Al-Quds Al-Arabi

تطوير حقل غاز “غزة مارين” على سلم أولويات السلطة

- إسماعيل عبد الهادي

تحــاول السلطة الفلسطينية من جديد تفعيل قضية حقل غاز “غزة مارين” الواقع داخل المياه الإقليمية على بعد 36 كيلو مترا قبالة ساحل بحر قطاع غزة، ووضعها في صدارة اهتمامها كـأولـويـة لتعزيز واقــع الاقتصاد الفلسطيني. حيث يعتبر حقل غاز “غزة مارين” فرصة ذهبية لمستقبل السلطة الفلسطينية، التي تعاني مـن أزمـــات مالية كبيرة، إذ سيوفر لها مصدراً ماليا كبيرا، يغنيها عن الاعتماد على المساعدات الدولية المقدمة لها، إضافة إلى حل العديد من المشاكل. ومـن شـأن استخراج كميات الغاز الكبيرة المتواجدة داخل هذا الحقل إحـداث طفرة اقتصادية على صعيد موارد الطاقة الفلسطينية، من خلال استخدام الغاز في إنتاج الطاقة الكهربائية في كلا من محطتي كهرباء جنين وغــزة، وهما صممتا للعمل بالغاز الطبيعي ويعملان بشكل استثنائي بالسولار الصناعي.

ولا يخفى أن سنوات الانقسام بين شطري الـوطـن، إضافة إلـى عرقلة الاحتلال الإسرائيلي لعملية التنقيب في هذا الحقل، كرست كافة الجهود التي بذلتها السلطة مسبقاً من خلال إفشال إسرائيل لكافة الاتفاقيات التي عقدت مع شركات التنقيب الدولية.

وأكد رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية ظـافـر ملحم، أن تطوير حـقـل “غـــزة مــاريــن” يعتبر نقطة تحـــول وركـــيـــ­زة أســاســيـ­ـة لإعـــادة هيكلة قطاع الطاقة الفلسطيني، من خـال فـرض السيادة الوطنية على تطوير واستغلال المــوارد الطبيعية الفلسطينية، وحل أزمة الكهرباء في محطات توليد الكهرباء والتي تعتمد فـي تشغيلها على الـغـاز الطبيعي، إضافة إلـى الأهمية الإستراتيج­ية فـي إنـعـاش الاقتصاد الفلسطيني والانفكاك عن إسرائيل.

وبين ملحم لـ”القدس العربي “أن الحكومة الفلسطينية تبذل جهودا متواصلة مع شركات تنقيب متطورة للبدء في العمل والتنقيب عن الغاز، وإنشاء خطوط نقل داخل الأراضي الفلسطينية، حيث أن المباحثات جارية ولكن حتى اللحظة لم يتم توقيع أي اتفاق مع جهة محددة.

وأشــــار ملحم حـسـب دراســـات أجريت مسبقاً، فقد تبين أن الغاز الموجود داخل الحقل يعتبر من أجود وأنقى الغاز على مستوى العالم، حيث تصل نسبة الميثان فيه 99 في المئة، في المقابل يخلو الحقل من مركبات الكبريت الملوثة للبيئة، إضافة إلى أن كلفة التنقيب والعمل فيه الحقل تصل إلـى مليار دولار أمريكي، في حين تستفيد السلطة كثيراً من خلال سد الاحتياجات والتصدير إلى العالم.

وفي خضم العراقيل المتواصلة التي تفرضها إسرائيل على منع العمل في هذا الحقل، بدءاً بشركة بريتش غاز البريطانية والتي منحت حق التنقيب عــن الحـقـل فــي نهاية تسعينيات القرن المـاضـي، والتي قــدرت حجم احتياطي الغاز بــ1.2- 1.4 تريليون قــدم مكعب ومــن ثــم بيع الشركة حصتها إلى شركة شل العالمية، والتي أيضا فسخت عقدها مـع صندوق الاستثمار الفلسطيني، بعد أقل من عــام على شـــراء الحــصــة، وحسب جهات فلسطينية بينت، أن تهديدات إسرائيلية تلقتها الشركتان دفعهما ذلك للتخلي عن العمل في هذا الحقل.

فـــي الــســيــ­اق اسـتـبـعـد الخبير الاقـتـصـا­دي سمير حمتو، أن يتم التنقيب في هـذا الحقل في الوقت القريب، وذلك لعدة عوامل منها عدم سماح إسرائيل لأي جهة العمل في هذا الحقل إلا بموافقتها، وذلك يعني أن إسرائيل تحاول بسط سيطرتها على هذا الحقل أسوة بباقي الحقول الأخـــرى، أمــا العامل الثاني وهو الانقسام الفلسطيني، فالحقل يقع قبالة سـواحـل غــزة والـتـي تسيطر حماس على زمام الأمور فيها، فعملية النقل ستتم عبر أنابيب ستدخل غزة ومــن ثـم إلــى الضفة، وهــذا يتطلب توافقا فلسطينيا كي لا يفكر أي من الطرفين في مصلحته.

وأشــار حمتو لـ”القدس العربي” في حال تم استخراج الغاز لصالح الفلسطينيي­ن سيعمل ذلك على إنعاش الاقتصاد الفلسطيني، وتحقيق نقلة نوعية إيجابية والتي من شأنها توفير فرص عمل كبيرة للشباب، وتخفيف نسب البطالة المرتفعة إضافة إلى رفع قيمة فلسطين أمام العالم، باعتبارها دولة مصدرة للغاز الطبيعي.

ودعــا القائمين على الاتفاقيات الــتــي تــخــص الحــقــل إلـــى اتــخــاذ خطة اقتصادية محكمة، حيث أن التفاهمات السابقة التي أجراها صندوق الاستثمار الفلسطيني مع عدة شركات، بينت أن أطماعا كبيرة فرضتها تلك الشركات على نسب حصتها من الإنتاج وصلت لأكثر من النصف، في حين أن القانون الدولي الذي يخص اكتشاف الغاز أشار إلى أن من يكتشف البترول أو الغاز، يأخذ نصيبه بنسبة 40 في المئة من الإنتاج شهرياً لحين تغطية كافة تكاليف الإنتاج، وبعد ذلك تأخذ الشركة 10 في المئة من قيمة الأرباح حتى نهاية عمل الحقل.

ورغــم كل المحـــاول­ات التي تسعى لها السلطة للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني الـسـيـئ، تبقى هناك عراقيل تحول دون بدء العمل، في وقت يتوقع فيه صندوق الاستثمار الجهة المفاوضة، أن يتم البدء بعملية التنقيب بحلول الـعـام ،2021 وما يشجع الجانب الفلسطيني في ذلك انضمام فلسطين إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي تعطي الفلسطينيي­ن حقهم فــي ممارسة سلطتهم في المياه الإقليمية، والحق في التنقيب على المـــوارد الطبيعية واستخراجها.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom