Trending Events

معادلات صفرية:

تنامي محاولات الحسم العسكري بمناطق الصراعات العربية

- عبدالقادر الهلي ومحمد الأمين بن عودة

تعاني المنطقة العربية صراعات ممتدة، كما في حالات اليمن وليبيا وسوريا، وعلى الرغم من تعدد مسارات التسوية السلمية، ووساطة العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، فإن أغلب هذه المحاولات باءت بالفشل، الأمر الذي دفع بعض أطراف الصراع في الدول الثلاث للعودة إلى مسار الحسم العسكري.

يسعى هذا التحليل إلى رصد أبرز المبادرات المقدمة من الأمم المتحدة، والوساطات الإقليمية والدولية لتسوية الصراع في كل من اليمن وليبيا وسوريا، وأسباب انتكاسة هذا المسار، وعودة أطراف الصراع إلى مسار الحسم العسكري من جديد.

اأولً: اإخفاق م�صار الت�صوية

تعددت جهود تسوية الصراعات في كل من اليمن وليبيا وسوريا، غير أن أغلب هذه المبادرات قد أخفقت، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي: 1- إخفاق الجهود الأممية لحل الأزمة اليمنية: لاتزال الحرب مستمرة في اليمن بين الحكومة الشرعية مدعومة من التحالف العربي من جهة، وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران من جهة أخرى، وذلك منذ انقاب الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وتدخل التحالف العربي في مارس 2015 لدعم الحكومة الشرعية) .)

ورعت الأمم المتحدة العديد من جولات الحوار بين الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثي للتوصل لتسوية سلمية للصراع. وكان أول مساعي الأمم المتحدة في هذا الصدد تعيينها إسماعيل ولد الشيخ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، في أبريل 2015، والذي قاد عدة جولات للمشاورات بين طرفي الصراع، لكنها لم تصل إلى نتائج، بسبب تعنت ميليشيا الحوثي، ورفضها التعاون معه، الأمر الذي دفع الأمين العام للأمم المتحدة، في فبراير 2018، إلى تعيين مارتن جريفيث مبعوثاً جديداً لليمن) .)

واستضافت الأمم المتحدة طرفي الصراع في العاصمة السويدية ستوكهولم في الفترة من 6 إلى 13 ديسمبر 2018 لإجراء محادثات سام بين ممثلين عن الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثي أسفرت عن توصل الطرفين ل "اتفاق ستوكهولم" والذي تضمن ثاثة جوانب رئيسية، هي الاتفاق حول وضع مدينة الحديدة وموانئها، وتبادل الأسرى، بالإضافة إلى التوصل لتفاهمات حول تعز.

وبموجب اتفاق الحديدة، وافق الطرفان على وقف إطاق النار في المدينة وسحب قواتهما من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وإزالة جميع المظاهر العسكرية المسلحة

منها)3(. وفيما يتعلق بتبادل الأسرى، اتفق الطرفان على إطاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفياً والمخفيين قسرياً والموضوعين تحت الإقامة الجبرية لدى جميع الأطراف)4.)

وعلى الرغم مما يمثله اتفاق ستوكهولم من اختراق كبير في مسار الأزمة اليمنية، فإنه لم يحقق أي تأثير إيجابي على أرض الواقع، حيث لم ينسحب الحوثيون من موانئ الحديدة الثاثة، وقاموا بتسليمها إلى عناصر تابعة لهم من دون رقابة أممية)5(. وذلك لمحاولة الظهور كطرف متجاوب مع جهود السام التي تقودها الأمم المتحدة. وترتب على ما سبق حدوث اشتباكات من فترة لأخرى بين الجانبين في الحديدة)6.)

وبالمثل، تعثر تطبيق اتفاق تبادل الأسرى، على الرغم من عقد عدة لقاءات في العاصمة الأردنية عمان، منذ منتصف يناير 2019، لبحث سبل تطبيق اتفاق تبادل الأسرى)7،) وهو ما يرجع إلى رفض ميليشيا الحوثي الاعتراف بآلاف المعتقلين في سجونها، بالإضافة إلى معارضتها الإفراج عن كل المعتقلين، وفقاً لاتفاق ستوكهولم)8(. كما أعدم الحوثيون، في 9 يوليو ‪30 2019،‬ مسجوناً لديهم بتهمة التخابر لصالح التحالف العربي، وهو ما مثّل ضربة قوية لجهود تبادل الأسرى، حيث كان هؤلاء من ضمن الأسماء التي قدمتها الحكومة الشرعية للحوثيين لمبادلتهم بأسرى لديهم ضمن اتفاق ستوكهولم) 9 .) 2- تعثر مبادرات تسوية الأزمة الليبية: تتواصل الأزمة في ليبيا للعام التاسع على التوالي منذ إسقاط نظام معمر القذافي في 17 فبراير 2011، وتفاقمها منذ يونيو 2014 بعد رفض الإخوان المسلمين، وحلفائهم من التنظيمات الإرهابية، الاعتراف بنتائج انتخابات مجلس النواب التي أسفرت عن فوز التيار المدني بغالبية مقاعد المجلس، مما أدى لانقسام ليبيا إلى حكومتين وبرلمانيين يسيطر كل منهما على جزء من الأراضي الليبية، ويخوضان صراعاً مسلحاً لايزال قائماً حتى الآن.

وتسيطر قوات المشير خليفة حفتر، المدعوم من مجلس النواب المنتخب، على الشرق الليبي وأجزاء واسعة من الجنوب، فيما تسيطر حكومة الوفاق والمؤتمر الوطني العام والميليشيا­ت الموالية لهما على العاصمة طرابلس والغرب الليبي. وعلى الرغم توقيع طرفي الأزمة الليبية "اتفاق الصخيرات" تحت رعاية الأمم المتحدة، في 17 ديسمبر 2015، لحل الأزمة، فإنه لم يتم تنفيذه حتى الآن)10.)

ومع تعثر تنفيذ اتفاق الصخيرات سعت الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى ليبيا غسان سامة، لإطاق عدة مبادرات لتحقيق اختراق في الأزمة الليبية، كان أولها في سبتمبر 2017 تحت اسم "خطة العمل الجديدة من أجل ليبيا"، والتي تهدف إلى تنظيم استفتاء على دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وذلك في موعد أقصاه سبتمبر 11( 2018(، غير أن هذا الاتفاق لم ير النور.

وبموازاة الجهود الأممية، أطلقت باريس مبادرة في مايو 2018، بعد أن تمكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من جمع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، وتقوم على إجراء انتخابات بحلول نهاية عام 12( 2018(. وسعت المبادرة الأفريقية، في فبراير 2019، لتنظيم انتخابات بحلول أكتوبر 13( 2019(، غير أن هذه الجهود أخفقت هي الأخرى. 3- انتكاسة مسارات حل الأزمة السورية: تعثرت جهود الحل السياسي لوقف الحرب الأهلية السورية، فقد فشلت مهام المبعوث الدولي في الأزمة السورية بدءاً من كوفي عنان، مروراً بالأخضر الإبراهيمي، ودي ميستورا، وصولاً إلى النرويجي غير بيدرسون، وهو ما يرجع إلى انقسام مواقف المجتمع الدولي من تسوية الأزمة)14(، إذ تدعم روسيا وإيران نظام بشار الأسد، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها من الدول الأوروبية، تدعم المعارضة السورية. وانعكس هذا الصراع في ازدواج مسار التسوية، بين مسارين رئيسيين، وهما: أ- مسار جنيف: يعكس هذا المسار وجهة نظر الولايات المتحدة وحلفائها، وهو مسار يسعى للتوصل إلى حل سياسي من خال التفاوض بين المعارضة والنظام برعاية أممية. ويتمثل أبرز ما توصل اليه هذا المسار القرار الأممي رقم 2118 في 27 سبتمبر 2013، الذي نص على التأكيد أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة في سوريا سيكون من خال عملية سياسية شاملة تؤسس لهيئة حكم انتقالية تمارس كامل الصاحيات التنفيذية، وتُشكل على أساس التوافق)15(، بما يعنيه ذلك من عزل الرئيس السوري بشار الأسد. ب- مسار الأستانة وسوتشي: يعبر عن وجهة نظر روسيا، حيث هدف مسار الأستانة إلى وقف إطاق النار بين النظام والمعارضة، وإنشاء مناطق خفض الصراع والتوتر. أما مسار سوتشي، فهدف إلى تأكيد شرعية بقاء الأسد في الحكم. وهو ما رفضته المعارضة السورية، والولايات المتحدة والدول الأوروبية)16(. وعليه فإن هذه المسارات لم تسهم حتى الآن في خلق إطار تفاوضي تُبنى عليه تسوية سياسية فعّالة.

