Trending Events

أسعار النفط:

خسائر متوقعة لأغلب دول أمريكا اللاتينية

-

سانتياجو فيار

وصلت أسعار النفط الخام – وبالتحديد سعر خام برنت القياسي – في آخر أسبوع من العام 2014، إلى حوالي 59 دولاراً للبرميل الواحد، وذلك بعد أن كان حوالي 115 دولارات للبرميل في منتصف العام الماضي، أي أنها انهارت بحوالي 50% وهو ما ترك تداعيات متفاوتة على اقتصادات أمريكا اللاتينية. وقد وقفت عوامل عدة وراء هذا الهبوط، ومنها أن حجم المعروض النفطي تزايد بسبب الاكتشافات الجديدة في حقول النفط الصخري في كافة أنحاء العالم، وفي الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص، فضاً عن تناقص الطلب على النفط من المستهلكين الكبار، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية ودول غرب أوروبا، بسبب انخفاض معدلات النمو عما كان متوقعاً بالنسبة لهذه الدول، ويضاف إلى ذلك أن ارتفاع قيمة العملة الأميركية الذي تسبب في انخفاض أسعار السلع بصفة عامة، والنفط على وجه الخصوص، وقد كان لهذا السيناريو الجديد عواقب كثيرة في كل أنحاء العالم، وعلى وجه الخصوص في أميركا الاتينية حيث كانت ردود الفعل متباينة، لتؤدي هذه العوامل إلى التأثير سلباً على أسعار النفط.

اأولاً: خريطة الط�قة في اأمريك� اللاتينية

تمتلك أميركا الاتينية حوالي 19.5% من إجمالي الاحتياطيا­ت النفطية المؤكدة العالمية، كما تنتج 12.5% من النفط الخام على مستوى العالم، وذلك وفقاً لإحصائيات شركة بريتش بتروليوم في 2014، وتتمثل الأربعة بلدان المصدرة للنفط في هذا الإقليم في فنزويا والمكسيك وكولومبيا والإكوادور.

وتعتبر فنزويا، إلى حد بعيد، الاعب الأهم في ميدان النفط في هذه المنطقة، حيث تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم يعادل حجمه حجم الاحتياطيا­ت النفطية للعراق وإيران معاً، وهو ما يعطي لفنزويا دوراً مهماً في إطار منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، كما تمتلك المكسيك أيضاً احتياطيات نفطية مهمة، وتعتبر الآن أكبر منتج للنفط في أميركا الاتينية، وعلى الرغم من تمتع البلدان الأخرى كالبرازيل والأرجنتين والبيرو باحتياطيات في مجال الطاقة لكنها تظل مستوردة للنفط، بسبب ارتفاع استهاكها عما تنتجه.

ث�نيً�: ح�ش�ب�ت الربح والخ�ش�رة لدول اأمريك� اللاتينية:

نظراً لأنه لا يمكن فهم أميركا الاتينية ككتلة واحدة، فإن هذا يتطلب تحليل تأثيرات انخفاض أسعار النفط على كل دولة على حدة، خاصة أنه من المستحيل أن نجد موقفاً موحداً حيال هذا الانخفاض، وهو ما سيتم تفصيله فيما يلي: 1- فنزويلا:

يتوقع أن تكون فنزويا أكثر بلدان أمريكا الاتينية تأثراً بانهيار أسعار النفط، نظراً لأن 90% من صادراتها هي صادرات نفطية، وهو ما يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق العالمية، وتتأثر بشدة من الانخفاض الكبير في أسعار النفط،

ومن جهة أخرى، فإن الإنفاق الحكومي لفنزويا كبير للغاية، بسبب تبنيها سياسات اشتراكية تقوم على تقديم الإعانات والمساعدات الاجتماعية لمواطنيها، وهو الأمر الذي يعد حيوياً من أجل الحفاظ على الدعم للحكومة الحالية، وبطبيعة الحال، فإنها تعتمد على صادراتها الخارجية من أجل تمويل هذه السياسات، وبالتالي فإن تراجع أسعار النفط سوف يؤثر سلباً على قدرتها على الاستمرار في سياستها تلك.

ومن جهة أخرى، ازداد الاعتماد الفنزويلي في السنوات الأخيرة على الاستيراد للحصول على المنتجات والسلع الأساسية ليصل إلى مستوى خطير، وهو ما يعني أن الأزمة الحالية تنذر بالتأثير سلباً على قدرة الحكومة على استيراد السلع الأساسية، وبالتالي زيادة العجز الحالي في السلع الغذائية والاستهاكي­ة، كما أن ارتفاع تكاليف إنتاج النفط الفنزويلي، مقارنة بدول الخليج العربي وآسيا الوسطى، يفاقم من التأثيرات السلبية لانخفاض أسعار النفط.

وسيحتاج نيكولاس مادورو– الرئيس الفنزويلي– إلى اتخاذ عدد من الإجراءات والسياسات من أجل تحقيق التوازن في ميزانية العام 2015، خاصة أنها اعتمدت على تقديرات لأسعار النفط أعلى من الأسعار الحالية. وعلى الرغم من تصريح مادورو بأنه سيواصل الضغط حتى الوصول إلى سعر أعلى من 100 دولار للبرميل في أسرع وقت ممكن، فإن ذلك قد لا يكون خياراً واقعياً.

وقد أجرى بانك أوف أميركا مؤخراً دراسة قدّرت أن انخفاض سعر النفط دولاراً واحداً يعني خسارة فنزويا حوالي 770 مليون دولار أميركي، وهو الأمر الذي ينذر بتداعيات اقتصادية شديدة السلبية على المدى المتوسط، ومن الملحوظ أن التداعيات السلبية جراء انخفاض أسعار النفط لا تقف عند التداعيات الاقتصادية، إذ إن هناك تداعيات سياسية، حيث تضرب هذه الأزمة الباد في وقت تدنت فيه شعبية الرئيس الفنزويلي إلى 30%، ووصل التضخم إلى نسبة 60%، وهي الأعلى على مستوى العالم. 2- المكسيك: ياحظ أن التداعيات الاقتصادية لانخفاض أسعار النفط، لم تكن بالقدر نفسه من السوء في الحالة المكسيكية، فعلى الرغم من أنها تعتبر عاشر أكبر منتج للنفط في العالم وأكبر منتج في أميركا الاتينية، فإن ثلث عائدات الباد فقط تعتمد على تصدير النفط، وإضافة إلى ذلك، فإن الاقتصاد المكسيكي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأسواق الولايات المتحدة والتي حققت نمواً أكبر من المتوقع. كما اتخذت الحكومة المكسيكية عدداً من التدابير والإجراءات الاحترازية، والتي تم إعدادها خصيصاً للتحسب لإمكانية التراجع الكبير لأسعار النفط، كما يحدث في الأزمة الحالية، وهي التدابير والإجراءات التي تم تفعيلها فور انخفاض أسعار النفط لما دون ال 80 دولاراً، وهو ما ساعدها على التخفيف من حدة الخسائر المحتملة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن المكسيك قد واجهت بعض التداعيات السلبية، إذ هبطت شعبية إنريك بينا نيتو– رئيس الباد– إلى أدنى مستوياتها منذ توليه منصبه، بسبب تطبيقه خطط إصاح قطاع الطاقة، والتي وضعها في ديسمبر 2013، ودخلت حيز التنفيذ مؤخراً، والتي ترتب عليها رفع أسعار الوقود، وهو الإجراء الذي لقي استياءً من الشعب، وعلى الرغم من توصية صندوق النقد الدولي بزيادة بعض الضرائب، لكن الحكومة المكسيكية رفضت هذا النوع من الإجراءات، إذ إن ذلك من شأنه أن يضعف الإدارة الحالية. 3- كولومبيا: تعد كولومبيا رابع أكبر منتج للنفط في أميركا الاتينية بمعدل يومي يصل إلى مليون برميل يومياً، ولم يكن تأثير انهيار أسعار النفط على الاقتصاد الكولومبي كبيراً كتأثيره على فنزويا، فعلى الرغم من أن أكثر من 50% من الصادرات الكولومبية تعتمد على تصدير النفط، فإن الاقتصاد الكولومبي يعتبر أكثر ثباتاً من الاقتصاد الفنزويلي في مواجهة الأزمة، كما أن معدلات التضخم أدنى بعشر مرات من مثياتها في فنزويا.

وإضافة إلى ذلك، تشكل كولومبيا سوقاً كبيرة ومفتوحة، والسبب الرئيسي لذلك هو اتفاقياتها التجارية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن سعر صرف البيزو– العملة الكولومبية– قد انخفض مقابل الدولار كنتيجة للخسائر الناجمة عن انخفاض عائدات النفط ليصبح الدولار الأميركي الواحد معادلاً ل 2.4 بيزو الآن، وذلك بعد أن كان 1.86 دولار أميركي قبل أربعة أشهر فقط، وعلى الرغم من ذلك كانت هناك انعكاسات إيجابية لانخفاض سعر صرف البيزو، إذ إن ذلك شجع القطاعات الاقتصادية غير النفطية على زيادة الصادرات. 4- البرازيل على الرغم من أن البرازيل ليست لاعباً رئيسياً في سوق النفط، فإن الاكتشافات النفطية الجديدة في حقولها البحرية جعلت منها صاحبة ثاني أكبر احتياطي نفطي في أمريكا الاتينية، وإن لم يدخل حيز الإنتاج الفعلي بعد، ولذا تستورد البرازيل معظم احتياجاتها من النفط، ولذلك فإن انخفاض أسعار النفط سيؤثر إيجابياً على الاقتصاد البرازيلي.

وعلى الرغم من ذلك لم يتم إجراء أي خفض لأسعار الوقود في الباد، وهو ما بررته إدارة الرئيسة ديلما روسيف على أساس أن الأسعار المحلية للوقود أقل من الأسعار الدولية، وبالتالي فإن أي انخفاض في الأسعار الدولية لا يمكن أن ينعكس على الأسعار المحلية، ومن جهة أخرى، فإن هناك مشكلة محتملة قد تواجه البرازيل، وهو أن الإنتاج من حقولها النفطية لن يكون ذا جدوى اقتصادية، إذا تراجع سعر النفط دون مستوى الخمسين دولاراً للبرميل. 5- الأرجنتين: نجد تناقضاً شديداً في الحالة الأرجنتيني­ة، فهي بلد منتج للنفط ويمتلك احتياطيات نفطية، لكنها تستورد معظم

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates