطبيعة العلاقة بين قوة كبرى وحلفائها الأضعف، الذين يشعرون دوما بعدم اهتمام القوة الكبرى بتحقيق مصالحهم سواء بإهمال تلك المصالح أو العمل ضدها، وعليه فإن مثل هذا التوتر قد لا يؤدي لقطيعة كاملة، وإنما لإعادة النظر في العلاقات بما يتواءم مع احتياجات الجانبين.

خام�ساً: هل ي�سكل اللوبي العربي اأداة الأمريكية؟

�سغط في ال�سيا�سية

تحاول ورقة البروفيسور "لانور بن حفصة" والتي تأتي بعنوان "دور اللوبي العربي الأمريكي في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية") إلقاء الضوء على خبرة اللوبي العربي في مجال صنع القرار في الولايات المتحدة. ويُقصد باللوبي العربي التحالف القائم بين بعض المنظمات المعنية بتحسين وضعية العرب في الولايات المتحدة، ووضع القضايا العربية على أجندة اهتمامات

المجتمع الأمريكي، بالإضافة إلى التأثير على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. في هذا السياق لابد لنا من التفريق بين ما يعرف باللوبي الرسمي، ويمثله على سبيل المثال المعهد العربي الأمريكي، وما يعرف باللوبي العربي غير الرسمي، الذي يتكون عادة من مسؤولين أمريكيين سابقين، بالإضافة إلى مقاولي التسليح والدفاع والطاقة والعاملين في المؤسسات النفطية الكبرى والذين توظفهم بعض الدول الخليجية للدفاع عن مصالحها. ويهتم المقال بشكل خاص باللوبي العربي الرسمي، الذي لا يعبر غالباً عن تجمع أو مجموعة سياسية واحدة موحدة، وإنما مجموعة من الأفراد الذين يتشاركون في الاهتمام بالقضية الفلسطينية، باعتبارها القضية ذات الأولوية في العلاقات العربية الأمريكية. ويحاول عقد مقارنة بين هذا اللوبي وبين ما يعرف باللوبي اليهودي في أمريكا. ومع عقد تلك المقارنة تتضح لنا محدودية تأثير اللوبي العربي في مقابل اللوبي اليهودي. وعليه فإنه يمكن القول إن وجود لوبي عربي يتشابه مع اللوبي اليهودي أمر غير موجود على أرض الواقع، وإنما هي مجموعة منظمات مختلفة لا تشكل كياناً قوياً متجانساً. ويعزو البعض هذا لاختلاف أصول الأمريكيين العرب، حيث إنهم يأتون من 22 دولة عربية مختلفة، وإن اتفقوا في رؤيتهم حيال القضية الفلسطينية، فإنهم بالضرورة قد يختلفون فيما بينهم وقد يكونون من دول عربية تحارب بعضها البعض، وعلى الرغم من ذلك يشكل هؤلاء عدداً لا بأس به في العديد من المناطق ومجتمعات الأعمال، مثل كاليفورنيا. ويتمتع هؤلاء بدرجات علمية ووظائف جيدة مما يسمح لهم بلعب دور كبير في المجتمع الأمريكي بما يمكنهم من عرض أجندتهم على المجتمع، إلا أن العرب الأمريكيين غالباً ما يتجهون صوب توظيف جماعات حشد وتعبئة للعمل على طرح قضاياهم في العاصمة واشنطن ويبقى تأثيرها محدوداً في دوائر معينة. وارتباطاً بهذا يُقسم الكاتب جماعات الحشد والتعبئة أو اللوبي إلى قسمين، الأول اللوبي المباشر، والثاني اللوبي غير المباشر، يعمل الأول بداخل النظام، ويحاول التأثير في عملية صنع القرار، وتشمل أنشطته على سبيل المثال عمل حملات لتلقى التبرعات وحملات زيادة الوعي، بينما يعمل الثاني بشكل أقل رسمية، وتهدف أنشطته إلى محاولة التأثير في الرأي العام من خلال نشر الكتب والمجلات وخلافه. وفيما يتعلق بدور اللوبي البترو دبلوماسي، فقد ازدهر دوره عام 1973 عقب توقف إمدادات النفط من دول الخليج، حيث اُعتبر ممثلاً للعرب والمسلمين منذ حينه، إذ أكد محورية الصراع العربي الإسرائيلي كأساس لأي مشكلة في الشرق الأوسط، حيث أشار إلى أن أي دعم زائد للدولة العبرية يؤدي بالضرورة إلى زيادة معدلات كراهية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لاسيما مع زيادة قوة الاتحاد السوفييتي كقوة مناوئة ومع صعود الإسلاميين المتطرفين كرد فعل طبيعي لهذا الدعم. ويبرز الكاتب أسباب كون اللوبي الغربي غير فعّال مقارنة باللوبي اليهودي، ومنها تأكيد إسرائيل الدائم على كونها واحة الديمقراطي­ة في الشرق الأوسط مقارنة بالجيران "الديكتاتور­ين" الذين يتمتعون بسجل حافل من الانتهاكات في مجالات حقوق الإنسان والحريات المدنية ولهذا فإن الولايات المتحدة وإسرائيل معاً يشتركان في الإيمان بالقيم الغربية الديمقراطي­ة، أيضاً كثيراً ما تلعب إسرائيل دور الضحية، نظراً لكونها محاطة بجيران "أعداء"، وهي تمارس حقها الشرعي في الدفاع عن نفسها. يُضاف إلى ذلك نزعة جلد الذات لدى الأوروبيين الذين يفضلون الجانب الإسرائيلي على الجانب العربي عند الحديث عن أي صراع بين الجانبين، في محاولة لتعويض اليهود عما فعلته أوروبا في الحرب العالمية الثانية بهم، ويتزامن هذا مع كون إسرائيل هي الحليف الأكبر لأوروبا في مجال مكافحة الإرهاب (الإسلامي)، هذا فضلاً عن تمتع اللوبي اليهودي بالخبرة في مجال ممارسة الضغوط السياسية وجمع التبرعات ونيل الحشد والتأييد بعكس اللوبي العربي الذي يمكن القول بعدم فاعليته، وإن حقق بعض النجاحات التي تبقى محدودة مقارنة بالصورة الكاملة على الأرض. ويبدو من الاستعراض السابق تنوع القضايا محل اهتمام مراكز الفكر والدراسات التي تناولت الشرق الأوسط، وشملت العديد من الموضوعات، سواء متعلقة بمنطقة الخليج أو شمال أفريقيا أو دول الجوار الإقليمي، ويرجع ذلك لسخونة الأحداث التي تمر بها المنطقة، وتأثيراتها الممتدة على دول العالم ككل.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates