Trending Events

كيف يرى الغرب الإسلام والمسلمين في الوقت الراهن؟..

كيف يرى الغرب الإسلام والمسلمين في الوقت الراهن؟

-

لقاء المستقبل

استضاف مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة الأستاذ ممدوح الشيخ، مدير المركز الدولي للدراسات والاستشارا­ت والتوثيق، في لقاء عام ألقى خاله الضوء على تساؤل مركزي هو: كيف يرى الغرب الإسام والمسلمين في الوقت الراهن؟.

رصد المحاضر مجموعة متنوعة من العوامل، التي تشكل رؤية الغرب للإسام والمسلمين عامة، ومن أبرزها: خريطة الجغرافيا الدينية، وانتشار الصهيونية في أوروبا بعد ظهور المطبعة، ووجود جيل من المهاجرين المسلمين إلى أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، والإرث التاريخي المعقد، والإعام المتطرف، وتصاعد الأزمات الاقتصادية في العالم…إلخ.

اأولاً: من الجغرافيا الدينية اإلى الدول المدن

أكد الشيخ ضرورة استكشاف الحضارة الغربية من منظور معرفي وثقافي، حيث غلبت فكرة الجغرافيا الدينية على العالم في العصور السابقة، وارتبط ذلك بالتحيز الجغرافي وارتباط دين أو مذهب بمنطقة معينة، فقارة أوروبا كانت كاثوليكية بالكامل حتى ظهور المذهب البروتستان­تي.

وفي هذا الصدد يتغافل الأوروبيون عن احتالهم دولاً عربية وإسامية، ولا ينسون أن المسلمين شكلوا القوة العسكرية الوحيدة التي دقت أبواب العواصم الأوروبية تاريخياً، فقد احتل العثمانيون جزيرة البلقان ووقفوا عند أبوب فيينا، إلى جانب الوجود العربي في الأندلس، وهو إرث كونته أوروبا ليشكل نظرة متشككة وأحياناً عدائية تجاه الإسام والمسلمين.

وأشار الشيخ إلى مثال واضح يؤكد هذه النظرة، يرتبط بما أطلق عليه أسطورة دراكولا (المعروف بمصاص الدماء)، وهو ما يحمل منطق الأسطورية في نظرة الغرب للإسام، فدراكولا هو أمير روماني واجه الغزو العثماني بشراسة، وأضحى بطاً تاريخياً لأنه أوقف زحف المسلمين، وتحول إلى مصاص دماء بسبب وحشيته في القضاء على خصومه، مع أن الحقيقة هي أنه أخذ الوصف لأنه كان يتبنى فكرة تقوم على وجود المجتمع القوي المحارب، فتخلص من كبار السن والمرضى والضعفاء لأنهم يمثلون عائقاً أمام خوض الحروب، واشتهر عنه أنه كان يدعو الفقراء إلى مأدبة غداء ويدس لهم السم ليلقوا حتفهم، ولذا لقب ب"مصاص الدماء".

هذه التوجهات تفسر كيفية تشكيل العقلية الغربية تجاه الإسام عبر التعليم، فهي تشكل المصدر الأول لتوجهات الشخص ورؤيته للإسام بصفة عامة؛ إذ تستحضر رموزاً وأفكاراً في الوجدان الغربي مأخوذة من العصور الوسطى تساهم في الرؤية السلبية للإسام والمسلمين لدى الغرب.

ثانياً: الحرب العالمية.. ومتوالية الجيل الثالث

أما في العصر الحديث، وتحديداً خال القرن الماضي، فقد حدث تحول كبير في الرؤى الأوروبية، إذ اختفت فكرة الجغرافيا الدينية بعد وصول المسيحية للصين واحتضان كوريا الجنوبية لأهم المبشرين بالمسيحية في الوقت الراهن، إلى جانب تحول أمريكا الاتينية من الكاثوليكي­ة إلى البروتستان­تية. وفي هذا الإطار تشكلت جغرافيا دينية جديدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى التي شهدت تحالفاً ألمانياً تركياً لاتزال تداعياته واضحة حتى الآن، فقد سمح هذا التحالف بأن يصبح الألمان من ذوي الأصول التركية يشكلون النسبة الأكبر في معدل النمو الديموغراف­ي في عام 2014، وذلك بسبب موجات الهجرة التركية لألمانيا، والتي بدأت مع نشأة هذا التحالف.

أما الحرب العالمية الثانية فقد مثلت تحولاً آخر ساهم في تغيير نظرة العالم الأوروبي للإسام؛ فمع مشروع مارشال لإنقاذ الاقتصاد الأوروبي من خال استقدام عمالة رخيصة من مستعمرات أوروبا في الهند وأفريقيا، بدأت أوروبا تشهد وجوداً سكانياً جديداً تمثل فيما أطلق عليهم "العمال الضيوف"، واعتقد الأوروبيون في

البداية أن وجودهم مؤقت لأنه مرتبط فقط بالإعمار وبناء الاقتصاد من جديد، إلا أن ذلك لم يتحقق؛ فالتاريخ لا يسير دائماً وفقاً للتصورات.

وتمثل تطور المهاجرين عبر ثاثة أجيال مختلفة، وهي:

الجيل الأول؛ الذي شعر بالخوف ومال لاندماج مع المجتمع كما هو من دون أي تغيير.

الجيل الثاني؛ الذي اندمج مع المجتمع، لكنه أخذ وقتاً أطول ليتغير.

الجيل الثالث؛ والذي يمتلك مقومات تعليمية وثقافية جعلته أكثر ثقة وقوة، وبدأ يسعى للبحث عن هويته الأولى لإثبات الذات في المجتمع الغربي، مع تصاعد النزعات التي تعتبرهم دخاء على الغرب.

واعتبر الشيخ أن جزءاً من أزمة المسلمين في أوروبا اليوم يرتبط بالأزمة الاقتصادية، فالمواطن الغربي لا يتقبل أن يحصل مسلم على وظيفه، بينما هو عاطل، فالمسلم أو الأجنبي عامة أخذ حقه حتى لو كان يحمل نفس جنسيته، وهو وتر يلعب عليه اليمين المتطرف بقوة من أجل مكاسب سياسية.

ثالثاً: الهوية الاأوروبية والقيم الانجلو �سك�سونية

أشار المحاضر إلى أن الروافد الثقافية في الغرب مهمة جداً في رؤيته للإسام، فأوروبا تتحكم بالهوية (شارات الهوية)، فالهوية في المجتمع الغربي تمثل أكبر من معناها المباشر، فهي البطل الذي تثار من أجله المعارك. وهنا يظهر الاختاف بين المجتمعات الأوروبية والمجتمعات الأنجلوسكس­ونية؛ فبينما تهتم أوروبا بالهوية تهتم أمريكا بالقيم الجمهورية، ويتضح الخاف بينهما مثاً، في موقف الولايات المتحدة من قانون تحريم الحجاب بفرنسا عندما أدانته الخارجية الأمريكية ووصفته بأنه غير مقبول لتقييده الحريات. وعلى الرغم من الاتفاق السياسي والأيديولو­جي بين الطرفين؛ فإن تداول الحريات مختلف باختاف المرجعية الفكرية لكل منهما (الهوية في مقابل القيم).

وبناء على ذلك يرى الشيخ أن جزءاً كبيراً من المشكلة بين الغرب والإسام وتنامي أسباب التطرف، يرتبط بالخاف حول حدود الأشياء، فالتعددية الثقافية المرتبطة بالقيم يقبلها الأنجلوسكس­وني ولكن لا يقبلها الأوروبي.

رابعاً: الاأخ����طاء الم�ستركة.. ونظ��رة الغرب للم�سلمين

أكد المحاضر أن النظرة العنصرية للإسام يتحمل جزءاً منها المسلم الذي ذهب لأوروبا بأفكار عدائية للغرب الذي يصمه بالكفر ويفضل التأويات الفقهية المتطرفة، فيما يتحمل الغرب الجزء الآخر بسبب النظرة الأوروبية غير الحيادية للإسام، وإلقاء اللوم من السياسيين في أي قضية على المسلمين، بينما يمتلك العرب عبئاً تاريخياً ثقياً يتصل بالاستعمار والصراع الدائم مع إسرائيل والأفكار الدينية التي تؤثر على رؤية العرب للغرب بصورة غير واقعية في أغلب الأوقات.

كما يتحمل الإعام من الطرفين جزءاً كبيراً من المسؤولية، فتشهد الساحة الإعامية الأوروبية كثيراً مناقشات غير موضوعية من خال استضافة من يطلق عليهم "الخبراء الوهميون" للحديث عن الإسام مع أنهم غير متخصصين، ليؤججوا كراهية ثقافة المسلمين.

وفي المقابل تعتمد ثقافة معظم المجتمعات العربية على الاستماع من وسائل الإعام من دون اطاع، وهو ما جعل الإعام محركاً رئيسياً لرؤية الغرب في المجتمع العربي، لتبدو محصلة الأمر أن العربي والغربي يحمان بأفكار مغلوطة عن الآخر من وسائل الإعام التي تفضل الحديث عن التنافس والخاف لا عن الحياد والتقارب، لاسيما مع سيطرة المتطرفين من الجانبين خال السنوات الأخيرة على الإعام الذي أضحى يلعب على إيقاع الأزمات السياسية والاقتصادي­ة وغيرها.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates