أعمال تغيير العالم: كيف يحول المليارديرات، والمربكون التكنولوجيون، والرواد الاجتماعيون صناعة المساعدات العالمية؟

راج كومار The Business of Changing the World: How Billionaires, Tech Disrupters, and Social Entrepreneurs Are Transforming the Global Aid Industry? By: Raj Kumar, Beacon Press, 256 pp., $18.6,2019, ISBN: 9780807059579 عرض: محمود جمال عبد العال، باحث في العلاقات الدولية بمركز الحكمة - القاهرة يُركز كتاب "أعمال تغيير العالم: كيف يحول المليارديرات، والمربكين التكنولوجيين، والرواد الاجتماعيين صناعة المساعدات العالمية؟" للكاتب الأمريكي من أصولٍ هندية "راج كومار" Raj Kumar( ) على ضرورة ابتكار نماذج جديدة للعمل الخيري والمساعدات الإنسانية. وتقوم فكرة الكتاب الرئيسة على البحث عن السبل والأدوات التي تضمن القضاء على الفقر المدقع الذي يعانيه العالم من خال الاستعاضة عن نظم المساعدات التقليدية التي تضطلع بها المؤسسات العماقة كالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والبنك الدولي بنمط المنح المفتوحة عن طريق المؤسسات الناشئة.

من�صة جديدة للم�صاعدات

لم يكتفِ كومار بانتقاد المساعدات التقليدية فقط، ولكنه قدم نموذجاً جديداً لسياسة المساعدات من خال التخلص من هيمنة المؤسسات الكبرى واتباع نموذج المساعدات القائم على المنافسة المفتوحة. وتقوم المرحلة الثانية على التحول من نموذج التوزيع بالجملة الذي يعني قصر المساعدات واحتكارها على عددٍ صغير من المستفيدين إلى نموذج التجزئة الذي يهدف للوصول إلى عددٍ كبير من المستفيدين.

ويتبع النموذج في هذه المرحلة الأسلوب العلمي لحل المشكات من خال تحديد المشكلة، وعرض الحلول الممكنة واختيار أنسبها إضافة إلى تقييم النتائج بشكلٍ فوري. حيث سيكون الفرد المقدم إليه المساعدة وحدة التحليل الأساسية. وتعتمد المرحلة الثالثة في النموذج على التقييم بالنتائج من خال مكافأة النماذج الناجحة وتصحيح مسار المتعثرة.

تجارب وتطبيقات ناجحة

تتميز المنصة الجديدة للمساعدات باحتوائها على تقارير معلوماتية مفتوحة المصدر بما يتيح للمشروع تصحيح مساره استناداً إلى التقارير المحدثة بشكل فوري والمتاحة على منصات المعلومات الإلكترونية بعكس النموذج التقليدي الذي لا يستطيع تصحيح مسار المشروع لاعتماده على تقارير التقييم السنوية. من ناحيةٍ أخرى، ستربط المنصة الجديدة نجاح المشروع بالنتائج وليس حجم التمويل كما هو متبع في النموذج التقليدي.

ويُمكن أن تعمل على تمكين المشاركين والمهتمين بالعمل الاجتماعي من الاطاع على تجارب الآخرين، والاستفادة من تقييمات متلقي الخدمة أنفسهم، والمستشارين، والتنفيذيين القائمين على المشروع.

ويهدف بناء هذه المنصة إلى الانتقال من نموذج المساعدات التقليدي إلى نموذج صناعة التأثير، خاصة أنه يرى أن خطط الأمم المتحدة الحالية للقضاء على الفقر بحلول عام 2030 مثالية ولن تكون واقعية لعدم توافر الآليات الواضحة لتحقيق أهدافها.

وذكر "كومار" أمثلة ناجحة تقوم بتطبيق نموذج المساعدات مفتوحة المصدر القائمة على المنافسة، مثل تطبيق "اعط مباشرة" Give Directly( ) الذي يسمح للأفراد بإرسال الأموال مباشرة إلى المحتاجين عبر الهاتف. وكذلك صندوق الابتكار العالمي Global Innovation( Fund) الذي يعمل على مشروع تمكين الاجئين من خال التواصل مع أصحاب الأعمال، وتقديم التدريب والمساعدة المهنية لهم. وقد نجحت التجربة الأولى للمشروع، حيث تمكن الصندوق من تأهيل 20 لاجئاً بالأردن للعمل في شركات دولية بالإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية.

نماذج غير تقليدية

من المتوقع أن يتأثر نموذج المساعدات التقليدي سلباً بهذا التطور لافتقاده المرونة والفاعلية. ويرى "كومار" أنه لن يتمكن من مواكبة التحديات التي سيواجهها العالم خال الفترة المقبلة كزيادة نسب الفقر، والنقص الشديد في المياه، والتغير المناخي. ويرصد الكتاب المشكات التي يعانيها نمط المساعدات بشكله الحالي ومنها التركيز على امتيازات العاملين في الإغاثة من مستشارين ومديرين تنفيذيين أكثر ممن يحتاجون للمساعدة. وفي السياق ذاته، تذهب نسبة ضخمة من التمويل إلى من أطلق عليهم كومار "مقاولي المعونة" الذين يحجزون لأنفسهم النسبة الأكبر من التمويل، ودائماً ما يكونون من مواطني الدولة المانحة.

ويُبرز ذلك تحول صناعة المساعدات إلى التركيز أكثر على الأثر والعائد من خال تقديم المساعدات والمنح للمؤسسات الصغيرة والناشئة مباشرة للفقراء. ويُعد مبدأ الفاعلية والمنافسة قوام منصة المساعدات الجديدة، حيث يستطيع الجميع تقديم مبادرات وحلول للمشاكل التي تواجه العالم من دون الارتباط بعقود للمستشاريين التنمويين كما هو متبع في النموذج التقليدي.