Al-Quds Al-Arabi

الحصيلة الأعنف حتى الآن

-

ومداهمات واسعة تشــنها الأجهزة الأمنية الحكومية وغير الحكومية، ضد المشاركين في التظاهرات المستمرة في جنوب العراق، والمطالبة بالخدمات الأساســية وضرب الفاسدين، متوعديــن بالتوجه نحو المجتمع الدولــي لوقف الملاحقات بحق المتظاهرين.

ففــي العاصمــة العراقية بغــداد، أصــدرت 15 منظمة حقوقية بياناً مشــتركا شديد اللهجة للاحتجاج على حملة اعتقالات عشــوائية” تمارسها قوات تابعة لوزارة الداخلية ضد الناشــطين الشباب في البصرة، مشــيرة إلى قيامها بـ رفع مذكرة احتجاج إلى المجتمــع الدولي” ضد الانتهاكات الحكومية.

ونقل بيــان المنظمــات، شــهادات أدلى بها ناشــطون ومواطنــون مــن البصرة، عن قيــام خلية اســتخبارا­ت الصقور التابعة لوزارة الداخلية بتنفيذ الاعتقالات، وإجراء التحقيقات، وتعذيب المعتقلين لإجبارهم على توقيع إفادات منافية للواقع”. كما أشــار إلى أن القــوات الأمنية وبهدف التغطية على أعمال الاعتقال باتت تداهم المنازل ليلاً وفجراً، وتقتاد الناشــطين المدنيــن إلى أماكــن مجهولة”. وأضاف البيــان نرفع احتجاجنــا العلني على حــالات الاعتقالات العشوائية التي تطال شباب البصرة، وندين هذا التصرف اللادســتو­ري من قبل وزارة الداخليــة، كونه يجري دون مذكرات قضائية”.

وكشــفت المنظمات المعنيــة بحقوق الإنســان والمجتمع المدني، عن تحركهــا دوليا لوقف الانتهــاك­ات في البصرة، حيث ناشــدت المنظمات، المجتمع الدولي والمنظمات المعنية والأمم المتحدة، تقديم المســاندة والتضامن لحماية الشباب والناشطين من الاعتقالات.

هناء أدور، الناشــطة المعروفة، أكدت في لقاء تلفزيوني ان أكثر من 40 ناشــطا من المتظاهريـ­ـن تم اعتقالهم مؤخرا من قبل الأجهــزة الأمنية وجماعات مســلحة غير معروفة، وهم محتجزون في القصور الرئاســية ودائــرة العلاقات العامة التابعــة لوزارة الداخلية وبعضهــم لا تعرف أماكن احتجازهم. وأشارت إلى ان الأجهزة الأمنية تقوم بحملات دهم في أوقــات متأخرة مــن الليل وتعتقل المشــاركي­ن في التظاهرات وتســحب هواتفهم المحمولــة وتلغي منها صور التظاهرات.

أمــا النائــب الجديد عن البصــرة رامي الســكيني، فقد استنكر حملة الاعتقالات العشوائية المبنية على الوشايات الكيدية ضد الناشــطين والمشــارك­ين فــي التظاهرات التي تجري في البصرة، والتي لا تستند لأوامر قضائية، مؤكدا ان أهالي المعتقلــن لا يعرفون أماكن اعتقال أبناءهم ولا التهمة القانونية الموجهة لهم.

وأبدى الســكيني، في لقــاء تلفزيوني، اســتغرابه لهذا الاســتخفا­ف بدمــاء المتظاهريـ­ـن الأبرياء، مشــددا انه لا يجوز اســتخدام هذه الطريقة التي وصفهــا بـ”البربرية” ضد متظاهرين يطالبون بحقوقهم الأساســية، ومتســائلا من يتحمــل مســؤولية الدمــاء البريئة التي ســقطت في التظاهرات؟

محاولات إجهاض حراك المتظاهرين

ورغم الإجراءات الأمنية ومخاوف الاعتقال، فقد تجددت المظاهرات الاحتجاجية وسط البصرة، حيث قام المئات من المتسممين بمياه الشــرب بتنظيم تظاهرة وسط المدينة، كما دعت تنســيقيات التظاهرات، أبناء المحافظة إلى المشاركة، للتعبيــر عن الغضب لتأخــر الحكومة عــن تنفيذ وعودها بالإصلاحات وتوفيــر الخدمات الأساســية وخاصة مياه الشــرب، إضافــة إلى المطالبة بإطلاق ســراح الناشــطين والمعتقلين.

وكشف ناشطون عن ان حملات الاعتقالات والتحقيقات التي تطال المشــاركي­ن في التظاهرات، تقوم بها جهات أمنية عدة، من بينها خلية الصقور الاستخباري­ة” التابعة لوزارة الداخليــة، والاســتخب­ارات في البصرة، وقيــادة عمليات المحافظة، إضافة إلى جهات مســلحة تابعة لبعض الأحزاب والميليشيا­ت.

وكانت خلية اســتخبارا­ت الصقور فــي البصرة التابعة لوزارة الداخلية، أصدرت بيانــا أعلنت فيه اعتقال متهمين بارتــكاب جرائم قتل ضــد المواطنين والعناصــر الأمنية وحرق ممتلكات ومنشــآت عامة وخاصة” داعية وســائل الإعلام والناشطين إلى عدم التدخل في عملها.

ويشير ناشطون إلى ان حملة الاعتقالات ضد الناشطين ازدادت مؤخرا بعد نشــر وســائل إعلام إيرانية، أســماء عراقيين قالــت انهم قاموا بإحراق القنصليــة الإيرانية في البصرة بتوجيه من الســفارة الأمريكيــ­ة، وبعد تهديدات محافــظ البصرة أســعد العيداني بملاحقــة الذين أحرقوا قنصلية إيران في المحافظة.

وســبق ان نفت القنصلية الأمريكية في البصرة الأنباء التــي تتهمها بتحريض المتظاهرين. وقــال بيانها ان بعض الجهات اســتغلت نشــر القنصلية الأمريكية لصور لقاءات مواطنين بصريين مــع موظفي القنصلية، مــن أجل توجيه الاتهام لهم بالتورط في تخريب المدينــة أثناء التظاهرات.

أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، السابع من الشهر الماضي، عن مقتل 7 متظاهرين وإصابة 93 آخرين بجروح إضافة إلى إصابة 18 عنصرا من القوات الأمنية في البصرة منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الحالي.

وقالت المفوضية في بيان تعد هذه الحصيلة هي الأعنف حتى الآن في محافظة البصرة”، وأضافت تتابع المفوضية العليا لحقوق الإنسان وبقلق بالغ تصاعد وتيرة حدة التظاهرات والاحتجاجا­ت الشعبية في البصرة للمطالبة بحقوقهم المشروعة”.

وتشهد محافظة البصرة منذ أشهر تظاهرات غاضبة تطالب بتوفير الخدمات وفي مقدمتها الماء الصالح للشرب والكهرباء، وتطورت إلى تدخل القوات الأمنية، ما أدى إلى مقتل عدد من المتظاهرين وإصابة آخرين. مؤكدة ان نشر هذه الصور والاتهامات هي محاولة لتضليل الرأي العام.

وفي تداعيات أحــداث البصرة، أيضا عبر الناشــطون وقوى سياســية وبعض السكان، عن القلق من إعلان مكتب هيئة الحشــد الشــعبي” في البصرة عن تشــكيل قوات التعبئة الاحتياطية الطوعية” التــي تضم آلافا من عناصر الأحــزاب، معتبرين هــذا الإجراء يهــدف لإجهاض حراك المتظاهرين للمطالبة بحقوق المحافظة.

وكان بيــان مكتب تعبئة الحشــد” في البصــرة، أعلن مؤخرا عن تشــكيل قــوات التعبئة الاحتياطيـ­ـة الطوعية؛ المكونة من عشــرة ألوية في مختلف مناطق البصرة كوجبة أولى لمساندة )الحشد الشعبي( والقوات الأمنية في مواجهة ما اســماه اســتغلال مطالب المتظاهرين، من قبل المخربين المدعومــن من جهــات خارجية لزعزعة اســتقرار البصرة ومحاولة المســاس بالحشــد الشــعبي”. وأبدى المراقبون استغرابهم لتشــكيل فصائل مســلحة جديدة في المحافظة من عناصر الأحزاب والميليشــ­يات دون سند قانوني وسط صمت الحكومة المحلية وحكومة بغداد، مما يثير المخاوف من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في المحافظة.

ويؤكــد المراقبــو­ن ان التظاهــرا­ت الاحتجاجيـ­ـة التي بدأت فــي محافظات العــراق الجنوبية منــذ تموز/ايلول الماضي، قد انتقلت من المطالبة بالخدمات الأساســية كالماء والكهرباء، إلى الدعوة لمحاســبة الفاســدين وابعادهم عن مواقع المسؤولية، وذلك بعد التأكد من ان الأحزاب والمافيات منشــغلة بالصراع على الاستحواذ على خيرات الدولة مثل ميزانيــات المحافظات ومــوارد المنافذ الحدوديــة والميناء إضافة إلى تجارة السلاح والمخدرات، دون الاهتمام بتوفير الخدمات للمواطنين، مما جعل الأمــل في أي إصلاحات في تلك المحافظات غير ممكن تحققها بوجود مثل هذه الإدارات الفاشلة والفاسدة.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom