Trending Events

الاضطراب: نقاط التحول للأمم في الأزمة

-

جاريد دياموند ‪Upheaval: Turning Points for Nations in Crisis‬ ‪By: Jared Diamond, Little, Brown and Company, 512 pp., $21, 2019,‬ ‪ISBN: 9780316409­131‬ عرض: نهى الدسوقي، باحثة دكتوراه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة يناقش كتاب "الاضطرابات: نقاط التحول للدول في الأزمات" والذي قام بتأليفه أستاذ الجغرافيا بجامعة كاليفورنيا "جاريد دياموند" المشكات التي تتعرض لها الدول، ومتى يمكن أن يطلق عليها أزمة؟، وآليات تعامل الدول مع أزماتها، حيث يطرح "دياموند" رؤية مفادها أن الأزمات الوطنية تشبه الأزمات الشخصية التي يتعرض لها الأفراد، ومن ثم يرى أنه يمكن استخاص طرق إدارة الأزمات بالنسبة للدول من دراسة علم النفس والتاريخ.

اإدارة الدول للاأزمات

رأي الكاتب أن الأزمات التي يتعرض لها الأفراد شبيهة بتلك التي تواجهها الدول، وعادة ما يلجأ الأفراد إلى مجموعة من الخطوات لمعالجة أزماتهم منها: الاعتراف بوجود مشكلة، وفصل المشكلة عن بقية حياتهم، وتحمل المسؤولية، ومحاولة الحصول على الدعم، وإيجاد حلول واقعية، والتعلم من تجارب الآخرين، وتحديد نقاط القوة والضعف، ومحاولة تطبيق الدروس التي تم استخاصها من الأزمات السابقة، والتحلي بالصبر، والتمتع بقدر كبير من المرونة والقدرة على التأقلم، وتحديد القيم الأساسية الفردية، والتحرر من القيود الشخصية التي تحول دون تحقيق الأهداف.

ويجادل الكاتب بأن آليات استجابة الدول للأزمات لا تختلف كثيراً عن الخطوات سابقة الذكر، فالدول مثل الأفراد قد يعترفون أو ينكرون أنهم في أزمة، كما قد تنفي الدولة مسؤوليتها عن أزمة معينة وتلقي اللوم على أحد الأطراف الخارجية أو خصم سياسي آخر.

وتقوم الدول في بعض الأحيان بتغييرات انتقائية لا تعالج صلب الأزمة ومن ثم تعد مجرد تحولات شكلية، وتتلقى الدول كذلك الدعم المادي والمعنوي في بعض الأحيان من الحكومات الصديقة، يضاف إلى هذا أن الدول تمتلك ما يعرف ب "الذاكرة التاريخية"، إلا أن الدول تختلف عن الأفراد في أن لديها مجموعة من الاعتبارات الأخرى التي تحدد استجابتها للأزمة مثل: طبيعة الهوية الوطنية ودرجة استنادها إلى اللغة والثقافة، والقيم الأساسية للدولة مثل الديمقراطي­ة، كما أن الدولة ليست حرة في اختيارها مثل الأفراد حيث تعاني قيوداً جغرافية، ومشكات فيما يتعلق بحجم ثروتها وجيشها.

وأكد الكتاب أن "قوة الإرادة" هي العامل الأساسي لإدارة الأزمة والخروج منها، سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أو على مستوى الدول، حيث يشير إلى أنه قد تتوفر الأدوات التي تمكن الدولة من الخروج من الأزمة، إلا أنه على الرغم من ذلك قد تفشل في مواجهتها وهو ما يعود إلى غياب الإرادة الفاعلة لدى القادة ومؤسسات الدولة. ويعد ما أطلق عليه الكاتب "الإيثار الدولي" عاماً مهماً لمساعدة الدول الأخرى للخروج من أزماتها عن طريق المساعدات وتقديم الاستشارات وتبادل الخبرات.

بناء الهوية الوطنية

قام الكاتب بدراسة عدد من الحالات التي تعرضت فيها الدول لأزمات متعددة وتمكنت من اجتيازها لتتحول من الفوضى إلى بناء دولة قوية تمتلك هوية وطنية متماسكة، فعلى سبيل المثال كانت فنلندا دولة ضعيفة وفقيرة حتى الحرب العالمية الثانية ولكن الآن الوضع قد اختلف، حيث أصبحت إحدى الدول التي تتمتع بتقدم تكنولوجي وقطاع صناعي قوي، وياحظ أنها لم تلق اللوم على الاتحاد السوفييتي فيما وصلت إليه بل كانت على استعداد لتطوير عاقات برجماتية معه، كما قامت بتقوية اللغة كمدخل لتعزيز الهوية لدى مواطنيها بالإضافة إلى إحياء ذكري الجنود الذين تم قتلهم في الحرب العالمية الثانية من دون أن تزرع لدى المواطنين "النزعة الانتقامية".

وينطبق ذلك على اليابان التي تمكنت من تجاوز أزماتها وبناء دولة تشبه الدول الأوروبية، مع الحفاظ على التراث الياباني، حيث تحلت بالواقعية كما استغلت كل مواردها لتحقيق هذه النهضة ومنها: السكان، والموقع الجغرافي، والقوة الاقتصادية.

وتطرق الكتاب أيضاً إلى الأزمات المعاصرة التي تعانيها الدول بصفة عامة، والولايات المتحدة بشكل خاص، حيث رأى أن واشنطن لديها عدد من المشكات التي قد تتبلور وتتحول إلى أزمة مثل: الاستقطاب السياسي، وانخفاض نسب التصويت، والعقبات التي تحول دون تسجيل الناخبين، وعدم المساواة، والحراك الاجتماعي المحدود، وأكد الكتاب في الختام أنه غالباً ما يتجاهل القادة العامات الواضحة للأزمة، وأن الدول لا زالت تعيد ارتكاب الأخطاء نفسها التي أدت إلى كوارث تاريخية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates