ضغوط موسكو:

تحركات روسية لوقف تجديد العقوبات الأوروبية

مددت الولايات المتحدة في مارس 2016 العقوبات المفروضة على روسيا منذ العام 2014 حتى 6 مارس 2017 وذلك بسبب تدخلها "المزعوم" في شرق أوكرانيا وضمها لشبه جزيرة القرم، كما نجحت واشنطن في تعبئة حلفائها الأوروبيين لفرض عقوبات مماثلة، وتسعى لتمديد العقوبات الأوروبية ضد موسكو مرة أخرى، والمقرر مراجعتها في يوليو 2016.

ويتمثل التطور اللافت في أن أوروبا لم تعد موحدة فيما يتعلق بتجديد العقوبات ضد روسيا لمدة ستة أشهر أخرى، فلقد ظهرت مؤخراً بوادر انشقاق داخل الاتحاد، وهو ما وضح في مطالبة إيطاليا في ديسمبر 2015 بمراجعة العقوبات المفروضة رافضةً تجديدها تلقائياً) .)

ويدعم عدد من أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين موقف روما، ومنهم فيينا والمجر وسلوفاكيا واليونان، وهو ما ينبئ بأن الاجتماع الذي سيعقد في يوليو 2016 قد يشهد انقساماً أوروبياً إلى جبهتين حول مسألة تجديد العقوبات ضد روسيا، وهو ما يثير التساؤل حول أسباب التحول في موقف هذه الدول وأبعاد الدور الروسي لتعزيز هذا الانقسام.

اأولً: اأ�سرار متبادلة

سعت بروكسل لتوجيه ضربة مالية لموسكو بعد ضم روسيا للقرم من أجل إجبارها على التخلي عن سياستها العدائية تجاه أوكرانيا، وعلى الرغم من معاناة الاقتصاد الروسي خلال العامين الماضيين، وانكماشه بنسبة 4% في عام 2015 وحده) فإن أوروبا عانت اقتصادياً هي الأخرى، سواء من جراء العقوبات التي فرضتها بنفسها، أو من جراء العقوبات المضادة التي فرضتها موسكو في أغسطس 2014.

وقد تراجع حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي بعد فرض العقوبات، إذ هبط من 326 مليار يورو في عام 2014 إلى 208 مليار يورو في عام 2015 ،) وانخفضت الصادرات الزراعية والغذائية من أوروبا إلى روسيا بنسبة 43% في 2015.

وقد تحملت الدول التي تربطها بروسيا علاقات اقتصادية قوية العبء الأكبر من التداعيات الاقتصادية، فقد خسرت إيطاليا – وهي ثاني أكبر شريك اقتصادي لروسيا – حوالي 3.5 مليار يورو سنوياً، فقد تراجعت الصادرات الإيطالية إلى روسيا من حوالي 11 مليار يورو سنوياً، إلى 7,4 مليار يورو سنوياً) .)

ثانياً: ورقة الطاقة الرو�سية

مع وصول الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة الحكم في عام 2000، قامت كبرى الشركات الأوروبية بشراء شركات روسية في عدد كبير من الصناعات، ولذلك نجد أنه في الوقت الذي قرر فيه الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات ضد روسيا في عام 2014، قامت مجموعة كبيرة من الشركات الأوروبية بالعمل كجبهة موحدة ضد هذا القرار بدعوى أنه سيؤدي إلى خسائر فادحة للنشاط التجاري الأوروبي.