Trending Events

ولد في أوروبا:

الجيل الثالث من المهاجرين المسلمين هالة الحفناوي

- هالة الحفناوي منسق وحدة التفاعلات المجتمعية، بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة

يتصاعد دوماً عقب كل عملية إرهابية في أوروبا يكون القائم بها مسلمون، الحديث عن أسباب تطرف بعض المنتمين للجاليات المسلمة، وانخراطهم في العمليات الإرهابية، وغالباً ما تعمد أغلب الاتجاهات لإلقاء اللوم على سياسات ”الإدماج“، وفشلهم في إدماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية.

ولعل العمليات الإرهابية التي شهدتها فرنسا مؤخراً، والتي راح ضحيتها حوالي 17 شخصاً، فضاً عن إعان روب وينرايت– رئيس جهاز الشرطة الأوروبية "أوروبول"– أن نحو 5000 شخص من مواطني الاتحاد الأوروبي انضموا إلى صفوف الحركات الجهادية، أعاد الحديث مجدداً عن مشكلة اندماج المسلمين في الدول الأوروبية، خاصة أبناء الجيلين الثاني والثالث(1).

اأولاً: المجتمعات الم�سلمة في اأوروبا

يبلغ عدد المسلمين في أوروبا أكثر من 20 مليون نسمة، وفقاً لإحدى الإحصاءات التابعة لمركز بيو للأبحاث (Pew research )، بحيث يشكلون حوالي 6% من إجمالي عدد السكان، وهم بذلك يمثلون أكبر أقلية داخل أوروبا، غير أن معدل المواليد لدى المسلمين في أوروبا يبلغ 3 أضعاف معدل المواليد لغير المسلمين، وتذهب بعض التقديرات للقول إن حجم المسلمين في القارة الأوروبية سوف يبلغ حوالي 20% من أجمالي السكان الأوروبيين بحلول )2 2050).

ترتكز النسبة الأكبر من المسلمين في غرب القارة الأوروبية، إذ يقدر عدد المسلمين في ألمانيا بحوالي 4.76 مليون نسمة، تليها فرنسا بحوالي 4.71 مليون مسلم، فضاً عن 2.96 مليون مسلم في بريطانيا، وتتسم الجالية المسلمة في أوروبا بأنها جالية شابة مقارنة بالأوروبيي­ن، إذ يقعون في الفئة العمرية المتوسطة، وذلك في مقابل متوسط عمر يقدر بحوالي 42 عاماً للأوروبيين المسيحيين(3).

وقد جاءت أغلب هجرات المسلمين إلى أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتي خرجت أوروبا منها مدمرة، فقد كانت هناك حاجة ماسة لجلب عمالة خارجية، في ظل ندرة الأيدي العاملة الوطنية، وذلك لبناء أوروبا من جديد، واعتمدت الدول الأوروبية في ذلك على جلب عمالة من مستعمراتها السابقة، فجاءت اتجاهات الهجرة وفقاً للتاريخ الاستعماري لأوروبا، حيث توافد الأتراك على ألمانيا، وأتت بريطانيا بعمالة من باكستان والهند وبنجاديش، واعتمدت فرنسا على مهاجرين من الجزائر والمغرب، واعتمدت إسبانيا على المغاربة.

وقد أطلق على هؤلاء العمال اسم "العمال

الضيوف" (Guest Workers )، إذ لم تفترض بقاء تلك العمالة، وبالتالي لم يتم التفكير في دمجهم في المجتمع، إلا حديثاً، بل إن الدول الأوروبية على العكس، كانت تسعى جاهدة للحفاظ على الصفة المؤقتة للعمال المهاجرين(4( في انتظار عودة العمالة بعد إنهاء عملها، ولكن وبعكس التوقعات، فإن ما حدث هو أن هذه العمالة استقرت في أوروبا)5،( وظهر ما عرف بالجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين واللذين أصبحا يمثان أكبر جالية مهاجرين في أوروبا الآن.

ثانياً: �سيا�سات اإدماج المهاجرين

عندما أصبح المهاجرون ذو الأصول الإسامية حقيقة واقعة في حياة المجتمعات الغربية، بدأت الحكومات في البحث عن سبل لإدماجهم، وقد طورت كل دولة النموذج الخاص بها، وفقاً لرؤيتها حول كيفية الإدماج، غير أنه يمكن تصنيف السياسات التي اتبعتها الدول الأوروبية لثاث سياسات أساسية هي: 1- سياسة الاستيعاب (Assimilati­on): وقد تبنت فرنسا هذه السياسة، وتقوم هذه السياسة على ضرورة استيعاب الجميع الثقافة الفرنسية العلمانية مع تعزيز فكرة المواطنة كأداة أساسية لاندماج)6،( وهو الاتجاه الذي يفصل بصرامة بين الدين والدولة، ويضمن لكل فرد حق التعبير عن معتقداته، ولكن مع استبعاد الدين عن السياسات العامة، فا تحمي فرنسا الجماعات الدينية أو تميزها، فعلى سيبل المثال، لا تتبع أي من أنظمة الكوتا للحفاظ على نسبة تمثيل للأقليات الدينية، بل إن توجهها يسير وفق معتقد أن الحقوق المتساوية تقود إلى الفرص المتساوية، كما أن التعددية الدينية وفق النموذج الفرنسي لا يجب ممارستها داخل المجال العام، فالجميع يفترض بهم أن يتبنوا قيم فرنسية وأن يتعلموا ويتحدثوا اللغة الفرنسية) 7 ). 2- التعددية الثقافية (Multicultu­ralism): وقد تبنته بريطانيا، والذي يدعم الحريات الدينية ويحترم الاستقالية الثقافية(8،( فعلى العكس من فرنسا، تسمح بريطانيا بممارسة المعتقدات في المجال العام، ولا توجد قيود على ارتداء الحجاب مثاً في المؤسسات العامة، ووفقاً لبعض التحليات، ساعدت هذه السياسة على تعزيز قيم التعددية. 3- سياسة وسط بين النموذجين السابقين: ومثال ذلك ألمانيا، والتي مزجت بين النموذجين مع التركيز على مفهوم المواطنة)8،( وذلك بعد أن كانت السياسات الألمانية صارمة إلى حد بعيد، لا تسمح بقدر كبير من التعددية، ولكنها بذلت جهوداً في الآونة الأخيرة نحو الوسطية خاصة تجاه المجتمع التركي داخلها، الذي يمثل نسبة كبيرة داخل ألمانيا.

ومن الملحوظ هنا أن سياسات الاستيعاب والتعددية الثقافية لم تكن كافية، من وجهة نظر البعض، في تحقيق الاندماج الكافي للأقليات المسلمة في المجتمعات الأوروبية، بدليل أن كاً من بريطانيا وفرنسا شهدتا عمليات إرهابية قام بها مسلمون من الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين.

ثالثاً: فئات المتطرفين

لفتت الأحداث الأخيرة في أوروبا وغيرها من الأحداث إلى التطرف الكامن داخل أوروبا، حيث أصبحت العمليات الإرهابية تتم من أفراد ولدوا ونشأوا داخل المجتمع الأوروبي، وهم في الغالب من أبناء الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين الذين يئسوا من جدوى محاولات الاندماج(9)، أو رفضوه من الأساس، ويتم تقسيم المتطرفين من المسلمين المقيمين في أوروبا إلى ثاثة أنماط: • الغرباء (outsiders) أو الجيل الأول من المهاجرين: الذين هاجروا إلى أوروبا حديثاً لأسباب مختلفة، تتعلق بالعمل أو التعليم أو طلباً للجوء السياسي، وكذلك يندرج تحت هذه الفئة الأئمة المتطرفون القادمون من الدول الإسامية، والذين يوجهون بخطبهم المسلمين نحو التشدد والتطرف. • الداخليون (Insiders): وهم الجيان الثاني والثالث من أبناء المهاجرين الذين ولدوا وتعلموا في أوروبا، أي أنهم مواطنون أوروبيون، ولكنهم شعروا بالاغتراب، واتجهوا نحو التدين ثم التطرف. • المتحولون، أو الذين ولدوا من جديد(New Born ): ويقصد بتلك الطائفة أولئك الذين جاءوا إلى أوروبا بغرض التعليم أو العمل، واندمجوا في المجتمع الأوروبي، وتحدثوا لغة البلد المستضيف بطاقة، بحيث لا توجد عوائق لتفاعلهم داخل الدولة، فضاً عن نجاحهم في إثبات ذاتهم، غير أنهم عند لحظة معينة، تحولوا للتطرف بصورة مفاجئة، ومن أهم أمثلة هذه الفئة "محمد عطا" الذي تورط في أحدث 11 سبتمبر 2001، فهؤلاء لم يكونوا في الأصل متطرفين في بلدانهم الأصلية في الشرق الأوسط ولكنهم تطرفوا أثناء وجودهم في أوروبا(10).

