Al-Quds Al-Arabi

تراجع عدد الطلاب في جامعات إسرائيل وارتفاع في «هجرة الأدمغة» منها

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة :

أظهرت معطيــات جديدة أن عدد الطلاب المنتســبي­ن للجامعات والكليات الأكاديمية في إســرائيل للدراســة للقــب الأول انخفض في العــام الدراســي المقبل، الذي سيفتتح مطلع الأسبوع المقبل. وفي المقابل، تؤكد معطيات أخرى اتساع ظاهرة «هروب الأدمغة» إلى الخارج.

ووفقا لمجلــس التعليــم العالي في إســرائيل، فإنه بعد 25 عامــا من إقامة الكليات الأكاديمية الإســرائي­لية، التي كان بــن أهدافها المركزية تســهيل قبــول الطلاب للدراســة الأكاديمية، ســجل عــدد الطلاب المنتســبي­ن للجامعات والكليات في العام الدراسي الجديد للدراسة للقب الجامعــي الأول انخفاضا، وذلك بعد ارتفاع طردي في عددهم على مدار العشرين عاما الماضية.

وأكدت معطيات مجلس التعليم العالي، التي نشرتها صحيفة «ماركر» يــوم الأربعــاء، علــى أن ارتفاع عدد الطلاب قد توقف في جميع مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل، وانخفض في قسم منها.

ومن شــأن هذا الوضع أن ينعكس على عدة مجالات، بينها المس بتقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادي­ة، خاصة في بلــدات الأطراف، أي تلك البعيدة عن وســط البلاد خصوصا.

وكانــت منظمــة التعــاون الاقتصــاد­ي والتنمية OECD() قد نشــرت أخيرا تقريرا قالت فيه إن راتــب حاملي اللقب الجامعــي الأول أعلى من حاملي الشــهادة الثانوية بـ %39، وراتب حاملي اللقب الثاني أعلى بـ %116 .

إلــى جانب ذلك، فــإن انخفاض عــدد الطلاب يمس بدخل المؤسســات الأكاديميـ­ـة، لأن ميزانياتها تقرر وفقا لعدد الطلاب فيها. وستتضرر الكليات العامة والخاصة، التي يتعلم فيها 60 %من الطــاب، أكثر من الجامعات، لأنه يتوقــع أن يتراجع عــدد الطلاب فيها أكثــر، إذ أن الميزانيات ترصــد للكليــات وفقا لعدد الطــاب، بينما ميزانيات الجامعات تُحدد وفقا لنشاطها البحثي. ولذلك، فإن التقديرات في مجلس التعليم العالي تشــير إلى أن قسما من الكليات لن يتمكن من الصمود بوضع كهذا لفترة طويلة من دون الاصطدام بأزمة اقتصادية.

وقد أغلقت ثلاث كليات أبوابها في السنوات الأخيرة بعدما واجهت أزمات اقتصادية. فــي المقابل، فإن كليات تأهيل المعلمين هي القادرة على الصمود والاســتمر­ارية، خاصة وأنه طــرأ فيها ارتفاع ملموس فــي عدد الطلاب، ما أدى إلى إحداث توازن في عــدد الطلاب الإجمالي في الكليات. أمــا في الكليــات الخاصة، التي يبلغ القســط الدراســي فيها عشــرات آلاف الشــواقل، فقد ســجلت انخفاضا في عدد الطلاب.

تقلص السكان اليهود مقابل ازدياد الطلاب العرب

تشــير معطيات مجلس التعليم العالــي إلى أن عدد الطــاب فــي المؤسســات الأكاديمية في العــام الجديد هو 306.6 آلاف، وهو مشابه للســنة الدراسية الماضية، لكنــه أقل بألف طالب عن 2007 .وســيدرس للقب الأول في العام الدراســي الجديد، 230.8 ألــف طالب، أي أقل بـ 100 طالب عن العام الماضي و7000 طالب عن 2014

. وكانت هذه المعطيات معروفة مسبقا لمجلس التعليم العالي. فتراجع عدد الطلاب نابع من أسباب ديمغرافية، مثل تقلص الســكان اليهــود غير الحريديــن في الفئة العمريــة ذات العلاقة بالدراســة الجامعية. لذلك، يقول مجلــس التعليم العالي إنه ســعى إلى تســهيل وصول فئات سكانية، خاصة العرب والحريديين، إلى مؤسسات التعليم العالي. وشــدد على أن برنامــج دمج المواطنين العرب فــي الأكاديميـ­ـا كان ناجحا، كمــا أن برامج دمج الحريديين أدى إلى زيــادة عددهم فــي الأكاديميا، لكن الحريديين مــا زالوا بعيديــن عن الهــدف الذي وضعه مجلس التعليم العالي.

وأدى دمج العرب والحريديين في الأكاديميا إلى لجم تقلص الأكاديميا فقط وليس لتحسين الوضع. كذلك فإن ارتفــاع عدد طلاب اللقــب الثاني كان ســببا لانخفاض معتــدل في عدد الطلاب الإجمالي، ولــم يتغير هذا العام قياسا بالعام الماضي.

وتطــرق تقرير مجلــس التعليم العالي إلــى ارتفاع عدد الطلاب العرب في الأكاديميا في إســرائيل. وينبغي الإشارة إلى أن المعطيات لا تشــمل أكثر من عشرين ألف طالب عربــي يتعلمون خارج البــاد، وأكثر من نصفهم في الجامعات الأردنية. وخلال السنوات العشر الأخيرة تضاعف عدد الطــاب العرب في الجامعات والكليات في إسرائيل ليصل إلى 48600 طالب.

ونقلت «ماركر» عــن مســؤولين فــي الجامعــات الإســرائي­لية قولهم إن الحديث يدور عــن أزمة مؤقتة، ســواء لأســباب ديمغرافية أو بســبب اندمــاج العرب والحريديين في مؤسســات التعليــم العالي. لكن حتى يتحسن الوضع فإنه ستمر سنوات قاسية في الأكاديميا ولن تكون هذه العملية سريعة.

إضافة إلى ذلك، فإن الوضــع الحالي يدفع الكثيرين إلى اتهــام وزيــر التربيــة والتعليم ورئيــس مجلس التعليم العالي، نفتالي بينيت، بســبب سياســته التي تركز بالأســاس علــى تطويــر مؤسســات تعليم عال فــي مســتوطنة «أريئيل» والمركز المتعــدد المجالات في هرتســيليا، بدلا من تحســن وضع الكليــات العامة في بلدات الأطراف داخل الخط الأخضر.

وسبب آخر لتراجع عدد الطلاب يتعلق بوزارة التربية والتعليــم، التي لم تنجح طوال ســنين في رفع نســبة خريجي الثانويات المســتحقي­ن لشــهادة البغروت، أي التوجيهي، الذين يستوفون شروط القبول للمؤسسات الأكاديمية. إضافــة إلــى ذلــك، توجــه أصابــع اتهام للمؤسسات الأكاديمية نفسها، بسبب عدم تغيير شروط القبول ورفضها تطوير مسارات تعليم بديلة لتلك القائمة بادعاء التحسب من تراجع مستواها التعليمي.

«هروب الأدمغة»

تقــول الســلطات الإســرائي­لية إنها تبــذل جهودا من أجل منع هــروب الأدمغة إلى خــارج البلاد، إلا أن الحاصل هو اتســاع هذه الظاهرة. وأفــادت معطيات دائرة الإحصــاء المركزية الإســرائي­لية، المتوفرة حتى عــام 2017، أن 33 ألفا حصلوا على شــهادات جامعية من جامعات وكليات إســرائيلي­ة، ويشكلون %5.8 من خريجي الجامعات فــي الأعــوام1­980 – 2011، كانوا يعيشون خارج البلاد لمدة تزيد عن ثلاث سنوات.

ووفقــا للمعطيــات، فإن هــذه الظاهرة منتشــرة خصوصــا بــن حاملــي لقــب الدكتــورا­ة، الذيــن يعيش 11 % منهــم خــارج البلاد. ووفقــا لدائــرة الإحصاء المركزية، فإن «هــروب الأدمغة» متواصل منذ عام 2003، وارتفع عددهم بنسبة 26 %منذ عام 2013 . كما أنــه تراجع في الســنوات الثلاث الأخيــرة، عدد الأكاديميي­ن الإسرائيلي­ين في الخارج الذين يعودون إلى البلاد.

وتباهــى بينيت، الأســبوع الماضــي، بارتفاع كبير للطلاب في مجالات الهندســة وعلوم الحاســوب، وأن هذا يشكل إســهاما كبيرا للاقتصاد الإســرائي­لي، لكن معطيــات دائرة الإحصاء تؤكد علــى أن الخريجين في هذه المجــالات بالذات هم الذين يفضلون مغادرة البلاد والعمل في الخارج.

وتفيد المعطيات بأن 25% من حاملي الدكتوراة في الرياضيات، الذين تخرجوا من جامعات إســرائيلي­ة، يعيشــون ويعملون خارج البــاد، وكذلك 20 %من حاملــي الدكتوراة فــي علم الحاســوب، و%17 من حاملي الدكتوراة في هندســة الماكينــا­ت و16 % من حاملي الدكتــورا­ة في الهندســة البيوطبية والطيران والفضاء.

وهذه الظاهرة منتشــرة لدى حاملــي اللقب الأول في مواضيع علم الحاســوب والهندسة والرياضيات، رغم أن اختصاصاتهم مطلوبة جدا في إسرائيل. وتبرز ظاهرة «هــروب الأدمغة» فــي صفوف حاملــي اللقب الثاني في مهن الهاي تك، وبين 15 %من حاملي اللقب الثاني فــي الرياضيات وعلم الحاســوب و%11 من حاملي شهادات الهندسة.

وأكدت دائرة الإحصاء علــى أن 20 % من خريج علوم الأحياء من معهــد وايزمان، و11 %من خريجي التخنيــون، و8 %- 9 % مــن خريجــي الجامعــة العبرية في القدس وجامعة تل أبيب يعملون ويعيشون خارج البلاد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom