Trending Events

الدول المُتداعية:

تصاعد قوة الفاعلين من غير الدول في الشرق الأوسط

- أحمد عبدالعليم باحث بوحدة الدراسات المستقبلية - مكتبة الاسكندرية

تعصف بمنطقة الشرق الأوسط العديد من التفاعلات السياسية المختلفة، والتي يغلب عليها الطابع الصراعي، وذلك في ظل التشابكات الإقليمية المختلفة، ومحاولة القوى الإقليمية الأبرز الحصول على مناطق نفوذ أكثر، خاصةً في الدول التي شهدت انتفاضات خلال السنوات الأربع الماضية، وما يمكن أن ينتج عن تلك التشابكات المختلفة من تغيير للمشهد السياسي في المنطقة، وهو تغيير بالضرورة له تداعياته المباشرة وغير المباشرة على مجمل العلاقات الدولية نظراً للأهمية الاستراتيج­ية والاقتصادي­ة والجيوسياس­ية الكبرى لمنطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، يعرض التقرير التالي أبرز الاتجاهات السائدة في الدوريات الأكاديمية ومراكز الفكر الغربية حول التطورات المتلاحقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصةً فيما يتعلق بالتطورات السياسية التي تشهدها تركيا إثر نتائج الانتخابات الأخيرة، وما يمكن أن يترتب عليها من تغيُّر في السياسة الخارجية التركية. ومن جانب آخر فإن المنطقة تشهد انهياراً للدول القومية في مقابل صعود أكبر للفاعلين من غير الدول، حيث إن تنظيم (داعش) يشهد مزيداً من التمدُّد والنفوذ في الذكرى الأولى لإعلان دولته، كما تشهد الجماعات والميليشيا­ت المُسلَّحة مزيداً من النفوذ والقوة في مواجهة الدول، بعد انهيار الجيوش الوطنية في عدد منها في المنطقة.

�أولاً: �لانتخابات �لتركية: �صربة جديدة للاإ�صلام �ل�صيا�صي

تشير الباحثة Nora Fisher Onar في مقالها بمجلة ذا ناشونال إنترست)1) إلى أن الانتخابات التركية الأخيرة تعتبر ضربة جديدة للإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط، فلم يحصل حزب العدالة والتنمية إلا على )258( مقعداً، وهي مقاعد غير كافية لتشكيل حكومة منفردة. كما أن هذه النتائج من شأنها أن تكبح جماح طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تغيير الدستور التركي وتحويل النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي. من جانب آخر قُوبلت تلك الهزيمة لحزب أردوغان بصعود سياسي للأكراد، الذين حصلوا على نسبة تؤهلهم للوجود في البرلمان للمرة الأولى في تاريخهم، حيث حصل حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة (13%) من الأصوات، ونجح رئيس الحزب صلاح الدين دميرتاش في استغلال التعبئة الجماهيرية ضد أردوغان، باعتماده على برنامج قائم على أن التعددية هي الحل الأمثل لمشاكل تركيا.

وتؤكد الباحثة في مقالها، أن هذا التراجع المدوِّي لحزب العدالة والتنمية يأتي بعد تسارع وتيرة الأسلمة لكل المجالات الرئيسية في تركيا، خاصة في التعليم، نتيجة سيطرة حزب العدالة والتنمية. ومن ثم فنتائج الانتخابات تعتبر تتويجاً لجهود الأكراد والعلمانيي­ن في مواجهة الطموحات الأردوغاني­ة للهيمنة منذ عام 2002 من جانب، والجهود الأخرى الرامية إلى ترسيخ الإسلاموية من جانبٍ آخر، وهو ما يؤكده الباحث " Ömer Taşpınar " في مقال بمعهد بروكينجز)2،) حيث يشير إلى أن تركيا تعيش حالياً الموجة الثانية من التحوُّل الديمقراطي، من خلال مناهضة حزب العدالة والتنمية الذي بات يحاول تكريس السلطة بشتى الطرق، ويرى أن المعارضة السياسية عليها أن تتوافق من أجل مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي يحاول أن يستحوذ على السلطة بشكل أكبر، وعلى الأكراد أن يكونوا أكثر جاهزية من أجل التأثير في السياسة التركية من خلال وجودهم في البرلمان، وكذلك من أجل مواجهة الطموحات الأردوغاني­ة.

وفي السياق ذاته؛ يتفق الباحث "Soner Cagaptay "(3(، مع الباحثة Nora Fisher Onar ، في أن نتائج الانتخابات التركية لها آثار محتملة على الاقتصاد والسياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا، وكذلك على مستقبل الأكراد بشكلٍ عام. ويتوقع أن تشهد تركيا انتخابات مبكرة

في ظل عدم رغبة المعارضة في تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب العدالة والتنمية، حيث إن الدستور التركي يوجب تشكيل حكومة خلال خمسة وأربعين يوماً من الانتخابات. كذلك يشير الباحث إلى أن النتائج أثبتت أن تركيا كبيرة ومتنوعة للغاية، وأنها أكبر من أن يهيمن عليها حزب واحد. ويرى أن تشكيل البرلمان التركي الحالي يعتبر الأكثر تنوعاً في ظل وجود عدد كبير من النساء بما يقارب )20(% من البرلمان، وفي ظل وجود أعضاء شباب، وأقليات عرقية ودينية وسياسية منها الأرمن، وبالتالي فإن هذا التنوع يؤكد أن هناك احتمالاً قوياً بأن ثمة تغييراً في السياسة التركية سوف يحدث مستقبلاً في ظل عدم هيمنة حزب واحد.

وفي الإطار نفسه؛ فإن الباحث "Aaron Stein " في مقال بالمجلس الأطلسي)4،) يشير إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي فاجأ كل المراقبين في الانتخابات التركية الأخيرة، وتجاوز توقعات استطلاعات الرأي التي أشارت إلى أنه سيحصل بالكاد على )10(% من الأصوات. ويرى أنه من الصعب تشكيل حكومة ائتلافية، وإن كان حزب العدالة والتنمية وحده لا يزال هو القادر على تحديد ذلك من خلال تحركاته السياسية، في حال توافق أردوغان مع حزب الشعب الجمهوري الحاصل على ربع أصوات البرلمان، وأن ذلك من شأنه أن يُسرع من الإصلاحات الاقتصادية وكذلك التوافق حول دستور جديد لا يشمل التحول لنظام رئاسي. السيناريو الآخر أنه قد يتم التوافق بين الأحزاب الثلاثة الحاصلة على نسب أقل من حزب العدالة والتنمية، فحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية بالإضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطي يشكلون نسبة تبلغ حوالي )54(% من مقاعد البرلمان. ومحددات هذا السيناريو هو مقدار التنازلات التي من الممكن أن يقدمها أي طرف من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.

وتشير السيناريوه­ات إلى أن حزب العدالة والتنمية لن يحاول تشكيل حكومة أقلية تجعل المعارضة أكبر منه، وقادرة على تعطيل المشاريع المقترحة بل والإطاحة بالحكومة. وكذلك إذا توافق حزب الشعوب الديمقراطي مع حزب العدالة والتنمية فسيكون هناك توافق على المسارات الداخلية، خاصة فيما يتعلق بتحسين أوضاع الأكراد ولكن سوف يكون هناك اختلاف في السياسة الخارجية. أما إذا تمّ الائتلاف الحكومي مع حزب الحركة القومية فسوف تكون هناك مشكلة فيما يتعلق بإتمام أي توافق مع الأكراد وسيكون هناك اختلاف في السياسة الخارجية. وبالتالي فإنه في كل الأحوال سيكون حزب العدالة والتنمية مضطراً لإجراء انتخابات مبكرة قد لا يحصل فيها على أغلبية مريحة أو سيكون مضطراً لتقديم تنازلات من أجل تشكيل حكومة ائتلافية، وهي تنازلات بالضرورة

سوف تؤثر على السياسة الخارجية التركية.

ثانياً: عام على د�ع�ش: ��صتمر�ر �لتوُّ�صع �لاإقليمي

إن المخاطر المتزايدة لتنظيم "داعش" يتم النظر إليها بقلقٍ كبير وتوجُّس، خاصة في ظل زيادة قوة التنظيم وقدرته على اجتذاب متطوعين جُدد من شتى أنحاء العالم. ولاشك أن استمرار التوسُّع الإقليمي للتنظيم بالشرق الأوسط سوف يزيد من حدة العنف بالمنطقة ويفاقم من الأوضاع غير المستقرة فيها. وفي هذا الإطار، يرى الباحث "-Julien Barnes "Dacey(5) وهو باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقاله المنشور على موقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن سوريا والعراق غارقتان في حرب أهلية وطائفية عنيفة، وهو ما يعتبر أحد أسباب بقاء داعش وتمددها، فهي تتيح بيئة صالحة لنمو التنظيم. كما يشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد مرحلة تحولات جذرية عنيفة سوف يترتب عليها تغيُّر في الفاعلين بالمنطقة. ويرجع الباحث جذور هذه التحولات إلى عزو العراق عام 2003، وما ترتب على ذلك من تسليم السلطة إلى الشيعة وزيادة النفوذ الإيراني بالعراق، بعدما كانت بمنزلة حصن ضد الطموحات الإيرانية التوسعية بالمنطقة. وتشكل سوريا أيضاً جزءاً من النفوذ الإيراني الجديد وإجمالاً يشير الباحث إلى أن الشرق الأوسط يشهد زيادة في وتيرة العنف والتشظي الجغرافي والطائفي، بالإضافة إلى صعود الجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية، والأيدولوج­يات عبر الوطنية، وأن داعش ليس إلا المظهر الأكثر وضوحاً في هذا الاتجاه.

وفي السياق ذاته، تشير دراسة نشرتها "Institute for "the Study of War )6،( وهي دراسة أعدّها مجموعة من الباحثين، إلى أن عام مر على إعلان داعش الخلافة، وبالتالي فإن التنظيم سوف يحاول خلال الشهور الحالية تضخيم مكاسبه ويزيد من توسعه العسكري في المنطقة، فمجرد مرور عام على إعلان الخلافة هو نجاح يُحسب لداعش وهو ما سيحاول التنظيم إثباته من خلال القيام بهجمات مروعة، وسوف يكون

التحرك القادم هو الاستيلاء على العواصم التاريخية. كذلك فإنه سيحاول زيادة وتيرة الحرب الطائفية أو الدينية الإقليمية، وذلك من خلال استهداف المقدسات الدينية الشيعية في كربلاء والنجف وسامراء، وهو ما سوف يحافظ على الزخم العسكري لداعش خلال الفترات المقبلة.

من جانب آخر، تشير الدراسة إلى أنه على صانعي السياسة الأمريكيين الاعتراف بأن تنظيم داعش قوي، ويثبت أنه لا يُهزم حتى الآن، وأن قدراته سوف تسمح له بالإبقاء على الوضع الراهن في العراق وسوريا في ظل عمليات مستقبلية أوسع وأكثر تدميراً، وهو ما يستدعي ضرورة زيادة الجهود من أجل مواجهته وتغيير قواعد الاشتباك معه وزيادة الموارد المخصصة لمواجهته ومحاولة التنبؤ بتحركاته وأهدافه المستقبلية.

من جانبه يؤكد الباحث "Rod Barton "(7) أن التوسُّع الإقليمي لداعش قد يشمل مستقبلًا امتلاك أسلحة كيماوية قاتلة، ويتساءل عن مدى استعداد المجتمع الدولي لمثل ذلك التطور. حيث يذكر الباحث أن هناك مزاعم بأن داعش يقوم بتجنيد مهنيين مدربين تدريباً متقدماً من الناحية التقنية لتطوير الأسلحة الكيميائية، وهو ما يثير القلق بشأن تطور الأوضاع في الشرق الأوسط. كذلك أشارت بعض تقارير في أواخر العام الماضي إلى استخدام داعش قنابل فيها غاز الكلور في هجمات ضد القوات العراقية. وعلى الرغم من ذلك فإن الباحث يرى أنه من الصعب حصول داعش على المواد الخام أو الخبرة اللازمة للوصول إلى الأسلحة الكيميائية، ولكن في كل الأحوال على المجتمع الدولي أن يكون أكثر استعداداً لمواجهة كافة السيناريوه­ات التوسُّعية لداعش وتحقيق مزيد من الانتصارات في سوريا والعراق.

ثالثاً: ليبيا و�ليمن: نماذج للدول �لمتد�عية في �ل�صرق �لاأو�صط

يشير الباحث "Yezid Sayigh " في دراسة مطوّلة منشورة بمركز كانريجي)8،) إلى أنه يمكن التعامل مع ليبيا واليمن، باعتبارهما دولتين متداعيتين أو منهارتين، حيث يرى أن الانتفاضات الشعبية التي قامت ضد الأنظمة المستبدة في الدولتين مطلع عام 2011، ترتَّب عليها انهيار في الجهاز الرسمي للدولة. ويشير الباحث إلى أن المهمة الأصعب هي إعادة هيكلة قطاع الأمن وإصلاحه، وأن عدم إصلاح أجهزة الأمن هو السبب الرئيسي في حدوث حرب أهلية في ليبيا، وحدوث تمرد في اليمن. ويصف يزيد صايغ الأمن في ليبيا بأنه "الأمن الهجين" خاصة في ضوء وجود تحديات كبيرة تواجه المجلس الوطني الانتقالي الحالي أهمها قدرته على نزع السلاح من الثوار المسلحين في ليبيا، وإعادة دمجهم في المجتمع، حيث سعى المجلس الوطني الانتقالي لاستيعابهم من خلال إنشاء الهياكل الأمنية المختلطة ودمج الميليشيات الثورية مع القطاع الأمني الرسمي. ولكن لم يحدث توافق بينهم، حيث رفضت ميليشيات الثورة أي إشراف أو رقابة من قبل وزارة الداخلية، وبالتالي فإن الدولة الليبية كما يرى الباحث، باتت على وشك الانهيار، في ظل صراعات سياسية طاحنة، ووجود ميليشيات مسلحة تكاد تمهد لحرب أهلية، بالإضافة إلى وجود إرث تشريعي ورقابي ضعيف للغاية.

أما في اليمن، فيرى صايغ أن إصلاح قطاع الأمن كان في أولويات المطالب بعد رحيل علي عبداله صالح بوساطة خليجية. وكان للنخبة الفاعلة المتنافسة الراغبة في إضعاف قبضة صالح دور كبير في التأثير على مسار إصلاح القطاع الأمني، بالإضافة إلى الفاعلين من الدول الخارجية. ومن ثم أصبح الوضع الأمني في اليمن أقرب إلى "الأمن البديل"، حيث إن مَن يقوم بتوفير الأمن ليس الدولة، ولكن القبائل أو الجهات المجتمعية غير الحكومية. وكذلك فإن الحديث عن إعادة هيكلة الأمن لم يتم جغرافيا خارج إطار العاصمة، حيث إنه خارج صنعاء لم يتغير الوضع كثيراً وتمّ تغيير القادة المحليين وتعيين غيرهم على أساس الانتماء الحزبي. بالإضافة إلى ذلك فإن ليبيا واليمن تشهدان حالة من حالات عدم تحقيق العدالة الانتقالية، ويرى كثير من الليبيين أن القضاة الموجودين هم قضاة القذافي وبالتالي فهم لا يثقون فيهم، وبالتالي فإن الأوضاع الأمنية غير المستقرة تؤكد عدم وجود الدولة وتراجعها لصالح جماعات أو قبائل أو مسلحين في كلا الدولتين، وهو ما ينذر بخطر حقيقي على الأمن القومي ليس للدولتين فقط ولكن على الشرق الأوسط بأكمله.

وفي دراسة للباحث "Athanasios Manis ")9،( يرى أنه كما الحال في سوريا والعراق، فإن اليمن مثال آخر على انهيار الدول بالشرق الأوسط، وذلك في ظل انعدام الأمن المتزايد. من جانب آخر هناك صراع اللاعبين الإقليمين على اليمن في ظل وجود صراعات داخلية على السلطة بين الحوثيين الشيعة، والقوات الموالية لعلي عبداله صالح من جهة، وبين القوات المضادة لهم من جهة أخرى. ويرى الباحث أن الدبلوماسي­ة والمفاوضات ليست كفيلة بحل الصراع

في اليمن حتى في المدى الطويل. ويؤكد الباحث أن اليمن في طريقها إلى أن تتحول إلى سوريا، وأن هناك مؤشرات لافتة في هذا الاتجاه، أهمها تدهور العلاقة بين المركز السياسي (صنعاء) والأطراف (الحوثيين في الشمال)، وكذلك هناك انقسامات اجتماعية واقتصادية شديدة بين النخبة السياسية وبين باقي السكان، بالإضافة إلى التدخل العسكري لقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية من جانب والدعم العسكري والدبلوماس­ي للحوثيين من قِبل إيران من جانب آخر. وبذلك فإن الصراع الحالي في اليمن ليس ظاهرة محلية تعتمد على الديناميات الداخلية والخصوصية التاريخية، ولكن الصراع هو جزء من ديناميات إقليمية أوسع.

وفي السياق ذاته؛ يشير الباحثان "Ariel l.ahram "و"Frederic Wehrey "(10) في دراسة بمعهد بروكنجيز، إلى أنه في مواجهة انهيار الجيوش الوطنية في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرهم من الدول العربية، فإن التحالفات في تلك الدول قد تحولت إلى التحالف مع الميليشيات المسلحة من أجل ضمان الأمن. وأن انهيار المؤسسات العسكرية في تلك الدول هو ما عجّل بانهيارها. من جانب آخر تلك الميليشيات وإن أثبتت فعاليتها في مواجهة التمرد أو مكافحة الإرهاب إلا أنها قد ارتكبت فظائع ضد المدنيين، كذلك فإن فكرة تقويض احتكار الحكومة المركزية للقوة يهدد تماسك الدولة بشكل كبير، ويؤكد أن الدولة باتت أضعف في مواجهة تلك الميليشيات.

� لخاتمة

يمكن القول إن الشرق الأوسط يشهد صعوداً أكبر للفاعلين من غير الدول، فتنظيم داعش يشهد مزيداً من التوسُّع الإقليمي، كذلك فإن الميليشيات المسلحة في ليبيا والعراق تحاول أن تستحوذ على مزيد من النفوذ وعلى قدر من السُلطة يُمكّنها من الاستمرار في حمل السلاح وفي الوجود كقوى موازية بجانب الجيوش الوطنية وأجهزة الدولة. أما اليمن فإنها باتت على طريق سوريا سواء من حيث الصراع السياسي وانتشار الجماعات المسلحة وإمكانية قيام حرب أهلية وشيكة أو حتى من حيث اعتبارها منطقة للصراع على النفوذ بين كل من المملكة العربية السعودية وإيران.

وحتى الدول التي تشهد استقراراً سياسياً خلال العقد الماضي، مثل تركيا، باتت هي الأخرى في مواجهة موجة من التغيير إزاء التراجع السياسي المدوِّي لحزب العدالة والتنمية وما يمكن أن يترتب على ذلك من تغيير في السياسة الخارجية التركية ومواجهة الطموحات الأردوغاني­ة بتحويل تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي يستحوذ فيه أردوغان وحزبه على السلطة بشكل منفرد. ويمكن القول إن تداعي الدول وتراجعها بل وانهيارها في الإقليم لن يُشكِّل تهديداً مستقبلياً على الأمن القومي في الشرق الأوسط فحسب ولكن سوف يكون حجر الزاوية في اتجاه عدم الاستقرار الدولي.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates