Soft Military
أنماط التوظيف الطوعي للقوة الصلبة في التفاعلات الدولية مني مصطفي محمد
اأولً: تحولت مفهوم القوة
يعد جوزيف ناي من أبرز المنظرين للتحول في مفهوم القوة، خاصة أطروحاته النظرية غير التقليدية حول الأبعاد غير الملموسة للقوة Intangible Power( ) مثل القوة الناعمة Soft Power( ،) التي يمكن اعتبارها الأطروحة المركزية ل "جوزيف ناي" منذ كتابه "مُلزمة بالقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية" الصادر عام 1990، والذي تبعه في العام ذاته نشر مقال في مجلة فورين بوليسي الأمريكية تحت عنوان "القوة الناعمة"، تأكيداً للتغير في طبيعة القوة في العلاقات الدولية) .)
ويمكن القول إن القوة الناعمة بمنزلة صيغة طوعية لممارسة القوة تختلف عن أشكال الإجبار )Coercion( وممارسة الضغوط Pressure() والمساومة والتدخل السياسي المباشر لفرض خيارات معينة على صانع القرار في الدولة المستهدفة؛ حيث تتمثل أهم أدواتها في الاستمالة بالإقناع والجاذبية من خلال تقديم النموذج المثالي للسياسات والممارسات والقيم، وذلك بالاعتماد على ثلاثة مصادر محورية للقوة الناعمة، تتمثل في: القيم السياسية للدولة التي تتجلى في مصداقية في سياساتها الداخلية والخارجية، والسلوك الخارجي للدولة حينما يتفق مع مقتضيات الشرعية الدولية، بالإضافة إلى الثقافة السائدة في الدولة عندما تصبح عالمية الانتشار وجاذبة للمجتمعات الأخرى) .)
وعلى الرغم من أن العديد من الأدبيات تتبني تفرقة جامدة بين مفهومي القوة الناعمة والقوة الصلبة، بيد أن جوزيف ناي قام في كتابه "مستقبل القوة" The Future of( Power) الصادر في عام 2011 بالتأكيد على وجود تداخل واضح بين كلا المفهومين وأن بعض الأفعال التي يتم تصنيفها في إطار القوة الصلبة يمكن أن تؤدي إلى إنتاج قوة ناعمة في النهاية) فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يؤدي السلوك التعاوني بين الدول إلى إنشاء تحالفات عسكرية، كما أن القوة العسكرية الصلبة من الممكن أن تؤدي إلى نتائج عسكرية صلبة أو تؤدي إلى إنشاء نموذج قوي ذي جاذبية لبعض الدول) .)