Trending Events

كيف يتم فهم السياسة الخارجية السعودية؟

د. عوض البادي

- أكاديمي ومستشار، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية- الرياض

أضحت دوافع السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، أكثر من أي وقت مضى، موضوعاً ساخناً للتحليلات والتعليقات والتكهنات والدعايات المضادة.

لقد أطلق النهج "الجديد" الذي يتسم بروح المبادرة على الساحة الإقليمية، العنان لأنواع التفسيرات المتناقضة كافة في محاولة لتفسير منطق هذه السياسة. وفي خضم هذه التحليلات الانطباعية التي تتجاهل الأساس المنطقي الذي يوجه هذا السلوك، تروج مفاهيم خاطئة على نطاق واسع، ما يسهم في سوء فهم الدوافع الحقيقية للسياسة الإقليمية التي تنتهجها المملكة.

اأولً:محدداتاأ�سا�سيةلل�سيا�سةالخارجية

في عالم الدول القومية ‪Nation States(‬ ،) يكون بقاء الدولة والحفاظ عليها هو الدافع الأساسي الذي يحرّك سلوكها، والمملكة ليست استثناءً من ذلك. وبذلك فإن الحفاظ على الاستقرار والأمن الداخلي والإقليمي أهم محددات سلوكها. والمملكة بطبيعتها كدولة ملكية محافظة- دولة وضع قائم ‪Status Quo State(‬ ،) فهي لا تتقبل بسهولة أي تغييرات جذرية من شأنها تهديد النظام الداخلي أو الإقليمي القائم.

وفي ظل نشوء "دول وطنية" جديدة في العالم العربي تتقاسم الأهداف الوطنية ذاتها، كالحفاظ على بقاء الدولة واستقلالها، تبلور نظام إقليمي يتسق مع الرابط المشترك الذي يجمع بينها، أي العروبة، عبر إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 ثم وكالاتها المتخصصة. وقد عكس هذا النظام الإقليمي العربي رغبة دوله في تعزيز وتدعيم الوضع الراهن الذي يعترف بشرعية نظام "الدول الوطنية" وسياساتها المستقلة.

وعلى الرغم من إخفاقات النظام الإقليمي العربي المستمرة في مواجهة التهديدات الإقليمية والتسبب في الانكشاف الاستراتيج­ي للمنطقة ككل، فإنه مثل الوسيلة الرئيسية للحفاظ على الوضع الراهن في العالم العربي، وكان وجود مراكز قوة متعددة متماسكة ضمن هذا النظام الإقليمي، كمصر والعراق وسوريا والسعودية، ضمانة للحفاظ على الحد الأدنى من عوامل تماسكه.

ونظراً لكون منطقة الشرق الأوسط ليست منطقة عربية "خالصة"، فإن الحفاظ على ميزان القوى الإقليمي فيها اعتمد على القوى الدولية المهيمنة على النظام الدولي- بريطانيا ثم الولايات المتحدة- كوسيلة للحفاظ على الأمن الإقليمي، وبطبيعة الحال أمن المملكة واستقرارها. وعندما واجه هذا النظام، خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، تهديدات أيديولوجية عابرة للحدود الوطنية أو اتجاهات تسعى لتغيير الوضع القائم، كانت المملكة دائماً محركاً ومركزاً للنشاط الدبلوماسي لاحتواء هذه التهديدات، فلقد نجحت عبر تعبئة مواردها المادية والسياسية والقوة الناعمة التي تمتلكها وتحالفاتها الدولية، في الحفاظ على الوضع الراهن.

لقد تصدت المملكة للموجة القومية التي مثلها عبدالناصر، إذ رأت في إيديولوجيت­ه تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي. كما تصدت للشيوعيين، وساندت العراق في الحرب العراقية-الإيرانية عندما اتضح لها أن الإيرانيين يسعون لتغيير الوضع الإقليمي القائم، ووقفت بثبات ضد غزو صدام حسين للكويت، فلم يكن مسموحاً

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates