Al-Quds Al-Arabi

هل لإطلاق القس الأمريكي علاقة بملف اختفاء خاشقجي؟

- كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»

الأنباء عن وجود تفاهم أمريكــي تركــي لإطــاق ســراح القــس الأمريكي، جــاءت قبــل بــدء قضية خاشقجي، فبعد التصعيد الأمريكــي ضــد تركيــا، وفــرض عقوبــات علــى حكومة الرئيــس التركي رجب طيب أردوغان، وما أعقبه هذا التصعيد مــن رد تركي يظهرها بموقف المتحدي للعقوبــات الأمريكية، تداعى مسؤولو البلدان لمحادثات، بعيدا عن الخطاب الإعلامي الموتــور، وتوصلوا إلى تفاهم يقضي بإطلاق سراحه في جلسة مقرة مسبقا بتاريخ الثاني عشــر من أكتوبر/تشرين الأول، وهذه المعلومات المســربة غير المعلنــة، جاء صداها واضحا ليؤكدها مــن خلال تصريحات لا تقبل التأويــل من قبــل الرئيس الأمريكــي دونالد ترامب، ووزيــر الخارجية الأمريكــي، اللذين صرحا، بشكل لا لبس فيه بأن القس الامريكي ســيعود قريبا إلى الولايــات المتحدة، وكانت هذه التصريحــا­ت قبل بدء ازمة خاشــقجي، وقابلها تصريح مــن الرئيس التركي أردوغان بأن الأمر متــروك للقضاء، في موقف يؤشــر لإطلاقه، كل ذلك كان قبل أزمة خاشقجي.

هــذه الأزمــة ســاهمت فــي إذكاء الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تمر بها تركيا، ودفعت للمزيد من هبــوط الليرة التركيــة، لذلك كان لا بــد للأتراك من إيجاد مخــرج من هذا الأزمة مــع الولايــات المتحــدة، لكن بمــا يحفظ ماء الوجه، وبعد فتــرة زمنية من الخطاب التركي المتحدي لواشنطن، لكن هذا لا يعني أن الأزمة الأمريكية هي المتســبب بهذه الازمة، وبهبوط الليرة، فالمأزق الاقتصادي التركي له أســباب ذاتية، أقر بها المســؤولو­ن الأتراك أنفســهم، ومنهــم وزير المالية الســابق الــذي حذّر من «كارثة ســتقع» إن لم يتم تــدارك الأمر، كما أن مسلســل هبوط الليرة مســتمر منذ عام 2013 حتــى ما قبل الأزمــة الأمريكية، إذ كان ســعر الدولار يقارب 1.8 وهبطــت لتصل لنحو أربع ليرات للدولار الواحد عــام 2018، كل هذا قبل أزمة القس الأمريكــي والتهديدات والعقوبات الأمريكيــ­ة. البعض ربط إطلاق ســراح القس بوجود ترتيبات معينة، تتعلق بمسألة العلاقة مــع الســعودية في ملــف خاشــقجي، ولكن الحديث عن مســاومات تركية مع السعوديين في قضية خاشــقجي لا يبــدو مقنعا، فلا يمكن لدولة ذات شــأن كتركيا، المســاومة في قضية حساسة تمس بسمعتها الإقليمية والدولية، أن تســاوم، أو أن تتاجر بهذا الملف، بل إن الأتراك وعلى ما يبدو، سيعلنون ما لديهم بكل صراحة عندما يستنفدون كل وســائل التحقيق، وبعد الحصول مــن الجانب التركي علــى إجابات، فالتســجيل­ات الصوتيــة التي بات من شــبه المؤكد أن الأتراك يمتلكونها حســب المسؤولين الأمنيين والسياســي­ين الاتراك، الذين تحدثنا لهم، والذيــن أبلغوا بها الجانب الامريكي، وتم نشــرها في وســائل الإعلام، قد لا تكون دليلا حاســما، فالأصــوات التي ســجلتها لاقطات الصــوت المزروعــة غالبــا للتجســس داخل القنصليــة، تظهر أصــوات التحقيق والضرب وما إلى ذلك، هذه الأصــوات قد تكون نتيجة مقاومة الخاشــقجي لعملية الخطف والتكبيل، وقد يكون قتل، لكن الدليل الحاسم على قتله ما زال غائبا كما يبدو، وإذا لم يمتلك الأتراك دليلا حاســما عن حدوث القتل، ومنها ما تم تسريبه ونشــره من دون تأكيده حتــى الآن، عن أنهم فحصوا المجاري الصحية ووجــدوا فيها آثارا تثبت وجــود قطع من جســده، اذا لم يمتلكوا مثل دليل مباشــر كهذا على وقوع القتل، فإنهم سيواصلون البحث والتحقيق حتى إيجاد شي جديد، وهو مــا يعني أن حدوث القتل وإن كان قد وقع حقا، فإن الدليل عليه عند الأتراك قد لا يكون متوفرا، وما زال يعتمد على استنتاجات وليس أدلة.

أما وقوع الخطــف والإخفاء فهو المؤكد على الأقــل، وبانتظــار الإعلان التركــي من خلال الادعــاء العام عــن بقية الأدلة، فــان المصادر التركيــة الامنية ســتبقى ترســل معلوماتها للصحافيين، لكن المصادر الســعودية ما زالت صامتة.

لا يمكن لدولة ذات شأن كتركيا المساومة في قضية حساسة تمس بسمعتها الإقليمية والدولية أن تساوم

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom