Trending Events

كيف تقرأ القيادة السودانية ما يدور في الإقليم؟

د. حيدر إبراهيم علي

-

قدّم النظام الحالي في السودان، نفسه منذ اليوم الأول لاستيلائه على السلطة في 30 يونيو 1989 باعتباره “مشروعاً حضارياً إسلامياً” وليس انقلاباً.

من منطلق هذا المشروع، كانت الغاية الأساسية للنظام "أسلمة" كل مناحي الحياة السودانية في الداخل. وفي الخارج انتهج سياسة تؤكد استقالية القرار، ومحاربة الإمبريالي­ة والصهيونية. وكان لهذا النظام عدد من المامح يمكن تفصيلها في التالي.

اأولاً: ال�شبغة الاإ�شلامية للنظ�م

يصعب على أي شخص فهم سياسات السودان الراهنة، داخلية أو خارجية، من دون العودة للأفكار العامة للشيخ "حسن الترابي"، الذي لايزال المرجعية النهائية لكل الإساميين السودانيين، بما في ذلك النظام الحاكم. وعلى الرغم من انشقاق الترابي وأنصاره عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عام 1999 واتجاهه للمعارضة، فإن الطرفين تربطهما عاقة تنشئة وتربية، فضاً عن العمل السياسي الطويل، ويرى كاهما أن "المؤتمر الوطني" الحاكم هو الكيان الجامع لكل أهل السودان، والصيغة الأخيرة لتطور الحركة الإسامية السودانية.

يتسم النظام بتوجهات إسامية وسودانية، فالسودان أفرز ما يمكن اعتباره نظاماً إسامياً "مسودناً" يحمل سمات خاصة بحكم التكوين الثقافي للسودانيين، والعامل الجيو– سياسي، فالإسام السوداني هجين ثقافي عربي – أفريقي، ونتاج تدين إسامي متصوف وليس سلفياً، وهذا وضع يجعل السودان أكثر مياً إلى الوسطية والتصالح وليس التطرف. وعلى الرغم من تأسيس الترابي "المؤتمر الشعبي العربي والإسامي" في إبريل 1990، فا توجد له إلى الآن برامج مفصلة أو رؤية للحكم، ولم يسعفه الفكر السياسي الإسامي فيما يتعلق بنظرية بناء الدولة. وتخيل الإساميون أن لدى الترابي الحلول الجاهزة لكل ما قد يطرأ من مشكات، لكن هذا التوقع لم يكن صحيحاً ولم يستطع النظام تبني استراتيجية شاملة، واكتفى بنظرية "التجربة والخطأ" (Trial and Error)، واستمرت الأخطاء أكثر، والمراجعة والنقد أقل.

أما في الخارج، فقد استمر النظام في تقديم نفسه، باعتباره دولة مقاومة ورافضة للنفوذ الأجنبي، ومُستهدفة بسبب تمسكها بهويتها الإسامية. لكن التجربة أثبتت أن هذا لم يكن سوى شعار دعائي قُصد به "ابتزاز" الدول المحافظة في الإقليم. واستمرت هذه السياسة حتى اليوم، فقد ظل النظام يمزج بين خطاب إسامي مناضل وثوري، ومن جانب آخر يمارس البرجماتية التي يصعب معها تحديد أين يقف النظام من القضايا المطروحة؟ ويعتبر عام 1995، الذي شهد محاولة اغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في أديس أبابا، عاما مفصلياً للسياسة الخارجية السودانية. إذ تراجعت مخططات تصدير الثورة، واتبع النظام سياسة توفيقية، تقوم على الإبقاء على الشعارات الإسامية مع انتهاج الممارسة البرجماتية. وأصبحت الفجوة واضحة بين الخطاب والممارسة، وكمثال على ذلك قرار إبعاد أسامة بن لادن" زعيم

 ??  ??
 ??  ?? د. حيدر إبراهيم علي
مدير مركز الدراسات السودانية
د. حيدر إبراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates