التحيزات العرقية:
تداعيات التركيبة الإثنية غير المتوازنة في بنية الجيوش الأفريقية
تعاني أفريقيا ظهور متلازمة "الفراغ العسكري"، حيث عجزت الجيوش عن مواجهة الحركات المسلحة المناهضة للحكومات القائمة على الرغم من ارتفاع الإنفاق العسكري في دول القارة بحوالي 8.3% وفقاً لتقرير أعده معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI) في عام 2014 ويعد أحد أهم الأسباب المفسرة لهذه الظاهرة هو تعزيز العرقية والطائفية في بنية الجيوش الأفريقية. وقد ترتب على ذلك، افتقاد الجيش لسمته الوطنية، وتراجع شرعيته أمام قطاعات شعبية واسعة، وهو الأمر الذي أثر سلباً على مهنيته وقدراته القتالية، وبالتالي مهد لظهور حالة من الفراغ الأمني في عدد من الدول الأفريقية سعت شركات الأمن الخاصة لملئه، غير أن هذا البديل لايزال محل جدال ويثير العديد من التساؤلات والمخاوف.
اأولاً: العرقية اإرث ا�صتعماري ر�صخته القيادات ال�صيا�صية
ظهرت مشكلة "الانحياز" العرقي (Ethnic Bias ) للجيوش الأفريقية منذ عهد الاستعمار، حيث كان يتم الاعتماد على أقليات إثنية دون غيرها في التجنيد للجيوش التي نشأت في ظل الاستعمار، وقد مثّل ذلك المسلك استراتيجية اتبعها المستعمر من أجل تحجيم الجماعات العرقية ذات النفوذ، خاصة تلك التي مثلت تهديداً لحكم المستعمر واستغاله الثروات الطبيعية. ولذلك شكلت بعض الأقليات العرقية الجزء الأكبر من القوات المسلحة الاستعمارية مثل أقلية التوتسي في بوروندي ورواندا، ومجتمعات "الرعاة" في شمال غانا ونيجيريا وتوجو( ).
وبعد أن نالت الدول الأفريقية استقالها، اختارت الحكومات الاحتفاظ بذات الجيوش الطائفية التي ورثتها عن
الاستعمار، بدلاً من إصاح نظام التجنيد في القوات المسلحة لتأسيس جيوش وطنية تضم جميع العرقيات والطوائف. ولذلك لم يكن من المستغرب أن الموجة الأولى من الانقابات التي شهدها عصر ما بعد الاستقال كانت من تدبير ضباط الجيش من الأقليات العرقية، مثل "إتيان إياديما" في توجو في عام 1963، وسانجولي لاميزانا في بوركينا فاسو في عام 1966، وجان بيديل بوكاسا في جمهورية أفريقيا الوسطى في عام 1966، و"عيدي أمين دادا" في أوغندا في عام 1971. وأدى ذلك إلى ظهور عاقات مدنية – عسكرية اتسمت بانعدام الثقة، والصراع المحموم على السلطة بين النظام الحاكم والمؤسسة العسكرية في غالبية الدول الأفريقية.
ثانياً: الا�صتراتيجيات الاأفريقية لل�صيطرة على الجيو�ش
أدركت القيادات السياسية التهديد الذي يمثله الجيش على حكمها، ولذلك عمدت إلى اتباع استراتيجيات مختلفة لضمان سيطرتها عليه، ويمكن في هذا الإطار التمييز بين ثاث استراتيجيات رئيسية هي: 1- جيش الأقلية العرقية: فقد سعى بعض القادة الأفارقة للهيمنة على الجيش وكسب