Trending Events

سياسات لا استراتيجيا­ت:

معضلات تحديد إطار حاكم لأمن إسرائيل القومي سعيد عكاشة

- سعيد عكاشة خبير الشؤون الإسرائيلي­ة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتي­جية، القاهرة.

يجري الحديث في إسرائيل حالياً حول ضرورة تحديث ”نظرية الأمن القومي“، وتثور انتقادات موجهة إلى الحكومة الحالية بسبب تقاعسها عن هذه المهمة، على الرغم من رؤية البعض أن رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، وضع هذه القضية على رأس أولويات حكومته في ولايته الأولى -(1996 1999 ).

في هذا الوقت تم تشكيل مجموعة عمل في عام 1998 تحت إشراف وزير الدفاع ”إسحاق موردخاي”، وضعت تصوراتها لتحديث نظرية الأمن القومي بناء على التطورات التي وقعت في البيئة الاستراتيج­ية لإسرائيل منذ نهاية حرب عام 1973، مع استشراف للمستقبل حول التهديدات الجديدة التي يمكن أن تواجهها الدولة. غير أن النتائج لم تعرض على المجلس الوزاري المصغر المعني بالشؤون الأمنية، ولم يتم تبنيها كمفهوم رسمي للأمن القومي)1).

وفي عام 2006 تشكلت لجنة برئاسة وزير الاستخبارا­ت ”دان ميردور”، وأوصت بإضافة عنصر آخر وهو ”الدفاع” إلى العناصر الثلاثة الموروثة منذ عهد بن جوريون )أول رئيس لحكومة إسرائيل، وتولي حقيبة الدفاع عدة مرات حتى عام 1963،( وهي: الردع ، والإنذار، والحسم )2).

وفي عام 2013 نشر اللواء احتياط ”يتسحاق بن إسرائيل” تصوره في كتاب بعنوان ”عقيدة إسرائيل الأمنية”. ويقوم على أن العقيدة الأمنية الجديدة يجب أن تتعامل مع واقع أن تهديدات التنظيمات الإرهابية باتت أخطر من تهديدات الجيوش النظامية على الأمن الإسرائيلي.

وفي مؤتمر هرتزيليا الرابع عشر الذي عقد في يونيو 2014، قدم ”أليكس مينتز” مدير معهد هرتزيليا للتخصصّات البينية ورقة عمل تتناول القضية نفسها، جاءت فيها توصيات بإضافة أربعة عناصر أخرى وهي: )الوقاية، والاستباق، والتحالف، والتكيف( )3).

وسوف نناقش هنا عدة محاور يفترض أنها كانت وراء تأخير حسم النقاشات حول مفهوم الأمن القومي في إسرائيل ومدى حاجته إلى نظرية تحكمه ويمكن تطبيقها، ومعرفة قدرتها التفسيرية عملياً، ويمكن تطويرها كلما دعت الحاجة لذلك.

اأولاً: الاأطروحات ال�سائدة حول الاأمن القومي الاإ�سرائيلي

لا تظهر الكتابات الإسرائيلي­ة المتداولة اتفاقاً في المصطلح الذي يفترض أنه يشكل الإطار الموجه للأمن القومي. فالبعض يستخدم هذا الإطار بمعنى ”النظرية”، والبعض الآخر بمسمى ”استراتيجية”، ويستخدمه فريق آخر بوصفه ”عقيدة”، فيما يكتفي آخرون بوصفه ”سياسة”.

ويعني إلحاق تعبير الأمن القومي بأي من المسميات الأربعة السابقة أن ثمة تغييراً في معناه ومحتواه. فالنظرية تنصرف إلى فرضيات مادية مبنية على استخلاصات من الواقع ونتائج عامة يمكن اختبارها مستقبلاً وتحديد مدى قوتها التفسيرية، مع إمكانية التخلي عنها عندما يثبت ضعفها واستبدالها بنظرية أخرى.

أما الاستراتيج­ية فهي تخطيط طويل المدى قائم على مدركات وحقائق وقدرة على دمجهما معاً لإيجاد تصور عن نوع التهديدات المستقبلية وسبل معالجتها (الاستراتيج­ية فن وعلم). فيما ينصرف جوهر العقيدة لمجموعة من القناعات (يغلب عليها أفكار ميتافيزيقي­ة) يفسر بها أصحابها وضعاً معيناً ويحددون رؤية ثابتة لمعالجته لا تتأثر بالتغيرات التي يطرحها الواقع المعاش.

أما السياسة فهي معالجة الأمن القومي بمفهوم عملي، وهو مفهوم الأمن اليومي (current security ) وفقاً لرؤية برنامج الحزب الحاكم مع وجود المرونة التي تمنح صانع القرار القدرة على الخروج حتى عن مبادئ هذا البرنامج إذا دعت الحاجة لذلك.

ومن خلال النقاش العام في إسرائيل سنجد أن هناك إنكاراً لوجود نظرية أو استراتيجية للأمن القومي مع وجود مقترحات لمفاهيم أو أطر جديدة له؛ إذ تتمثل أهم الأطروحات السائدة في هذا النقاش العام فيما يلي: 1- ليس هناك استراتيجية يقول ”عوفر شيلح” عضو الكنيست في عام 2013 عن حزب يش عتيد ورئيس لجنة بناء القوة العسكرية )لجنة سرية متفرعة عن لجنة الشؤون الخارجية والأمن( في مقابلة أجراها معه عاموس هارئيل في هآرتس 3 ابريل 2015: ”إن الفشل الإسرائيلي الحقيقي أثناء عملية الجرف الصامد نابع، ليس فقط من أن نتنياهو تخوف من عملية إقليمية ستجلب عليه بالضرورة ضغوطاً لإجراء مفاوضات مع رئيس السلطة الفلسطينية، بل من شيء أعمق، وهو أنه لا توجد لدى إسرائيل أية استراتيجية، سياسية وعسكرية، لمواجهة أعدائها الحاليين”، وحتى العسكريين الذين يعتقدون وجود استراتيجية للأمن القومي يربطونها بهدف محدد هو مواجهة التهديدات الوجودية فقط )تصفية الدولة وقتل أو ترحيل شعبها( وبالتالي فإنهم يرون أن ما أسموه باستراتيجي­ة الأمن القومي كانت موجودة وناجحة حتى الآن” )4). 2- لا توجد نظرية كان أحد الوعود التي أطلقها ”يتسحاق هرتسوج” زعيم المعسكر الصهيوني (ائتلاف العمل مع حزب هتنوعاه) في الانتخابات الإسرائيلي­ة الأخيرة (مارس 2015) هو وضع ” نظرية” للأمن الإسرائيلي، وهو اعتراف صريح بأنه لا توجد نظرية من الأصل، وإن لم يوضح هرتسوج ملامح هذه النظرية في هذا التصريح أو برنامج الحزب. وربما خلط دون قصد بين الإجراءات الأمنية التي تنوي حكومته اتخاذها حيال التهديدات اليومية للأمن وبين وضع نظرية تفسر لصانع القرار والتحديات التي تواجهها الدولة حالياً وفي المستقبل لوضع السياسات واتخاذ الإجراءات التي من شأنها مجابهة هذه التحديات)5). 3- التخلي عن المصطلح كلية يرى الباحث ”أرجوف سيمنار” أن مصطلح الأمن القومي قد ذهب بشكل متسارع إلى مصطلح بديل، وهو (National Resilience) أو ”المرونة القومية”، والتي تعني الوسائل التي يمكن بها استعادة المجتمع والدولة للأوضاع الطبيعية التي كانت قبل نشوب الحرب أو قبل وصول التهديدات المحتملة المنظورة وغير المنظورة إليها)6.( وربما يفسر ذلك العنوان الذي اتخذه لنفسه مؤتمر هرتزيليا السنوي وهو (Balance of National Strength) ، أو ميزان المناعة القومية، والذي لا يختلف عن المفهوم الذي قدمه أرجوف. 4- الفشل كان موجود دائماً وجه بعض الباحثين نقداً مركزاً لأصحاب الرأي القائل بأن الإطار الذي تم وضعه منذ بن جوريون أياً كان شكله نظرية أم سياسة...إلخ، كان ناجحاً وحقق الهدف المطلوب. يقول الباحث يؤاف جيلبر: إن من خلعوا على تعبيرات الردع والإنذار والحسم مسمى ”نظرية الأمن القومي” التي ابتدعها بن جوريون، لم يدركوا أنها كانت مجرد شعارات، فعلى الأقل في الفترة بين أعوام 1967 و1973 حلت السيكولوجي­ا مكان المهنية العسكرية وظلت شعاراتها متحكمة في الواقع حتى اليوم، مع أن الردع مصطلح نفسي يفعل فعله طالما كان الطرف الثاني يرتدع ولا يمكن في الواقع معرفة متى يكف الخصم عن الارتداع ولماذا.

أما مفهوم الإنذار فهو مصطلح ملموس من خلال جمع المعلومات وتقدير نوايا الخصم تقديراً سليماً. والشرط الأول الذي يجب توفره لتلقي الإنذار هو أن تؤمن بأن ليس لديك ردع أصلاً. أما الحسم فهو مصطلح نفسي آخر قابل للتفسير وغير محدد. والأمثلة في حرب يوم الغفران وفي حرب لبنان 2006 تكشف أن الخصم لم يشعر بالهزيمة، ومعنى ذلك أن المفاهيم الثلاثة التي تخيل البعض أنها تمثل نظرية للأمن قد انهارت في هاتين الحربين، حيث فقدت إسرائيل الردع والإنذار والحسم( 7 ). 5- اختزال المفهوم في البعد العسكري بات مفهوم الأمن القومي متسعاً بحيث يشمل أبعاداً أخرى غير عسكرية )اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية(، لكن قصر أو إعطاء البعد العسكري وزناً أكبر شكل عقبة كبرى في طريق إيصال النقاش الداخلي في إسرائيل إلى وجود خلط في أذهان الجمهور بين عقيدة الأمن القومي، والعقيدة القتالية للجيش

الإسرائيلي) 8 ).

ثانياً: الم�سكوت عنه في النقا�ص الاإ�سرائيلي العام

انطبعت بيئة النقاش الإسرائيلي الخاص بتحديث الإطار الحاكم لوصف الأمن القومي ببعد أسطوري بقي مسكوتاً عنه يتعلق بإخفاء الهاجس المهيمن منذ تأسيس الدولة وحتى اليوم، فلم تفلح عناصر التفوق في التسليح التقليدي على كافة الدول العربية،

لا يمكن اعتبار فكرة "الخطر الوجودي" جزءاً من العقيدة الأمنية لإسرائيل - بافتراض وجود مثل هذه العقيدة فهي تستخدم من قبل السياسيين اليمينيين بهدف عدم ركون المجتمع إلى وعود السلام، وإذكاء "معاداة السامية" كمحدد للشخصية اليهودية.

ولا احتكار السلاح النووي في تهدئة هذا الهاجس.

ويلاحظ أن الخوف المرضي لليهود من تكرار الترحيل (تم ترحيلهم مرتين في التاريخ القديم أثناء حكم الإمبراطور­يتين الفارسية والرومانية) ومن الإبادة الجماعية (على يد النازي في أربعينيات القرن الماضي) هو جوهر هذا الهاجس الذي تتم تغذيته بكافة الوسائل التعليمية والتثقيفية في إسرائيل، وبما يتعارض تماماً مع تأكيد معظم القيادات السياسية والأمنية على أن إسرائيل لم تعد تتعرض لخطر وجودي منذ نهاية حرب يونيو 1967.

ويظهر ذلك مثلاً في تقرير لجنة فينو جراد التي تشكلت في أعقاب حرب لبنان عام 2006، والذي وصف الأزمة التي تواجهها الدولة بأنها يمكن أن تكون وجودية(9،( وفي ذلك مبالغة لا تجد دليلاً واقعياً إذا أخذنا في الاعتبار أن الخصم، حزب اله، كان قد أعلن لاحقاً على لسان زعيمه حسن نصر اله أنه ”لو كان يعلم حجم الدمار الشامل الذي خلفته هذه الحرب في لبنان لما أقدم على تنفيذ العملية التي أطلقت الحرب”)10،( وهو ما يعني أن الخطر الوجودي لم يكن وارداً حتى إن كانت تكلفة استعادة الردع الإسرائيلي تأتي على حساب تزايد نزع شرعيتها الدولية.

إن فكرة ”الخطر الوجودي” لا يمكن اعتبارها جزءاً من العقيدة الأمنية لإسرائيل - بافتراض وجود مثل هذه العقيدة - فهذه الفكرة مستقلة في الواقع عن المخاطر القائمة وحتى المحتملة مستقبلاً، ولكنها تستخدم من قبل السياسيين الإسرائيلي­ين اليمينيين المتشددين لتحقيق هدفين: استمرار يقظة المجتمع وعدم ركونه إلى وعود السلام التي انطلقت منذ عام 1977، وإذكاء تركيبة الشخصية اليهودية التي تؤمن بأن معاداة السامية (معادة اليهود كونهم يهوداً) مرض لا يمكن اقتلاعه من المجتمعات البشرية.

ويمثل هذان السببان الجوهر الحقيقي لفكرة ”الخطر الوجودي” على الرغم من أنهما لا يمسان تهديدات مادية ملموسة، وبالتالي فإن تسمية الإطار الحاكم للأمن القومي الإسرائيلي ب ”العقيدة” يجافي التوصيف العلمي الرصين، وحتى تعبير العقيدة المعبأ بدلالات نفسية تعني الإيمان بشيء ما وعدم الاستعداد للتنازل عنه تحت أية شروط، وهو ما لا ينطبق على تصورات الإسرائيلي­ين لما يسمى عقيدتهم الأمنية؛ فقد تنازلوا عن الاستمرار في احتلال سيناء بعد حرب عام 1956 على الرغم من كل ما رددوه في حينها من ادعاءات أمنية وتوراتية بها، وتنازلوا عنها مرة ثانية تحت ضغط هزيمتهم العسكرية في حرب عام 1973، على الرغم مما كان يردده وزير دفاعها ”موشيه ديان” من أنه يفضّل الاحتفاظ بشرم الشيخ من دون سلام مع مصر على تحقيق السلام بدون الاحتفاظ بها.

كذلك فإن مضي إسرائيل في توقيع اتفاقات للسلام مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، يعني تخليها عن ثوابت وضعت سابقاً، ما يعني أن الموقف الإسرائيلي كان مجرد سياسة وليس عقيدة.

وفي هذا الصدد وضع الباحث الإسرائيل ”شاي شيفتاي” يده على جوهر المشكلة حين كتب: ”توطد في إسرائيل منذ تأسيسها مفهوم ”تصور الأمن القومي”، وموضوعه التأليف بين نقاش جزئي لاستراتيجي­ة الأمن القومي من دون انشغال عميق بتحديد الأهداف القومية، وبين تحديد مبادئ عامة للنظرية والسياسة في مجال الأمن القومي”(11).

ويعني ذلك النص أن الأمن القومي يوصف بأنه ”تصور” وليس أمراً مادياً ملموساً، وأن النقاشات حوله جزئية ولا تضع هدفاً قومياً في اعتباراتها، وهو ما يؤكد أن السياسات التي عالجت الأمن القومي لم ترقى إلى مستوى وضع نظرية أو عقيدة، بل كانت مجرد إجراءات تفاعلت داخلها أفكار مجردة ”نظريات”، وعقائد ربما تكون ذات جوانب أسطورية، واستراتيجي­ات غير كاملة على الإطلاق، لتنتج في النهاية ما يمكن تسميته ”سياسات الأمن القومي في إسرائيل.

ثالثاً: هل يمكن اإن�ساء نظرية للاأمن القومي الاإ�سرائيلي؟

يوضح الجدل الإسرائيلي على مدى عقدين أن ليس هناك نظرية أو عقيدة أو استراتيجية للأمن القومي الإسرائيلي، فما جرى منذ تأسيس الدولة هو اتباع سياسات تحتوي على خليط من عناصر التفكير التنظيري والأساطير ونظريات الاستراتيج­ية العامة.

ويبقى السؤال: هل يمكن لإسرائيل أن تتجاوز هذا القصور وأن تبني نظرية لأمنها القومي في إطار علمي محكم؟

تبنى النظرية العلمية على مجموعة من الفرضيات التي توجه بدورها التجربة العلمية، وتقودها مبادئ عقلية منطقية خاصة منها مبدأ السببية ومبدأ الحتمية. وغالباً ما يتولد عن النتائج ما يصطلح على تسميته بالقانون الذي يعد مجموعة العلاقات الثابتة بين ظواهر معينة، ويتميز بقيامه على التجربة، وقابلية التكرار (لارتكازه على مبدأ الحتمية)، وقابلية التعميم، وإمكانية التنبؤ، وقابلية الصياغة الرياضية.

وإذا ما تم الأخذ بمفهوم كلمة ”نظرية”، سوف نجد أن تحديد الأمن القومي عامة، وفي إسرائيل خاصة، يتعارض مع الإمكانية التي تتيحها فكرة بناء نظرية للأمن، بسبب التقلب الشديد وتفرد بعض الظواهر التي تمثل تهديداً وعدم اليقين في إمكانية تحديد مساراتها، بما يجعلها غير مجدية وبحاجة لمراجعات كثيرة.

ولتقريب فكرة تعقد البيئة الاستراتيج­ية في دول الشرق الأوسط عامة، وإسرائيل خاصة، تكفي الإشارة إلى هذا النص من التقرير الاستراتيج­ي السنوي لإسرائيل عام 2013:

”أصبحت التحالفات في حالة انقلاب وفوضي، غير منطقية بشكل غير مسبوق، وتحولاتها غير معهودة: النظم الدينية تدعم العلمانيين، الطغاة يرفعون من شأن الديمقراطي­ة، الولايات المتحدة تبني شراكات مع الإسلاميين، والإسلاميو­ن

يؤيدون التدخلات العسكرية الغربية، القوميون العرب يقفون إلى جوار نظم لطالما حاربوها، الليبراليو­ن يصطفون مع الإسلاميين في عديد من المواقف، السعودية تدعم العلمانيين ضد الإخوان المسلمين، وتدعم السلفيين في مواجهة العلمانيين، الولايات المتحدة تتحالف مع العراق التي بدورها متحالفة أصلاً مع إيران، والأخيرة تدعم النظام السوري التي تأمل الولايات المتحدة في إسقاطه، الولايات المتحدة أيضاً متحالفة مع قطر التي تقف مع حركة حماس ومع السعودية التي تمول السلفيين الذين يلهمون الجهاديين الذين بدورهم يقتلون الأمريكيين في كل مكان )12).

وإضافة إلى الدلالات الواضحة للنص السابق، يمكن رصد العديد من التهديدات التي تواجهها إسرائيل، ولا يمكن التنبؤ بتطوراتها بشكل دقيق، وتطرح تساؤلات معها عديدة: 1- ما مصير المشروع النووي الإيراني: هل تصبح إيران دولة عتبة نووية لسنوات طويلة، أم تتحول لدولة نووية في القريب العاجل؟ وكيف يمكن تحديد المخاطر المترتبة على الحالتين ووسائل التعامل معها؟ 2- هل تبقي إسرائيل على سياسة الغموض النووي التي تمسكت بها منذ نهاية الستينيات، أم تعلن امتلاكها لأسلحة نووية لردع خصوم نوويين محتملين غير إيران؟ 3- ما مصير التطورات الجارية في سوريا والعراق، وما المخاطر المترتبة على ضعف الأنظمة في هذين البلدين على تحركات الجماعات الجهادية مثل ”داعش” و”النصرة” على أمن إسرائيل؟ 4- ما مدى قدرة الجيش المصري على حسم المعارك الدائرة بينه وبين الجماعات الإرهابية في سيناء، وما حدود التدخل الإسرائيلي في حالة تدهور الأمور على حدودها مع مصر؟ 5- ما تأثير توقيع اتفاق نهائي بين إيران ومجموعة دول “1+5”، وما هي تداعيات خروج إيران من عزلتها الدولية والإقليمية على التنافس الإقليمي بين عدد من الدول للفوز بمكانة دولة إقليمية عظمى؟ 6- هل يمكن تقبل وضع تكون فيه إيران دولة نووية وينشأ من جراء ذلك نظام إقليمي أشبه بالثنائية القطبية، بحيث تلعب إيران وإسرائيل دور الضابط للصراعات داخل الشرق

الأوسط؟) 13 ) 7- ما هي حدود التطورات الجارية في مجال الحرب السيبرانية؟ وهل يمكن إدخالها في مفهوم الأمن القومي على الرغم من

عدم اختبارها على نطاق واسع حتى الآن؟)14) 8- كيف يمكن وضع نظرية للأمن القومي في الوقت الذي لا يعترف فيه ما يزيد عن 25% من مواطنيها بالدولة التي يعيشون فيها (العرب والحريديم)؟ لا توجد إجابة واضحة لهذه التساؤلات في ظل حالة الفوضى الإقليمية المحدقة بإسرائيل، ويصعب ترجمة الجدل حول أنسب الأطر لمعالجة مشكلات الأمن القومي الإسرائيلي إلى أي إطار محكم (نظرية أو استراتيجية أو عقيدة) لأنه سيكون جهداً عقيماً. ولذا فالأنسب من وجهة نظر الكثيرين هو إجراء تحسينات على سياسات الأمن القومي يمكن تعديلها باستمرار، وتجمع داخلها أجزاء من مفاهيم: النظرية والاستراتي­جية والعقيدة الأمنية؛ فمثل هذه السياسات هي ما مكنت تل أبيب من التكيف مع وضع عدم اليقين الذي ساد بعد نهاية الحرب الباردة وعقب نشوب الثورات العربية، ومع حروب لامتماثلة ليس بها حسم مع حزب اله وحركة حماس. ويشبه ذلك، على سبيل المثال، معالجة مشكلة عدم وجود حدود للدولة معترف بها دولياً، وتلبي الاحتياجات الأمنية لها، وهي المشكلة التي انعكست في قضايا بعيدة نسبياً عنها، مثل قضية وضع دستور للدولة، حيث استعاضت إسرائيل عن ذلك بمنظومة من القوانين التي أطلق عليها مسمى ”قوانين أساس” يمكن تعديلها على الدوام دون الحاجة إلى الإجراءات المعقدة لتعديل الدستور أو إلغائه واستبداله بوثيقة تراعي التغيرات التي وقعت في المجتمع.

1- بلال ضاهر، الدعوة إلى وضع مفهوم أمني إسرائيلي جديد على ضوء التغيرات في المنطقة وازدياد التهديدات!، المشهد الإسرائيلي، العدد 17،335 يونيو 2014، موجود على الرابط التالي: http://madarcente­r.org/mash_had_pdf/al-mashhad-17-06-2014.pdf -2 Amos Harel , Israel's national security doctrine needs serious update , ,Haaretz Jun 8,2014, accessible at: http://goo.gl/QLwCxb -3 Amos Harel , Israel's national security doctrine needs serious update , ,Haaretz Jun 8,2014, accessible at: http://goo.gl/QLwCxb -4 Mati Leshem , Israel 's National Security Strategy , Past and Future Perspectiv­e , U.S . Army war college )USAWC ,( Strategy Research Project, 1998, accessible at: http://www.dtic.mil/dtic/tr/fulltext/u2/a346921.pdf 5- ماتان تسور هرتسوج، لن أطلق سراح مخربين أياديهم ملطخة بالدماء، صحيفة يديعوت أحرونوت، 18 فبراير 2015. 6- Avner Golov )& others(, A National Security Doctrine for Israel, accessible at: http://goo.gl/Vb67LO 7- يوءاف جلبر، تأملات في نظرية الأمن الإسرائيلي­ة، في: الحرب اولا ودائماً.. الخطة الخماسية للجيش الإسرائيلي "تيفن 2012"، أنطوان شلحت "محرراً"، سلسلة أوراق إسرائيلية، العدد 42، نوفمبر 2004، ص 39 42. ,3 .No ,5 .Vol ,affairs internatio­nal of review East Middle ,overview introducto­ry An ,doctrine security national Israel's ,RODMAN DAVID -8 .2001 September 9- كميل منصور "محرراً"، دليل إسرائيل عام 2011، (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الطبعة الأولى: يونيو 2011،) ص 613. 10- تصريحات حسن نصر اله حول حرب تموز، 27 أغسطس 2006. متاح على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=3mXwHOeSw 28 11- شاي شيفتاي، تحديث المفاهيم الأساسية للتصور الأمني الصهيوني، التقدير الاستراتيج­ي الإسرائيلي، (معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني، مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية، المجلد 13، ترجمة مركز الزيتونة، 22 أكتوبر 2010). :Tel Aviv ,2012-2013Strate­gic Survey for ISRAEL ,the year in review ,The United States in the Middle East ,Shlomo Brom and Anat kurz -12 Institute for National Security Studies , 2013 http://goo.gl/4aIabg 13- انظر: بول براكن، العصر النووي الثاني، الاستراتيج­يات والأخطار وسياسات القوى الجديدة، ترجمة بسام شيحة وسعيد الحسنية (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، الطبعة الأولى 2013)، ص 169 172. 14- انظر: جيل برعام، تأثير تطور تكنولوجيا الحرب السيبرانية على بناء القوة في إسرائيل، موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية. مترجمة عن: تْسَفافاستراتي­جيا"، المجلد 5، العدد 1 (أبريل 2013)، معهد دراسات الأمن القومي – جامعة تل أبيب http://goo.gl/XVrQ5Q

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates