Trending Events

عالم المتغيرات:

مداخل التفاعل مع ”التطورات السريعة المركبة“ في الشرق الأوسط

-

في فيلم The Fifth Estate الذي يتناول قصة تأسيس جوليان أسانج لموقع ويكيليكس الشهير، لم يكن كبار مسؤولي الحكومة الأمريكية، ولا المسؤولين عن صحف عالمية كبرى أو قنوات تلفزيونية عاتية، يصدقون أن موقعاً إلكترونياً يمكن أن يتسبب فى زلزال حقيقي في السياسة الدولية، قبل أن تقع الصدمة، فقد كان المعتاد هو أن ما قد يحدث تأثيراً هو ما ينشر أو يبث في وسائل الإعام التقليدية، قبل أن يبدو بوضوح أن العالم يتحرك في اتجاه مختلف، دفع ببعض المسؤولين وقتها إلى اختصار الموقف في عبارة شهيرة هي “Welcome to the .”Revolution

كانت الأسئلة المترتبة على وقوع مثل تلك التحولات الكبرى، في مجالات غير تقليدية، صادمة في بدايتها، ففي وقت لم تكن الدول تنشر وثائقها إلا بعد مرور عقود طويلة، بدت العلاقات الدولية، وكأنها تدار على الهواء مباشرة، لكن تلك الأمور مثلت فقط مصدراً لحرج مؤقت سرعان ما تم استيعابه، إذ عادة ما تعرف كل دولة ما تفكر فيه الدول الأخرى بشأنها، بشكل يقيني أو محتمل، دون أن يسبب ذلك أزمة كبرى، وفيما بعد – على سبيل المثال - ظهر أن مكالمات قيادات ألمانيا وفرنسا تسمع في واشنطن، وأن الصين لا تتوقف عن محاولات اختراق واشنطن، وهكذا. 30 دقيقة في السنوات التالية، بدأت سمة أخرى في التشكل قبل أن تكتسح التفاعلات الدولية، وقد عبرت عنها أيضاً أفلام تتلاحق أحداثها بصورة تحبس الأنفاس، منها فيلم حديث يدور داخل "البيت الأبيض"، حول أزمة دولية كبرى تتطور بسرعة، على نحو قاد إلى مناقشات طويلة، قبل أن يلفت أحد محللي الدفاع نظر الفريق الذي يتولى إدارة العملية إلى "أن العالم قد تغير عما كان عليه قبل 30 دقيقة"، في مبالغة واضحة، لكنها تعبر عن تطور آخر، فلم يعد الأمر يتعلق بتغيرات جذرية، تقع على فترات متباعدة، وإنما تغيرات لا تتوقف، كنمط تفاعل معتاد، سيستمر لفترة طويلة قادمة. الفكرة الثانية، هي أن "التغير" وليس الثبات قد أصبح هو القاعدة، والعبارة هنا باردة، إلا أنها على وشك أن تتحول إلى "نظرية كل شيء"، فمن الصحيح أن كل طالب فلسفة حفظ عبارة هرقليطس التي قيلت قبل 500 عام من الميلاد، وهي "إنك لا تنزل النهر مرتين"، بفعل الجريان الدائم للمياه، مؤكدة إدراكاً قديماً بأن "التغير وليس الثبات هو أساس الوجود"، إلا أن جريان مياه هرقليطس لم يعد يعبر عما يجري حالياً، من موجات متتالية من السيول أو الأعاصير، وفي بعض الأحوال يظهر "تسونامي" فجأة، فقد انتهى "عصر الهدوء". إن سيطرة "عالم المتغيرات" في الوقت الراهن، تترافق مع ملمحين يوضحان بقية أجزاء الصورة، فالتغيرات تتم بشكل أسرع من القدرة على ماحقتها أحياناً، ويجري ذلك وفق انماط شديدة التعقيد لا تسير في اتجاه واحد، لدرجة أن بعض نماذج التحليل الجيدة، كنظرية المباريات، لم تعد تصلح إلا للتدريس أو التدريب، ولا يتوقف الأمر على الأحداث وإنما على المعارف، ويدرك أي متخصص في مجال معين تلك المشكلة جيداً، فكم كتاب عليه أن يقرأ، وكم مؤتمر عليه أن يحضر، وكم خبر ومقال وتحليل ودراسة وبرنامج عليه أن يتابع لكي يظل مدركاً لما يدور حوله.

لقد قدرت شركة إنتل أن حجم البيانات التي أنتجها البشر منذ بداية التاريخ وحتى عام 2003، يقارب 5 إكسابايت، وتضاعف هذا الرقم 500 مرة في عام 2012 ليصل إلى 2.7 زيتابايت، وهنا ترصد كتابات كثيرة حقائق مفزعة، فما أنتجته البشرية من معلومات خلال عامي 2003 و2004 يوازي كل ما انتجته منذ بداية التاريخ حتى بداية القرن ال 21، ويذكر أحد الزملاء الذين يتابعون مثل تلك التطورات في المركز، أنه لا يمر شهر واحد دون ظهور ثلاثة مفاهيم جديدة، تحاول التفاعل مع ما يدور في عالم البيانات الضخمة. المسألة الأولية، هي أن التسارع الشديد في الأحداث، مع التعقيدات المحيطة بمساراتها، يقود إلى "حوادث علمية"، فهناك ظواهر لا توجد تفسيرات مقنعة لها، وقضايا لا يوجد تحليل واضح لها، وسلوكيات لا يمكن فهمها بسهولة، وأسئلة – نحرص على رصد بعضها في المجلة – لا توجد إجابات واحدة لها، وتستمر المسيرة، وفقاً لنمط تؤكده دراسات الأمن بشأن الصراعات الإقليمية حالياً، هو أن معدلات تفجر المشاكل في المنطقة أكبر بكثير من معدلات تسويتها، وبالتالي فإنها – حسب إعلان قديم - تتزايد وتنتشر وتتوغل، حتى أصبحت تحتاج إلى آلات أكاديمية ضخمة لتحليلها ومؤسسات سياسية كبيرة للتعامل معها، وفق طرق تفكير وعمل غير تقليدية في الحالتين. أهداف متحركة

إن مفهوم العلم ذاته أصبح يواجه تحدياً، فقد ارتبط أصلاً

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates