Trending Events

هل تحدث أزمة اقتصادية عالمية في 2019؟.. نقاش المستقبل

-

نظم مركز المستقبل لأبحاث والدراسات المتقدمة، حلقة نقاشية، بحضور خبراء وباحثي المركز، للحديث عن سيناريوهات أداء الاقتصاد العالمي خال عام 2019، ومؤشراته المتوقعة، وذلك في ضوء المشكات التي واجهها الاقتصاد العالمي خال الفترة الماضية.

�أولاً: ثلاث م�صكلات رئي�صية

أشار الحضور إلى أن الاقتصاد العالمي يعاني 3 مشكات كبرى، وهي: 1- الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين: بدأت هذه الحرب بقيام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خال عام 2018، بفرض رسوم جمركية على مجموعة متنوعة من واردات باده من الصين بقيمة 200 مليار دولار، وردت بكين بالمثل. وقد جاء ذلك بعد قيام ترامب بإثارة توترات تجارية مع عدد من الشركاء التجاريين، وعلى رأسهم كندا والاتحاد الأوروبي والمكسيك واليابان وبعض دول الشرق الأوسط، لدى قيامه بفرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية من الألمونيوم والحديد والصلب. وتسبب ذلك في تراجع نمو التجارة العالمية في الربع الرابع من عام 2018 إلى أدنى مستوياتها في عامين، وفق تقديرات منظمة التجارة العالمية. 2- أزمة تصاعد الديون: تزايدت ديون الحكومات والشركات بشكل استثنائي حول العالم خال السنوات الماضية؛ فقد تخطى الدين الحكومي في الدول المتقدمة مستوى 105% من الناتج المحلي الإجمالي، ووصلت النسبة إلى 46% في الدول النامية والصاعدة. كما تعاني بعض الدول النامية، لاسيما الدول منخفضة الدخل، أزمة مديونية، وارتفاعٍ كبيرٍ في مخاطر عدم القدرة على السداد، وفق تصنيف صندوق النقد الدولي. وبالنسبة لديون الشركات، فقد تضاعفت على مدار العقد الماضي، لتبلغ 66 تريليون دولار، مع اتجاه الشركات إلى الاقتراض بمعدلات كبيرة، مستغلة معدلات الفائدة المنخفضة. 3- معضلة التضخم: هي ناتجة عن أن السياسات النقدية في الاقتصادات المتقدمة تواجه مأزقاً يضعها على المحك، إذ تعاني بعض هذه الاقتصادات ارتفاعاً في التضخم، وهو ما يستلزم رفع أسعار الفائدة لتجنب المزيد من التضخم، لكنها من ناحية أخرى في حاجة ماسة إلى التحفيز وزيادة الاستثمار، ولا يتسنى ذلك سوى بتخفيض أسعار الفائدة. أما بالنسبة لاقتصادات الصاعدة، فهي تواجه ارتفاعاً في معدلات التضخم، نظراً لإقدام بعضها على تخفيض قيم العمات خال السنوات الماضية، إما كسياسة نقدية مقصودة في بعضها، أو بسبب خروج رؤوس الأموال الأجنبية من البعض الآخر.

ثانياً: تر�جع معدلات �لنمو �لاقت�صادي

أكد الحضور أن المشكات الثاث السابقة أثقلت كاهل الاقتصاد العالمي، فأخذ نموه في التراجع التدريجي خال السنوات الأخيرة، فانخفض معدل النمو من 5.4% عام 2010 إلى 3.7% في عامي 2017 و2018، وذلك على النحو التالي: • كان التراجع أكثر وضوحاً في الاقتصادات المتقدمة التي تراجعت معدلات نموها إلى 1.7% عام 2016، و2.3% عام 2017. • لم يكن الوضع مختلفاً في الاقتصادات الصاعدة والنامية، إذ تراجعت معدلات النمو بها إلى 4.7% في عامي 2017 و2018، مقارنة ب 7.4% عام 2010. وكان التباطؤ واضحاً بدرجة أكبر في كل من الأرجنتين والبرازيل وتركيا. وبالنسبة لاقتصادات الصاعدة في آسيا، فقد تراجع نموها من 9.6% عام 2010 إلى 6.5% عامي 2017 و2018. • نالت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نصيباً من التراجع، فانخفض متوسط نموها الاقتصادي من 4.8% عام 2010 إلى 1.8% عام 2017، و2% عام 2018.

ثالثاً: توقعات �لاقت�صاد �لعالمي في 2019

خلصت الحلقة النقاشية إلى أن آفاق الاقتصاد العالمي عام 2019 تتراوح بين سيناريوهين رئيسيين، هما: 1- سيناريو استمرار الوضع القائم: ووفقاً له يُتوقع أن يحدث التالي:

• تصاعد التوترات التجارية، وتحول محتمل للنظام التجاري العالمي متعدد الأطراف نحو نظام عالمي فوضوي. • تشديد السياسة النقدية حول العالم، حيث قد يتم اللجوء إلى رفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم، وينتج عن ذلك تقويض الاستثمار )وهو محرك رئيسي للنمو(، وحدوث تعديات مُربكة في المحافظ الاستثماري­ة، واضطراب أسعار الصرف، وتراجع التدفقات المالية إلى الأسواق الصاعدة. • تبني بعض الحكومات سياسات مالية تقشفية، حيث قد تضطر حكومات الدول المثقلة بالديون لمعاجلة هذه المشكلة من خال تخفيض الإنفاق الحكومي. وفي ظل هذا السيناريو "المتشائم"، ستتزايد الأعباء على كاهل الاقتصاد العالمي، ما يتسبب في الآتي: • عدم تجاوز النمو الاقتصادي العالمي الكلي مستوى 3.7% على مدار العام، وسيكون ذلك مقدمة للمزيد من التراجع في النمو خال السنوات التالية. • تراجع نمو الاقتصادات المتقدمة إلى 2.1%، بدلاً من 2.4% عام 2018، وبقاء معدل نمو الاقتصادات الصاعدة عند 4.7% أي با تطور عنه في عام .2018 • زيادة الضغوط على اقتصادات دول الشرق الأوسط، وتقليص فرص النمو بها لحدود تصل إلى 2.5%، بسبب تراجع أسعار النفط، وبقاء تدفقات رؤوس الأموال والسياحة والتجارة إلى المنطقة في حدودها الدنيا.

وقد قلل المشاركون في الحلقة النقاشية من احتمالية حدوث هذا السيناريو في عام 2019، نظراً لحالة التقارب التي جمعت الولايات المتحدة والصين مؤخراً. 2- سيناريو تسوية التوترات التجارية: هذا السيناريو هو الأكثر احتمالاً، ويفترض حدوث انفراجة في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما يقود إلى تفكيك المشهد الاقتصادي العالمي المعقد، واستعادة الثقة المفقودة في الاقتصاد، ومن ثم إضافة عوامل إيجابية جديدة تتعلق بمعالجة مشكلتي التضخم والديون، بما يدعم الأداء الإيجابي لاقتصاد العالمي خال العام الجاري.

وشهدت الفترة الماضية بالفعل مؤشرات على تسوية النزاعات التجارية، حيث توصلت الولايات المتحدة والصين في نهاية نوفمبر 2018 إلى هدنة تجارية لمدة 90 يومياً، وسرت الهدنة مطلع ديسمبر الماضي. والتقى مسؤولو الدولتين أكثر من مرة فيما بعد لمناقشة فكرة إبرام اتفاق تجاري.

كما أن عودة الثقة إلى الاقتصاد العالمي، عبر تبدد أجواء التوترات التجارية، سيدفع بعض الدول إلى تبني سياسات جديدة لمواجهة معضلة التضخم. وستدعم تلك الأجواء موازنات الدول، وتخفف من ثقل أزمة الديون، وتساعدها على زيادة استثماراته­ا العامة، لاسيما الدول ذات الفوائض المالية.

ووفقاً لهذا السيناريو، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي وضعاً جديداً أفضل من الحالي، مامحه كالتالي: • زيادة معدل النمو العالمي إلى 3.9،% مقارنة بنحو 3.7% في حال استمرار الوضع القائم. وسيكون ذلك مقدمة للمزيد من التحسن في النمو العالمي بعد عام 2019. • ارتفاع نمو الاقتصادات المتقدمة إلى 2.4%، بدلاً من 2.1% في ظل الوضع القائم. كما يُرجح استعادة الاقتصادات الصاعدة ثقة المستثمرين، لتحقق نمواً يقترب من 5%، مع تراجع الضغوط التي تواجهها فيما يتعلق بالتضخم والديون. • تحسن الآفاق الاقتصادية حول العالم سيكون أمراً إيجابياً بالنسبة لدول الشرق الأوسط، خاصة البلدان المصدرة للنفط، إذ إنه سيكون مقروناً بتحسن أسعار النفط، ومن ثم تخفيف الأعباء الملقاة على موازناتها العامة. ويرجح أن تنمو اقتصادات الشرق الأوسط بمعدل حوالي 3%، وقد يكون النمو أكثر تسارعاً في الدول المصدرة للنفط، التي يتوقع أن يصل نموها إلى 3.5.%

 ??  ?? السيناريو العكسي: هل تحدث أزمة اقتصادية عالمية في 2019؟ أبوظبي، 17 يناير 2019
السيناريو العكسي: هل تحدث أزمة اقتصادية عالمية في 2019؟ أبوظبي، 17 يناير 2019

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates