Trending Events

مسارات مضطربة:

تعقيدات بناء الجيوش في الدول المنهارة في الشرق الأوسط

- د.محمد عزالعرب خبير الشؤون الخليجية ومدير تحرير التقرير الاستراتيج­ي العربي، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتي­جية، مصر

أواخر عام 2013.

وتهدف هذه المبادرة بالأساس إلى إنشاء شبكة من الطرق البرية والبحرية تتضمن تشييد شبكات من السكك الحديدية وأنابيب الغاز والنفط، وخطوط الطاقة الكهربائية وغيرها من البنى الأساسية بما يعزز من وضع الصين باعتبارها أهم مراكز العالم الاقتصادية والتجارية خال السنوات القليلة القادمة، وهو أمر ينطوي على فرص تطوير عدد من الموانئ الأفريقية، وكذلك تنمية محور قناة السويس لتطوير الموانئ وشبكات الطرق وخدمات التجارة والماحة، كما أنَّ هناك فرصة سانحة لدمج اكتشافات الغاز في البحر المتوسط في المشروعات المرتبطة بالمبادرة الصينية وأسواق الطاقة الإقليمية المتوقعة)3 .)

وتنشط مجموعة موانئ دبي العالمية في شرق أفريقيا وتتطلع في زيادة دورها في مجال الماحة البحرية عالمياً بشكل عام، وفي البحر الأحمر بشكل خاص، وهو ما يؤهلها لأن تكون من أكبر المستفيدين من مشروع “طريق الحرير” الذي طرحته الصين، حيث إنها تدير نحو 20 ميناء على هذا الطريق، كما تسعى الإمارات أيضاً لتطوير موانئ اليمن الجنوبي بشكل خاص، بينما تنافسها قطر من خال تطوير موانئ معاكسة على الجهة الأخرى من البحر الأحمر في السودان) 4 .)

ثانياً: ت�ساعد الأدوار الإقليمية والدولية

ارتباطاً بتنامي أهمية البحر الأحمر الاستراتيج­ية، فضاً عن رغبة القوى الإقليمية والدولية في تحجيم التهديدات الأمنية، تزايدت التدخات الإقليمية والدولية، والتي يمكن إيجاز أبرزها على النحو التالي: 1- المحاولات الإيرانية لاختراق دول المنطقة: فقد سعت إيران إلى التمدد وممارسة دور فعّال في عدد من دول البحر الأحمر منذ تسعينيات القرن العشرين، وعملت على بناء أذرع محلية على قاعدة مذهبية كما هي الحال مع الحوثيين في اليمن، فضاً عن محاولتها تعزيز وجودها العسكري والثقافي في السودان، وهو الأمر الذي أثار المخاوف السعودية بصورة خاصة، ودول الخليج بشكل عام، كما أنه أثار الهواجس المصرية، خاصة مع سعي الخرطوم توظيفه في مواجهة مصر، وفي ضوء تأزم العاقات بين الجانبين بسبب عدد من العاقات الخافية، فضاً عن رغبة السودان في الحصول على الدعم الإيراني في الحرب الأهلية السودانية مع الجنوب آنذاك.

وفي عام 2009 طورت طهران عاقاتها مع جيبوتي، حيث قدمت مساعدات اقتصادية ضخمة، وسعى الحرس الثوري الإيراني إلى إنشاء وتدريب ما عرف حينها باسم “الحرس الثوري الأفريقي”)5(، وأشارت بعض التقارير إلى وجود عسكري إيراني على الساحل الإريتري، وتحديداً في أرخبيل دهلك الاستراتيج­ي، كما كانت هناك شكوك حول وجود الحوثيين في إثيوبيا منذ عام 6( 2009.)

وقد تصاعدت التهديدات الإيرانية بشكل واضح في أعقاب تنامي الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن، واستيائهم على العاصمة اليمنية صنعاء، وقيام التحالف العربي بقيادة الرياض بالتدخل هناك، فقد بدأت الرياض في اتباع سياسة نشطة هدفت من خالها إلى تحجيم النفوذ الإيراني في هذه المنطقة، وهو ما نجحت فيه بدرجة كبيرة، فقد أغلقت الخرطوم “المركز الثقافي الإيراني” وطرد موظفيه في سبتمبر 7( 2014(، وعمدت إلى إنهاء الوجود الإيراني على أراضيها، وتمتعت في المقابل بدعم مادي من قبل السعودية والإمارات)8(، كما قامت الدولتان بالضغط على الإدارة الأمريكية في عهد الرئيسيين الأمريكيين أوباما وترامب لرفع العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان) 9 .)

وبالمثل، تمكنت السعودية والإمارات من إنهاء النفوذ الإيراني في إريتريا، بل وتوظيفها كقاعدة لوجستية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، ففي 29 أبريل 2016، أجرى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الإريتري “أسياس أفورقي” جلسة مباحثات أسفرت عن اتفاق تعاون عسكري وأمني مع دول الخليج منحها حق إقامة قواعد عسكرية لها في إريتريا. ووقّعت الإمارات عقد إيجار لمدة ثاثين عاماً كجزءٍ من اتفاقية الشراكة المبرمة، لغرض إقامة قاعدةٍ عسكرية للإمارات في ميناء عصب العميق ومطار عصب المجاور)10.)

وأسفرت هذه التفاعات الممتدة لعقدين تقريباً عن تصاعد التهديدات الإيرانية في إقليم الشرق الأوسط بشكل عام، والبحر الأحمر بشكل خاص، كما أسفرت عن اندلاع الحرب في اليمن وسيطرة ميليشيات الحوثي على المقدرات اليمنية، وأصبحت مهدداً عسكرياً مباشراً للمملكة السعودية في ضوء استهداف الرياض بصواريخ باليستية من ناحية، ومهاجمة قطع بحرية إقليمية ودولية في البحر الأحمر من ناحية ثانية)11.) 2- تصاعد الوجود العسكري التركي: حددت تركيا استراتيجيت­ها إزاء أفريقيا في وثيقة صدرت عام 1998 لتعزيز الروابط مع القارة، وهو ما أسفر لاحقاً عن زيارة أردوغان لإثيوبيا وجنوب أفريقيا عام 2005، وهي الزيارة التي أسفرت عن حصول تركيا على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، ثم تدشين كيان القمة الأفريقية – التركية في مارس 2008، شاركت فيها 42 دولة أفريقية.

وقد كان الدور التركي في بدايته منصباً على تطوير العاقات الاقتصادية مع دول القارة، غير أن هذا الدور قد شهد تغيراً كبيراً مؤخراً، وهو ما وضح في عسكرة التفاعل التركي مع منطقة القرن الأفريقي، وذلك مع تدشين قاعدة عسكرية تركية في الصومال عام 2017 قوامها 1500 جندي وهدفها المعلن هو دعم الجيش الصومالي)12(، كما تم عقد اتفاقات تحالف استراتيجي مع السودان في ديسمبر 2017 حضرها وزيرا دفاع تركيا وقطر وأُعلن فيها عن تسلم تركيا جزيرة سواكن)13(، وهي تطورات اعتبرتها كل من مصر والمملكة السعودية عسكرة للدور التركي في مجالهما الحيوي مما ساهم في تصاعد مستوى التهديدات أيضاً بالبحر الأحمر.

3- القواعد العسكرية وتقاطع المصالح الدولية: ساهمت ثاثة عوامل في تزاحم القواعد العسكرية في جيبوتي مع توسع احتمالات مستقبلية لتمركز قواعد جديدة في دول أخرى منها السودان)14(، فمنها ما هو مرتبط بالاتجاه نحو عسكرة الدور الاقتصادي، وهو أمر ينطبق على الحالة الصينية التي لديها مصالح اقتصادية هائلة في أفريقيا، والتي تعرضت لبعض التهديدات في كل من دارفور وليبيا. وبالمثل تسعى الصين إلى تأمين مشروعها الطموح “الحزام والطريق” من خال الوجود العسكري قرب الممرات المائية والبرية التي يمر بها هذا المشروع، وقد ظهر تحول السياسة الصينية باتجاه عسكرة وجودها خارج حدودها مع الاحتفال بالعيد التاسع والأربعين للجيش الصيني في 2017، والذي عكس توجه بكين لتعزيز وتطوير قوتها العسكرية وامتاك منظومات قتالية جديدة، فضاً عن افتتاحها في أغسطس 2017 أول قاعدة عسكرية بحرية لها خارج حدودها.

وتهدف الصين في هذا الإطار إلى محاكاة الوجود العسكري الأمريكي في القارة الأفريقية، والذي بدأ يهتم بالمنطقة بعد الهجوم على السفارات الأمريكية في نهاية التسعينيات من القرن العشرين في تنزانيا وكينيا، ثم هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، والذي دفع واشنطن إلى وضع مكافحة الإرهاب الدولي على رأس أولوياتها. ولايزال الوجود الأمريكي يهدف إلى مكافحة التهديدات الأمنية، النابعة من الجماعات الإرهابية في المنطقة، خاصة حركة الشباب الصومالية.

وتتشابه الاستراتيج­ية الفرنسية في الاهتمام بالقارة مع نظيرتها الصينية، إذ إنها تهدف إلى تعزيز نفوذها الأمني والاقتصادي في دول المنطقة. وتكشف الاستراتيج­يات الفرنسية التي برزت خال العقدين الماضيين اهتمام فرنسا بإحياء مناطق نفوذها القديم في وسط أفريقيا بدءاً من جيبوتي وحتى مالي. وفي هذا السياق هناك قواعد عسكرية فرنسية في كل من جيبوتي والنيجر.

ومن الأسباب التي ساهمت في تزايد الوجود العسكري في منطقة البحر الأحمر على المستويين الإقليمي والدولي هشاشة دول القرن الأفريقي المشاطئة على البحر الأحمر، والتي تعاني تراجع القدرات الشاملة للدولة، وتردي أوضاعها الاقتصادية، كما في حالة الصومال وجيبوتي، بالإضافة إلى معاناتها من الصراعات الداخلية، أو دخولها في نزاعات حدودية كحالة السودان وإرتيريا وجيبوتي.

وبطبيعة الحال يبدو الوجود الإقليمي العسكري في البحر الأحمر متنافساً مع القوى الدولية، حيث تم تفسير القصف الأخير بالقرب من البعثة التركية في الصومال كرسالة من أطراف أجنبية لا تريد وجود تركيا هناك، أما على المستوى الإيراني فهناك مقاومة عربية ودولية لدورها المتصاعد، خصوصاً أنها لم تستطع الوفاء ببعض التزاماتها تجاه السودان وسرعان ما استغلت السعودية ذلك لتكون مستثمراً رئيسياً في السودان) 15 .)

ثالثاً: التداعيات الجيوا�ستراتيجية

أدى التدافع الإقليمي والدولي على القارة الأفريقية إلى التأثير النسبي على أوزان دول المنطقة، وتعقيد الأزمات القائمة بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، بالإضافة إلى تصاعد التنافس على الجزر، وأخيراً عسكرة دور بعض الدول الأفريقية، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي: 1- تغيير توازن القوى الإقليمي: فقد أدى تنامي العاقات بين القوى الإقليمية والدولية وبعض دول البحر الأحمر إلى إحداث تغيير في التوازن الاستراتيج­ي القائم، وهو ما وضح على سبيل المثال، في تصاعد وزن إريتريا والسودان)16(، وذلك بعد أن كانت الدولتان تواجهان قدراً من العزلة الدولية والإقليمية. وقد جاءت هذه التطورات على حساب إثيوبيا، والتي كانت بمنزلة القوة الإقليمية الرئيسية في منطقة القرن الأفريقي. -2 تعقيد الأزمات القائمة: إذ تعاني الدول المشاطئة للبحر الأحمر أزمات في عاقاتها البينية، مثل الخاف بين مصر والسودان، حول عدد من القضايا يتصدرها الآن الخاف حول سد النهضة الإثيوبي، خاصة مع تبني الأخيرة مواقف تنطوي على دعم إثيوبيا في خافها المائي مع القاهرة. وتشهد العاقات بين إثيوبيا وإريتريا، على سبيل المثال، هي الأخرى خافات تاريخية، كما أن هناك خافات حدودية قائمة بين إريتريا وجيبوتي. ويؤدي وجود القوى الإقليمية أو الدولية، أو التي يتم استدعاؤها في بعض الحالات، إلى تعقيد الأزمات القائمة، من دون أن يسهم في عاجها، خاصة إذا كانت هذه القوى لها عاقات عدائية مع أحد الأطراف المتنازعة. وينطبق هذا الأمر بصورة أساسية على السودان، والتي استدعت الوجود التركي على أراضيها، وذلك من خال الاتفاق مع أنقرة على تطوير ميناء جزيرة سواكن، وإدارته، والذي سوف يمد أنقرة بموقع استراتيجي يجعلها قريبة من كل من مصر وإريتريا والمملكة العربية السعودية واليمن.

وفي ضوء توتر العاقات بين القاهرة وأنقرة، بسبب الخافات الأيديولوج­ية بين الجانبين، وتأييد الأخيرة لتنظيم الإخوان المسلمين، فضاً عن دعمها عدداً من الجماعات المتطرفة، خاصة في ليبيا، فإن استدعاء الخرطوم لتركيا، سوف يضيف مزيداً من تعقيد العاقات مع القاهرة. كما أنه من المحتمل أن يثير مخاوف القوى الإقليمية الأخرى المعنية بالسودان، مثل السعودية والإمارات، واللتين تحتفظان باستثمارات ضخمة هناك)17(، خاصة أن تركيا عمدت إلى دعم قطر، بل وتأكيد وجود محور تركي – قطري – سوداني في الإقليم، وهو ما وضح في عقد رؤساء أركان الجيش التركي

تمكنت السعودية والإمارات من إنهاء النفوذ الإيراني في إريتريا، بل وتوظيفها كقاعدة لوجستية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، ففي 29 أبريل 2016، أجرى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الإريتري “أسياس أفورقي” جلسة مباحثات أسفرت عن اتفاق تعاون عسكري وأمني مع دول الخليج منحها حق إقامة قواعد عسكرية لها في إريتريا.

والسوداني والقطري، اجتماعاً ثاثياً في الخرطوم، على هامش زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان، في ديسمبر 2017، وهي الزيارة التي شهدت الاتفاق التركي – السوداني بخصوص جزيرة سواكن.

وعلى الجانب الآخر، فإن محاولة السودان في نوفمبر 2017 استدعاء موسكو إقامة قواعد عسكرية بها)(18 يمكن فهمها في الإطار السابق نفسه، الهادف إلى تعزيز موقفها في مواجهة مصر، غير أن هذا المسلك قد تترتب عليه ردود فعل موازية على غرار إقدام مصر على تعزيز عاقاتها مع إريتريا، وهو ما أثار المخاوف السودانية، والتي اتهمت مصر بإرسال تعزيزات عسكرية إلى قاعدة “ساوا” الإريترية المتاخمة للحدود مع السودان، وهو ما نفته القاهرة وأسمرة. ويوضح ما سبق ضرورة لجوء دول المنطقة إلى تجنب التصعيد والجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة خافاتها. 3- تصاعد التنافس على الجزر: فقد شكل التنافس الإقليمي والدولي على الوجود بالبحر الأحمر، وطبيعة الترتيبات الدولية في الشرق الأوسط دافعاً لتصاعد أهمية الجزر في البحر الأحمر، وقد كشفت حالتا الجدل بشأن تيران وصنافير وكذلك جزيرة سواكن الاحتمالات المستقبلية لتزايد أهمية الجزر استراتيجياً، كما نشأت صراعات حول تبعية الجزر كالحالة بين الصومال واليمن حول جزيرة سقطرى)19.) 4- عسكرة الدور الأفريقي: تستمر المساعي الإثيوبية إلى تعزيز دورها في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا استناداً إلى كونها من القوى الإقليمية المؤثرة تاريخياً في هذه المنطقة، بالإضافة إلى دورها في أزمات دول الجوار، مثل جنوب السودان والصومال وغيرها. وتهدف هذه التحركات إلى ضمان مصالحها في بيئة أمنية مضطربة تعاني الإرهاب والصراعات الداخلية.

وبرزت محاولات على أساس إقليمي لتحجيم التهديدات الأمنية، ومن ذلك قيام الدول المشتركة في قوات طوارئ شرق أفريقيا “إيساف” )السودان، الصومال، إثيوبيا، أوغندا، كينيا، بورندي، رواندا، سيشل، جزر القمر وجيبوتي( بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة كان آخرها في ديسمبر 2017، حيث اختتمت هذه القوات التمرين الميداني “سام الشرق 2” تحت شعار “نحن نصنع السام والأمن والاستقرار” بمنطقة جبيت في ولاية البحر الأحمر السودانية.

وتهدف هذه التدريبات المشتركة إلى تكوين قوة عسكرية مكونة من 5 آلاف جندي لمواجهة الاضطرابات والصراعات التي تعانيها بعض الدول، خاصة الصومال والتي تشكل تحدياً كبيراً لدول هذه المنطقة، وهو ما يعني أن الدول الأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر والواقعة في منطقة القرن الأفريقي أصبح لها دور عسكري واضح في هذه المنطقة، بحيث لا تكون معتمدة تماماً على دور القوى الإقليمية والدولية.

وفي الختام، يمكن القول إن البيئة السياسية للبحر الأحمر تواجه تحديات أمنية متعددة دفعت الدول المشاطئة للبحر، إلى رفع قدراتها العسكرية في مواجهة التهديدات متعددة الأطراف، أو استدعاء القوى الإقليمية والدولية للتدخل، أو الانخراط في تحالفات، كالحالة بين مصر وبعض دول الخليج، فضاً عن التنسيق العسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول المشاطئة للبحر، وقد تركت هذه التحولات تداعيات استراتيجية لاتزال في طور التطور، ولكنها تحتاج إلى دور عربي فاعل للتأثير عليها على نحو لا يخل بالأمن القومي العربي.

تواجه عمليات إعادة بناء الجيوش النظامية في الدول المُنهارة بالشرق الأوسط عدة معوقات، تتمثل في غياب العقيدة العسكرية والتناقضات الأيديولوج­ية والمصلحية بين المجموعات المسلحة وتعثر تشكيل جيش متجانس المكونات يشكل النواة المركزية للدولة في مواجهة التهديدات.

اأولً: خريطة اإعادة بناء الجيو�ش

تشهد دول الإقليم التي تعرضت لتصدعات حادة، خال السنوات الماضية، نتيجة اندلاع ثورات شعبية أو اشتعال صراعات داخلية أو التعرض لاحتال خارجي)1(، عمليات إعادة بناء أو هيكلة الجيوش بأشكال مختلفة، على نحو ما تعكسه حالات عدة، مثل إعادة توحيد الجيش الوطني الليبي برعاية مصر، وإعادة الهيكلة العكسية لعناصر الجيش اليمني من جانب ميليشيا الحوثيين، وإعان مؤتمر قادة الباد ورؤساء الأقاليم الصومالية الاتفاق على إعادة تأهيل الجيش، فضاً عن عمليات إعادة هيكلة ممتدة للجيش العراقي، وتتمثل أهم عمليات إعادة بناء الجيوش في الشرق الأوسط فيما يأتي: 1- إعادة هيكلة الجيش العراقي: عقدت الدولة العراقية اتفاقاً مع حلف شمال الأطلسي )الناتو( للمساهمة في تأهيل الجيش العراقي، حيث أكد رئيس أركان الجيش الفريق أول الركن "عثمان الغانمي" في يناير 2018 أن وزارة الدفاع العراقية ستعتمد أسساً مهنية في إعادة هيكلة وبناء القوات الأمنية، خاصة في مجال التدريب والتسليح والتنظيم والتجهيز والبنى التحتية"، وأضاف الغانمي "أن العراق عقد اتفاقاً مع حلف الناتو لتجهيز قوات الحدود بأسلحة متطورة وكاميرات مراقبة وطائرات مسيرة لحماية الحدود ومنع تسلل المسلحين إلى داخل الأراضي العراقية")2.)

ويأتي هذا التوجه عقب تمكن القوات المسلحة العراقية– مدعومة بقوات التحالف– من الانتصار على تنظيم "داعش" واستعادة الأراضي التي كان يسيطر عليها، ويزيد ذلك من أهمية تعزيز القدرات التسليحية للقوات العراقية والاعتماد على معايير الحكم الجيد)3،) فضاً عن التغلب على مأسسة الطائفية التي صارت حاكمة لتركيبة المؤسسة العسكرية العراقية بتصعيد القوى المسلحة الشيعية وإضعاف نفوذ القوى المسلحة السنية، أو ما يمكن أن يطلق عليه "النموذج العكسي" للجيش العراقي خال حكم صدام حسين)4.) 2- توحيد القوات المسلحة الليبية: قامت القوات المُسلحة المصرية برعاية عملية إعادة توحيد القوات المُسلحة الليبية، خال النصف الثاني من عام 2017، والتي أجريت تحت

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates