Trending Events

عروض الكتب

-

يسعى آدم كوشارسكي، عالم الأوبئة والأستاذ المساعد فى كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إلى تفسير فكرة العدوى، ليس فقط فيما يتعلق بتفشي الأوبئة بل انتشار الأزمات والأفكار أيضاً، وينطلق الكتاب من فرضية مفادها أن التركيز على أسباب الانتشار فحسب من دون النظر إلى نمط وآليات انتشارها، يخلق صورة منقوصة.

دورات النت�صار والتراجع

يؤكد كوشارسكي أن بدء أي وباء أو مرض في الانتشار، يتطلب وجود مريض واحد فقط، يبدأ بنشر العدوى، ولكي يتحول أي مرض إلى وباء فإن ذلك يحتاج توافر 3 عناصر، وهي وجود فيروس سهل الانتشار، أي ينتشر بطريقة سهلة وسريعة مثل الرذاذ، ووجود أماكن مزدحمة تتضمن تفاعات كثيرة بين البشر، وأخيراً أعداد كبيرة من البشر ممن لا يمتلكون مناعة كافية.

وقد يحتاج المرض فترة زمنية تتباين في مدتها ليصل إلى ذروته، وبعد ذلك يبدأ منحنى الإصابات في الانخفاض، وذلك بسبب تطوير عدد كبير من البشر مناعة ضد المرض، مما يقلل نسب الإصابات، وهو ما أسماه عالم الإحصاء ميجور جرينوود في أوائل القرن العشرين بمصطلح "مناعة القطيع".

يشير الكتاب إلى أن الأمر نفسه يحدث مع طرح الأفكار الجديدة والمنتجات الجديدة، ففي البداية يكون هناك إقبال كبير على اعتناق هذه الأفكار أو شراء هذه المنتجات، ثم يتبع ذلك أن تصبح هذه الأفكار مألوفة أو أن هناك عدداً كبيراً من البشر قد أقتنوا هذه المنتجات والسلع فيبدأ الطلب عليها في الانخفاض.

مخاطر العتماد المتبادل

أدى الاندماج الاقتصادي وحركة السفر السريعة بين دول العالم إلى جعل أسواق المال مترابطة ببعضها بعضاً، ومن ثم يصبح الركود في أحدها مؤثراً على باقي الأسواق الأخرى، وهذا يفسر التأثير الكبير للأزمة المالية في عام 2008، وأيضاً انهيار الأسواق المالية الآسيوية في 1997. وينطبق الأمر نفسه حال انتشار وباء أو مرض ما، حيث تعمل التنقات وحركة السفر على توسيع رقعة المصابين بالمرض.

ويوجد وجه شبه آخر بين انتشار الأزمات المالية والأوبئة، هو أنه يمكن أن يتم إخفاء جذور الأزمة، مما يزيد من توسع نطاقها وحدتها. ويفسر ذلك أن بعض الشركات الكبرى قد تواجه مشكات اقتصادية جمة، إلا أنها قد تلجأ إلى الاقتراض، على سبيل المثال، لمحاولة حل مشكاتها وتحسين وضعها الاقتصادي، مما يصعب مهمة تقييم الأزمات الاقتصادية، وهو ما يفسر أن الأزمات المالية والفقاعات الاقتصادية ليست وليدة لحظة، بل تكون لها جذور وخلفيات سابقة تم تجاهلها ومحاولة عاجها بوسائل خاطئة أدت إلى تفاقمها. ولا يختلف الأمر كثيراً في عالم الأوبئة، فيمكن أن تكتشف الدول وجود بؤر لتفشي مرض من دون أن تتخذ الإجراءات الاحترازية الكافية، مما يؤدي إلى انتشار المرض خارج حدودها.

عدوى انت�صار العنف

توجد أوجه للتشابه بين تفشي الأمراض وانتشار العنف، أهمها أن كليهما له فترة حضانة، فالمرض لديه فترة حضانة داخل الجسم قبل أن تبدأ الأعراض في الظهور على المريض، في حين أن العنف أيضاً له فترة حضانة، حيث في بعض الأحيان، قد يؤدي حدث عنيف إلى حدوث ردود أفعال صدامية ولكن بعد فترة من الوقت. وكشفت بعض الدراسات عن وجود عاقة وطيدة بين العنف وانتشار الأمراض، ففي دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية تمت الإشارة إلى العاقة بين العنف المنزلي وانتشار مرض الإيدز.

وعلى مستوى آخر، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار الأفكار بشكل كبير، وفي بعض الأحيان يكون انتشار الأفكار على هذه الوسائل أسرع من انتشار الأوبئة، ويوضح الكاتب أن هناك وجه اختاف رئيسي بين الأوبئة ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو أن أول خطوة لاحتواء أي مرض أو وباء تكون في محاولة تحديد مسار انتقال المرض، وذلك للسيطرة عليه، إلا أنه من الصعب التحكم في تدفق الأفكار على الإنترنت، ويمكن أيضاً أن تعمل وسائل التواصل الاجتماعى والألعاب التي يتم تداولها خالها على نشر البرمجيات الخبيثة التي تصيب الحواسب واختراق الحسابات والمعلومات الشخصية لرواد الإنترنت.

ختاماً، فإن عالم الأوبئة وثيق الصلة والشبه بالواقع في مجالات السياسة والاقتصاد والمعلومات، ومن ثم يمكن استدعاء الأفكار وأساليب الوقاية والتعافي لمواجهة التهديدات الصاعدة في مجالات أخرى، مثل تأسيس البنوك المركزية شبكات مالية قوية للوقاية من الأزمات مستقباً، وتعزيز الشركات لتدابير الحماية السيبرانية للوقاية من الهجمات ومحاولات الاختراق.

أضحت الصور والتفكير البصري ضمن المحركات الرئيسية للعاقات الدولية مع هيمنة وسائل الإعام والوسائط المرئية على مصادر المعلومات حول التطورات العالمية، وفي هذا الصدد يقدم وليام كالاهان، أستاذ العاقات الدولية بكلية لندن لاقتصاد والعلوم السياسية رؤية نقدية لعالم الصور الذي طغى في الآونة الأخيرة على التفاعات العالمية.

�صعود التفكيرالب�صري"

يرى الكاتب أن الأفكار المتداولة حالياً عن العاقات الدولية تنبع من الصور التي يتم نشرها في وسائل الإعام وعبر شبكات التواصل الاجتماعي نتيجة اتساع الفجوة بين الواقع والأفراد وهيمنة الوسائط غير المباشرة على عملية تشكيل الأفكار. أدى ذلك لسيطرة "التفكير البصري" على رؤيتنا للعالم، بحيث يتم التركيز على ما تعرضه الصور ومقاطع الفيديو وتهميش كل ما لا يظهر في مراكز البث الرئيسية.

وتفرض سلطة صياغة السرديات المرئية ضرورة تجاوز بحث دلالات الصور ومعانيها إلى البحث في عاقات القوة التي تشكل إنتاج الصور ونشرها وفرضها على المشاهد، بحيث تصبح بعض الصور في الصدارة لتشكيل توجهات الرأي العام وصانعي القرار حول قضية معينة، بينما يتم استبعاد صور أخرى ووضعها في الهامش عمداً للتعمية والتكميم على قضايا أخرى لا تحقق مصالح الأطراف المهيمنة على السرديات المتداولة.

طفرة �صيا�صات ال�صورة"

يجادل الكاتب بوجود اتجاه عالمي لاعتماده على الصور في تشكيل التوجهات والسياسات، ووراء منصات إنتاج وتوزيع الصور سياسات محركة ومصالح تستهدف تحفيز سياسات معينة

وخلق توافقات عالمية حول عدة قضايا من خال صياغة "الأفكار السائدة" في دوائر النخب السياسية والمجتمعية.

وتعتمد استراتيجيا­ت "التحفيز بالصور" على ديناميات "المجتمعات العاطفية" التي تحركها محفزات بصرية تخاطب الشعور أكثر من الحقائق الواقعية مع انحسار تأثير النصوص على رؤية الأفراد للعالم. وبهذه الكيفية تخلق الصور توجهات وسياسات تجاه القضايا العالمية، بحيث يتم توجيه التفاعات بين الدول عبر بث الصور التي تتضمن معاني قوية تخاطب العاطفة.

تجليات �صيا�صةالروؤية"

لا يقتصر التأثير البصري على الصور وإنما يشمل الخرائط التي يمكن توظيفها لبث معانٍ محددة، مثل القومية وقداسة الحدود وحماية الشعوب والأغلبية العددية المهيمنة من الانزواء تحت ضغط تدفقات الهجرة والتغيرات الديمغرافي­ة، مثل الخرائط المتخيلة لأوروبا بعد 50 عاماً، والتي تتضمن تخيات لحدود جديدة بعد الانفصال المتخيل للأقليات في بعض الدول. ويتم توظيف بعض التجليات المرئية للحدود لإثارة ردود أفعال وطنية، مثل الجدران العازلة التي تثير جدلاً بين مؤيدي العولمة وداعمي سياسات الإغاق والانعزالي­ة.

ويعد الفضاء السيبراني ضمن المجالات الرئيسية لسياسات الرؤية القائمة على الارتباط بين الصور والواقع، حيث تشكل مراكز القوى المهيمنة عليه، والتي تشمل الحكومات وشركات التكنولوجي­ا العماقة وشركات إمداد خدمات الإنترنت وغيرها من الفاعلين، مامح الواقع الافتراضي الذي يبدأ بالانفصال عن الواقع الفعلي مع بث محتوى ومعاني تعبر عن مصالح الأطراف المنخرطة في تشكيل هذا المشهد.

ثنائيةالمر­كزوالهام�ض

لا يتعلق الأمر في "عالم الصور" بالمركزية الأوروبية فحسب، إذ تتعدد المراكز التي تسعى للهيمنة على صياغة الرواية الأكثر شيوعاً للواقع لتشمل مراكز صينية وآسيوية وشرق أوسطية، وتتباين ما بين التقليدية والمعاصرة، لكنها تتفق على استخدام "النهج الغربي" في توظيف الصور، وهو ما يعيد قضية النزعة الاستعماري­ة لعالم المعاني الكامنة في الصور.

ويوظف الكتاب عدة مداخل نظرية لفهم ثنائيات المركز والهامش في "عالم الصور"، تشمل المادية الجديدة والعاقات الدولية البصرية ونظرية الانفعال، والنظريات النقدية الأخرى. وتستهدف إعادة تخيل النظام العالمي ورسم خرائط الخطابات المتباينة وبناء الجسور المفاهيمية بين الثقافات المختلفة وتجاوز "الجدران الأيديولوج­ية العازلة".

ختاماً، يستهدف الكاتب تفكيك هيمنة المحفزات المرئية على فهم الأفراد للعاقات الدولية، بحيث يتم التوسع في الوسائط متعددة الحواس، وتجاوز المركزية الغربية عبر دمج منظورات متعددة من ثقافات مختلفة في عملية بث وتوزيع الصور وتطوير أدوات لتحليلها وتفسيرها، والتحول من التركيز على دلالات الصور إلى تحليل صناعة الصور وكيفية إنتاجها وكيفية صناعة المعاني الكامنة بها.

يتعامل أغلب المواطنين مع السياسة على أنها مجرد "هواية" أو ترفيه، فهم يكتفون بمتابعة الأخبار والشائعات السياسية، فضاً عن التصويت في الانتخابات، من دون ترجمة كل ذلك لإجراءات واقعية تخدم المجتمع ككل.

في هذا السياق، يؤكد عالم السياسة "إيتان هيرش" في كتابه المعنون "السياسة من أجل السلطة"، أهمية المشاركة السياسية الفعالة، وذلك بتحويل الطاقات كافة، سواء ببناء المنظمات السياسية أو المشاركة في وضع الرؤى بعيدة المدى لتحقيق الصالح العام، أي ممارسة السياسة من أجل القوة، وليست مجرد هواية.

مظاهر الهواية ال�صيا�صية"

"كيف نصف دوافعنا نحو الأنشطة السياسية؟"، هذا هو السؤال الرئيسي الذي يطرحه الكاتب في الجزء الأول من الكتاب، حيث ينخرط المواطنون في السياسة ليس لإحداث تغيير حقيقي في السلطة السياسية، بل لتحقيق غاياتهم العاطفية أو التعبيرية، وهو ما يجعل النشاط السياسي مجرد نشاط ترفيهي.

في هذا الصدد، يطرح الكاتب مجموعة من الأنشطة السياسية التي تظهر كيف يتحول المواطنون لهواة سياسيين، بدايةً من متابعة أو استهاك الأخبار المزيفة والشائعات السياسية كالاهتمام بفساتين ميانيا ترامب، أو منازل هياري كلينتون، وغيرها من الأمور الخادعة التي لا تساعد الشخص على أن يكون مواطناً صالحاً، وهو ما يؤدي لضعف فاعلية المشاركة السياسية.

ويضاف إلى ما سبق "الانتماءات الحزبية" التي تقوم على أساس العرق أو الدين أو اللغة وليس على أساس المصلحة العامة، وهو ما يعزز من

فرص الكراهية والعداء الحزبي بين المواطنين، ناهيك عن تحول الأحزاب السياسية لعامات تجارية مفيدة للناخبين وحسب، من دون أي أدوار حقيقية تحفز على المشاركة ومن ثم التغيير، باختصار باتت العملية الحزبية مجرد اختصار سريع للقيم السياسية.

وعلى النقيض مما يراه البعض، يرى الكاتب أن حرية التصويت في الانتخابات، سواء المحلية أو الرئاسية، لا تمثل أي مؤشر لضمان فاعلية المشاركة السياسية، نظراً لاعتماد الناخبين على أسس ضحلة في اختيار المرشحين، كالاختيار على أساس من هو أفضل في إلقاء الخطب والوعود، أو إهمال الانتخابات المحلية، لاسيما أنها لا تحظى بالدعم الإعامي الكافي بخاف الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعزز من فرص عديمي الخبرة والكفاءة للوصول لأعلى المناصب السياسية.

وأخيراً، تعتبر التبرعات من أهم مظاهر الهواية السياسية، حيث ينفق المانحون أموالهم في تمويل المرشحين ليس لخدمة الصالح العام أو لتحقيق خطط تنموية لدعم أعمالهم، بل أحياناً لتحقيق مزايا شخصية والترفية والتسلية، وهو ما يتجلى في إقامة الحفات الضخمة لالتقاط الصور مع المشاهير في عالم السياسة، أو حضور حفل عشاء مع زعيم منتخب بارز. بمعنى آخر، يقر المانحون أن أموالهم تشتري لهم فرصة التحدث عن السياسة مع أشهر السياسيين في أي وقت وأي مكان، وهو نوع من "الهواية السياسية".

تف �صيرات ال�صيا�صة غير المجدية"

يشير الكاتب إلى زيادة احتمالية انتشار مفهوم "الهواية السياسية"، أي التعامل مع السياسة كهواية وترفيه من دون أي تغيير حقيقي، في الولايات المتحدة الأمريكية خال السنوات المقبلة، مبرراً ذلك بعدد من العوامل أهمها سياسة الامتياز "تفوق الأغلبية البيضاء" فعندما لا يكون لديك ما تحتاجه، تكون السياسة للسلطة وليس للترفيه، والعكس صحيح، بمعنى أن المواطنين الأمريكيين من ذوي البشرة البيضاء لن ينخرطوا في السياسة إلا من أجل الترفيه كنوع من الهواية، لأنهم الأكثر تعليماً وثراء وبالتالي لديهم كل ما يحتاجونه، ومن ثم لن يسعوا نحو التغيير على عكس الأمريكيين من أصول أفريقية.

ويضاف إلى ما سبق غياب "المؤسسية"، فلم تعد الأحزاب السياسية تقوم بمهامها الأصلية المتمثلة في التجنيد السياسي والتثقيف وغيرهما، والتي تساعد على تأهيل الأفراد للمشاركة السياسية بكفاءة وفعالية، ومن ثم تحويل الهواة السياسيين إلى سياسيين منظمين للعمل على التغيير الحقيقي لمراكز السلطة.

ختاماً، يؤكد الكاتب ضرورة الانتقال من مرحلة التعامل مع السياسة كترفيه لمرحلة التغيير الحقيقي، وذلك بتعلم المهارات المدنية والانخراط في الأنشطة السياسية لوضع رؤى وخطط مستقبلية قابلة للتنفيذ، تضمن حسن سير العملية السياسية بأشكالها كافة، فعندما ينخرط الناس في هواية سياسية تكون السلطة هي الموضوع، وتصبح القوة هي السبب في كون السياسة مثيرة لهم، لكن عندما يمارس الناس السياسة تكون السلطة هي الغاية.

تلجأ الشركات الناشئة إلى تقليل الاحتكاك في أعمالها الخاصة من أجل منح نفسها ميزة تنافسية لاكتساب ثقة العماء. وتتمثل إشكالية الكتاب في دراسة تجارب الشركات الناشئة التي نجحت في الاستفادة من مفهوم "انعدام الاحتكاك" للتغلب على منافسيها من الشركات الكبرى. واتفق رواد الأعمال الذين استند المؤلفون إلى تجاربهم العملية على استفادتهم من المفهوم في تطوير التجارة الإلكتروني­ة.

ما هو انعدام الحتكاك"؟

قد يشعر القارئ لوهلة أن المؤلفين يتناولون في هذا الكتاب مفهوماً يخص التجارة الإلكتروني­ة ولكن في حقيقة الأمر الموضوع له أبعاد وزوايا تفوق ذلك بكثير؛ إذ يتحدث كريستيان ليميو، وداف ماكدونالد بشكلٍ واضح عن التغير الكبير الذي أصاب مجتمع الأعمال، سواءً على مستوى العاقة بين العميل ومقدمي الخدمات والمنتجات أو بين رواد الأعمال وموظفيهم الذين باتوا ينظرون للعمل كمقايضة. ويعتبر المؤلفون أن العمل على تقليل الاحتكاكات في ريادة الأعمال لم يعد رفاهية أو اختياراً ولكنها باتت ضرورة لاستمرار في المنافسة على اكتساب ثقة العماء، وهو ما يفتح المجال واسعاً أمام الشركات الناشئة التي أثبتت تفوقها، مثل جوجل، وأمازون، وفيس بوك، وغيرها.

وعلى الرغم من تدارك المؤلفين استحالة الوصول إلى عالم عديم الاحتكاك نتيجة وجود أنواع معينة من الأنشطة التي تعتمد عليه بصورة أساسية، مثل الخدمات الشخصية المباشرة، فإنهم يؤكدون أن تقليل الاحتكاك بات سمة غالبة في عالم تجارة التجزئة، لاسيما مع التطور التقني الذي وصلت له التكنولوجي­ا، إضافة إلى عقليات جيل الألفية من المستهلكين التي تميل إلى المنتجات الخالية من الاحتكاك متأثرين بعوامل السرعة والمرونة وهيمنة الثقافة البصرية.

تكتيكات التجارة المربحة

عمل المؤلفان على تأكيد أهمية التكنولوجي­ا كمحدد لنمو تجارة تقليل الاحتكاك باعتبارها فرصة لتوفير الوقت وإصاح هياكل الشركات لتوفير النفقات وجعل الحياة أكثر يسراً. ويرى المؤلفان أن كل فرد في العالم عليه التركيز على التعامل السريع والمرن في أسواق السلع والخدمات. ويرى المؤلفان أن الشركات التي ستعمل بقدر أقل احتكاكاً ستفوز بثقة العماء الذين يهمهم بشكلٍ أساسي السرعة والتنوع والأسعار كمحددات عامة تتحكم في عملية الشراء، وأضاف المؤلفان إلى ذلك مفهوم الاحتكاك كمحدد رابع سوف يتحكم في هوى العميل استناداً إلى القاعدة التي تربط بين تقليل الاحتكاك والسرعة؛ حيث يضمن محدد تقليل الاحتكاك تكلفة أقل للمنتج نتيجة انخفاض تكاليف التشغيل متمثلة في عدم الحاجة لتوفير مقار للعمل، وضمان الحصول على منتج أكثر جودة.

وتتمثل أهم عوامل نجاح تقليل الاحتكاك في اختصار وقت الإنتاج وتطوير المنتجات التقليدية، واستخدام التصوير الفوتوغراف­ي كأداة للدعاية، والتفرد لتحقيق امتياز السلع وتطويرها بشكلٍ دوري لضمان الاستمرار في المنافسة في السوق، إضافة إلى الشحن المجاني والسريع لكسب ثقة العماء في منظومة تقليل الاحتكاك.

م�صتقبل التفاعلات القت�صادية

يرى المؤلفان أن رقمنة العالم بفعل التطور التكنولوجي الذي صاحب صدارة شركة جوجل وآبل أدت إلى

سيولة في المعلومات والصور التي بات تأثيرها يفوق ما يكتبه الصحفي في مقالات مطولة. وقد وصل الأمر وفق ما يرى الكتاب - إلى بيع شركة فيس بوك هوياتنا وتفضياتنا للشركات والمواقع الإلكتروني­ة للتأثير في أنماطنا الاستهاكية بفعل الدعاية والعروض المتاحة التي تاحق العماء على صفحات التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت. ويضرب الكتاب مثاً بما فعلته شركة أمازون في عالم تجارة التجزئة. ويعتبر الكتاب أن العالم الجديد الذي ستتاشى فيه الاحتكاكات سيميل إلى البريد الإلكتروني والرسائل النصية للتواصل بين العميل ومؤسسات تجارة التجزئة كبديلٍ للمكالمات الهاتفية التي تمثل شكاً من أشكال الاحتكاك.

ختاماً؛ على الرغم من أهمية الانتقال إلى عالم با احتكاك، فإن الواقع الذي نعيشه حالياً لا يؤكد نهاية عصر الاحتكاك بقدر ما يؤكد وجود تحولات واضحة في سلوك عماء تجارة التجزئة. وقد كانت العديد من الشركات العالمية كأمازون وجوجل وفيس بوك مثالاً حياً لذلك؛ حيث تشجع المؤسسات والشركات الناشئة العماء على استخدام بطاقات الائتمان في عمليات الشراء من خال إتاحة نظام النقاط لكسب قسائم الشراء. كل ذلك يدعم توجهات الشركات الناشئة نحو التركيز على تجارة التجزئة التي يختفي منها التفاعل المباشر بين المنتج والمستهلك.

على مدار العقدين الماضيين أصبحت لدى كثير من دول العالم قناعة بأن قدراتها السيبرانية تعمل على إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية وتوازنات القوى الإقليمية، حيث يجادل أستاذ العاقات الدولية بجامعة جورج تاون "بن بوكانان" في كتابه "الهاكر والدولة: الهجمات السيبرانية والوضع الطبيعي الجديد للجغرافيا السياسية" بأن الهجمات السيبرانية لها تأثير واسع على الاقتصادات والمجتمعات، كما أنها تشكل الأوضاع الجيوسياسي­ة في أقاليم العالم.

خ�صائ�ض العمليات ال�صيبرانية

يُحاول "بوكانان" استكشاف مامح القوة السيبرانية على مدى العقدين الأخيرين، وكيف استطاع الهاكرز إعادة تشكيل العالم، فقد اتسمت العمليات السيبرانية في البداية بحالة من الفوضى، وقد اعتقد العلماء والمخططون العسكريون في بادئ الأمر أن الهجمات السيبرانية لا تختلف كثيراً عن الحرب النووية.

وتتعدد أنماط الهجمات السيبرانية لتضم: عمليات التجسس، والخداع، والهجوم، والهجوم المضاد وزعزعة الاستقرار، كما تتشابه في أنها تحتوي على خطوات مشتركة يتمثل أهمها في إجراء استطاع للهدف، وتطوير الأكواد لاستغال الثغرات الأمنية، والدخول إلى الشبكة المستهدفة، والانتقال أفقياً داخل الشبكة المستهدفة ونشر أدوات إضافية ومراقبة التأثيرات، إلى غير ذلك من الخطوات التي تُمكنه من تشكيل الساحة الجيوسياسي­ة لصالحه.

وقد تنبهت العديد من الدول لهذه التهديدات الصاعدة، ولهذا تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع تحالف "العيون الخمس" الذي يضم بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا لمواجهة التهديدات السيبرانية،

لاسيما تلك القادمة من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا.

اأهداف اأن�صطة الختراق

يرى الكاتب أن القدرات السيبرانية تستخدمها الدول كأداة لإدارة عاقاتها الدولية، وقد رأى أن أهم وظيفتين تؤديهما الهجمات السيبرانية هما إعادة تشكيل الأوضاع الجيوسياسي­ة عبر تحقيق أهداف الدولة بشكل مباشر، بالإضافة إلى ما أطلق عليه الكاتب "الإشارة" أي إرسال إشارات للخصم لدفعه لتغيير سلوكه بدلاً من المواجهة العسكرية المباشرة.

وبينما تتزايد أهمية العمليات السيبرانية كأداة لتشكيل الوضع الجيوسياسي، نظراً لأنها تُمَكِّن الدول من كسب مزايا على حساب بعضها البعض عن طريق عمليات التجسس والخداع وزعزعة الاستقرار، والأمثلة على ذلك كثيرة منها التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، فإنها تفشل كأداة للإشارة.

ويوضح "بوكانان" أسباب فشل القدرات السيبرانية في تحقيق مهمة الإشارة، حيث يشير إلى أنها تتطلب السرية بخاف الأنشطة العسكرية التقليدية التي يمكن أن توجه "إشارات" ورسائل غير مباشرة للخصم ولا تضر به بشكل مباشر، مثل التدريبات المشتركة مع الحلفاء الإقليميين، ودوريات الماحة، والتي تعتمد عليهما الولايات المتحدة لإرسال إشارات للصين وروسيا، على سبيل المثال.

وعلى النقيض من ذلك، لا تستطيع العمليات السيبرانية تحقيق أهدافها من فك التشفير الخفي، والتاعب في شيفرة المصدر إذا ظهرت عملياتها إلى العلن، كما يجب الأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن التنبؤ بحجم الضرر الناتج عنها.

على أية حال، يشير بوكانان إلى أن

هناك اتجاهاً لاستخدام القرصنة بالتوازي مع القوة العسكرية التقليدية، كما حدث في الهجمات السيبرانية ضد جورجيا عام 2008 المدعومة بالقوة الروسية المسلحة، إلا أنه مازال من الصعب الحكم على مدى نجاح الدول في دمج القرصنة مع حماتها العسكرية التقليدية.

النت�صار العالمي للقر�صنة

يرى الكاتب أن هذا الاستخدام المفرط للقوة السيبرانية أتاح للعديد من الأطراف محاولة الاستفادة من مزاياه، فانتقلت عمليات القرصنة من القوى العظمى إلى الدول الأصغر، واستخدمتها بعض النظم لقمع المعارضة الداخلية، وتستفيد الشركات الغربية والإسرائيل­ية من الدول الصغيرة التي تُقدم لها خدمات سيبرانية.

ولا تهدف الدول من خال استخدام القدرات السيبرانية إلى تحقيق أهداف الأمن القومي فحسب، بل أيضاً تحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية، منها ما حدث في عام 2017 عندما قام مجموعة من الهاكرز بحملة هجمات ضد مؤيدي مبادرة لفرض ضريبة على المشروبات الغازية في المكسيك.

ختاماً، يؤكد بوكانان أن العمليات السيبرانية أصبحت تُسهم في تشكيل الخريطة الجيوسياسي­ة العالمية من خال التجسس والتخريب وزعزعة الاستقرار، وهو ما يتيح للدول الصغيرة والمتوسطة ممارسة دور أكبر في النظام الدولي في حال امتلكت القدرات السيبرانية الازمة.

يناقش الكتاب المُعنون ب "الأعمال ووسائل التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط: الاستراتيج­يات وأفضل الممارسات والمنظورات"، وجهات نظر مجموعة من الأكاديميي­ن والمهنيين، حول التداعيات الاقتصادية والثقافية المختلفة لمواقع التواصل الاجتماعي بمنطقة الشرق الأوسط.

اإعلانات الفي�ض بوك الموجهة

يتصاعد عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي سنوياً بشكل كبير، ويسجل شباب منطقة الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية النسبة الأعلى من المستخدمين، مقارنةً بأوروبا والولايات المتحدة وآسيا. وهو ما يعكس حقيقة مفادها أنه كلما انتقلنا أكثر إلى الجنوب زاد الوقت الذي يمضيه الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يعكس هذا حجم الدور الذي باتت تلعبه مواقع التواصل في منطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق يشير الكتاب إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت أداة تواصل مهمة بين أصحاب الشركات والباحثين عن فرص عمل، فضاً عن قيامها بدور فعال في جذب الفئات المستهدفة من العماء، حيث أصبحت أقل الطرق تكلفة للوصول إلى العماء، ولزيادة المبيعات والأرباح، وتحقيق أهداف الشركات بشكل عام.

ويقارن الكتاب بين إعانات مواقع التواصل الاجتماعي وتلك التقليدية القديمة التي تعتمد على الإعانات الخارجية بالشوارع، أو الإعانات المطبوعة، أو الإعانات المرئية عبر التليفزيون، وكلها أكثر تكلفة من إعانات مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك باتت الأخيرة الأكثر جذباً، حيث يوضح الكتاب أن عدد قنوات اليوتيوب زادت بنسبة %160 خال السنوات الثاث الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولهذا اتجه عدد من الدول العربية لفرض رسوم للحصول على تراخيص تسمح باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للدعاية الإلكتروني­ة.

وفيما يتعلق بانتهاك خصوصية الأفراد لتحقيق أغراض تجارية، يوضح الكتاب أن شركات مواقع التواصل الاجتماعي كشركة الفيس بوك تستخدم بيانات الأشخاص، وتبيعها لاحقاً للشركات الأخرى، وهنا تقوم الشركات التي حصلت على هذه البيانات بعمل منشورات تركز بصورة أساسية على الفيديوهات والصور والرسومات البيانية مع العبارات القصيرة، مستهدفة الأشخاص الذين تتماشى ميولهم مع منتجات الشركات. ولذلك باتت مسألة خصوصية بيانات الأفراد من أكثر الموضوعات جدلاً مع ازدياد وعي الأفراد بهذه القضية. ونتيجة لهذا تسعى شركات مواقع التواصل الاجتماعي لتطوير إعدادات خصوصية مفصلة لحماية حقوق مستخدميها والتعامل معهم بطريقة أخاقية ومباشرة للغاية.

تغير ثقافة العمل

يناقش الكتاب دور الثورة التكنولوجي­ة في تنشئة جيل جديد من الأفراد في الشرق الأوسط، يعتمد بشكل شبه كلي على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في الحصول على معلوماته، أو كأداة لاتصال والتوظيف والدراسة أيضاً. ونتيجة لذلك أصبحت الشركات تركز بصورة أكبر على كيفية استخدام تلك المواقع للتواصل مع هؤلاء الشباب، وترتبط ثقة الأفراد في الشركات بحجم تواجدها على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت

ويتطرق الكتاب إلى عملية الاستقطاب والتوظيف عبر الإنترنت، موضحاً أنه على الرغم من أن الطرق التقليدية الخاصة بالتوظيف، والتي تعتمد

بصورة أكبر على عاقات الأشخاص لمعرفة توقيت الإعانات عن وظائف محددة في مكان ما، لا تزال موجودة على نطاق واسع، إلا أن التوظيف عبر مواقع التواصل الاجتماعي بات يشغل مساحة كبيرة، حيث تم التوسع في استخدام منصات LikedIn أو Viadéo لاختيار الأشخاص المناسبين للوظائف.

ولقد وفرت مواقع التواصل الاجتماعي قاعدة بيانات دولية مجانية للتوظيف، كما أنها ساهمت في سهولة تعرُّف مرشحي الوظيفة على طبيعة الشركة، والأسئلة التي من الممكن طرحها عليهم أثناء المقابات الشخصية، ومن ثم زيادة فرص قبولهم بالشركات.

وفي ضوء ذلك بات من الضروري على الأفراد وكذلك الشركات أن يكونوا "مرئيين" على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، كما أصبح من الضروري أن يحافظ الأشخاص على صورة جيدة عند استخدامهم حساباتهم الشخصية، لأنها تؤثر في قبولهم بالوظائف، وفي استمرارهم بها لاحقاً، حيث يراقب أصحاب الأعمال حسابات موظفيهم الشخصية.

وختاماً، يؤكد الكتاب أهمية توجُّه دول منطقة الشرق الأوسط لاستثمار في البنية التحتية التكنولوجي­ة، كما يشير إلى المسؤولية الاجتماعية للشركات في تدريب الشباب والعاملين على استخدام التقنيات التكنولوجي­ة في العمل، لأنها باتت من الأدوات الرئيسية لتعظيم الأرباح، واستهداف العماء والموظفين.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates