مناهضة التعددية: التهديد الشعبوي للديمقراطية الليبرالية
ويليام آرثر جالستون
Anti-Pluralism: The Populist Threat to Liberal Democracy
By:William A. Galston, Yale University Press,142 pp., $30, 2018, ISBN: 9780300228922
عرض: سماح إسماعيل، باحثة في النظم السياسية يرى ويليام آرثر جالستون، الباحث المتخصص في السياسة العامة الأمريكية وزميل معهد بروكينجز، أن التهديدات التي تواجه النظم الديمقراطية الليبرالية قد تصاعدت بقوة وهو ما يعبر عنه في كتابه "مناهضة التعددية: التهديد الشعبوي للديمقراطية الليبرالية"، حيث يركز على أسباب صعود الشعبوية والتيارات المناهضة للديمقراطية والتعددية في الدول الغربية.
اأ�س�ض الديمقراطية الليبرالية
يشير جالستون إلى أن الرفاه الاقتصادي هو جوهر الديمقراطية الليبرالية؛ إذ إنها تأسست على اتفاق ضمني بين الشعوب وممثليهم المنتخبين لتوفير مستوى معين من الرفاهية للمواطنين والعمل على تحسين ظروفهم المعيشية.
وتستند "الديمقراطية الليبرالية" إلى أربعة مبادئ هي: السيادة الشعبية وأن الشعب هو المصدر الوحيد للشرعية، والديمقراطية التي تتطلب المساواة بين جميع المواطنين، وحكم الأغلبية بمبدأ الليبرالية، بالإضافة إلى ضرورة وجود محاكم دستورية للفصل بين السلطات، ولذلك يعتبر تهديد أي من هذه المبادئ تهديداً للديمقراطية الليبرالية.
ولقد أدى استمرار الرفاه الاقتصادي لتمكن الحكومات من الحفاظ على هذه المبادئ، بيد أنه مع تزايد أعداد المهاجرين الذين يتقاسمون الثروات والموارد مع الموطنين، تزايدت شعبية الأحزاب المتطرفة، سواء من أقصي اليسار أو من اليمين المتطرف، مع تبنيهم خطاباً شعبوياً يقوم على مخاطبة المشاعر مع تجاهل الحقائق.
وتقوم الشعبوية أيضاً على المبادئ الديمقراطية نفسها، ولكنها ترى أن المؤسسات والهياكل الرسمية تعوق إرادة الأغلبية.
ويرى الشعبويون أن "الديمقراطية غير الليبرالية"، هي نظام الحكم القادر على ترجمة التفضيلات الشعبية في السياسة العامة مع إزالة العوائق التي منعت الدول الليبرالية من الاستجابة الفعالة للأزمات، ويستغل الشعبويون أزمات اللاجئين والمهاجرين، وصعود تهديدات الإرهاب للحصول على الأصوات في الانتخابات.
تحديات �سعود ال�سعبوية
يشير الكتاب إلى أن أبرز تحدٍ يواجه الاتحاد الأوروبي هو إخفاق سياساته في التصدي لمشكلات اللاجئين، مما أتاح للشعبويين استغلال هذه القضية في تحدي الليبرالية الديمقراطية، وعلى النقيض من الحركات السلطوية والشمولية في فترة ما بين الحربين، لا يقوم الشعبويون في الوقت الحالي بشن هجوم مباشر على الديمقراطية نفسها، بل يحاولون الادعاء أنهم يريدون حماية الديمقراطية والهوية الوطنية.
ويرى الكاتب أن دولة المؤسسات في الولايات المتحدة تضمن مستقبل الديمقراطية، فعلى الرغم من وصول رئيس شعبوي، مثل دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، إلا أن القضاء لايزال يتمتع بالاستقلالية، ومازالت الصحافة تؤدي عملها بحرية، ومع ذلك يحذر الكاتب من أن التاريخ ليس له نهاية كما يرى فوكوياما، فالديمقراطية الليبرالية ليست نهاية التاريخ.
ومن هذا المنطلق، يطالب الكاتب باتخاذ عدد من الإجراءات لحماية الديمقراطية والتصدي للشعبوية، مثل تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، واتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية لدعم الطبقة الوسطي التي تحفظ التوازن، ورفع الأجور، وتعزيز الاستثمارات العامة والخاصة، وهو ما يتطلب مراجعة القيود القانونية والتنظيمية لدعم الاقتصاد، وإعادة الربط بين الإنتاجية والأجور.
ويضاف إلى ذلك ضرورة خفض معدلات البطالة، وتقليل الفجوة بين الريف والحضر من خلال الاستثمار في البنية التحتية، كما أن القادة في الدول الليبرالية يفتقدون في كثير من الأحيان المهارات اللازمة والقدرة على ابتكار حلول غير تقليدية لمواجهة الأزمات، وهو ما يتطلب من الأحزاب إعداد برامج تأهيلية لتنمية مهارات مرشحيهم.
ختاماً، يرى الكتاب أن الديمقراطية الليبرالية تتميز عن الشعبوية وأشكال الحكم كافة بقدرتها على التجديد، وتمتعها بالمرونة الكافية، وهو ما يضمن لها البقاء والتصدي للتحديات كافة التي تواجهها من الشعبوية.