Trending Events

سياسة التغيير التنظيمي

‪The Politics of Organizati­onal Change‬ ‪By: Robert Price, Routledge, 84 pp., $70,2019, 9781138605­794‬ عرض: د. إيمان أحمد عبدالحليم، باحثة متخصصة في العلاقات الإقليمية - مصر

- روبرت برايس

على الرغم من أهمية السياسة كموجه للعمل داخل المنظمات، فإنه في حال عدم توظيف هذا العامل جيداً فقد يؤدي ذلك إلى إعاقة التغيير التنظيمي الذي يمثل أحد الأهداف الرئيسية لوضع السياسة داخل المنظمات.

ومن هنا ينطلق كتاب "سياسة التغيير التنظيمي" ل"روبرت برايس" من رؤية جديدة تقوم على توظيف "المصلحة الذاتية" للأفراد كدافع لتقبل سياسة التغيير التنظيمي المراد تحقيقه.

"الم�شلحة" دافع للتغيير

تكشف سياسة التغيير التنظيمي العلاقة بين المصلحة الذاتية والسلطة والسياسة وإدارة التغيير التنظيمي، والأهم ربما هو توضيحها كيفية توجيه المصلحة الذاتية لسلوك الأفراد داخل المنظمات، وذلك ما يضعهم في قلب ديناميات التغيير التنظيمي، حتى وإن كانت المصلحة الذاتية تعتبر في كثير من الأحيان عائقاً ومقاوماً للتغيير.

ومع ذلك يمكن على الجانب الآخر بناء سياسة تنظيمية تقوم على توظيف دوافع الأفراد في الارتقاء بمنافعهم الخاصة وحاجتهم في الوقت ذاته إلى تنظيم علاقتهم بالآخرين وبالإدارة القائمة داخل المنظمة من أجل وضع سياسة فاعلة للتغيير داخل المنظمات.

وعادةً ما يُنظر إلى المصلحة الذاتية بوجه عام على أنها شكل من أشكال السلوك السلبي الذي قد يُسبب عُطلاً وظيفياً، وقد تتعارض مع القواعد والتوقعات المجتمعية والتنظيمية والمعايير والتوقعات التي تؤكد ضرورة اتخاذ القرارات العقلانية بدافع من الأهداف الجماعية، وليس بدافع من المصالح الشخصية.

وفي المقابل فإن المصلحة الذاتية تعد محركاً جوهرياً لسلوك الأفراد، وهو ما يجعل توظيفها في تحفيز التغيير التنظيمي واجتذاب تأييد الأفراد لسياسات التغيير من المداخل الفعالة لإعادة هيكلة المنظمات وتغيير وظائفها.

مركزية الفاعل الفرد

إن إدراك وفهم تأثير ومركزية المصلحة الذاتية كقوة دافعة للتغيير، وكجزء أيضاً من بيئة إدارة التغيير، يساعد على فهم كيفية تحديدها لخيارات وتحركات الأفراد.

ولا يعني هذا أن المصلحة الذاتية يمكن أن تتم إدارتها على نحو مباشر، ولكن من خلال فهم محوريتها في تشكيل تصور الأفراد، وتفسيرهم وموقفهم من التغيير، لأن ذلك قد يوفر فهماً أكثر دقة لحدود الرقابة التنظيمية.

ويؤدي ذلك لوضع الأفراد في مركز التغيير بشكل كبير، مع تنامي الشعور بدوافعهم الشخصية والذاتية كموجه للتغيير، وما يعنيه التغيير لهم، ودرجة قبولهم لهذا التغيير، وما يُطلب منهم القيام به لأجل إنجاز هذا التغيير.

ويعني ذلك أن الأفراد يقومون بالتفاعل مع اتجاهات التغيير في المنظمات وفقاً لحسابات التكلفة والعائد وبناء على التقاطع أو التقارب مع مصالحهم الذاتية، وهو ما يجعل إدارة التغيير داخل المؤسسات تبدأ بالأفراد أولاً ثم الهياكل المؤسسية والوظائف والتفاعلات الخارجية.

اأهمية التوافق الموؤ�ش�شي

يركز الكتاب على ضرورة بناء التوافقات داخل المنظمات التي تمر بمراحل التغيير والتواصل الفعال بين الإدارة والأفراد داخل المنظمة بهدف تنفيذ التغيير المرغوب انطلاقاً من اعتبار التغيير مدخلاً لتحقيق مصالح مباشرة للأفراد وإسهامه في تلبية احتياجاتهم، مما يخلق قاعدة مؤسسية قوية داعمة للتغيير.

ويدعم ذلك الرؤية الخاصة بأن التغيير من خلال المشاركة والحوار يولد موقفاً أكثر انفتاحاً وقبولاً للتغيير، مع مراعاة التأثير الطاغي للأفراد في هذه المعادلة واعتبارهم مركز عملية التغيير ذاتها والمدخل الرئيسي لاستدامة عمليات التغيير والتطوير داخل المؤسسات.

وختاماً، فإن الثقافة التنظيمية تعد ضمن المحددات الرئيسية لكيفية تفاعل الأفراد مع مشروعات التغيير وإعادة الهيكلة المؤسسية وتغيير وظائف المنظمات للتكيف مع تحولات الواقع، وهو ما يزيد من أهمية دراسة كيفية التأثير على المصالح الفردية وتطويعها وتشكيلها، بحيث يمكن التحكم في تأثيرها على سلوك الأفراد وتفاعلهم مع مشروعات التغيير داخل المنظمات المختلفة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates