Al-Quds Al-Arabi

التعديل الوزاري المفاجئ الذي أجراه رئيس حكومة الوفاق الليبية يواجه معارضة عدة أطراف

-

■ طرابلس - من جهاد نصر : يواجه التعديل الوزاري الذي أجراه فايز السرّاج، رئيس المجلس الرئاســي لحكومة الوفاق الليبيــة، معارضة من عدة أطراف، لتشكيكها في الهدف من ذلك الإجراء المفاجئ، الذي جرى الأحد الماضي.

فلم يمض يوم على إعــان التعديلات من قبل الســراج، حتى توالت التصريحات من كل حدب وصوب، معتبرةً الخطوة «محاولة لقطع الطريق أمام ســعي مجلســي النواب )المنعقــد بطبرق( والدولــة )نيابــي استشــاري(، لتغييــر كامل الحكومة ومجلسها الرئاسي .»

تصريحــات أخرى صــدرت عن سياســيين، اعتبــرت الخطــوة «محاولة لكســب تحالفات جديــدة»، لا ســيما وأن من بين الــوزراء الجدد فتحي باشــاغا، الذي يمتلك ســلطة غير رسمية على «كتيبة الحلبوص» من مدينة مصراتة )شرق العاصمة طرابلــس(، أكبر كتائب غــرب البلاد، التي يسعي الســراج لإدخالها العاصمة لحماية حكومته.

والأحــد الماضي، أجــرى الســراج تعديلات وزارية شــملت ثلاث حقائب في حكومته وهي: الداخليــة، والماليــة والاقتصــا­د، بالإضافة إلى الهيئة العامة للشباب والرياضة.

وجرى تســمية علي عبد العزيز العيســاوي وزيرًا للاقتصاد والصناعــة؛ خلفًا لـ»فضل الله الدرسي»، وتســمية فتحي علي باشــاغا وزيرًا لوزارة الداخلية؛ خلفًا لـ »عبد السلام عاشور .»

كما أُســندت حقيبة المالية لفــرج عبد الرحمن عمر بومطاري؛ خلفًا لسلفه أسامة حماد.

وفور الإعلان، علّق النائب عبد السلام نصية، المكلــف من قبل مجلــس نواب طبرق )شــرق(، بالتواصل مع المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، لوضع آليــة لاختيــار مجلس رئاســي برئيس ونائبين، بدلًا من الحالي )9 أعضاء(.

تعليــق «نصية» جــاء عبر تغريــدة له على «تويتر»، اعتبر فيها أن خطوة الســراج «محاولة لقطع الطريق على إيجاد سلطة تنفيذية موحدة».

وقــال نصيــة إن «أي حكومة علــى أي رقعة جغرافيــة )فــي ليبيا( هــي اســتمرار لتكريس الانقسام».

وتابع أنه «فــي هذه المرحلة الصعبة ليســت المشــكلة في الوزراء والكفاءات، ولكن المشــكلة في أن تكون )كيفية تحقيق( حكومة لكل الليبيين تبسط سيطرتها على كل البلاد».

وفــي ذات يوم إعلان الســراج عــن وزرائه الجــدد، اجتمــع 40 نائبًــا من مجلــس النواب عــن المنطقة الغربيــة في مدينــة الزاوية )غرب طرابلس(، وأعلنوا رفضهم لما اتخذه السراج من إجراء.

النــواب المجتمعون، وهم مــن داعمي الاتفاق السياســي الموقع في المغرب أواخــر 2015، قالوا في بيان عقــب الاجتماع، إنهم «عقــدوا اجتماعًا ناقش بندًا واحدًا يتعلــق بإعادة هيكلة المجلس الرئاســي، حســب مقترح أقره مجلس النواب، لاعتماد آلية اختيار مجلس رئاسي جديد، مكون من رئيس ونائبين».

وفي اليوم التالي، أصدر مجلس النواب بيانًا جماعيًا قال فيه إن «أكثر من 134 نائبًا من النواب فايز السرّاج الداعمين والرافضين للمجلس الرئاســي طلبوا سحب الثقة من الرئاسي.»

وأضاف بيان مجلس النواب أن «انفراد رئيس المجلس الرئاسي باتخاذ القرارات الهامة وتسيير العمل دون الرجوع إلى بقية أعضاء الرئاسي - بما يخالف آلية عمل المجلس الرئاسي - أدى إلى انسحاب عدد كبير من أعضاء الرئاسي وبطلان القرارات التي يصدرها السراج، منفردًا بالمخالفة للاتفاق السياسي».

وفي حين حســم المجلس رأيــه بالرفض، عقد المجلس الأعلى للدولــة اجتماعًا، مســاء اليوم الخميس، قال إنه لمناقشــة مقترح تغيير المجلس الرئاســي، لكنه لم يحســم الجدل حول رأيه في تعديلات الســراج الوزارية، وتم تأجيل الحسم إلى الجلسة المقبلة.

وتمت إحالة المقترح المقدم من مجلس النواب، في هذا الشأن، إلى لجنة الحوار بمجلس الدولة لإدخال بعض التعديلات عليه بســبب تحفظات عدد من أعضاء مجلس الدولة، بحســب ما أعلن عنه عضــو مجلس الدولة ســعيد بن شــرادة، لموقــع محلي. وقال بن شــرادة إن «هناك توافقًا كبيرًا على المقترح )قدمه مجلس النواب لاختيار مجلس رئاســي جديــد( من حيث المبــدأ، إلا أن هناك تخوفًا من بعض النــواب )أعضاء مجلس الدولــة(، ولذلــك جــرى الاتفاق علــى إحالته للمناقشة لإجراء بعض التعديلات عليه».

غير أن النائب الثاني لرئيس مجلس الدولة، فوزي العقاب، وصف الأحــد، التعديل الوزاري في حكومة الوفاق بـ»الخادع».

وأوضــح «العقــاب»، فــي تغريدة لــه عبر «تويتر»، أن «الأزمة تكمن في المجلس الرئاســي وليــس في الحكومة، ســواء فــي هيكلته وآلية اتخــاذ قــراره أو لأنه يمثــل عائقًا أمــام إنهاء الانقسام السياسي».

فيمــا اعتبــر السياســي الليبي، عبــد الله المحيشــي، أن الانتقــاد­ات الموجهــة للتعديــل الحكومي «كانت ســببًا في تأخر إجراء التسليم والاستلام بين الوزراء الجدد وسابقيهم.»

وأشــار إلى أن «التسليم والاســتلا­م، تم في وزارتين؛ الداخلية، اليــوم، والمالية قبل يومين، ويعتبر هذا الإجراء متأخرًا».

وبالنســبة للهدف من وراء خطوة الســراج بإجــراء تعديــل وزاري، أوضح المحيشــي أنه «كان لجلب تحالفات جديــدة، حمايةً لحكومته والحفــاظ على الوضــع الأمني فــي العاصمة، التي تعتبر مركــزًا للحكم، الذي كان مهددًا خلال المعارك الأخيرة التي شهدتها المدينة».

وأضاف: «مثلاً، فتحي باشاغا، رغم أنه عضو في مجلــس النواب، إلا أن الســراج عيّنه وزيرًا للداخلية، لعلمه أنه يتحكم في كتيبة الحلبوص )الكتيبــة 301(، أكبر كتائب البــاد، التي تملك وحدها أكثر من 800 دبابة.»

واســتطرد بالقــول: «بقــدوم باشــاغا إلى طرابلــس، من المؤكد أن الحلبوص ســيكون لها دور محــوري فــي حماية الحكومة، وســتدخل طرابلس حتمًا، ويكون الســراج قــد حقق هدفًا مهمًا جدًا بذلك .»

وفي اتجاه التحالفات نفســها، يرى المحيشي أن «تعيــن بومطاري الزوي فــي وزارة المالية، خلفًا لأسامة حماد، وكلاهما من الشرق، يأتي بعد فشــل الأخير في جلب تحالف في شــرق البلاد، وربما ينجح في ذلك الوزير الجديد بومطاري.»

وختــم السياســي الليبــي كلامه قائــلًا إن تحليلــه «حول النيــة والقصد مــن وراء إجراء تعديل وزاري مفاجئ جــاءت لأن الوزراء الذين تم اســتبداله­م، خاصة فــي حقيبتــي المالية أو الداخلية، هم وزراء أكفاء جدًا، ويعملون بشكل جيد، ما يؤكد أن النية من وراء تغييرهم ليســت تحسين الأداء ».

وعلى الطرف الآخر، هناك من رحّب بما أعلنه الســراج من قرار تعديل وزاري، فالبعثة الأممية لدى ليبيا علّقت، في بيان لها الأحد الماضي، قائلة إنها تتمني النجاح للوزراء الجدد.

وعبــرت البعثة الأممية، فــي بيانها ذلك، عن «كامل اســتعداده­ا لدعم هؤلاء الــوزراء لتنفيذ الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس، والسير قُدمًــا فــي الإصلاحــا­ت الاقتصادية والســعي لتوحيد المؤسسات الوطنية ».»الأناضول»

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom