Trending Events

‪Defense EXPOs‬

انتشار معارض الأمن والدفاع في الشرق الأوسط

- أحمد عسكر باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتي­جية - مصر

شهدت معارض الدفاع والأمن في منطقة الشرق الأوسط تزايداً في وتيرتها في الآونة الأخيرة في ظل اتجاهات تعزيز القوة العسكرية وبرامج تطوير المؤسسات الأمنية في عدد كبير من دول الإقليم، وتزايد حدة التهديدات الأمنية والعسكرية المرتبطة بالتوترات الإقليمية والحروب بالوكالة.

�أولاً: خريطة معار�س �لدفاع و�لاأمن بالاإقليم

أصبحت المعارض الدولية للدفاع والأمن منصة تفاعلية لاستكشاف التقدم والابتكار التكنولوجي الذي وصلت إليه الدول والشركات في مجال التصنيع العسكري والتسليح ونظم الأمن، وإطاراً تنظيمياً لتبادل الخبرات وعقد الصفقات واتفاقيات التصنيع العسكري المشترك.

ويرتبط انتشار المعارض العسكرية والأمنية في الشرق الأوسط بتصاعد اهتمام شركات الصناعات العسكرية والتكنولوج­يا الأمنية الكبرى بتعزيز وجودها في الإقليم، وتزايد الطلب على منظومات التسلح النوعية، وتطوير برامج وطنية للتصنيع العسكري. ووفقاً لبيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السام الدولي فإن دول الشرق الأوسط قد ضاعفت وارداتها من الأسلحة خال الفترة بين عامي 2013 و2017، حيث استحوذت المنطقة على حوالي 32% من إجمالي صادرات الساح في العالم) .)

وفي هذا الإطار تتعدد معارض الدفاع والأمن التي تعقد بانتظام في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى معارض يتم تنظيمها للعام الأول، مثل المعرض المصري الأول للصناعات الدفاعية والعسكرية EDEX( 2018(، والمعرض الدولي الأول للدفاع والصناعات الفضائية في تركيا SAHA( ‪EXPO 2018‬ ،) والمعرض السعودي الدولي لأمن الوطني والوقاية من المخاطر SNSR( .)2018

وشهدت إقامة المعرض المصري الأول للصناعات الدفاعية والعسكرية الذي تم تنظيمه خال الفترة من 3 إلى 5 ديسمبر 2018 مشاركة 373 شركة لعرض منتجات دفاعية وأمنية، بالإضافة لوجود 56 وفداً يمثلون حوالي 41 دولة من أنحاء العالم كافة، كما شارك في فعالياته عدد كبير من وزراء الدفاع ورؤساء الأركان من دول عربية وأفريقية وأوروبية) .)

وشارك في الدورة الأولى من المعرض السعودي الدولي لأمن الوطني والوقاية من المخاطر في 29 – 31 أكتوبر 2018 أكثر من 100 شركة متخصصة في المجالات الأمنية والدفاعية ينتمون إلى 22 دولة وحضور حوالي 8000 زائر للفاعلية، حيث تضمن المعرض عدة فعاليات من بينها مسابقات الابتكار في

مجالات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والمعزز واعتراض الدرونز والأنظمة غير المأهولة والمعدات الأمنية الذكية، بالإضافة لعقد منتديات حول سامة الحج والمدن الذكية الآمنة، وتنظيم العروض الحية للمنتجات الأمنية وبرنامج تواصل الأعمال)3.)

وقد شهد معرض ومؤتمر الدفاع الدولي "أيدكس" IDEX() ومعرض الدفاع البحري "نافدكس" المنعقدان في أبوظبي بدولة الإمارات خال الفترة من 17 إلى 21 فبراير 2019 في ذكرى اليوبيل الفضي لتأسيسه مشاركة أكثر من 1310 شركات وهيئات عارضة من أكثر من 62 دولة، وهو ما يمثل زيادة تقدر بحوالي 400% في أعداد الشركات المشاركة و250% نمواً في عدد الدول المشاركة، كما زاد عدد الأجنحة الإماراتية بالمعرض بنسبة 18% ليصل إلى 33 جناحاً، وبلغت نسبة الزيادة في الشركات الوطنية حوالي 15% لتصل إلى حوالي 170 شركة.

ولقد بلغت قيمة الصفقات التي تم عقدها خال المعرض حوالي 20.53 مليار درهم وهي قيمة 128 عقداً توزعت ما بين 43 صفقة مع الشركات الدولية و85 صفقة مع الشركات المحلية، وحازت الشركات الأجنبية على 65% من إجمالي قيمة صفقات أيدكس، في مقابل 35% للشركات المحلية، ووصل إجمالي قيمة الصفقات التي عقدت في أيدكس منذ انطاقه في عام 1993 وحتى آخر دورة حوالي 175 مليار درهم) 4 .)

وعلى مستوى آخر، يقام في البحرين في أكتوبر 2019 معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع الذي عقدت دورته الأولى في أكتوبر 5( 2017(، ويعقد في الأردن معرض قوات الخاصة SOFEX() الذي يركز على التقنيات الحديثة في مجالات الأمن القومي، حيث عقدت الدورة الثانية عشرة في مايو 2018، كما يعقد في العاصمة الأردنية مؤتمر العمليات الخاصة في الشرق الأوسط (MESOC(6(.)

ويقام في العراق معرض الأمن والدفاع والصناعات الحربية العراقية IQDEZ() والذي يتم تنظيمه منذ عام 2012 ويعد بمنزلة منصة لتعزيز العاقات بين الدوائر الحكومية والشركات والقوات المسلحة بين مختلف دول المنطقة)7.)

وتنظم الكويت معرض الخليج للدفاع والطيران، الذي شهد منذ تدشينه عقد أربع دورات، كان آخرها في ديسمبر 8( 2017،) ويقام في تركيا "المعرض الدولي للصناعات الدفاعية )IDEF( الذي تعقد دورته الرابعة عشرة في عام 2019، حيث يمثل معارض الدفاع والأمن في منطقة أوراسيا)9(، وتشهد باكستان انعقاد المعرض الدولي للصناعات الدفاعية IDEAS(،) ويمثل "معرض درع أفريقيا: لأمن والدفاع الدولي" الذي عقد في كوت ديفوار في يناير 2019 واحداً من أهم معارض الدفاع والأمن في القارة الأفريقية.

ثانياً: �لخ�صائ�س �لاأ�صا�صية لفعاليات �لدفاع

تتسم معارض الدفاع والأمن بمنطقة الشرق الأوسط بعدة خصائص رئيسية، يتمثل أهمها فيما يلي: 1- اتساع نطاق الفعاليات: يمكن تصنيف معارض الدفاع والأمن بعدد كبير من دول منطقة الشرق الأوسط ضمن الفعاليات الضخمة التي تقوم برعايتها المؤسسات العسكرية والأمنية بالدولة، مثل وزارات الدفاع والداخلية، كونها تعد جزءاً من الصورة الخارجية للدولة ومؤشراً على قدرتها على استضافة وتنظيم الفعاليات الدولية الكبرى. 2- كثافة المشاركة الدولية: تشهد المعارض العسكرية والأمنية مشاركة كثيفة من مختلف المؤسسات والشركات المعنية بالأمن والدفاع على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، بحيث تتجاوز هذه الفعاليات نطاق الإقليمية لتصبح حدثاً دولياً يحظى بمتابعة وتغطية عالميتين، كما تمثل هذه المعارض سياقاً مائماً للتفاعل وتشارك الخبرات وعقد الصفقات، وهو ما يزيد إقبال مختلف الأطراف على المشاركة بها)10.) 3- حضور الشركات العالمية: تقوم الشركات العالمية في مجالات الدفاع والأمن بدور مركزي في المعارض الدفاعية التي تعقد في مختلف دول الشرق الأوسط بهدف عرض أحدث منتجاتها وخدماتها شديدة التقدم على المتعاقدين، واستعراض التطور التقني الذي حققته في الآونة الأخيرة، وتشمل قائمة المشاركين الأكثر حضوراً في معارض الساح العالمية شركات مثل "لوكهيد مارتن" و"بوينج" و"رايثون" و"نورثروب جروب" الأمريكية و"بي آيه إي سيستمز" البريطانية BAE( Systems) و"تاليس" Thales() و"نافال جروب" الفرنسية و"ليوناردو" الإيطالية و"ألماز أنتي" الروسية)11.) 4- مشاركة المؤسسات الوطنية: تشارك مؤسسات الصناعات العسكرية الوطنية بصورة كثيفة في معارض الدفاع والأمن، وتعد "شركة الإمارات للصناعات العسكرية" EDIC() من أهم النماذج على ذلك في ظل عرضها عدداً كبيراً من المنتجات العسكرية خال معرض أيدكس 2019، مثل المركبة "نمر" NIMR() وأسلحة كاراكال الخفيفة والمدرعة المضادة للمتفجرات من طراز "بانثيرا تي - 6"، كما تم الكشف عن أنظمة التوجيه فائق الدقة )MK84) من بارج دينامكس، وذخيرة 40 ملم فائقة السرعة من بارج للذخائر، إضافة إلى بندقية قناصة "سي إس آر 50" من كراكال والطائرة القتالية الخفيفة والمتعددة المهام "بدر 250" التي عرضتها شركة كاليداس الإماراتية)12.)

ويتصل ذلك بوجود عدد من السفن الحربية التي قامت بإنتاجها شركة أبوظبي لبناء السفن، مثل الفرقاطة "بينونة" وزوارق الصواريخ من طراز "غناطة" بالإضافة إلى القوارب ذاتية القيادة التي عرضتها شركة "المراكب لصناعة القوارب" الإماراتية، كما تم الكشف عن ناقلة الجنود البرمائية المدرعة "الوحش" التي تعرض للمرة الأولى من خال معرض الدفاع الدولي "أيدكس" وهي من تصنيع شركة كاليداس)13.)

وشهد معرض الصناعات الدفاعية الدولي في مصر قيام الهيئة العربية للتصنيع بعرض عدة منظومات تسلح متطورة، مثل الدرونز المخصصة للتعامل مع العبوات المفخخة ونظم

نثر الألغام المضادة للدبابات "ناثر 6/3" وطائرة التدريب المتقدمة "كي 8 – إي" والهليكوبت­ر "جازيل" ونظم الصواريخ الدخانية "د/1000"، ومدرعات "فهد 300" و"كومبات آر تي 98 تي" والعديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات)14.)

ثالثاً: دو�فع �نت�صار �لفعاليات �لع�صكرية

تحولت اقتصادات الدفاع على مستوى العالم من مجرد تكلفة وعبء على الموازنات العامة للدول إلى أحد أهم محفزات التقدم التكنولوجي وتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل، وهو ما دفع إلى تزايد اتجاه دول الإقليم لتنظيم الفعاليات الدولية الأمنية والعسكرية في إطار برامج توطين الصناعات الأمنية والعسكرية وخفض تكلفة بعض المعدات العسكرية التي يرتفع الطلب عليها، مثل الذخائر وقطع الغيار وتطوير القدرات الوطنية في مجالات التصنيع والصيانة والتطوير التقني لمنظومات التسلح.

وعلى سبيل المثال، يرتبط الاهتمام السعودي المتصاعد بمعارض الأمن والدفاع بالاتجاه لتوطين الصناعات العسكرية عقب إعان تأسيس "الشركة السعودية للصناعات العسكرية" من جانب صندوق الاستثمارا­ت العامة في مايو 2017 بهدف تعزيز الإنتاج العسكري المحلي وتقليل الاعتماد على المصادر الخارجية والوصول لمصاف أكبر 25 شركة صناعات عسكرية عالمية وتوطين 50% من إجمالي الإنفاق الحكومي العسكري في المملكة بحلول 15( 2030.)

ويتوقع أن ينتهي تنفيذ المرحلة الأولى من توطين الصناعات العسكرية بالمملكة بحلول عام 2020، حيث يستهدف أن تصل قيمة الإنتاج العسكري بها إلى حوالي 900 مليون ريال بالتوازي مع توفير 5000 فرصة عمل وبناء القدرات الوطنية في مجالات صناعة الرادارات ونظم الاستشعار والاتصالات والقيادة والسيطرة والأسلحة والذخائر والصواريخ ومنظومات التسلح الأرضية والجوية والأمن السيبراني)16.)

ولقد شهد معرض أيدكس في فبراير 2019 توقيع شركة "العسبر" الإماراتية المتخصصة في الصناعات العسكرية اتفاقية مع شركة "مجال ألفا" القابضة السعودية، لتأسيس مصنع للصناعات والتجهيزات العسكرية في الرياض بتكلفة 50 مليون درهم، وبمبيعات سنوية مستهدفة تتجاوز 200 مليون درهم في السنة الثالثة. كما شملت اتفاقات الشراكة التي عقدتها المملكة التعاون مع شركات "التدريع" لتصنيع العربات غير المأهولة و"الصير" الإماراتية للتصنيع المشترك للزوارق البحرية غير المأهولة وشركة "نافال" )NAVAL( البحرية الفرنسية وشركة "مارين أولوتك" ‪Marine Alutech(‬ ) الفنلندية وشركة "إل 3 تكنولوجيز" ‪L3 Technologi­es(‬ ) الأمريكية وشركة "رويتك" Roytec() الجنوب أفريقية)17 .)

وفي السياق ذاته، تعتبر المعارض العسكرية والأمنية من أهم فعاليات عرض أحدث المنتجات والخدمات من جانب الشركات الوطنية والدولية وتأسيس شراكات في مجالات التصنيع العسكري ونقل الخبرات التقنية والتدريب والصيانة وتطوير المعدات ورصد التحولات في تكنولوجيا التصنيع العسكري والإفادة منها في بناء قاعدة صناعية قوية.

ولا ينفصل ذلك عن سياسات احتواء تداعيات الاضطراب بالنظام الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط بسبب احتدام سباقات التسلح الإقليمية والحروب بالوكالة والاتجاهات العدوانية والتوسعية لدى بعض القوى الإقليمية، وهو ما يؤدي لتصاعد الطلب على منظومات التسلح النوعية المتقدمة، خاصة في ظل التفاوت في القدرات العسكرية بين دول الإقليم.

ويأتي الاهتمام المتزايد بتنظيم الفعاليات العسكرية والأمنية في ظل مركزية القوة العسكرية في السياسات الإقليمية وتزايد اتجاهات الاعتماد على الذات والتغير في هياكل التحالفات في ظل تزايد تناقضات التفاعات الإقليمية والدولية وغياب الإجماع الدولي حول العديد من القضايا)18.)

ر�بعاً: �لانعكا�صات �لاإقليمية و�لدولية

تحولت معارض الدفاع والأمن إلى صناعة متكاملة الأركان تتضمن خبرات تقنية متقدمة في مجالات التنظيم والإدارة والعرض والترويج والعاقات العامة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على اقتصاد الدولة المنظمة من خال عوائد استضافة الفاعليات ورسوم المشاركة، سواء من جانب العارضين أو الرعاة من الشركات الدولية الكبرى، بالإضافة إلى دعم الخبرات الفنية والتقنية وتوفير فرص للعمل، فضاً عن التدفقات الكبيرة للزوار والمشاركين من مختلف دول العالم مما يحفز الرواج الاقتصادي داخل الدولة)19.)

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates