Trending Events

علاقات المصالح: تعاوناسترا­تيجي”دون العلاقاتال­دولية

شهدت التفاعلات الدولية والإقليمية صعوداً لأنماط التعاون المصلحي المؤقت القائم على انعدام الثقة بين أطرافه في ظل صعود أنماط التحالفات القطاعية التي تتشكل حول قضية واحدة أو عدد محدود من القضايا، التي تتوافق فيها مصالح الأطراف الإقليمية أو الدولية، دون أن يؤ

- د. رضوى عمار دكتوراه في العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة

�أولاً: مفهوم �لثقة في �لعلاقات �لدولية

لم يحظ مفهوم الثقة بالاهتمام الكافي في تفسير سلوك الدول في علم العلاقات الدولية، لكن يلاحظ أن توماس هوبز قد أشار في كتاباته إلى أن الفوضى هي السمة الرئيسية للنظام الدولي، وهي تعني أن حالة عدم الثقة تسيطر على العلاقات بين الدول، فلا يوجد مكان للثقة، حيث كل دولة تسعى إلى تدمير قوة الدول الأخرى حتى لا تُشكل تهديداً لها)1.) وفي هذا الإطار، يمكن تناول مفهوم الثقة من منظور نظريات العلاقات الدولية، وذلك على النحو التالي: 1- المنظور الواقعي: يرى أن العنصر الرئيسي في تفسير الصراع هو عدم الثقة (mistrust)، وتشكل عدم الثقة والصراع دورة مفرغة، حيث يؤدي الاعتقاد بعدم الثقة إلى الصراع الذي يفرض بدوره حالة من عدم الثقة(2). ويُلاحظ هنا أن أنصار اتجاه الواقعية الهجومية (Offensive Realism )، يرون أن البقاء هو الهدف الرئيسي للدول في النظام الفوضوي، وأن هناك شكاً دائماً بشأن النوايا الحقيقية للدول( 3 ).

لذلك يُشكل الشك وعدم الثقة خلفية دائمة لهيكل علاقات الفاعلين في النظام الدولي، فعدم الثقة هو حالة متواصلة مثل الفوضى، وليست متغيرة مثل القوة النسبية)4.) فالدول على الرغم من اختلاف وتنوع دوافعها، إلا أنها تتصرف على نحو متشابه في النظام الفوضوي، لأنها تسعى إلى البقاء في ظل الفوضى بتعظيم قوتها النسبية بالنسبة للدول الأخرى لكي تحافظ على وسائل دفاعها الذاتية، حتى الدول غير العدوانية والتي تبحث عن الأمن تسعى إلى الاستفادة من أي فرصة تُمكنها من إضعاف خصومها المحتملين، وتحسين وضع قوتها النسبية)5(.

على الجانب الآخر، يرى أنصار الواقعية الدفاعية (Defensive Realism ) أن عدم الثقة لا يمنع دائماً من التعاون، فيمكن بناء مستوى محدد من الثقة يسمح للدول بأن تُشكل علاقات مستقرة نسبياً، تمكنها من إدارة التعايش بشكل سلمي والتعاون بشأن المصالح المشتركة) 6 (. 2- المنظور الليبرالي: يركز على أن السياسة الوطنية للدولة هي نتاج المجتمع الذي يحكمه النظام السياسي الداخلي، ويرتبط مفهومه لتأثير

عدم الثقة في العلاقات الدولية، بنظرية السلام الديمقراطي (Democratic Peace ) التي ترى أن الدول الديمقراطي­ة لا تحارب بعضها البعض(7).

من ناحية أخرى، ترى الليبرالية المؤسسية أن المصالح المشتركة هي أساس بناء الثقة، وأن توفير المعلومات سوف يساعد على الحد من عدم الثقة(8). 3- المنظور البنائي: يرى أن الهوية الجماعية (Collective Identity) هي الشرط المسبق لوجود الثقة من عدمه، فالإدراك بشأن هوية الآخرين يحدد ماهية النظر إليهم كأصدقاء أو أعداء، ففي حال اعتقدت دولتان ما مثلًا بأن لديهما هوية مشتركة، فسوف تكونان أكثر احتمالًا في أن تثقا في بعضهما. بينما على العكس، لو اعتقدت كلا الدولتين أنها لا يتشاركان في هوية جماعية، فسوف يزيد احتمال انخفاض ثقتهما تجاه بعض إلى مستوى العداء(9).

ثانياً: عو�مل تاآكل �لثقة في �لتفاعلات �لدولية

تتنوع عوامل تآكل الثقة في العلاقات الدولية من حالة لأخرى، ويمكن طرح أبرز هذه العوامل على النحو التالي: 1- المصالح الوطنية؛ حيث يؤثر الإدراك بتعارض المصالح وعدم توافق الأهداف والاحتياجا­ت بين الأطراف على حجم الثقة بين الفاعلين الدوليين؛ مثل الحال بالنسبة للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. من ناحية أخرى، قد يتغير إدراك الفاعلين لمصالحهم ولمصالح الفاعلين الآخرين، ومن ثم تتغير حدود الثقة بين الأطراف الفاعلة في هذه العلاقات، وهو ما يفسر بصورة ما تطور العلاقات بين الدول الأوروبية والتي تعكسها عضوية منظمة الاتحاد الأوروبي.

كما يُلاحظ أن وجود مصالح مشتركة لا يؤدي بالضرورة إلى الثقة في التعاون لأن الفاعلين الدوليين لا يدركون دائماً وجود هذه المصالح. فعلى سبيل المثال، نجد العلاقات الباكستاني­ة الإيرانية تشهد فترات من الشد والجذب منذ قيام النظام الإيراني الحالي في عام 1979، وهو ما ينتج عن غياب الثقة بينهما، على الرغم من عدم وجود مشكلات حدودية بين البلدين، ووجود مصلحة مشتركة في تعزيز أمن هذه الحدود. لكن إدراك هذه المصالح لم يحول التأثير عن نظر إيران لباكستان كقوة سنية تدعم دول الخليج التي تعوق طموحات إيران في المنطقة، ونظر باكستان لإيران كقوة مزعزعة لاستقرارها من خلال دعم القوى الشيعية على أراضيها. 2- تنوع القيم: تؤثر المنظومة القيمية للفاعلين الدوليين على توجهات سياستهم تجاه بعضهم البعض، وغالباً ما يؤدي تعارض منظومات القيم مع بعضها البعض إلى الحذر وغياب الثقة في المعاملات، فعلى سبيل المثال؛ كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين لديهما منظومة قيم مختلفة تشكل قواعد عمل الأنظمة التي تحكمها، لذلك نجد أنه على الرغم من وجود مصالح مشتركة محددة بين الدولتين لكن كلًا منهما يتعامل بحذر ويتعامل مع هذه العلاقات من منظور عدم الثقة المتبادلة.

فإذا نظرنا إلى تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران نجد أنها كانت علاقات ثقة وأكثر تعاوناً في فترة حكم شاه لكن بعد اندلاع الثورة الإيرانية في أواخر السبعينيات، وتغير منظومة القيم الحاكمة ساد التوتر في العلاقات( 10 ). 3- الصورة الذهنية: فالمسؤولين عن صناعة واتخاذ قرارات السياسة الخارجية يفسرون أفعال الفاعلين الدوليين الآخرين على نحو يتوافق وينسجم مع معتقداتهم وتصوراتهم، فالقائد السياسي الذي لديه اعتقاد بسوء نية خصمه سوف يتجاهل، أو يعيد تفسير أو يشك في مبادرات الصلح والتقارب التي تصدر عنه من منظور أنها خدعة، أو مفروضة عليه نتيجة الضعف، ومن ثم فهو يفسر أي سلوك يصدر عن الدولة الأخرى الطرف في العلاقة، بصورة تجعلها متوافقة مع معتقداته والصور الذهنية لديه)11).

فعلى سبيل المثال، ذكر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون أن الشعب الإيراني يتعلم الكراهية وعدم الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية من منظور أنهم كفار (Infidels) وغير مؤمنين. وعلى الرغم من حق الشعب الإيراني في الشعور بشيء من الغضب إثر ذلك، لكنه لا يبرر إصرارهم على نعت الشعوب الغربية بعدم الإيمان في حين أنهم هم خيار الرب (God's Chosen ( 12).

ا 4- الالتزامات الدولية: فالفاعلون الدوليون يختارون التعاون مع من يعرف عنهم الالتزام بتعهداتهم وتنفيذ وعودهم. وهو ما يتم اكتسابه فقط نتيجة تواتر السلوك الذي يعكس الإيفاء بالالتزاما­ت الدولية. ويُلاحظ هنا أن الالتزام بالتعهدات لا يرتبط بمنظومة قيمية دون أخرى.

فعلى الرغم مما يشاع عن أن الدول التي تحكمها نظم سلطوية لا يمكن ضمان تنفيذ تعهداتها الدولية، لكن يلاحظ أيضاً أن الدول التي تحكمها نظم ديمقراطية قد لا تحرص على تنفيذ التزاماتها إذا وجدت أن لديها مصلحة في التحرر من هذه الالتزامات)13).

فعلى سبيل المثال، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تعاونت الولايات المتحدة مع إيران ضد نظام طالبان في أفغانستان، لكن في يناير 2002 إبان إلقاء جورج بوش الابن لخطاب حالة الاتحاد وصف إيران مع العراق وكوريا الشمالية بدول "محور الشر" التي تهدد العالم المتحضر. وهو ما أكد أن حالة التعاون التي نتجت عن وجود مصلحة مشتركة للدولتين في إسقاط نظام طالبان لم تتجاوز أجواء عدم الثقة بينهما.

ثالثاً: تاأثير م�صتوى �لثقة على �لتعاون بين �لدول

يكشف واقع العلاقات الدولية عن أن الثقة لم تُمثل ضرورة حتمية من أجل التعاون والوصول إلى اتفاق ما بشأن قضايا محددة، بل على العكس قد تسعى الدول التي تفتقد الثقة في علاقاتها البينية إلى التعاون من أجل الاتفاق بشأن قضايا

محددة تشكل مصلحة مشتركة أو تهديداً مشتركاً لها.

من جهة أخرى، تتنوع درجات الثقة في العلاقات بين الدول من قضية لأخرى، بمعنى آخر تقدير علاقات الثقة مركب ومشروط، فعلى سبيل المثال، بعد الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة الأمريكية تثق في أن الاتحاد السوفييتي سوف يقوم برد القرض المتعلق بإعادة الإعمار ما بعد الحرب، لكن ليس لديها ثقة في أن الاتحاد السوفييتي سوف يمتنع عن التوسع في وسط أوروبا( ).

ويلاحظ أن التوصل إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لا يعبر بالضرورة عن الثقة المتبادلة بين أطرافها، فقد تتم هذه الاتفاقيات على الرغم من غياب الثقة، لكن يلاحظ أنه لابد من حد أدنى من الثقة لاستمرار الاتفاق، وهو ما قد يقوم على الثقة في أن كل الأطراف سوف يرغبون في تقليل تكلفة المنافسة أو العداء، فعلى سبيل المثال، نجد أنه على الرغم مما اتسمت به العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي من عدم ثقة، لكنهما تعاونا من أجل السيطرة على الأسلحة النووية، وقد تغلبا على أجواء عدم الثقة من خلال تطوير أجهزة مراقبة تساعدهم في حماية مصالحهم من أي ضرر.

ويعود التعاون من دون وجود ثقة في العلاقات الدولية لأسباب متنوعة، مثل نقص الموارد الاقتصادية، أو وجود ضغوط من قبل أطراف دوليين آخرين موضع ثقة مشترك بين الطرفين، أو وجود قيود سياسية داخلية تدفع نحو الحد من آثار غياب الثقة وتحولها إلى عداء وصراع ترفع التكلفة التي يواجهها أفراد السلطة الحاكمة من قبل شعوب دولهم( ).

ويلاحظ في هذا الصدد، أنه يمكن تجاوز أجواء عدم الثقة التي تعانيها العلاقات بين الدول من خلال وسيلتين: 1- الاستراتيج­يات التدريجية (Incrementa­l Strategies ): وهي استراتيجيا­ت الخطوة خطوة (Step-by-Step) والتي يتم من خلالها تعزيز علاقات الثقة على نحو تدريجي، غالباً من خلال الاتفاقات الرسمية التي تصمم التعاون على مراحل، بحيث يبدأ بالقضايا التي يسهل التفاوض من أجل حلها وتنتهي بالقضايا الصعبة. وهي تسمح لأطراف العلاقة بتغيير سمعتهم كموضع ثقة من خلال الاختبارات التي يواجهونها والتي تفرض عليهم الاختيار ما بين تحقيق منافع على المدى الطويل من الالتزام بالثقة أم المنافع قصيرة الأجل التي تتحقق جراء خيانة الثقة( ).

من جهة أخرى، نجد أنه في الوقت الراهن، يتم النظر إلى مثلث العلاقات الإيرانية – الأمريكية – ودول مجلس التعاون الخليجي من منظور عدم الثقة، فيلاحظ أن كلاً من إيران وواشنطن يعتبر الآخر تهديداً له، كذلك تنظر دول مجلس التعاون الخليجي إلى إيران كمصدر تهديد، وتنظر إلى العلاقات الإيرانية – الأمريكية كمصدر تهديد، وعلى الرغم من ذلك تتفق هذه الأطراف على وجود مصالح جزئية مشتركة بينهم.

وتُعد المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني نموذجاً للتعاون الدولي من دون ثقة، فكل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي لا يرغب في تمكين إيران من امتلاك قوة نووية تُمكنه من إيجاد السلاح النووي، وتدعم فرض العقوبات على إيران التي تحول دون ذلك. في حين أن إيران تسعى إلى رفع هذه العقوبات التي تؤثر على اقتصادها وتؤثر على تطويرها لمستوى البنية التحتية للدولة الإيرانية في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعي­ة. كما ترى إيران أنها تكتسب قوة شرعية من خلال جلوسها على طاولة المفاوضات منذ الإعلان عن تطوير برنامجها النووي، واعتبارها خصماً قوياً في هذه المفاوضات وهو ما يشكل مصلحة لها تعزز من نفوذها الإقليمي.

وعلى الرغم من الإعلان عن الاتفاق الإطاري الذي يهدف إلى الحد من برنامج إيران النووي في 2 أبريل 2015، يلاحظ إجراءات عدم الثقة التي لاتزال تؤثر على المفاوضات بين الدول الغربية (الصين، وروسيا، والولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا) وإيران، فقد أكدت القوى الدولية الست على الإبقاء على العقوبات دون تغيير حتى تطمئن لالتزام إيران بشروط الاتفاق مع التأكيد على إمكانية عودة العقوبات في أي وقت تتقاعس فيه إيران عن الوفاء بالتزاماته­ا( ).

كذلك ترى دول مجلس التعاون الخليجي أن إيران تتدخل في دول المنطقة بشكل ممنهج مستمر لسنوات لتصدير الثورة الإيرانية، وقد صرح وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبداله بن زايد في مؤتمر صحفي عقد في 8 أبريل 2015 "أننا نتطلع إلى أن تكون لنا علاقة طبيعية وإيجابية ونموذجية مع إيران... ومع الأسف لا تترك لشركائها في المنطقة هذا الأمل.. وكل مرة تستغرب لما تقوم به في المنطقة من إفساد لدولنا ومنطقتنا".

وبالتالي تنظر دول مجلس التعاون الخليجي للاتفاق الذي تدعمه إدارة أوباما مع إيران كجزء من المشكلة التي تواجهها دول الإقليم، ويعكس ذلك مستوى التمثيل الذي حضر اجتماع أوباما معها في كامب ديفيد في 13 – 14 مايو 2015؛ فقد حضره فقط اثنان من حكام دول المجلس أما البقية فقد أرسلوا وفوداً تمثلهم.

ويُلاحظ أن وزارة الخارجية الأمريكية تدافع منذ شهر عن إيران في مواجهة تلميحات بأنها على شفا مخالفة بند من بنود اتفاق مؤقت تم التوصل إليه مع القوى العالمية عام 2013؛ ويقضي بتخفيض مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب. وتقول إدارة الرئيس باراك أوباما إنها على دراية بالمخالفات المشتبه أن تكون إيران قد ارتكبتها لكن الاتفاق

المؤقت الموقع في نوفمبر 2013، وتم تمديده ثلاث مرات لا يشملها.

كما تؤكد أن تقريراً أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي توصل إلى أن إيران ملتزمة بالاتفاق المؤقت، وذلك بعدم احتفاظها بكميات من اليورانيوم منخفض التخصيب في نهاية يونيو أكبر مما كان لديها قبل ذلك بثلاثة أشهر. وعلى الرغم من معارضة البعض التي يُشير إلى أن إيران لم تحقق هذا الهدف سوى بتحويل بعض اليورانيوم منخفض التخصيب إلى صورة يمكن بسهولة إعادتها إلى حالتها السابقة فيما يمثل انتهاكاً لروح الاتفاق إن لم يكن نصه( ).

من ناحية أخرى، لاتزال تصريحات المسؤولين في إيران تؤجج أجواء عدم الثقة بالجانب الأمريكي، فعلى سبيل المثال، ركز المرشد العام في إيران على الانتهاكات الأمريكية التي طالت الشعب الإيراني، وهو ما استعرضه على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت عنوان "أسبوع انتهاكات حقوق الإنسان الأمريكية (American Human Rights Week )، وهو ما يواكب المفاوضات الجارية على أساس الاتفاق الإطاري الذي انعقد في 2 أبريل 2015، حول الاتفاق المؤقت الذي أبرم في نوفمبر 2013، ونص على رفع محدود للعقوبات في مقابل وقف إنتاج اليورانيوم الذي يخصب لدرجة نقاء تبلغ 20 في المائة، والتي تم مدها للمرة الرابعة في 7 يوليو 2015. 2- الاستراتيج­يات المؤسسية (Institutio­nal Strategies ): وهي تنطلق من أن الفاعلين يحتاجون إلى إجراءات تحد من قدرة الآخرين على استغلالهم بصورة تضر بمصالحهم. ويتم التعاون استناداً إلى المبادئ، والقواعد، والقيم التي يتم التوافق عليها في هذه المؤسسات( ).

ويعتبر الاتحاد الأوروبي نموذجاً لهذه الاستراتيج­يات، فالاتحاد الأوروبي نشأ بهدف إنهاء الحروب المتكررة بين الدول الأوروبية التي بلغت أوجها في الحرب العالمية الثانية، وقد تطور التعاون بين الدول الذي بدأ عام 1950 تحت اسم الجماعة الأوروبية للفحم الحجري والصلب ليضم ست دول فقط هي بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ولوكسمبورج وهولندا سعت إلى تجاوز حالة عدم الثقة، ووضع المبادئ، والقواعد، والقيم، والمعايير التي يتم التعاون على أساسها من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية، وقد تطورت هذه المؤسسة حتى وصلت لمؤسسة الاتحاد الأوروبي التي نراها اليوم والتي أضحت تضم 28 دولة في الوقت الراهن. وتعتبر حالتْي جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي نموذجاً لهذه الاستراتيج­ية؛ لكن يعكس نظام التصويت في كلتا المنظمتين الذي ينص على أن تصدر القرارات في المسائل الموضوعية بإجماع الدول الأعضاء في المنظمتين. ختاماً، تعكس نماذج التعاون من دون الثقة حقيقة أن الدول تستطيع تجاوز الحواجز التي يفرضها الشك وعدم الثقة المتبادل، من خلال البدء في اتفاقيات محدودة النطاق أو التوافق حول إجراءات وقواعد مؤسسية، حتى تحد من حجم المخاطرة، وتتمكن في الوقت نفسه من اختبار نوايا الأطراف الأخرى.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates