Trending Events

التقلبات المفاجئة:

الآثار المحتملة لانخفاض أسعار النفط على اقتصادات دول الخليج العربية

- د. محمد عبدالسلام المدير الأكاديمي أبوظبي، 1 فبراير 2015

رضوى رضوان

والذي تشكلت أساطيل للتفاعل مع ما يهدده، سواء كان الأمر يتعلق بأمن الممرات المائية، أو أمن المضايق البحرية، أو انتشار القرصنة البحرية في عدة مناطق على أوقات متباعدة، لكن ما يجري يشير إلى تصاعد ذلك، وإلى استهداف جماعات مسلحة لمضايق محددة، أو استهداف جماعات إرهابية لممرات مائية حيوية، وما هو متوافق عليه هو أن هؤلاء لن يتمكنوا من إغاق المضايق من دون عقاب دولي، أو التأثير على الممرات بعمليات منفردة، إلا أنهم يثيرون الأعصاب، ويثيرون الشركات، في ظل توقعات لسيناريوها­ت سيئة.

لكن أكثر ما أثار أعصاب الإقليم في الفترة القصيرة الماضية، عدة تطورات ارتبطت بصور، بعضها صارخ، وبعضها بارد، وبعضها مأساوي، منها ما يلي: 1- صورة الطيار الأردني معاذ الكساسبة، التي شكلت صدمة حقيقية، تحتاج تحلياً مركباً إلى حد ما، فتنظيم "داعش" قام قبلها بأعمال قطع رؤوس بشعة متكررة، ومن يعمل في القوات المسلحة يدرك أنه يحمل رأسه على يديه، ولو كان الكساسبة قد استشهد إثر سقوط طائرته، أو قام "داعش" باستهدافه بعيداً عن الكاميرات، لكن الموقف مختلف تماماً، باستثناء أن دولته ستتعامل معه كمقاتل أدى واجبه واستشهد دفاعاً عن أمن وطنه، وستفخر به أسرته – على الرغم من حزنها- محتسبة إياه عند الله شهيداً بجوار الصديقين.

لكن ما حدث أن "داعش" قامت بعملية حرق أعصاب حقيقية، ببث صور لم يتم الاعتياد عليها لإحراق الطيار في مشهد بربري ذكَّر الجميع بالتتار، أثار الأردن أولاً، ثم المنطقة ثم العالم، وتفجرت أزمة، فقد كان "داعش" يهدف إلى أن يثور الجميع على الحكومة في عمان، وليس على القتلة في الرقة بسوريا، لكن – بمسؤولية نادرة في المنطقة العربية - تمكن الجميع في الأردن من النظر في الاتجاه الصحيح، وتمكنت الدولة من تجاوز أزمة كبيرة بسرعة، لتقرر بعدها "الثأر". 2- صورة إعان الحوثيين الدستوري من قصر الرئاسة في اليمن، فقد كان المشهد لا يصدق، ولم تملك صحف اليوم التالي في المنطقة إلا أن تصف مستقبل اليمن بكلمة "المجهول"، فما الذي أوصل اليمن إلى تلك الصورة تحت سمع وبصر الجميع في الداخل وفي الجوار؟، وهنا لا يملك أحد سوى نظريات، فاستناداً إلى مفاهيم موازين القوى، لم يكن يفترض أن يجرى ذلك على الإطاق، أو بتك الصورة على الأقل، لكن بإدخال مفاهيم عرفتها اليمن في فترات مختلفة، تتركز في التواطؤ، ثم التدخل، ثم "شيء ما خاص باليمن"، يصبح هذا المشهد منطقياً. كانت هذه المسألة مثارة في تفكير "إدارة المجلة" منذ العدد الأول لها، والتي طرحت فيه أربعة أسئلة حول: متى تستقر مصر أمنياً؟ وهل يمكن أن تتجه تركيا إلى الديكتاتور­ية؟ وهل يمكن أن تعتدل إيران؟ ثم السؤال الخاص بما هو مستقبل اليمن؟، ويمكن العودة لتحليل د. فارس السقاف، الذي كان يتسم بمحاولة التفاؤل، متصوراً أن "بعض المنطق" سيسود في اليمن، فهي في النهاية بلده، ولم يكن راغباً في تبني سيناريو أسوأ حالاً، لكن لم تكن الصورة منطقية. 3- صورة اشتباكات استاد الدفاع الجوي في القاهرة، بين جماهير الزمالك والأمن المصري، والتي أدت في نهاية الأمر إلى وفاة حوالي 20 شاباً، في مشهد لم يكن له لزوم على الإطاق، ومهما تمت قراءة الوقائع التي جرت في تلك الساعات المأساوية، توجد صعوبة في فهم المنطق الذي يؤدي إلى وقوع مثل تلك الأحداث، أو تلك الخسائر، في وقت تواجه فيه الدولة والمجتمع معاً واحدة من أصعب فترات جنون عناصر جماعة الإخوان، الذين يبدون وكأنهم يخوضون معركتهم الأخيرة، فما الذي يجعل شباب يتصرفون بتلك الطريقة، فيما يفترض أنه رغبة في مشاهدة مباراة كرة قدم، وما الذي يجعل من درسوا إدارة الأزمات، لا يتحسبون لإمكانية تحول المشكلة إلى أزمة، والأزمة إلى كارثة.

ثم يأتي رد فعل القوى السياسية على ما وقع، ليثير أسئلة أكثر حول الطريقة التي يتم بها فهم ما يجري في الشارع من ناحية، والوضع الذي تمر به مؤسسات الدولة من ناحية أخرى، وهو ما يعيد كل ما طرح بشأن "النخبة" إلى الأذهان ولا مزيد، إلا أنه مشهد آخر يحرق الأعصاب.

إن هناك محاولة جيدة في ملحق "مفاهيم المستقبل" لفهم ما يدور في الدول غير الطبيعية، التي عانت تغيرات راديكالية في السنوات الأخيرة، أدت بمجتمعاتها إلى دخول مرحلة سيريالية، اهتزت فيها كل القيم، وبدا أن كل أشكال التفكير والسلوك قد أصبحت ممكنة أو متاحة، باستخدام مفهوم "الأنومي"، على نحو ما يذكر بعبارة معقدة حول الإيمان لفنان قدير هو أ. محيي إسماعيل في فيلم "الإخوة الأعداء"، المأخوذ من رواية الكاتب الروسي دستروفسكي "الأخوة كارامازوف".

الفكرة ببساطة هي أن الصراع الحالي في الإقليم، في المناطق التي توجد مشكات فيها، هو – كما كان الأمر طوال الوقت - صراع إرادات، لكن بوسائل أخرى، تستخدم فيها كل أساليب حرق الأعصاب، فقد أصبح مفهوماً للجميع أن نهاية الجماعات المتطرفة لن يكون بتصفية عناصرها، فأعدادها كبيرة، لكن بكسر إرادتها، كما تحاول هي أن تفعل مع الدول والمجتمعات، وفي هذه المرحلة يمكن للدول أن تصمد، فمؤسساتها مدربة، على الرغم من أنها يمكن أن تخطئ، لكن المهم هو الحفاظ على صمود وتماسك المجتمعات، ومرة أخرى "المجتمعات".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates