Trending Events

الناس، والسلطة، والأرباح: رأسمالية تقدمية لعصر عدم الرضا

-

جوزيف ستيجلز ‪People, Power, and Profits: Progressiv­e Capitalism for an Age of Discontent,‬ ‪By: Joseph E. Stigli, W.W. Norton &Company, 224pp., $16.32,2019, ISBN:‬ 9781324004­219 عرض: سماح إسماعيل، باحثة في النظم السياسية المقارنة يطرح الخبير الاقتصادي الشهير الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيجلز في كتابه الصادر بعنوان "الناس والسلطة والأرباح: رأسمالية تقدمية لعصر عدم الرضا" رؤية مفادها الارتباط الوثيق بين السياسة والاقتصاد، بحيث تنعكس التفاوتات الاقتصادية وعدم المساواة على التوجهات السياسية للمواطنين.

ويطرح الكتاب أيضاً أفكاراً حول كيفية إعادة هيكلة السياسة والاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية وإنقاذ الرأسمالية من أن تدمر ذاتها عبر تراكم التداعيات غير المقصودة لتفاعات اقتصاد السوق الراهنة.

�صعود اقت�صاديات ال�صتغلال"

أبدى الكاتب تخوفه من تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد الأمريكي، خاصة تراجع التنظيم وتشكل الأسواق الاحتكارية التي تنتج ثروات لأقلية عبر عاقات الاستغال الرأسمالية.

ويحذر الكتاب من تصاعد الشعبوية والنازية في الولايات المتحدة وتنامي الخطاب المعادي للمهاجرين والأقليات، ويرصد الكتاب قيام ترامب بزيادة الإنفاق الحكومي في مقابل تراجع الاستثمار في البشر والبنية التحتية والتكنولوج­يا.

ولا ينفصل ذلك عن انقاب الولايات المتحدة على العولمة واعتبارها المسبب الرئيسي للأزمات الاجتماعية، خاصةً تآكل الطبقة الوسطى وفقدان الأمريكيين وظائفهم في القطاع الصناعي.

ومن ثم جعل ترامب مهمته الأساسية شن حرب كاملة على العولمة، ممثلة في حرية التجارة وتدفقات البشر عبر الحدود من خال سياسات الحمائية والإغاق. ويشير ستيجلز إلى أن المفارقة الأساسية تتمثل في أن العولمة نشأت أساساً كإطار لتكريس الهيمنة الأمريكية على العالم وأن واشنطن ظلت المستفيد الأول من مد العولمة على مدار الأعوام الماضية.

ويركز الكاتب أيضاً على وجود أزمة تمويل في الاقتصاد الأمريكي نتيجة لتوظيف البنوك قوتها المالية للإضرار بالمجتمع واختطاف الاقتصاد كرهينة في غياب الإرادة السياسية لفرض ضوابط وقيود على أدوارها، وهي الظاهرة التي أدت في السابق لتفجر أزمة الرهن العقاري في عام 2008 والتي تنذر باحتمالات حدوث أزمات مماثلة في المستقبل.

تاأ�صي�ص القت�صاد التقدمي"

يطرح ستيجلز رؤيته حول كيفية تجاوز حالة الاستقطاب والانفصال بين المواطنين والسلطة ورأس المال، وهو ما يتلخص في عدة مداخل أساسية تتصدرها العودة لقيم النموذج الأمريكي وإعادة تأسيس "الديمقراطي­ة الحقيقية" من خال الدفاع عن حقوق الأقليات والتوازن بين الأغلبية والأقليات والحد من تأثير المال في العملية السياسية.

ويتوازى ذلك مع تعزيز مرونة الاقتصاد وقدرته على "خلق وظائف للجميع" وتوجيه تفاعات السوق لخدمة المواطنين وتحقيق تطلعاتهم، بالإضافة لانتقال من الاقتصاد الصناعي الذي ساد القرن العشرين إلى "الاقتصاد الأخضر" الذي يتناسب مع القرن الحادي والعشرين.

ويرتبط ذلك بالتركيز على أهمية العمل والرعاية الصحية والاجتماعي­ة لكبار السن والمرضى، وتطوير خدمات الصحة والتعليم والإسكان والأمن المالي لجميع المواطنين.

ويركز ستيجلز على توفير حياة كريمة للجميع والارتقاء بمستويات معيشة الأفراد، وهو ما يعتبره المعيار الأساسي للتقدم الاقتصادي وليس مقاييس النمو الكمية، كما يرى أن الاستثمار في القوة العاملة وتأهيلها ورفع كفاءتها سينعكس إيجاباً على إنتاجية الاقتصاد وقدرته على المنافسة.

ويشدد الكتاب على ضرورة استعادة روح النموذج الأمريكي القائم على العدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون والديمقراط­ية ومركزية المؤسسات الديمقراطي­ة والليبرالي­ة وتوفير فرص الرفاهية للجميع وليس لأقلية محدودة من الأثرياء، فضاً عن صياغة عقد اجتماعي جديد يعزز الارتباط الإيجابي بين الاقتصاد والمجتمع، بحيث يكون الأول وسيلة وليس غاية في حد ذاته، وتكون الرفاهية وليس الناتج المحلي الإجمالي هي مقياس تقدم الاقتصاد، أي أن يصبح "البشر في المرتبة الأولى".

وأخيراً، يتعرض الكتاب لأهمية التعليم والبحث العلمي، خاصةً في القطاعات التكنولوجي­ة باعتبارهما أساس مواصلة التقدم وتحديث الاقتصاد والمجتمعات في آن واحد، ويعتبر الكاتب أن الاستثمار في التعليم والبحوث والتطوير من ضمن الأصول الرئيسية لاقتصاد المتقدم لأنها ترتبط بفرص النمو المستدام في المستقبل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates