قواعد الاشتباك:

دوافع الصدامات العسكرية المحدودة في الشرق الأوسط

وصلت الصراعات القائمة بين القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في أزمات منطقة الشرق الأوسط إلى مرحلة غير مسبوقة، حيث وصلت في بعض الحالات إلى اندلاع مواجهات عسكرية مباشرة محدودة، خاصة بعد استنفاد أغلب، إن لم يكن كافة الخيارات الأخرى الأقل تكلفة.

شهدت منطقة الشرق الأوسط خال الفترة الأخيرة اندلاع مواجهات عديدة بشكل مباشر أو التهديد بالانخراط فيها، على نحو يشير إلى أنها قد تتحول إلى محور رئيسي في التفاعات التي تجري بين تلك القوى خال المرحلة القادمة، ربما انتظاراً لاستحقاقات استراتيجية أخرى سوف تغير من معالم التوازنات الاستراتيجية القائمة في المرحلة الحالية.

اأولً: موؤ�سرات المواجهات المحدودة

كشفت مؤشرات عديدة خال الفترة الأخيرة عن اتساع نطاق المواجهات المباشرة كأحد أنماط التفاعات التي تجري بين القوى الإقليمية والدولية المعنية بأزمات المنطقة، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي: 1- المواجهة السورية – الإسرائيلية: فقد أسقطت الدفاعات الجوية السورية مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف – 16" في 10 فبراير 2018، فضاً عن قيام إيران باختراق المجال الجوي الإسرائيلي باستخدام طائرة من دون طيار محملة بمتفجرات، وذلك رداً

على قيام الطيران الإسرائيلي بتوجيه ضربات جوية ضد مواقع سورية وإيرانية.

وقد مثّل ذلك تحولاً لافتاً في مسار التفاعات بين إسرائيل من ناحية، وكل من إيران والنظام السوري وحزب الله من ناحية أخرى، خاصة أن الأطراف الثاثة الأخيرة بدت حريصة، خال الفترة السابقة، على عدم التصعيد مع تل أبيب، على الرغم من قيام الأخيرة بشن ضربات عديدة ضد مواقع وشحنات أسلحة قالت إنها كانت متوجهة إلى مواقع الحزب داخل لبنان. 2- إعاقة تركيا التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية القبرصية: حيث قامت القوات البحرية التركية بمنع الحفار "سابين 12000" التابع لشركة "إيني" الإيطالية من التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية القبرصية، في 11 فبراير 2018، بالتوازي مع التحذيرات التي وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لشركات النفط، في 12 من الشهر ذاته، مما أسماه "تخطي الحدود"، كما أعلنت تركيا عزمها القيام بكل الخطوات الازمة من أجل الحفاظ على حقوقها وحقوق الشطر الشمالي