Trending Events

آليات التعامل مع التصعيد الإيراني في المنطقة..

آليات التعامل مع التصعيد الإيراني في المنطقة

- مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي ل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطي­ات

أبوظبي، 25 سبتمر 2019

استضاف مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" عبر "فيديو كونفرانس"، "مارك دوبويتز" Mark( ،)Dubowitz الرئيس التنفيذي ل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطي­ات"، من واشنطن؛ للحديث عن الأزمة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط. وأدار النقاش الأستاذ حسام إبراهيم، نائب مدير مركز"المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، وشارك في اللقاء خبراء وباحثو المركز، حيث تم تناول سُبل تعاطي الإدارة الأمريكية مع طهران، لاسيما مع التصعيد الإيراني بالمنطقة خلال الفترة المقبلة، على خلفية تزايد العقوبات المفروضة على طهران. والجدير بالذكر أن "مارك دوبويتز" هو من الخبراء الأمريكيين البارزين في الشأن الإيراني، حيث أشرف على العديد من المشروعات البحثية حول طهران والعقوبات المفروضة عليها لمنع تهديداتها النووية.

اأولً: تقييم التفاق النووي الإيراني

تناول "مارك دوبويتز" أبعاد الاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015 في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، منوهاً بالتداعيات السلبية لهذا الاتفاق، والتي امتدت، وفقاً لرؤيته، إلى تعزيز نفوذ النظام الايراني في الشرق الأوسط، حيث استخدمت طهران مكاسبها من الاتفاق النووي في تمويل الجماعات المتطرفة في المنطقة، وتقوية القدرات العسكرية للحرس الثوري، والقيام بتحركات لفرض النفوذ استناداً إلى أذرعها مثل حزب اله اللبناني؛ وهو ما ترتب عليه تقويض مصالح الولايات المتحدة والقوى المتحالفة معها في المنطقة.

ويرى الخبير الأمريكي أن ما اتبعته إدارة الرئيس الحالي، دونالد ترامب، من سياسة قائمة على استخدام جميع أدوات الضغط الاقتصادي للحد من نفوذ طهران ومنعها من المُضي قدماً في مشروعها النووي؛ تبدو سياسة مقبولة. وعلى الرغم من الجهود الأوروبية لإنقاذ الصفقة النووية مع إيران من خلال الحفاظ على الحوافز الاقتصادية لطهران، فإن تأثير هذه الجهود، حتى الآن، كان محدوداً.

كما نفي "دوبويتز" وجود مفاوضات غير معلنة بين واشنطن وطهران، غير أنه لم يستبعد وجود قنوات اتصال بين الطرفين مستقبلاً.

ثاني��اً: النق�ش��ام الأمريك��ي ح��ول طه��ران

أشار "دوبويتز" إلى وجود انقسام داخلي في الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي مع إيران، مؤكداً أنه على الرغم من كون الرئيس ترامب ما زال ملتزماً بالرغبة في التفاوض من أجل إبرام صفقة جديدة مع إيران؛ فإن ثمة صعوبة في إتمام هذه الصفقة إذا لجأت إيران إلى المماطلة وكسب الوقت في محادثات ومفاوضات حتى عام 2020، على أمل أن يتحسن موقفها التفاوضي في حالة نجاح مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.

وأشار المتحدث إلى أن الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي لن يدعموا العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، على عكس الديمقراطي­ين الذين يؤيدون هذا الاتفاق ويتحدثون عن العودة إليه إذا هزموا الرئيس ترامب في انتخابات العام المقبل. وقد صرح 3 منافسين ديمقراطيين على الأقل بذلك، وهم بيرني ساندرز وكامالا هاريس وإليزابيث وارين؛ وهو ما يجعل طهران تتطلع إلى أن يكون هناك رئيس أمريكي من الحزب الديمقراطي في عام 2020؛ أملاً في العودة للاتفاق النووي مع واشنطن.

وأكد "دوبويتز" أن الاتفاق النووي يعد أكثر جدوى بالنسبة لطهران، حيث

ستبدأ القيود الرئيسية المفروضة على برامج إيران النووية والصاروخية وإمكانية الوصول إلى الأسلحة الثقيلة، في التراجع عام 2020 عندما ينتهي حظر الأسلحة التقليدية الذي فرضته الأمم المتحدة. وبحلول عام 2023، سيختفي الحظر الصاروخي الذي فرضته الأمم المتحدة، وفي هذا العام نفسه أيضاً يمكن لطهران أن تبدأ في تثبيت أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، مما يقلل من وقت تصنيع القنبلة. ومن المنتظر أن تختفي المزيد من القيود في الفترة بين عامي 2025 و2030، حيث يُسمح لإيران بتوسيع قدراتها في مجال التخصيب وإعادة معالجة البلوتونيو­م الضروري لإنتاج الأسلحة النووية.

ثالثاً: ال�شغط على النظام الإيراني

أشار "دوبويتز" إلى أن الولايات المتحدة إذا أعادت إبرام الاتفاق النووي في عام 2021، فإن ذلك سيعني تخفيفاً هائلاً للعقوبات على إيران، منوهاً بأن ما أثاره أنصار هذا الاتفاق من تبريرات في عام 2015 بأن الصفقة مع طهران قد تمنح بعض الوقت للرئيس حسن روحاني لتحقيق الإصلاحات، قد ثبت خطأه؛ حيث أصبحت إيران أكثر عدائية منذ انتخاب روحاني في عام 2013، ومن غير المتوقع حدوث تغييرات حتى تنتهي فترة رئاسته عام .2021

ورجح "دوبويتز" أن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب لا تريد تغيير النظام الإيراني، لكنه طالب بضرورة وجود ضغوط من الداخل والخارج على طهران، ويرى أن إدارة ترامب لديها الكثير لتفعله في هذا الشأن، حيث يمكن أن تجمع الولايات المتحدة بين الضغط الاقتصادي بما في ذلك دفع صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، مع تقديم دعم أكبر للمعارضة الإيرانية ضد النظام الحاكم حالياً.

وأكد الخبير الأمريكي أن إدارة ترامب حاولت دفع النظام الإيراني إلى الموافقة على إبرام صفقة جديدة وشاملة تعالج التهديدات النووية وغير النووية، ولكن حتى الآن يرفض المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إجراء مفاوضات جديدة مع واشنطن، وما يشجعه على ذلك إشارة المرشحين الديمقراطي­ين للانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى عدم وجود شروط للعودة إلى الاتفاق النووي مع طهران، وهو ما يجعل الأخيرة تنتظر وجود رئيس أمريكي جديد أكثر مرونة في الحوار والتفاوض.

رابعاً: اعتبارات اأمريكية

تطرق "دوبويتز" إلى عدد من الاعتبارات التي يجب مراعاتها عند تعامل الولايات المتحدة مع الأزمة الإيرانية، وأبرزها ما يلي:

1- عقوبات رادعة وممتدة: يرى "دوبويتز"، والمعروف بمناهضته القوية للاتفاق النووي الإيراني، أن هذا الاتفاق يجب أن يكون مصحوباً بفترة ممتدة من العقوبات الحاسمة، وهو ما يتعين على الإدارة الأمريكية إدراكه؛ وذلك لضمان عدم تمكن الإدارة المستقبلية بسهولة من إلغاء هذه العقوبات ما لم يتغير سلوك النظام الإيراني بشكل جذري، حيث يجب أن تعلم طهران أن ما تسعى له من مماطلة انتظاراً لوصول إدارة أمريكية جديدة هو أمر عديم الجدوى.

2- عدم جدوى الدبلوماسي­ة المبكرة: يتبنى "دوبويتز" رؤية مغايرة عند التعاطي مع الجهود الدبلوماسي­ة مع إيران، معتبراً أن الدبلوماسي­ة يجب أن تأتي في مرحلة قادمة، مشدداً على ضرورة الحذر من الجهود الدبلوماسي­ة المبكرة التي قد يترتب عليها تخفيف العقوبات من دون ضمانات، وهو ما قد يترتب عليه اتفاق محدود يفشل

في معالجة التهديدات الإيرانية النووية وغير النووية في منطقة الشرق الأوسط.

3- خطورة الفصل بين القضية النووية وتهديدات إيران الإقليمية: أشار المتحدث الأمريكي إلى أن أي جهود دبلوماسية قائمة على الفصل بين القضية النووية وأفعال طهران الأخرى المزعزعة للاستقرار في المنطقة، تنطوي على مخاطر جسيمة؛ تتمثل في تكرار مسار إدارة أوباما، والذي رأى "دوبويتز" أنه لم يترتب عليه سوى قيود نووية محدودة في مقابل نفوذ وعدوان إقليمي متزايد لإيران. وبالتالي فمن وجهة نظر الخبير الأمريكي، فإن هذا الفصل قد يؤدي إلى قيام الولايات المتحدة بتعزيز الهيمنة الإيرانية في المنطقة.

4- التحقق من جدية الرغبة الإيرانية في التفاوض: أكد "دوبويتز" أن عدم وجود مؤشرات ودلائل واضحة على رغبة إيران في التفاوض قد يعني أنها تسعى فقط إلى إهدار الوقت والاستفادة من ضعف العقوبات. وحدد الخبير الأمريكي 3 مجالات على الأقل ينبغي لأي اتفاق شامل مع طهران السعي إلى معالجتها، وهي ممثلة في: البرنامج النووي، والبرنامج الصاروخي، والتدخلات الإقليمية ودعم الإرهاب.

مُجمل القول، خلصت رؤية الخبير الأمريكي "مارك دوبويتز" إلى أهمية مواصلة وزيادة الضغط على إيران الضعيفة حالياً، مشيراً إلى ضرورة ألا تبدأ إدارة ترامب المفاوضات مع طهران بتقديم تنازلات مثلما فعلت إدارة أوباما؛ بل يجب بناء جدار من العقوبات الإضافية على إيران والتي لا يمكن تفكيكها بسهولة، وضمان ألا تكون هذه التدابير موجهة ضد البرنامج النووي فقط، ولكن أيضاً إلى الدور الإيراني المزعزع للاستقرار في بعض دول المنطقة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates