دليل روتليدج للسياسات الراديكالية
Routledge Handbook of Radical Politics By: Ruth Kinna and Uri Gordon (Eds.), Routledge Handbooks, 564 pp., $ 195.92, 2019, 9781138665422 عرض: هيام القزاز، باحثة دكتوراه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة
يناقش الكتاب المعنون "دليل روتليدج للسياسات الراديكالية" والذي قام بتحريره كل من "روث كينا" و"أوري جوردون" مفهوم الراديكالية السياسية عند بعض الأكاديميين والناشطين السياسيين، ويرصد هذا الكتاب الحركات الراديكالية التي انتشرت في أواخر الثمانينيات من القرن المنصرم، ويسلط الضوء على محاور انتقاداتهم للواقع السياسي والاجتماعي.
مفهوم الراديكالية ال�شيا�شية
يرتبط مفهوم "الراديكالية" بالصراعات السياسية التي نشأت أواخر القرن الثامن عشر، وأصبح يشار إلى النشطاء الذين يسعون لإحداث تغييرات اجتماعية وسياسية جوهرية في القرن 19 باعتبارهم راديكاليين.
ويرتبط هذا المفهوم بعدد من المفاهيم الأخرى مثل التشدد، والشعبوية، ويشير الكتاب إلى أنه لا يوجد تعريف مقبول عالمياً للراديكالية، وذلك بسبب تباين الرؤى حوله بين الباحثين والأكاديميين.
ويؤكد الكتاب أن الراديكالية يرتبط ظهورها بما يمكن أن يطلق عليه "السياسات المناهضة للقمع"، وفي هذا السياق يلجؤون إلى علم الاجتماع السياسي للتفسير، والذي يشير إلى أن التفاعلات بين السياسات والأحزاب الشعبوية التي انتشرت قبل تسعينيات القرن الماضي قد أدت إلى نشأة هوية سياسية مضطربة تعاني التناقضات الطبقية، وهو ما ساهم في تقوية الحركات الاشتراكية الثورية والحركات التي تطالب بإحداث تغييرات جذرية فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية.
كما تسعى إلى المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم وتؤكد على المعاملة المؤسسية المتساوية، والاعتراف الاجتماعي والثقافي بالمهمشين داخل الديمقراطية الرأسمالية.
وفي مطلع الألفية الجديدة، ظهرت حركات مترابطة على مستوى العالم ضد الليبرالية الجديدة ضمت العمال الريفيين والحضريين في الجنوب العالمي الذين حُشدوا ضد الشركات متعددة الجنسيات والسياسات الليبرالية الجديدة، وكذلك الحركات القائمة على فلسفة "ما بعد المادية" التي جمعت مناصري حماية البيئة والديمقراطية وحقوق الإنسان، وطالبوا بضرورة تعزيز الاعتماد المتبادل فيما بينهم لمواجهة الاضطهاد.
�شبكات الحركة الجماعية
يناقش الكتاب طرق الاتصال بين الحركات النضالية من أجل صياغة أطر مرجعية لسياسات مكافحة القمع الليبرالي، ويهدف القائمون على تلك الحركات إلى بناء أواصر التضامن بينهم باعتبارها محاولة رامية إلى تعزيز الانسجام والتوافق وتبادل المنافع داخل المجتمع ككل وبين الحركات الفرعية داخله، ولكن هذه المحاولة تواجه خطر حدوث انقسامات وتناقضات بين أعضاء تلك الحركات.
ويرى محررو الكتاب أن فكرة التضامن تساعد على إيجاد هوية جديدة تستند إلى الممارسات المشتركة، ومدى استعداد الأفراد لاتخاذ إجراء موحد وقبول حلول وسط لدعم رفاقهم.
ويحاول الكتاب مناقشة الإجراءات والتكتيكات التي يتبعها أعضاء الحركات الاجتماعية من أجل ممارسة وتحقيق أهدافهم، حيث يلجؤون إلى العمل المباشر في البداية أو ما أطلق عليه الكتاب "سياسة افعل ذلك بنفسك" أي الاعتماد على أنفسهم في التغيير الاجتماعي والتدخل المباشر في المواقف غير المنصفة وإنشاء بدائل بالاعتماد على قدراتهم.
وكان تفضيلهم للعمل المباشر مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً برفضهم التنظيم من أعلى إلى أسفل، ومحاولة تغيير نمط السلطة الهيراركي ومناهضة ممارسات التسلسل الهرمي، ودعم سياسات التنظيم اللامركزي، ورغبتهم في اتخاذ القرارات بتوافق الآراء، وهو ما يتعارض بطبيعة الحال مع الداعين إلى الاعتماد على وسائل غير مباشرة لتحقيق أهدافهم، مثل مناشدة قوى خارجية للتدخل والتصرف نيابة عن أفراد المجتمع الساعي نحو التغيير.
ويحفز النشاط الراديكالي امتلاك تجارب ملموسة ومتكررة النجاح تساعدهم على تقديم برامج مفصلة ومخططات لما ينبغي أن يحل محل المجتمع الطبقي والحكومة الهرمية.