وسوف يتم التركيز هنا على الطائفة الثانية، أي الجيلين الثاني والثالث من أبناء المهاجرين، الذين خضعوا لسياسات الإدماج الأوروبية على اختافها، ولكنهم على الرغم من ذلك تحوّل بعضهم للتطرف.

رابعاً: اأ�سباب ف�سل �سيا�سات الاندماج الاأوروبية

يمكن القول إن أسباب فشل سياسات الإدماج الأوروبية تعود بصورة أساسية إلى رفض قطاع من أبناء الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين لطريقة الاندماج المفروضة من جانب الدول الأوروبية، بالإضافة إلى وجود رفض من جانب بعض المجتمعات الغربية للمسلمين وإدماجهم في المجتمع الأوروبي، باعتبارهم مصدر تهديد أساسياً، وذلك على النحو التالي: 1- اختاف التصورات حول حدود الاندماج: يُرجع أحد التفسيرات حول تصاعد مشكلة الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين في أوروبا إلى رغبتهم في الاندماج في المجتمع الذي ولدوا ونشأوا فيه، ولكن من دون أن يضطروا لأن يتنازلوا عن معتقداتهم أو حقوقهم، وهنا تبرز

المشكلة، خاصة في الدول التي تتبنى سياسة الاستيعاب، إذ تبدأ المشكلة والتنازع بين حدود الاندماج التي تضعها الدولة، وبين حدود الاندماج التي يسعى إليها أبناء الجيلين، الذين يرون أنفسهم مواطنين كاملي الحقوق.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجيل الأول اعتاد التقوقع مع أقرانه من الأقلية المسلمة، والتعامل مع مجتمع الأغلبية عند الحاجة، دون الاهتمام بالاندماج بشكل كبير مع مجتمع الأغلبية، أي أنهم يعيشون فيما عرف بالمجتمعات الموازية، أو الجيتوهات، وفي مقابل ذلك، فإن أبناء الجيلين الثاني والثالث لا يرغب في حصر نفسه في هذا المجتمع الصغير، إذ يرى نفسه جزءاً من المجتمع الكبير، الذي ولد ونشأ فيه، ويتحدث لغته، ويفهم ثقافته، ولديه الحق كمواطن في التمتع بامتيازاته كافة، ومن ثم يسعى إلى الاندماج فيه، ولكن بطريقته، إلا أنه يصطدم بطريقة الاندماج التي تنتهجها الدولة، والتي قد تطلب منه التنازل عن هويته، والانساخ في ثقافة المجتمع الأكبر كشرط للقبول به، وهو ما يعزز عزلته.

وتتفاقم هذه المشكلة مع تبني كثير من السياسيين الأوروبيين النظرة القائلة إن المسلمين المندمجين الذين يشاركون في الحياة السياسية هم هؤلاء الذين استطاعوا التخلي عن معتقداتهم وإيمانهم. وفي ألمانيا، على سبيل المثال، شاع استخدام مصطلح مسلم ثقافياً (Kultur Muslim )، أي الأفراد المسلمون الذين لا يُظهرون معتقداتهم وإيمانهم(11،( باعتبارهم تخلوا عن هويتهم المسلمة مقابل الأوروبية، ومن ثم تقوم هذه النظرة على أحادية الهوية، أي إما أن يكون الشخص مسلماً غير مندمج، أو أوروبياً مندمجاً.

ومن ناحية أخرى، يشعر أبناء الجيلين الثاني والثالث بأنهم مرفوضون من الثقافة الأوروبية، حينما يكتشفون أنهم مهما كان الأمر فإنه ينظر لهم باعتبارهم "غرباء" حتى وإن كانوا مواطنين أوروبيين من الجيل الثالث من المهاجرين، وذلك بدءاً بالمامح الجسدية ولون البشرة، وليس فقط بسبب الثقافة، ففي هولندا يطلق على من ليس أبيض البشرة "الغريب" (Allochtoon).

وترتب على ذلك أن المجتمع الأوروبي دفع من دون قصد في اتجاه تمسك أبناء الجيلين بالهوية الإسامية على حساب الهويات الأخرى بسبب تلك الثنائية، فقد لاحظت إحدى الدراسات أن الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين، لم يعرفوا أنفسهم وفقاً لجذور آبائهم القومية، ولا بكونهم أوروبيين، وإنما يعرفون أنفسهم أولاً بكونهم "مسلمين"، أي أن انتماءهم الديني أقوى من الإثني(12). 2- الشعور بالتهديد الوجودي والقيمي من الإسام: تبرز المشكلة الثانية في قطاع من المجتمع الغربي، الذي يتبنى صورة عقلية سلبية عن الإسام يملؤها الخوف والشعور بالتهديد، إذ يرون أن المسلمين هم الأقلية الصاعدة في أوروبا، والتي تحمل منظومة قيم اجتماعية ومعتقدات مغايرة تماماً لتلك التي يؤمن بها الغرب(13،( ولايزال ما يعتبرونه من "احتال العرب للأندلس" عالقاً في الذاكرة الأوروبية، فضاً عن التاريخ الصراعي بين أوروبا المسيحية والمسلمين، وسعى الأوروبيون لإيقاف التمدد الإسامي العثماني في فيينا، وهي حوادث تاريخية لاتزال راسخة في الذهن الأوروبي، ويتجلى أحياناً في التشكيك في مدى التوافق بين ثقافة "المسلمين" وقيم الحرية وغيرها من القيم الأوروبية، ويعبر عن هذا التيار اليمين المتطرف(14،( وهو تيار بدأ مؤخراً يحصد مزيداً من الشعبية.

وقد ظهر هذا البعد في كلمات هيلموت شميت– المستشار السابق لألمانيا– في مذكراته الصادرة في العام 2004، إذ ذكر فيها أنه "ندم" على سماحه بدخول العمالة المهاجرة المسلمة لألمانيا، إذ كان واضحاً أنه لا يمكن أن يحدث تسامح بين المسيحية والإسام(15،( كما أنه أشار إلى أنه "لا يمكن أن يحدث تعايش بين المسلمين والمسيحيين إلا في الدول المستبدة مثل سنغافورة".

من ناحية أخرى، يرى كثير من السياسيين أن وجود الأقلية المسلمة في أوروبا بمنزلة انتكاسة للصراع الأوروبي ضد سلطة "الكهنوت"، خاصة مع رؤيتهم أن الإسام يرفض الفصل بين الدين والدولة(16).

وقد أدت هذه الخلفية في الذهن الأوروبي إلى التعامل بتحفظ مع أبناء الأقلية المسلمة، بحيث أضفى المجتمع على الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين صبغة سياسية، والتعامل معهم باعتبارهم "سفراء" لهوية آبائهم الأولية أو الهوية الإسامية، وهو ما قد يدفع البعض منهم للتشدد(17)، ومن جانب آخر، فإن التاريخ الاستعماري الأوروبي للدول العربية والإسامية، يظل عالقاً في وجدان هؤلاء المهاجرين، ويقومون بنقله إلى الأبناء بشكل أو بآخر، وهو ما يزيد من الادراك السلبي المتبادل.

يشعر أبناء الجيلين الثاني والثالث بأنهم مرفوضون من الثقافة الأوروبية، حينما يكتشفون أنهم مهما كان الأمر فإنه ينظر لهم باعتبارهم "غرباء" حتى وإن كانوا مواطنين أوروبيين من الجيل الثالث من المهاجرين.

خام�ساً: الهوية الهجينة للجيلين الثاني والثالث

إن الرؤية الأحادية للهوية هي رؤية يشوبها قصور كبير، فالهوية الإسامية قد تكون واحدة من الهويات التي يراها الشخص كهوية مهمة، ولكن من دون أن ينفي ذلك وجود هويات أخرى مهمة أيضاً بالقدر نفسه(18،( فالأقليات التي نشأت داخل بلد الهجرة تحمل هوية هجينة، تمزج بين هوية مجتمع الأغلبية، وهوية بلدهم الأم، وحيث إن شعور الفرد بإحدى الهويتين يختلف من فرد لآخر، فإنه يمكن الحصول على أربعة احتمالات للشعور بالهويتين على النحو التالي: 1- الانفصال (Dissociati­on): أي أن شعور الفرد بهويته الإثنية يكون مرتفعاً، في مقابل انخفاض إحساسه بهوية مجتمع الأغلبية.

2- الذوبان (Assimilati­on): حيث يكون شعور الفرد

بهوية مجتمع الأغلبية كبيراً، في حين يقل إحساسه بهويته الإثنية. 3- التمازج الثقافي (Acculturat­ion): أي أن يكون شعور الفرد بهوية الإثنية وهوية مجتمع الأغلبية قوياً. 4- الهامشية (Marginalit­y): أي أن يكون شعور الفرد منخفضاً تجاه كل من هويته الاثنية، وهوية مجتمع الأغلبية)19).

وقد أظهرت دراسة ميدانية أجريت في هولندا، هدفت لدراسة التوازن بين الهويات المختلفة للجيلين الثاني والثالث من المهاجرين، أن هناك خمسة عوامل أساسية في الحياة اليومية للجيلين الثاني والثالث تطور إحساسهم بالهوية هي: المدرسة، والأنشطة المسائية بعد المدرسة، والحياة داخل المنزل، والحي والجيرة، والدين، وأنهم يستطيعون بلوغ قدر كبير من الاندماج عندما يتعرضون من خال المصادر الخمسة هذه للهويتين الثقافيتين الهولندية والتراثية لبلدهم الأصلي، أي أنهم يحتاجون للتعرض للثقافتين خال حياتهم اليومية من أجل الحصول على هوية متزنة)20،( وأن اختال هذه العملية يؤدي لاختال حياة أبناء الجيلين الثاني والثالث، على نحو قد تجعله يرفض الهويتين معاً، ويتجه للتطرف.

الخاتمة

تعد مشكلة الاندماج من أهم المشاكل التي تواجه المسلمين في أوروبا، وهي المشكلة التي يتوقع لها أن تتفاقم تداعياتها في ضوء موجات العداء والكراهية من جانب اليمين المتطرف للمسلمين في أعقاب العمليات الإرهابية التي شهدتها بعض البلدان الأوروبية مؤخراً.

وقد ينظر البعض إلى مشكلة الاندماج على أنها من أسباب تطرف بعض المسلمين من أبناء الجيلين الثاني والثالث، وانخراطهم في العمليات الإرهابية، إلا أن هناك أسباباً أخرى للتطرف، يمثل بعضها أعراضاً لفشل سياسات الإدماج)21،( ومن ذلك الأسباب التقليدية للتطرف، المتمثلة في البطالة، والتهميش السياسي والاقتصادي، فضاً عن غياب التعليم الديني المعتدل، وهو ما يترتب عليه التوجه نحو التعليم الذاتي، بما يحمله ذلك من إمكانية تلقيهم تعليماً دينياً متطرفاً، يدعم ذلك الأئمة المتطرفون القادمون من الخارج، وما يلقونه من خطب كراهية)22).

ويضاف إلى ما سبق كذلك قيام بعض الدول الأوروبية بدعم إسرائيل في الصراع العربي – الإسرائيلي، أو الولايات المتحدة في حربها ضد العراق، وهو ما يتناقض مع المطالبة بحقوق الإنسان، التي طالما رفعت شعارها هذه الدول، وبالمنطق نفسه، ويدفع هذا التناقض بعض الأفراد للتطرف، والانضمام لجماعات إرهابية أو تنفيذ أعمال إرهابية.

وأخيراً، فإن أحد المداخل المهمة لمعالجة التطرف لدى أبناء الجيلين الثاني والثالث من أبناء المهاجرين، يتمثل في إيجاد سياسات متوازنة لإدماج المسلمين في النسيج المجتمعي الأوروبي، من دون أن يترتب على ذلك طمس هويتهم الدينية، وكذلك مواجهة الممارسات العنصرية، التي تتبناها بعض الحركات المتطرفة في أوروبا، والتي تشعر المسلمين بمزيد من الاغتراب. 1- "الأوروبول": 5000 شخص غادروا اوروبا للقتال مع الجهاديين، جريدة النهار اللبنانية، 13 يناير 2015، موجود على الرابط التالي: http://goo.gl/0UYMsV

-2 Katrine Anspaha , The Integratio­n of Islam in Europe: Preventing the radicaliza­tion of Muslim diasporas and counterter­rorism

,policy )Paper presented for the ECPR Fourth Pan-European Conference on EU Politics, University of Latvia, Riga, Latvia, 25-27 September

,(2008 .p .2 3-5 facts about the Muslim population in Europe , Pew research , accessible at : http://goo.gl/7mBZ 92 , Last accessed on January 24,2015 . -4 Jytte Klausen , counterter­rorism and the integratio­n of Islam in Europe , Revue des Sciences Politiques , volume ,7 Number ,7 July ,2006

.p .91 -5 Brandon .M ,Boylan Integratin­g Muslim into Western societies : Transatlan­tic policies and perspectiv­es , )paper presented at European Union studies associatio­n internatio­nal ,conference Los ,Anglos ,California April ,25 ,(2009 .p .6

-6 Katrine Anspaha , op.cit ,. .p .7 -7 Brandon .M ,Boylan op.cit ,. .p .6 -8 Katrine Anspaha , op.cit ,. .p .7 -9 Katrine Anspaha , op.cit ,. .p .3

10- أمارتيا صن، الهوية والعنف، وهم المصير الحتمي، عالم المعرفة، عدد 352، يونيو 2008، ص54. -11 Katrine Anspaha , op.cit ,. .p .12 -12 Jytte Klausen , op.cit ,. .pp .88 Katrine Anspaha , op.cit ,. .pp .6 -13 ,.Ibid .p .3 -14 ,.Ibid .p .4 -15 Jytte Klausen , op.cit ,. .pp 86 .

-16 ,.Ibid .p .86 -17 Alexis Beveridge , Finding Balance And Identity : Second And Third Immigrants in Netherland­s , School of Internatio­nal Training , May

11,2011, accessible at: http://digitalcol­lections.sit.edu/cgi/viewconten­t.cgi?article=1044&context=isp_collection 18- أمارتيا صن، مرجع سابق، ص54.

-19 Sundas Ali , Second and Third Generation Muslims in Britain: A Socially Excluded Group? Identities, Integratio­n and Community

,Cohesion Harvard University, 2008, accessible at: http://www.wjh.harvard.edu/~hos/papers/Sundas%20Ali.pdf

-20 Alexis Beveridge , Finding Balance And Identity: Second And Third Immigrants in Netherland­s, School of Internatio­nal Training , May 11,2011, accessible at: http://digitalcol­lections.sit.edu/cgi/viewconten­t.cgi?article=1044&context=isp_collection -21 Katrine Anspaha , op.cit ,. .p .12

-22 Jytte Klausen , op.cit ,. .pp .89

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates