هل انتكست الديمقراطية الليبرالية؟
د. بهاء الدين مكاوي
ظلمفهومالديمقراطيةمن المفاهيمذاتالجاذبيةالشديدة لما يضمه من مجموعة من المبادئ والقيمالإنسانيةكالحرية،والمساواة، والعدالة،والشفافية،وحكمالقانون، وغيرها.
لقد ظل بعض الحكومات الاستبدادية تعد الشعوب وتمنيها بالديمقراطية، وبعد أن كان العالم خالياً من أية دولة ديمقراطية بالمعنى الحقيقي مطلع القرن العشرين، بلغ عدد الدول الديمقراطية منتصف تسعينيات القرن الماضي 120 دولة. لكن يبدو أن السنوات الأخيرة الماضية بدأت تشهد تصاعداً في عدد الأنظمة غير الديمقراطية من خلال الانقلابات العسكرية، كما فشلت بعض الدول في إتمام عملية التحول الديمقراطي وأدخلها ذلك في حروب أهلية دامية، كما في سوريا واليمن وليبيا، وتورطت دول ديمقراطية عريقة خلال حربها على الإرهاب في ممارسات تناقض أبسط قواعد الديمقراطية وتصادم الحريات العامة والدينية، وبرز في الآونة الأخيرة الحديث عن معادلة الأمن والحرية وحتمية المفاضلة بينهما.
اأولاً: مظاهر تراجع الديمقراطية
تتمثل أهم مظاهر التراجع الديمقراطي في عودة ظاهرة الانقلابات العسكرية من جديد بعد اختفائها لعقدين من الزمان، أي منذ انتهاء الحرب الباردة، فمنذ 2006 شهد العالم عدداً ليس بالقليل من الانقلابات العسكرية في بنجلاديش وموريتانيا وتايلاند وغيرها. وفي دول أخرى لم يقم الجيش بانقلاب مباشر على السلطة القائمة، ولكنه استعاد دوره المحوري في الحياة السياسية، كما في المكسيك والإكوادور وباكستان والفلبين.
كما تراجعت القناعة بالديمقراطية كنمط مثالي للحكم لدى الجماهير في بعض الدول كفنزويلا والفلبين وبوليفيا، حيث خرجت جماهيرها تطالب بإسقاط الحكومات المنتخبة، معبرة عن "حنينها إلى الماضي" بسبب عمق استيائها من القادة الجدد، الذين عجزوا عن تحقيق مطالب الجماهير.
وفي استطلاعات للرأي أجرتها )Global Barometer( اتضح أن هناك تراجعاً في معدلات دعم الديمقراطية في أفريقيا جنوب الصحراء وفي بعض دول أمريكا اللاتينية، مثل كولمبيا والإكوادور وغيرها.
كذلك أصيبت الجماهير بالإحباط إزاء سياسات ومواقف بعض القيادات المنتخبة، كما هي الحال في روسيا والفلبين. ووفقاً لتقرير Freedom( House Report ) لعام 2014 فإن نهج بعض الحكام المنتخبين اعتمد على "شمولية حداثية" عمدوا فيها إلى تأطير عمل معارضيهم من دون التخلص منهم نهائياً، وتلاعبوا بالقوانين بهدف الحفاظ على شرعيتهم السياسية.
من جانب آخر، اتهمت حكومات منتخبة في دول ديمقراطية عريقة وراسخة في الثقافة والتقاليد الليبرالية باختراقها المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد نظمت سويسرا مثلاً استفتاء في أواخر عام 2009 حول حظر بناء المآذن بالبلاد، ووافق