ثانياً: اأ�صباب انتكا�صة م�صارات ال�صلام

لعب عدد من العوامل دوراً في دفع أطراف الصراع في الدول الثاث إلى بذل جهود لحسم الصراع عسكرياً، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي: 1- دور العوامل الإقليمية: لعبت العوامل الإقليمية والدولية دوراً في عرقلة التوصل لتسوية سلمية للصراعات في البلدان الثاث، وذلك عبر التدخل لدعم أطراف الصراع، الأمر الذي دفعها إلى التشدد، وتفضيل الحسم العسكري. فقد ساهمت إيران، إلى حد بعيد، في إفشال اتفاقية السويد حول مدينة الحديدة، سعياً منها لاستثمار الأزمة كورقة تفاوضية في عاقاتها مع واشنطن، خاصة مع تشديد الأخيرة العقوبات على طهران بدءاً من أواخر عام 2018، لدفعها إلى القبول بتعديل الاتفاق النووي لتدارك الثغرات الواردة فيه، بالإضافة إلى تقليص حجم نفوذها الإقليمي.

ومن جهة ثانية، فإن الدعم العسكري الذي حصل عليه الرئيس السوري بشار الأسد من كل من روسيا وإيران، دفعه إلى الاستمرار في خططه الساعية لاستعادة السيطرة على الأراضي التي استولت عليها المعارضة المسلحة.

أما في الحالة الليبية، فإن الاضطرابات التي شهدتها بعض دول الجوار، خاصة السودان، والتي كانت تدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، يبدو أنها لعبت دوراً في دفع حفتر للتحرك عسكرياً ضد حكومة السراج، بالإضافة إلى تغير الموقف الأمريكي الذي بدأ يدرك أهمية القضاء على التنظيمات الإرهابية في طرابلس، خاصة بعد حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هاتفياً مع حفتر في 19 أبريل 17( 2019(، وأخيراً، فإن حفتر نجح في الحصول على دعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لتحرير طرابلس)18.) 2- نجاح مسار الحسم العسكري جزئياً: ساهم نجاح توظيف القوة المسلحة من قبل بعض أطراف الصراع إلى الاستمرار فيه، خاصة مع عقم المسار التفاوضي. وينطبق هذا الوضع بجاء على الحالتين الليبية والسورية. ففي سوريا، تمكن الرئيس بشار الأسد من تأمين دمشق، ومعظم محافظات الباد الرئيسية، مثل حمص وحلب، من خال القوة العسكرية، الأمر الذي أغراه بمحاولة تطبيق الأسلوب نفسه لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب، وكذلك المناطق الشمالية الشرقية من الباد، الخاضعة لسيطرة الأكراد.

ومن جهة ثانية، لم يتمكن المشير خليفة حفتر من استعادة الاستقرار في شرق ليبيا، خاصة في بنغازي ودرنة، سوى عبر الدخول في مواجهة عسكرية دامت على مدار أكثر من عامين ضد التنظيمات الإرهابية فيهما، الأمر الذي دفعه إلى محاولة استعادة السيطرة على الغرب الليبي بالأسلوب نفسه، خاصة مع وجود مئات من الميليشيات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة هناك. 3- اعتماد بعض أطراف الصراع على التنظيمات الإرهابية: أغرى تحالف بعض الأطراف المتصارعة على التنظيمات الإرهابية، أو حتى سيطرة التنظيمات الإرهابية على بعض مناطق الصراع لتعزيز توجه القوى المناوئة لهم لمحاربتهم.

ففي اليمن، لم تخف حركة الحوثيين، موالاتها للأجندة الإيرانية وتنفيذها أهدافها في اليمن، خاصة بعدما انقلبت على مسار التسوية السلمية الذي رعته الأمم المتحدة، وسعت لفرض سيطرتها عسكرياً على مدينة عدن في عام 2015، كما أنها تعاونت مع حزب اله اللبناني، والمصنف كتنظيم إرهابي في بعض دول الخليج العربية، نظراً لدوره في التخطيط لعمليات إرهابية وتخريبية ضد بعض دولها بالتعاون مع طهران، بل واعترف حزب اله اللبناني صراحة بدعم الحوثيين في اليمن مادياً، وعبر إرساله مستشارين عسكريين لدعم الحوثيين عسكرياً)19.)

وفي هذا الإطار، مثّل تحالف فائز السراج مع التنظيمات الإرهابية، وقادة موجودين على قوائم الأمم المتحدة، أحد الحجج الأساسية التي استند إليها حفتر في مهاجمة طرابلس. ويعد من أبرز الإرهابيين المتحالفين مع السراج القيادي صاح بادي، زعيم مليشيا الصمود، المطلوب أممياً، والقيادي البارز ب"مجلس شورى بنغازي" الإرهابي، والذي قام بإحراق مطار طرابلس، وأحمد الدباشي، قائد مليشيا العمو الضالعة في تجارة البشر وتهريب الوقود، وإبراهيم الجضران المطلوب دولياً لمهاجمة المنشآت النفطية، وغيرهم)20.)

وياحظ أن بعض الدول الإقليمية تورط في دعم التنظيمات الإرهابية في ليبيا، فقد سارعت أنقرة لنقل الإرهابيين من محافظة إدلب السورية إلى ليبيا عبر الأراضي التركية، وبواسطة طائرات "شركة الأجنحة" الليبية المملوكة من قبل عبد الحكيم بلحاج، زعيم الجماعة المقاتلة الليبية، الموالية لتنظيم القاعدة)21(، وذلك لدعم حكومة السراج الموالية للإخوان المسلمين.

ومن جهة أخرى، فإن محافظة إدلب السورية وحزام الأراضي المحيطة بها، يخضع في أغلبه لسيطرة هيئة تحرير الشام المنبثقة من تنظيم جبهة النصرة سابقاً، والموالية لتنظيم القاعدة الأم في أفغانستان، وتمكنت الهيئة في أوائل عام 2019، من إحكام قبضتها على جماعات المعارضة الأخرى بالمنطقة، ولايزال لبعض هذه الجماعات وجود محدود من خال "الجبهة الوطنية للتحرير" المدعومة من تركيا، والتي تقيم الأخيرة نحو 12 موقعاً عسكرياً في المنطقة بموجب اتفاقاته مع روسيا)22.)

ثالثاً: ت�صاعد خيار الح�صم الع�صكري

دفعت العوامل السابقة العديد من الأطراف المتصارعة إلى تجاهل مسار التسوية، الذي لم ينجح في حلحلة الصراع القائم، والعودة إلى الخيار العسكري. وفي هذا الإطار، أعلن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، والذي يسيطر على أغلب مناطق شرق وجنوب ليبيا، إلى شن حملة عسكرية جديدة على طرابلس في 4 أبريل، وذلك بهدف تحريرها من

سيطرة التنظيمات الإرهابية، والميليشيا­ت الإجرامية الموالية لحكومة السراج)23 .)

ويتمتع حفتر بدعم من حكومة البيضا ومجلس النواب المنتخب في طبرق، كما يحظى دعم شعبي واسع في مناطق واسعة من ليبيا، نظراً لنجاحه في طرد التنظيمات الإرهابية من شرق ليبيا، وتحديداً تنظيم مجلس شورى ثوار بنغازي الموالي للقاعدة، وتلك الموالية ل"داعش")24.)

وعليه فقد شهدت عدّة محاور على مشارف وحدود العاصمة الليبية طرابلس صراعات وصدامات مسلحة دامية بين الميليشيات الإرهابية الموالية لحكومة السراج، وقوات خليفة حفتر، وعلى الرغم من تمكن إحدى الميليشيات الموالية للسراج من استعادة غريان من سيطرة حفتر في أواخر مايو 2019، فإنها لم تنجح في إجبار حفتر على فك حصاره لطرابلس، بل وواصل تقدمه الميداني داخل بعض أحيائها)25.)

أما بالنسبة للصراع السوري، فإن مراجعة التطورات الميدانية الحالية تكشف أنها لا تبدو على مشارف تسوية سياسية في المدى القريب على الأقل، فعلى الرّغم من التفاؤل والحرص اللذين أبداهما المبعوث الأممي الجديد "غير بيدرسن" الذي تسلم وباشر مهامه منذ أبريل 2019، فإن التوازنات الإقليمية والدولية على أرض الواقع قد اختلت بصورة كبيرة لصالح بشار الأسد، الأمر الذي دفعه إلى تجاهل مسار التسوية السياسية.

وقامت قوات الجيش السوري منذ منتصف شهر أبريل الماضي، وبدعم روسي، بحملة عسكرية واسعة النطاق في منطقة الشمال الغربي للباد بإدلب، والخاضعة لسيطرة المعارضة، مما تسبب في سقوط عشرات القتلى، ونزوح حوالي 300 ألف شخص، حتى مايو 2019، ومثلت هذه الأحداث أكبر تصعيد تشهده الحرب بين النظام والمعارضة منذ الصيف الماضي. غير أن مسارعة القوى الدولية المعنية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا بإدانة التصعيد، ومطالبته التوقف، بل والضغط على روسيا، من أجل دفع النظام لوقف التصعيد العسكري ضد إدلب ساهم في تأجيل المعركة)26(، ولكن من دون أن يفتح ذلك الباب أمام مسار التسوية السلمية، خاصة مع هيمنة تنظيم القاعدة على أدلب.

أما في اليمن، فقد كشفت الحكومة اليمنية في يوليو 2019 أنها تدرس تعليق التزاماتها باتفاق ستوكهولم بسبب خروقات ميليشيات الحوثي المستمرة لاتفاق)27(، وذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه العلميات القتالية ضد الحوثيين في عدة جبهات.

وفي الختام، يمكن القول إنه بالنظر إلى المعطيات والمستجدات الميدانية في كل من اليمن وليبيا وسوريا، فإن احتمالات نجاح التسوية السياسية تبدو ضئيلة جداً، وهو ما يمكن إرجاعه إلى عوامل عديدة أهمها العامل الإقليمي الذي يلعب أدواراً حاسمة في التأثير على مسار الصراع في مناطق التوتر المذكورة، فالصراع الإقليمي في كل من ليبيا اليمن، خاصة لجوء بعض الدول مثل إيران وتركيا لدعم التنظيمات الإرهابية، ساهم في تراجع المسار السلمي، والاحتكام إلى الحسم العسكري. وبالنسبة للحالة السورية، فإن الدعم الروسي – الإيراني لنظام بشار الأسد، ساهم في تراجع مسار التسوية السياسية، ودفع النظام السوري إلى اعتماد الحسم العسكري.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ?? مناطق سيطرة القوات المتصارعة في ليبيا حتى 15 يوليو 2019
مناطق سيطرة القوات المتصارعة في ليبيا حتى 15 يوليو 2019

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates