Trending Events

نشاط السعادة: سياسة الشعور بالرضا

-

أدريان ماري براون ‪Pleasure Activism: The Politics of Feeling Good,‬ ‪By: adrienne maree brown,‬ ‪AK Press, 464 pp., $14.8,2019, ISBN: 9781849353­267‬ عرض - صباح عبدالصبور، باحثة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة تصاعد التركيز على "سياسات السعادة" من جانب الدول والمجتمعات في الآونة الأخيرة في ظل تزايد ضغوط التفاعات السياسية والاقتصادي­ة وهيمنة النزعات المادية والانعزالي­ة وتصاعد الصراعات المجتمعية، وهو ما دفع الناشطة النسوية أدريان ماري براون لطرح كتابها بعنوان "نشاط السعادة: سياسة الشعور بالرضا".

ويركز الكتاب على كيفية تمكين الأفراد من تجاوز ضغوط العنف والقمع في المجتمعات وتحقيق الرضا بتحليل خبرات عدد من الناشطات النسويات من الأمريكييا­ت من أصول أفريقية.

�صعود "الفاعل الفرد"

يؤكد الكتاب أن الفرد هو محور السياسة وأن الغاية الأساسية له هي تحقيق السعادة والرضا، بحيث يتمكن من قيادة الإصاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومواجهة ضغوط السياقات الاجتماعية والسياسية.

ويقصد بمصطلح "نشاط السعادة" تركيز الأفراد على "استعادة الذات" وتعزيز الرضا الفردي في مواجهة تأثيرات القمع والقيود الاجتماعية والسياسية، وبمعنى آخر فإن البحث عن الرضاء الذاتي يكون بمنزلة ثورة فردية لتحقيق العدالة والتحرر لصالح الفرد نفسه.

وفي مقابل اهتمام بعض المجتمعات بالجماعة وإعطائها السلطة العليا في مواجهة الأفراد، فإن الفرد – وفقاً للمؤلفة - يعد القوة المحركة الأساسية للسياسة واللبنة الأساسية لبناء المجتمعات، ومن ثم يصبح تحقيقه للسعادة أساساً لاستقرار السياسي والاجتماعي.

ويؤكد الكاتب على أن التغيير الاجتماعي والاصاح السياسي يجب أن يبدأ من نشاط وحركة الأفراد وسعيهم لتحقيق ذاتهم أولاً، بحيث يؤدي تراكم الحراك الفردي إلى الزخم الدافع نحو الإصاح.

"�صيا�صة اكت�صاف الذات"

لا تركز الكاتبة على الظواهر السياسية والاجتماعي­ة الجزئية وتأثيرها على الأفراد وكيفية تفاعل الأفراد مع السياقات المحيطة، وإنما تسعى لنزع السلطة من الكيانات الخارجية وإعطائها للفرد، بحيث يتخلص من القيود المتخيلة ويشرع في البحث عن سعادته الذاتية.

ويرى الكتاب أن تمكين الأفراد يبدأ باكتشاف ذواتهم والمهارات والقدرات التي يملكونها وكيفية تحقيق السعادة والرضا، وكيفية تحييد التأثيرات الخارجية عليه وتحقيق التوازن بين الذات والآخر والفصل بين الحياة والعمل والاعتدال في الارتباط بالمجتمع والتقيد بمعاييره وقيمه الأساسية.

الخيال كو�صيلة للقمع

تشير الكاتبة إلى أن سلطة الجماعات تعد نموذجاً لكيفية توظيف الخيال في قمع تطلعات الأفراد وتعزيز اعتقادهم بوجود قيود تفرض عليهم سلوكاً معيناً في المجتمع، مما يتسبب في عدم قدرتهم على تحقيق السعادة وفقاً لرؤيتها بسبب الاعتمادية المفرطة على الجماعة، وانتشار "ثقافة الخوف" مما يخلق عاقات لاضطهاد والقمع المتبادل في المجتمعات.

ويبدأ التعافي – وفقاً للكتاب - من تفكيك عاقات الخوف المتبادل، وتركيز الفرد على بناء الذات وتحقيق السعادة للتعافي من الاضطهاد والقمع، واستكشاف القدرات الكامنة التي تمكنه من دعم مجتمعه بصورة إيجابية.

وتنطلق المؤلفة من منظور ليبرالي، وهو ما دفعها لاتخاذ الفرد كوحدة تحليل رئيسية والتركيز على تمكينه وسعادته وهو ما يأتي امتداداً لاتجاهات التفكيك ضمن التيارات النقدية وما بعد البنيوية التي لا تقبل بسلطة الكيانات الكلية والمؤسسات والجماعات وتستهدف تمكين الفرد واستعادة التوازن في عاقته بالجماعة.

وفي المقابل، تستنج المؤلفة من تحليل تجارب الأفراد الذين تعرضوا لأحداث العنف أن الانعزال عن المجتمع وإنكار التعرض للأذى يزيد من تأثرهم باضطرابات ما بعد الصدمة ولذلك تطرح رؤى متعددة حول كيفية التعافي النفسي والدمج الاجتماعي للأفراد عقب التعرض لخبرات العنف في المجتمعات.

ختاماً، تعد الرؤية التي تطرحها الكاتبة ضمن اتجاهات النشطاء والباحثين في المدرسة النسوية لإعادة هيكلة وتعريف مفهوم السياسة والانتقال من المنظورات الكلية التجميعية إلى المداخل الجزئية في فهم الظواهر السياسية، وهو ما جعلها تتناول السعادة والرضا والعنف على المستوى الفردي وكيفية جعل الفرد وتطلعاته محوراً للتفاعات السياسية والاجتماعي­ة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates