Trending Events

مستقبل ”داعش“:

السيناريوه­ات المحتملة لاتجاهات الحرب ضد ”تنظيم الدولة“

- مروة صبحي مدرس مساعد، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة

مروة صبحي

يُعبر نمط الحروب الدائرة في الشرق الأوسط عن ديناميكيات جديدة، خاصة منذ أن تحولت معظم الانتفاضات الشعبية إلى حروب أهلية طاحنة ألقت بظالها المدمرة على مستقبل المنطقة. وأصبحت هذه الحروب ذات صبغة دينية وطائفية بالأساس، خاصة مع تدفق المتطوعين الجهاديين من مختلف أنحاء العالم إلى سوريا والعراق، فضاً عن تفكك الجيوش النظامية لبعض دول المنطقة، واستبدالها بهيمنة الجماعات المسلحة من دون الدول، والتي تقود حروباً لا تؤدي إلى تفكك الدولة الوطنية فحسب، بل تساهم في بناء كيانات فرعية في خروج واضح على الكيان الوطني الجامع. لذلك غلبت على تحليات الباحثين والمتخصصين في عدد من مراكز الفكر والدوريات الغربية الاهتمام بقضية التنظيمات المسلحة العابرة للحدود الوطنية وعلى رأسها تنظيم "داعش"، ومحاولة تقديم تنبؤات وسيناريوها­ت لما سيكون عليه التنظيم في العام الجديد، بالإضافة إلى تقييم الاستراتيج­ية الأمريكية في التعامل معه، وطرح استراتيجيا­ت بديلة لمواجهته عسكرياً وفكرياً، وكذلك تحليل ما يمكن أن يترتب من آثار في حالة هزيمة "داعش"، وتبعات ذلك على إعادة هيكلة التوازنات الإقليمية في المنطقة.

اأولاً: هل فقد تنظيم «داع�ض» زخمه؟

حقق تنظيم "داعش" خال الأشهر القليلة الماضية انتصارات ملحوظة على الأرض، وخشي مراقبون حينها من سقوط بغداد التي كانت معرضه لذلك. وعلى الرغم من تلك الانتصارات، فإن مقالة ديفيد جارتيشتاين روس( الأستاذ المساعد في برنامج الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون، أكد أن التنظيم قد وقع في العديد من الأخطاء الاستراتيج­ية تقوده إلى التداعي والانهيار، فالزخم الذي حصل عليه التنظيم كان بسبب مواجهته أعداء متشرذمين وضعافاً، وقد بلغ هذا الزخم ذروته في أوائل أغسطس 2014 لكنه توقف حالياً، إذ يواجه التنظيم مجموعة كبيرة من الخصوم، شملت الحكومة العراقية، والنظام الإيراني، والجماعات الجهادية الأخرى، مثل جبهة النصرة، وائتاف الجماعات السنية المسلحة التي تضم أعضاء سابقين في حزب البعث العراقي، كذلك النخبة السنية الساخطة في العراق.

ويشير إلى أن التنظيم بدأ يفقد حلفاءه نتيجة خيانته للجماعات التي ساعدت في تقدمه من قبل، وذلك عندما أعلن أبو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم، في بيان تأسيس الخافة: "أن مشروعية جميع مناطق الدولة والجماعات والتنظيمات، من دون سلطة الخافة لاغية". ويشير البيان بوضوح إلى أن "داعش" قد اغتصبت سلطة حلفائه. إلى جانب ذلك، سادت حالة جنون العظمة التي أصابت قادة التنظيم، حيث نفذوا العديد من الإعدامات لمقاتليهم في الموصل وأماكن أخرى لاشتباه في تجسسهم على التنظيم لصالح جهات أخرى، وهذا ما اعتبره روس بداية انهيار التنظيم.

كذلك ارتكب "داعش" خطأً أكبر في بداية أغسطس 2014، عندما شن عملية توغل مفاجئة داخل الأراضي

الكردية في العراق مصاحبة بحملة إبادة جماعية وتهجير ضد الأقلية اليزيدية، كانت تلك العملية لا طائل منها من وجهة النظر العسكرية، حيث لم تشكل قوات البيشمركة في أقاليم كردستان خطراً على الخافة الوليدة. هذه القرارات، جنباً إلى جنب مع قطع رؤوس الصحفيين الأمريكيين ساعدت على إضافة أعداء جدد إلى التنظيم.

من جانبه يرى بول بيار( أن وحشية "داعش" غير المسبوقة ساهمت في عزله، إذ تتصاعد المعارضة المحلية ضد التنظيم، وافتقاره لأن يكون قدوة مثل أسامة بن لادن، فضاً عن فشله في إدارة الدولة، إذ عبر السكان المحليون عن استيائهم من افتقارهم للخدمات العامة، وقيام التنظيم بنهب الموارد المحلية، وشغفهم بالسيطرة على مناطق النفط. عاوة على ذلك، يفتقر "داعش" إلى قاعدة صناعية تعزز من قدراته العسكرية، كما تقلصت موارده المالية والعسكرية نتيجة الضربات الأمريكية الجوية لعدد من البنى التحتية لتكرير النفط.

في مقابل السيناريو الباعث على أمل انتهاء التنظيم، تطرح "لينا الخطيب") سيناريو مضاداً، إذ ترى أنه على الرغم من بعض المؤشرات الدالة على انهيار التنظيم خال هذا العام، فإن واقع الأمر يدلل على سيناريو تحوله وليس انقراضه، إذ لدى التنظيم عناصر تجديد ذاتية مصدرها المجاهدون الأجانب، والسوق السوداء لبيع النفط، فضاً عن تقرب عدد من القبائل السنية السورية المقاتلة ضد نظام الأسد، تلك العوامل ترجح تغيير أسلوب عمل التنظيم، والمتمثل في تحوله من منظمة مركزية إلى متعددة الفروع. وما يدلل على ذلك، أن عام 2014 قد شهد عدداً من الهجمات الإرهابية في بلدان خارج سوريا والعراق ربطها المهاجمون بداعش، مع أنها لا يد لها فيها، ولكنها أيدتها. ومن أحدث الأمثلة على ذلك الهجوم الإرهابي في استراليا في ديسمبر 2014. كما أن الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف لن تؤدي سوى إلى احتواء التنظيم وليس القضاء عليه، وتنتهي الخطيب إلى نتيجة أكثر أهمية وهي أن العامل الرئيس وراء بقاء "داعش" هو بقاء نظام الأسد. فطالما لا توجد خطة لانتقال السياسي في سوريا تعزز القدرات السياسية والعسكرية للمعارضة المعتدلة، فإن التنظيم سيستمر في البقاء.

ثانياً: نجاح تكتيكي واإخفاق ا�ستراتيجي في مواجهة «داع�ض»

جاءت هزيمة "داعش" على رأس أولويات أجندة وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر لعام 2015، وفي هذا الإطار يؤكد العديد من النقاد أن السياسة الحالية من الضربات الجوية الأمريكية المحدودة لا تكفي لهزيمة أو حتى إضعاف التنظيم، ومن ثم اعتبر كل من روبرت بيب، وكيفن روبى، وفينيست باور) أن تلك السياسة قد تكون عاجاً ولكنها فعلياً أسوأ من المرض، فهي حل مؤقت على المدى القصير.

على الرغم من توجيه أكثر من 1200 ضربة جوية من دون طيار إلى معاقل "داعش"، فإن هناك تساؤلات حول مدى فاعلية هذه الضربات؟ وفي هذا الإطار عرض بيب، وروبي، وباور قاعدتين أساسيتين لتقييم فعالية الضربات الجوية، الأولى ارتكزت على أساس تكتيكي من حيث نجاح الضربات في تدمير مقاتلي وعتاد "داعش"، وارتكزت الثانية على أساس استراتيجي من حيث مدى قدرتها على إحباط أهداف "داعش" في المنطقة. من جانب آخر اتفقوا على أن الضربات الجوية كانت فعالة على المستوى التكتيكي، إذ دمرت عدداً لا يحصى من معدات وكوادر التنظيم، وعطلت البنية التحتية المنتجة للنفط، ولكن لم تطل نجاحات الضربات على المستوى التكتيكي الأهداف على المستوى الاستراتيج­ي. إذ إن الضربات الجوية قد فشلت في شل قدرات "داعش" وتدميرها، ومن ثم تحتاج الولايات المتحدة لوضع استراتيجية جديدة. وبالنظر إلى أهداف داعش في المنطقة، فإن التنظيم يعلن عن هدفين أساسيين هما: توسيع وترسيخ السيطرة "Expansion and Consolidat­ion of Control ،" وقد نجحت الحملة الجوية في التصدي للهدف الأول، والمتمثل في توسيع حدود "داعش" على الأرض (المستوى التكتيكي). ولكنها فشلت في التصدي للهدف الثاني، والمتمثل في ترسيخ وجودها في المناطق ذات الأغلبية السنية (المستوى الاستراتيج­ي).

ومن ثم فقد نجحت الحملة الجوية في التصدي لتحرك داعش نحو الأراضي الكردية والشيعية باستخدام تكتيك "المطرقة والسندان"، حيث حصر "داعش" بين خيارين، إما أن تختار تركيز قواتها لتحقيق تفوق على القوات البرية المعارضة، ومن ثم تتضرر من قبل القوات الجوية الأمريكية "المطرقة"، أو أنها يمكن أن تتجنب الضربات الجوية عن طريق تشتيت قواتها إلى وحدات صغيرة، ومن ثم تكون عرضه للهزيمة من قبل القوات البرية المعارضة "السندان"، وفي كلتا الحالتين يخسر "داعش". ويمكن أن يقدم تكتيك المطرقة والسندان نهجاً معقولاً لدحر سيطرة "داعش" على المناطق السنية، في حالة إدماج العنصر السني في القتال ضد التنظيم في العمليات البرية. إذ أظهرت القوات الشيعية والكردية عدم استعدادها لتحمل تكلفة استرداد المناطق السنية المسيطر عليها وحدها.

وفي إطار إعادة النظر في الاستراتيج­ية الأمريكية، يقترح بيب، وروبي، وباور، استراتيجية ترتكز على ثاثة عناصر أساسية تستكمل عمل تكتيك "المطرقة والسندان"، وهي: - العنصر الأول: استمرار استخدام الولايات المتحدة الضربات الجوية في سوريا والعراق، مع نشر القوات الخاصة لدعم الحلفاء المحليين، على الحدود الخارجية لأقاليم "داعش" لتقليل مخاطر وقوع الجنود الأمريكيين في أيديهم. - العنصر الثاني: ينبغي على الولايات المتحدة تأمين اتفاق تقاسم السلطة بين الحكومة العراقية والقبائل السنية لتسمح بالمزيد من الحكم الذاتي للأقاليم السنية، مثل التي منحت للأكراد العراقيين، وذلك من أجل القضاء على المخاوف السنية من استبدال هيمنة "داعش" بهيمنة الشيعة، بالإضافة إلى أن ضمان السيطرة السنية على قوات الأمن والشرطة سيكون عنصراً مهماً في ذلك الاتفاق. - العنصر الثالث: التوسع في الضربات الجوية للحد من قدرة "داعش" على تحريك قوات كبيرة لها بحُرية بين سوريا والعراق، إذ إن الضربات الجوية لا يمكنها أن تغلق الحدود تماماً، ولكنها ستوفر ضمانات أمنية ذات مصداقية لسُنة العراق أن سُلطة "داعش" عليهم محدودة.

ثالثاً: اأبعاد غير ع�سكرية لمواجهة «داع�ض»

أما الأمير زيد رعد الحسين "المفوض السامي لحقوق الإنسان"( فقد ذهب إلى أنه لا ينبغي أن تتخذ الحرب ضد تنظيم "داعش" والجماعات المتطرفة طابعاً عسكرياً فحسب، إنها أكثر من ذلك، إنها معركة فكرية أيديولوجية في المقام الأول، وأنه عند إدراك أن الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام، وجبهة النصرة، وداعش، وطالبان، والقاعدة، تتبع أيديولوجية تكفيرية متشابهة، فعندئذ يمكن البدء بالعمل في الإطار الصحيح لمكافحة أيديولوجيت­ها، فجميع هذه الجماعات الإرهابية على اختاف أشكالها وتنظيمها هي تنطلق من منطلق تكفيري متشابهة، وبالتالي يجب التعامل معها أيديولوجيا من هذا المنطلق.

ومن هنا يثار التساؤل: كيف يمكن للولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد "داعش" مواجهة خطاب الجماعة العنيف؟ وفي ذلك تجيب منال عمر) الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الأمريكي للسام، أن الولايات المتحدة لا تستطيع ذلك، وربما ليس عليها المحاولة من الأساس. فبينما تحاول الولايات المتحدة صياغة استراتيجية لمواجهة الحرب الدعائية مع الحرب العسكرية التي تشنها ضد "داعش"، ينبغي عليها أن تفكر بجدية، فيما أطلقت عليهم عمر "الرسل المحليين" "Local Voices ،" هم القادة المعتدلون للمجتمعات التي تشهد وتعيش مع الجماعات المتطرفة والذين باستطاعتهم توعية الشباب بتطرف وإرهاب تلك الجماعات حتى يوقفوا مسلسل تجنيدهم. لكن عمر في المقالة لم تدخل في نقاش كيفية اختيارهم ومعايير ذلك، لأنهم هم الذين باستطاعتهم تفريغ رسائل المتطرفين من محتواها بمصداقية، وتوفير بدائل سلمية للمشاكل التي من شأنها تأجيج حماس المتمردين المحتملين، فالمواجهة المباشرة للولايات المتحدة في الحرب الدعائية ضد الجماعات المتطرفة يمكن أن تؤتي نتائج عكسية إذ يمكنها أن تقدم من دون قصد مساحة أوسع لجهود الجماعة في التجنيد، كما يمكنها أن تضفي مصداقية على خطاب المتطرفين، كونهم مركز غضب الولايات المتحدة والغرب.

وتوضح عمر أن هناك حقيقتين رئيستين ينبغي وضعهما في الاعتبار عند النظر في كيفية محاربة دعاية الجماعات المتطرفة: أنه يجب على الولايات المتحدة توفير مساحة وصوت لهؤلاء الرسل المحليين، فمهما كان الخطاب الأمريكي قوياً ومدعوماً مادياً وتكنولوجيا، لن يُستقبل أبداً بطريقة الرسائل نفسها التي يقوم بها ممثلون أصليون من داخل المجتمعات المحلية المتضررة نفسها، إذ يمكن اعتبار تدعيم الرسل المحليين استراتيجية بديلة لمكافحة التطرف المحتمل مستقباً.

الحقيقة الثانية أنه لا ينبغي أن يقتصر الأمر على الرسل المحليين، بل يمتد الأمر كذلك إلى المجتمع المسلم الأمريكي والغربي على حد سواء، خاصة استغال "داعش" والجماعات المتطرفة للعنصرية التي تمارس ضدهم لتجنيدهم، وهو من أهم أسباب استقطاب "داعش" للمحاربين الأجانب، وبالتالي إذا أرادت الولايات المتحدة أن تعزز الأصوات السلمية في الخارج بفاعلية، فعليها أن تكون صادقة حول واقعها السياسي والتخلي عن سياسة ازدواجية المعايير خارجياً.

رابعاً: «داع�ض» واإعادة ت�سكيل التوازن الاإقليمي والدولي في المنطقة

على مستوى التوازنات الإقليمية والدولية في المنطقة، أعاد ظهور "داعش" تعريف مواقف القوى الإقليمية والدولية، إذ مع احتمال امتداد خطر "داعش" خارج حدود سوريا والعراق، كان على القوى الإقليمية، مثل تركيا، وإيران، والسعودية، أن تعيد حساباتها، وقد عرض "جورج فريدمان"( رئيس مؤسسة ستراتفور في مجال الاستخبارا­ت العالمية، تحلياً لأهم تلك التحولات، إذ يرى أن تركيا هي الأكثر تعرضاً لخطر "داعش"، نظراً لأن النزاع يجري على طول الحدود التركية الجنوبية، كما أنها لا تريد أن توجد "داعش" ضغطاً على أكراد العراق ليكونوا جبهة موحدة مع أكراد تركيا، فتضع تلك التهديدات تركيا على المحك. كما تريد تركيا الإطاحة بنظام الأسد، وأن تحل محله نظاماً سنياً موالياً لتركيا، وهو ما يثير مخاوف الولايات المتحدة خشية فتح الباب لنظام سني جهادي، وبالتالي إذا رفضت الولايات المتحدة مطلب تركيا بإزالة النظام السوري، فإنها سترفض مشاركة الولايات المتحدة في العمليات العسكرية ضد "داعش".

أما عن الدور الإيراني، فقد أعاد ظهور "داعش" تعريف دورها الإقليمي، إذ هدد مصالح إيران المتمثلة في الحفاظ على نظام الأسد والحكومة العراقية المواليين لها، إذ خاضت إيران حرباً ضد العراق تحت سيطرة السنة في الثمانينيا­ت

وهي تتجنب عودة تلك الحرب مرة أخرى. وهنا تقاطعت مصالح كل من الولايات المتحدة وإيران في هدف القضاء على "داعش" وهو ما انعكس على تمديد مدة المحادثات بين البلدين بشأن المسألة النووية الإيرانية، إذ كان من المستحيل التوصل لتلك النقطة من التقارب فيما سبق. ويعتبر التقارب الجديد بين الولايات المتحدة وإيران تهديداً محتماً للسعودية وحلفائها من دول الخليج، إذ إن ترسيخ الوجود الإيراني في المنطقة يزعزع استقرار السعودية عبر الشيعة هناك، كما تعتبر الولايات المتحدة الضامن الأمني في منطقة الخليج، وذلك ما دفع السعودية وحلفاءها لتقليل اعتمادها على واشنطن بشأن حمايتها.

وقد استغلت روسيا تلك الأحداث لتعيد تركيز وجودها في المنطقة، خاصة تحسين عاقاتها مع الدول الخليجية، وعلى الرغم من ذلك، اعتبر "صامويل شارب"( الباحث المتخصص في الشأن الروسي بمعهد IISS، أن روسيا ليست جديرة بأن تحل محل الولايات المتحدة في المنطقة، نظراً لعدم بنائها تحالفات عسكرية، ولم تقدم ضمانات أمنية لدول المنطقة، وعلى الرغم من النمو الاقتصادي الذي حققته موسكو فإنها تفتقر إلى الموارد الازمة لتتنافس مع قوة الولايات المتحدة.

أما مايكل نايبي أوسكوي) فتوقع أن المصالح العربية للدول السنية ستشهد إعادة تنسيق نحو قبول أوسع للإسام السياسي المعتدل. وذلك بسبب تصاعد حدة الوجود الإيراني في المنطقة، والرغبة في إقامة نظام سياسي سني في سوريا بعد رحيل الأسد، مع تطرف الجماعات السلفية التي كانت تتلقى دعماً من بعض دول الخليج فيما سبق، وبالتالي فهو يتوقع أن القوى البديلة المحتملة لمواجهة "داعش" في تلك المرحلة هي دعم الخليج للإخوان المسلمين في سوريا على اعتبارهم جزءاً من الإسام السياسي المعتدل، وهو الأمر الذي قد يغير من التوازن الإقليمي في المنطقة.

خام�ساً: ماذا بعد هزيمة «داع�ض»؟

عند استعارة كلمات الرئيس أوباما، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها هي أقرب إلى تفكيك "داعش" وليس تدميره كلياً، حيث تشير تلك الكلمات إلى احتمال وجود القوات الأمريكية في العراق بعد هزيمة "داعش" لأمد بعيد، ووفقاً لما أكده "جيمس جيفري") سفير الولايات المتحدة في العراق بين 2010 – 2012، فإن إقامة سام مستدام في العراق بعد هزيمة "داعش" ينبغي أن يتم تحت مراقبة الأمم المتحدة وبدعم من القوات الأمريكية.

وعلى المنوال ذاته، يرى "جوبال راتنام") أنه من غير المرجح أن يتم تنفيذ هجوم بري واسع النطاق ضد "داعش" في وقت قريب، إلا أنه أكد ضرورة وجود قوات دولية لحفظ السام المجتمعي في الباد، بالإضافة إلى منح القوات الأمريكية دور أكبر في مواجهة "داعش" بجانب القوات الكردية والسنية، إذ إن التداعيات الإيجابية التي قد تسببها هزيمة "داعش" ستعتمد على النجاح الأمريكي في العمل والتنسيق مع الفصائل الرئيسية في العراق وحلفائها، وذلك من خال إنشاء بنية مستقرة للتعاون المشترك بين الشيعة والسنة والأكراد، وحتى لا تكون القبائل السنية عرضة لاستغال من قبل الجماعات الجهادية نتيجة إقصاء الحكومة العراقية الشيعية لهم، كما حدث مع حكومة نوري المالكي.

غير أن "نيكولاس هراس") الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد، حذر من عواقب الإبقاء على القوات الأمريكية في العراق لفترات بعيدة خشية ردود الفعل الغاضبة التي خلفها الغزو الأمريكي للعراق في منطقة الشرق الأوسط منذ العقد الماضي، ومن ناحيته قيم "جوبال راتنام" سياسة إدارة أوباما بأنها سياسة غير متماسكة، بحيث أضعفت قوة المتمردين المعتدلين، وأكسبت الجماعات المتطرفة اليد العليا.

عاوة على ذلك، لم تتطرق التحليات إلى مستقبل الدولة الوطنية في المنطقة مع تصاعد مؤشرات ظهور الدول الهشة في العديد من دول المنطقة إثر تفكك جيوشها، وهيمنة الجماعات الإرهابية المسلحة وارتفاع كفاءتها القتالية، واشتداد حدة الصراع الطائفي والعرقي، ما يؤشر على احتمال قيام كيانات من دون الدولة مع تفتت الأخيرة.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates