Al-Quds Al-Arabi

قضية خاشقجي تُشعل سخرية واسعة من الإعلام السعودي وغضبا من «العربية»

- لندن ـ«القدس العربي»:

تســببت قضية اختفاء الصحافي والكاتب الســعودي المعروف جمال خاشــقجي، في موجة ســخرية جديدة من الإعلام الســعودي الذي بدا واضحــاً تخبطه خلال الفترة الماضية، حيث التــزم الصمت في بداية الأمر وكأنه لا يعرف من هو خاشــقجي، الذي كان رئيساً لتحرير واحدة من أهم الصحف داخل الســعودية، ثم عاد وانزلق نحو الاتهامات التقليدية بضلوع كل من قطر وجماعة الإخوان المسلمين في اغتياله، وهو ما يبدو أنه لم يجد أي آذان صاغية هذه المرة.

وبينما اشتعلت حالة الســخرية من الإعلام السعودي، وخاصــة الصحــف والقنــوات التلفزيوني­ــة المحلية، فإن قناة “العربية” التــي التزمت الصمت لعــدة أيام، واجهت هي ومديرها تركي الدخيل، موجة من الغضب بســبب أنها “فشلت في التصدي للهجمة الإعلامية العالمية التي تتعرض لها السعودية” خاصة أن وسائل الإعلام العالمية أيضاً بدأت في نشر ما يصلها من معلومات تدريجياً وهي المعلومات التي تثبت عدم صحة الرواية الســعودية فضــاً عن أن بعضها يؤكد ضلوع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الجريمة التي تم ارتكابها بحق الصحافي السعودي.

وكان خاشــقجي قــد دخــل القنصلية الســعودية في اسطنبول عند الساعة الواحدة من ظهر الثلاثاء الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الحالي لكنه لم يخرج منذ ذلك الحين، فيما بدأت تتحدث التقارير بعد ثلاثة أيام على اختفائه عن أنه تم قتله بعد أن تعــرض للتعذيب داخل مبنى القنصلية، ومن ثم تم التخلص من جثته على أمل إخفاء الجريمة، وهو ما أثار موجة غضب واســعة على مســتوى العالم، خاصة وأن خاشــقجي كان يكتب مقالاً ثابتاً في جريدة “واشنطن بوســت” الأمريكية، ويعتبر أحد أهم وأشــهر الصحافيين السعوديين.

ورغم الانشــغال الواســع بتفاصيل اختفاء خاشقجي، والمعلومات التي تظهــر يومياً عن القضية، إلا أن شــبكات التواصل الاجتماعي في العالــم العربي غرقت خلال الأيام الماضية بموجة سخرية من الإعلام السعودي بسبب طريقة تعاطيه مع الحــادث، والتي بدأت بالاعتــرا­ف أن “مواطناً ســعودياً اختفى في اســطنبول” دون أي إشارة إلى أهمية الرجل وحجمه وكونــه صحافيا وكاتبا مهما، كما تصاعدت وتيرة الســخرية لاحقاً بعد تداول صــورة مفبركة لخروج خاشــقجي من القنصلية، وهي الصورة التــي فبركها أحد الســاخرين أصلاً ونشرها من باب الســخرية أساساً، لكن كثيراً من الســعوديي­ن والإماراتي­ين تداولوهــا على اعتبار أنها صحيحة دون أن ينتبهوا إلى مضمونها الساخر ولا إلى مصدرها الأصلي.

كما تســببت قنوات التلفزيــو­ن الســعودية في موجة ســخرية موازيــة أيضاً، حيث تحــدث أحــد المحللين على التلفزيون السعودي مدافعاً عن بلاده بالقول: “هذه ليست طريقة القتل الســعودية” وهو ما دفع الكثير من المعلقين إلى التساؤل بســخرية عن “طريقة القتل المعتمدة للصحافيين “في السعودية ما دام القتل في القنصلية والتقطيع بالمنشار ليس معتمداً!”.

أين عادل الجبير؟

وانتبه الكثير مــن المراقبين والمتابعين إلى غياب شــبه كامل لوزير الخارجية الســعودي عادل الجبير عن المشهد، وعــدم إدلائه بأي أحاديث تتعلق باختفاء خاشــقجي، كما أن الحسابات التابعة لوزارة الخارجية السعودية وللجبير نفســه لم تعلق مطلقاً على القضية، علــى الرغم من ادعاء الســعودية أنها تتعاون مــع تركيا دبلوماســي­اً وأمنياً في القضية من أجل تحديد مصير الرجل.

وتساءل كثيرون: “أين عادل الجبير؟” حيث طرح العديد من المغردين على مواقع التواصل ســؤالاً هــو لماذا اختفت تصريحاته فــي هذا الظرف الحســاس الــذي تواجه فيه السعودية ضغوطا غير مسبوقة، في ظل الاتهامات التركية بارتكاب جريمة قتل داخل مقر قنصليتها في إسطنبول بحق إعلامي.

وذهب بعــض المعلقين إلــى أن الجبير يشــعر بالحرج الشديد” بسبب المأزق التي تمر به الدبلوماسي­ة السعودية في ظل الاتهامات باستخدام إحدى قنصلياتها لإخفاء وقتل صحافــي من مواطنيها، كما رجح آخــرون أن يكون الجبير الذي يملــك تاريخا طويلا في العمل الدبلوماسـ­ـي يشــعر بالحرج حالياً، وإن عدم إصــداره أي تصريحات دليل على ارتباك دبلوماســي واضح وانعدام توفر رواية واضحة، بل ذهب البعــض إلى أنه -أي الجبير- يريــد العثور على أي مخرج.

وغرد الإعلامي والصحافي عدنان حميدان على “تويتر” قائلاً: “يبــدو أننا في حاجة لحملة للمطالبة بالكشــف عن مصير عادل الجبير! أين هو؟! لا حس ولا خبر؟”.

وكتب أحد المغرديــن: “كتبتُ يوم أمس عــدة تغريدات عن أسلوب الســلطة الســعودية في التهديد والابتزاز في سبيل إخضاع الناس لها. ولا أستبعد أن يكون التهديد طال الخمسة عشر رجلا الذين نشرت صورهم وأسماؤهم )فريق الاغتيال(. حتى وزير الخارجية عادل الجبير من الممكن أنه يعيش ويتحدث ويصرح تحت التهديد”.

أما المغرد السعودي محمد الوثيري فكتب: “استغرب من معالي وزير الخارجية الاســتاذ عــادل الجبير انه لم يتصدَ للحملة الشرسه ضد السعودية في ما يتعلق باختفاء جمال خاشقجي”.

وغرد الناشــط عصام النجار بســخرية قائــاً: “نبدي قلقا بالغا لغياب عادل الجبير عن المشــهد فهل: يجمع الموز ويراقب الموقف؟ أم يراقب الموقف ويجمع الموز؟”.

أما محمــد علي فقال علــى “تويتر”: “هو عــادل الجبير كمان مخطوف؟ هههههههههه يا عم انت وزير خارجية دولة سيرتها على كل لسان.. مش جمهورية موز هي”.

فيما كتب معلق آخر ساخراً: “ولا يكون القنصل راجع له شي بعثة دبلوماسية ودخل ولم يخرج، أو كأن عادل الجبير راجع له شي قنصلية ودخل فيها ولم يخرج”.

وقال آخر: “مــع اختفاء عادل الجبير وعــدم صدور رد رسمي من الجانب السعودي بشأن اختفاء جمال خاشفجي، يبدو أن العصابة تعد لمسرحية تخرجها من الورطة وتبعدها عن دائرة الاتهام. أول فصولها أن المغدور جمال خاشــقجي مات جراء التخدير الزائد”.

ضاحي خلفان مجدداً

وعاد القائد العام السابق لشــرطة دبي ضاحي خلفان، الذي يعتبر أحد أنشــط رموز التحالف الإماراتي السعودي على الانترنت، عاد ليخطف الأضواء مجدداً بموجة سخرية منه على شــبكات التواصل الاجتماعي بعد أن نشر صورة مفبركــة لدخول وخروج خاشــقجي مــن القنصلية، وهي الصــورة التي فبركها أصــاً ناقدون للســعودية وطريقة تعاطيها مع الحدث من باب الســخرية، لكن الجنرال خلفان أخذهــا على محمل الجــد دون أن يدقق فيهــا ولا أن يعرف مصدرهــا واعتبر أنهــا دليل على براءة الســعودية من دم خاشقجي.

أما مصدر الصورة وســبب ورطة خلفــان فهو الإعلامي المصري المعروف والساخر يوسف حسين مقدم برنامج “جو شو” الشــهير الذي تبثه قناة “العربي” حيث فبرك الصورة ووضع عليها توقيع “جو شو” مصوراً لمتابعيه كيفية تعاطي الإعلام السعودي مع القضية، لكن السخرية تحولت إلى جد عند خلفان الذي وصلته الصورة.

يوسف حســن وفي رد ســاخر منه على قول القنصلية الســعودية إنها لا تملك تســجيلات لخروج خاشقجي من القنصلية، قــام بتعديل عبر “الفوتوشــو­ب” على الصورة المتداولة لدخول خاشــقجي إلــى القنصلية وبدت الصورة كأن الكاتب السعودي خارجا من المبنى.

وكتب يوســف حســن على الصورة: “خدمــة للقيادة السعودية.. جيبت لكم بنفســي دليل البراءة.. بس خليكم أذكياء ومتقولوش لحد إنها فوتوشوب”.

لكــن المفاجــأة كانت عندما قــام ضاحي خلفان بنشــر الصورة على أنهــا دليل براءة فعلاً للقنصلية الســعودية مع وضع علامة “إعجاب عليها” كمــا أن من المغردين الذين نشــروا الصورة على أنهــا حقيقية مدير قنــاة “العربية” السابق في السعودية خالد المطرفي.

وسخر الناشطون من ضاحي خلفان قائلين إنه “رد على نفســه بنفســه” فبعد يوم من اســتعراض مهاراته الأمنية “ســقط في أول فخ يصعب على أي مبتــدئ في التحقيقات الجنائية السقوط فيه”.

ولم ينتبه خلفان أن يوســف حســن وضع عبارة “جو شو” على لوحة السيارة التابعة للقنصلية السعودية، ولم يقم بتغيير التوقيت بين الصورتين.

وعلق يوسف حسين ذاته: “مع تأكيدي على أن الصورة فوتوشوب ووضوحها للأعمى أنها فوتوشوب. لكن مع نشر مدير قناة العربية ورئيس شرطة دبي سابقاً الصورة يتأكد لنا الناس دي ازاي بتفكر إعلامياً وأمنياً”.

وكتب الناشــط أحمد ياســن: “حضرة الضّابط الهمام، رجل الأمن المميّز، يا ريت تذكر أن مصدر الصّورة هو برنامج جو شو”. فيما علق الإعلامي ســعيد الحاج قائلاً: “يوسف صاحب البرنامج الســاخر جو شــو نشــر صــورة هزلية )فوتوشــوب( للكاتب جمال خاشجقي تظهره وكأنه يخرج من القنصلية، مع التوقيت نفسه للدخول والخروج، لدرجة انه وضع اسمه على لوحة السيارة. والمسؤول الأمني الكبير ضاحي خلفان بخبرته الأمنية الواســعة صــدق الصورة ونشرها، أضحك ولا أبكي؟!”.

أمــا الســعودي تركي الشــلهوب فكتب يقــول: “المبدع جو شــو قــام بالتعديــل على صــورة دخول خاشــقجي للقنصلية بـ”الفوتوشوب” ونشــرها للسخرية من الذباب الالكترونـ­ـي.. فقام ضاحي خلفان بنشــرها على أنها )دليل بــراءة الســعودية(.. المضحك ليــس هنــا.. المضحك أن ضاحي يوم أمس عرض “خبرته” للمساعدة في البحث عن خاشقجي”.

واشــتعلت حالة من الغضب في أوســاط الســعوديي­ن المؤيدين للنظام وللأمير محمد بن سلمان من قناة “العربية” الســعودية التي تبث من دبي بســبب صمتها وفشــلها في الدفــاع عن الرياض، في الوقت الذي كانت فيه الســعودية موضع اهتمام بالنسبة لكل وسائل الإعلام في العالم.

واتهم مغــردون ســعوديون “العربيــة” بـ”التخاذل” وعدم الدفاع بالشكل المطلوب عن الحكومة تجاه الاتهامات الموجهة لها بالتورط في قتل خاشقجي.

وبعــد الصمــت الملحوظ للقنــاة عن قضية خاشــقجي والذي دام ســتة أيام أطل مديرها العام تركي الدخيل ليعلن عن الموضوع الرئيســي في نشــرة “الرابعة” حيث حاولت “العربية” إقحام الحكومة القطرية في اختفاء خاشقجي.

وأثار الدخيل جدلا واســعا حيث قال مغردون إن “ربطه الســاذج لم يعد ينطلي على أحد” قائلين إن متابعة اختفاء مواطن وكاتب معروف أهم من توجيه القضية نحو الصراع مع قطر.

ووصف ســعوديون قناة “العربية” بأنهــا لم تقف يوما مع الوطن معتبرين محاولة الدخيــل لتهدئة الغضب تجاه القناة “مكشوفة”.

إلى ذلك، ســخر رئيس وزراء الســويد السابق ورئيس مجلس العلاقــات الخارجيــة الأوروبــي كار بريدت، من تقرير لقناة “العربية” حول الـ)15( ســعوديا المشتبه فيهم في عملية اغتيال خاشــقجي، حيث قال في تغريدة له على تويتر: “من المؤســف أن “الســياح الســعوديي­ن” )المشتبه فيهم( غابوا عن جميع المشــاهد في اســطنبول، واستقلوا طائراتهــم الخاصــة بعد بضع ســاعات داخــل القنصلية السعودية”.

وأرفق بريدت بتغريدته رابط تقرير لقناة “العربية” باللغة الإنكليزية يتناول الـ15 مشتبها بهم، وهو التقرير الذي يحاول الدفاع عنهم واعتبارهم مجرد سياح عاديين.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom