Al-Quds Al-Arabi

استهداف الأحزاب المدنية وتشويه النخب والعمل على تأسيس حزب أغلبية يهيمن على الحياة السياسية

اقتطاع من ميزانية الأبنية التعليمية لصالح التابلت واستقالات في وزارة التعليم والوزير يمنع الإعلام من دخول المدارس

- القاهرة ـ «القدس العربي» من حسنين كروم:

أبرز ما في الصحف المصرية الصادرة اليومين الماضيين الســبت والأحد 13 و14 أكتوبر/تشرين الأول، كان أخبار الإعداد للزيــارة التي ســيقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيســي اليوم لروســيا، وأهميتهــا تعود إلى انتعاش الآمــال لدى الحكومة وملايين العاملين في مجال الســياحة من رجال أعمال وموظفين، بأن يحصــل الرئيس من بوتين على موافقة نهائية بإعادة رحلات طائرات الشارتر إلى المنتجعات السياحية في الغردقة وشرم الشيخ، التي يفضلها السائحون الروس وعددهم ثلاثة ملايين، ما سينعش هذا القطاع ويوفر عملة صعبة للبلاد.

كمــا انه ليس معروفا إن كان الرئيس ســيبحث حصول القــوات البحرية المصرية على أكثر مــن ثلاثين طائرة هليوكوبتر لحاملتي الطائرات الميســترا­ل جمال عبد الناصر وأنور الســادات، وكانت مصر قد اشترتهما من فرنسا بعد أن كانت اتفقت مع روســيا عليهما، إلا انها رفضت تســليمها بســبب فرض عقوبات على روســيا، وكانت روســيا ســتضع فوق كل حاملة ســت عشــرة طائرة هليوكوبتر من صنعها، ولما اشــترتهما مصر أصبح من الضروري تزويدهما بالطائــرا­ت لتكتمل عملية تجهيزهما، والله اعلم إن كان سيتم إنهاء هذه الصفقة أم لا، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمار الروسي في المنطقة الصناعية.

وأبــرزت الصحــف أيضا اللقاء الــذي تم بين الرئيس السيســي والصحافيين ورجــال الإعلام الكويتيــن، وأكد فيه على استحالة عودة الإخوان المسلمين للعمل طالما هو في السلطة، ومن المعروف أن للإخوان نشاط في الكويت تحت اسم جمعية، ولهم حزب علني في الأردن. وأبرزت الصحف كذلك شهادة البنك الدولي بتراجع معدل البطالة والتضخم في مصر، ومتابعة رئيس الوزراء الشــكاوى التي تصل إلى المجلــس من المواطنين عن أماكن القمامة ومتابعته الموقف مع المحافظين، لســؤالهم عمــا اتخذوه من إجراءات. ومن أبرز القضايا الداخلية اســتعداد مجلس النواب لمناقشــة قضية الإيجارات القديمة وثباتها. وأعلنت الحكومة مقدما أن التعديلات لن تطال الشقق التي فيها سكان، وإنما الشقق التي يشغلها أطباء ومحاسبون ورجال أعمال وشركات خاصة أو حكومية، والشقق المغلقة، حيث ستخضع لقانون العرض والطلب، إنصافا للملاك وبالتفاهم مع المستأجرين على قاعدة لا ضرر ولا ضرار. وإلى ما عندنا من أخبار ومقالات متنوعة.

ندوة السيسي

نبدأ بأبرز ردود الأفعال على ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيســي في الندوة التثقيفية التي نظمتها إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة، وهو ما تقوم به سنويا في إطار الاحتفالات بانتصارات الجيش في حرب أكتوبر/تشــرين الأول، واختلاف وجهات النظر حول ماذا يقصد الرئيس من بعض المقارنات التي عقدها بالنسبة للحرب، بين السيارتين مرسيدس الألمانية وهي فخر صناعة الســيارات، والســيارا­ت الشــعبية الصغيرة سيات، وهي إسبانية وموتورها من الخلف مثل السيارة الألمانية الشعبية فولكس فاجن، ولكنها ليســت في قوتها ومتانتها وقد اســتوردته­ا مصر في عهد الســادات، وكانت تباع بحوالي ألفين وخمســمئة جنية مصري، وكذلك كلامــه عن ثورة يناير/كانــون الثاني، وهو ما لــم يعجب محمد أمين فــي «المصري اليوم» فانتقد المقارنة وكذلك عدم قراءة الرئيس كلمته مكتوبة، المهم أن أمين قال: «أخشى أن يفهم البعض ما قاله الرئيس بشكل ارتجالي على نحو خطأ، وأخشى أن ما قاله يظل ماثلاً أمام الأعين بتشبيه «السيات والمرســيد­س» وتتسرب هذه المعانى على وجه خطأ، في توقيت نفاخر فيه بما قدمته قواتنا المسلحة من خطط حديثة غيّرت وجه الحرب، وتصبح الملحمة البطولية التي قدمها الجيش بقدرات «سيارة سيات» في مواجهة مرســيدس. والنقطة الأخرى التي أتوقــف أمامها وتوقف أمامها غيرى تتعلق بقصة العلاج الخاطئ للتشــخيص الخاطــئ في 25 يناير/ كانــون الثاني، فماذا كنا نفعل إزاء حكم طــال 30 عاماً بلا أمل؟ وماذا كنا نفعل إزاء قصة التوريث التــي كان يتم التحضير لها ليل نهار؟ هل نفعت الانتخابــ­ات لإزاحة النظام؟ هل نفعت الديمقراطي­ة لتغيير الأشــخاص؟ هل كان بإمكاننا إزاحة «مبارك» بلا ثورة؟ للأسف لم أحضر الندوة حتى أتحقق من بعض الأشياء وأتســاءل: هل قال الرئيس ثورة 25 يناير حين تحدث عــن 2011 أم لا؟ هل تفادى أن يقول إنها ثورة؟ أعتقد أن شــرعية الرئيس تأتي مــن 25 يناير و30 يونيو/حزيــران ومنصوص عليهما في الدستور، فهل ما زال يراها ثورة أم علاجاً خاطئاً؟ أم أن الكلمات المرتجلة أحياناً تكون «عُرضة» لســوء الظن والتأويل. النــدوات لها خصوصية فلا أســتطيع أن أعتبر ما قاله الرئيس خطاباً، ربما أراد الرئيس تبســيط الأشــياء في ندوة يحضرها الجميــع، ولكن من الواضــح أنه كان يجهز لنقطتين الأولى تتعلق بظروف الحــرب والثانية تتعلق بظروف الثورة، حتى ما قاله بشأن البطل منسي والإرهابي عشماوي كان مقصوداً لتأكيد التناقض الكبير بين ضابط نقدره ونكرمه، وآخر نحاكمه. وأخيراً أتصور أن صدى هذه الندوة ســيمتد أثره طويلاً فمن الناس من قال إن الرئيس أعطى البراءة لمبارك، لاســيما حين قال إن التشخيص كان خاطئاً، وقد لا يقصد الرئيس هذا وقد يقصد حين قال إن إزاحة الأشخاص ليس حلاً فما هو الحل الذي يراه الرئيس ولم يقدمه لنا؟».

هل هو تحذير لإسرائيل؟

وفي «الوفد» اســتخرج مصطفى شفيق معاني أخرى وهي أن الرئيس أراد تحذير إسرائيل من القيام بعملية لإعادة احتلال سيناء، لأن الجيش قادر على هزيمتها كما فعل من قبل، واتهم مصطفى أمريكا بأنها قد تحرض إســرائيل على عمل كهذا وقال: «المتأمل لكلمة الرئيس السيسي في ذكرى النصــر يعرف أن الحرب لم تنته بالنصر الــذي حققناه منذ ما يقترب من نصف قرن، وأن قصة انتصار الجيش المصري لم تكن قصة انتصار سلاح روسيا على سلاح أمريكا، إنما كانت قصة انتصار أمة على سياسة دولية، هي قصة صحوة شــعب ضد ما يدبر له بليل، وفي غرف أجهزة مخابرات دوليــة متعددة. خطط لا تظهر في كلمات الساســة والحــكام لكنها تبدو واضحة في المواقف الدولية، والرئيس السيســي عندما يقول إن الشعب والجيــش المصري قادران على تكــرار هذا النصر، لا يقــول ذلك من باب اللغط ولا «فنجرة الحنك» هي رسالة يرسلها السيسي للخارج والداخل، إنــذار لا بد أن نتعامل معه معاملة جــادة، دليل على أن خطر العدو مازال قائماً وربما هو استشعار لخطر داهم قد يأتي من الشرق، خطر بدأ منذ أن كشفت أمريكا عن وجهها القبيح الذي كنا نعرفه لكنه كان يتعمد الاختفاء خلف كلمات العلاقات الاســترات­يجية منذ أن دمرت أمريكا جيش العراق ودولته، وشــاركنا نحن العرب في المؤامرة، المهم أن الخطر كان بادياً في كلمة الرئيس السيسي والتحذير لأعدائنا. كان واضحاً وجلياً فالكلمة لم تقتصر على الألفاظ الاحتفالية ولا على مفردات النشوة والفخر.»

الوعي والإعلام

وفي «البوابة» اختار إسلام عفيفي التركيز على جانب الوعي والإعلام فــي كلام الرئيس ووجه انتقــادات إلى الوضع الحالــي للإعلام بقوله: «قضية الوعي هي أكثر ما يؤرق الرئيس خوفا على وطن يواجه تحديات وجود وحماية لأمة على وشــك الخروج منتصرة من تهديدات أحاطت بها لســنوات، فكل ما نصنعه يظل تحت التهديد، ما لم يكن هناك وعي يحميه هذه هي المعركة التي تشــغل عقــل الدولة المصرية لذلــك جاءت كلمات الرئيس واضحة، ونحن نحتفل بانتصارات أكتوبر/تشــرين الأول، وهو يصــف ما جرى في 25 يناير/كانون الثاني بأنه علاج خاطئ لتشــخيص خاطئ. هذه ليســت المرة التي يتعرض فيها الرئيس على الهواء مباشرة لمعركة الوعي؛ فقد حذّر من قبل في منتدى الشــباب في الإســماعي­لية من الوعى الزائف قائلا عن 25 يناير، «إنه غضب زائف بني على وعي زائف،» من رصــد عن قرب، أَجِد الإعــام تائها الجميع يجتهــد، ولكن المصداقية غائبة والمهنيــة تتراجع والجيل الجديد يعاني التشــتت ويفتقد القدوة، وليس لديه رغبة أكيدة للتعلم وبذل الجهد. والمؤسسات تعاني اقتصاديا أعباء مالية حالية، وفواتير سياسية سابقة فكيف لها أن تنطلق وتخوض معركة البناء وهي في حاجة لإصلاح لتؤدي مهمتها، وبدون هذا الإصلاح ستظل على الحياد، أو ربما تلعب دورا سلبيا بدون قصد.»

حرب أكتوبر

وما زلنا في ذكرى حرب أكتوبر لكن مع الأدوار المهمة التي أداها لواءان قبطيان في الجيش، نشرت عنهما صحيفة «وطني» تحقيقا لإيفا روماني، الأول هو اللواء شــفيق متري ســدراك قالت عنه: «عقــب انتهاء تدريب جنود اللواء الثالث مشــاة التابع للفرقة 16 فــي الجيش الثاني الميداني جمعهم قائدهم العميد شــفيق متري ســدراك وجلس بينهم يحدثهم في أمر الحرب وموعدها الذي حدده القائد الأعلى للقوات المســلحة خاطبهم قائلا: «أبعث إليكم أغلى هدية أستطيع أن أقدمها إلى جميع ضباط وصف وجنود الوحــدة، إن أبناء مصر مــن عهد مينا إلــى الآن ينظرون إليكم بقلوب مؤمنة وأمل باســـم، وقد آن الأوان لكي ترفرف أعلام مصـــر على أرض سيناء الحبيبة وإني إذ أفوضكم في وضع علمنا الحبيب على أرضنا الحبيبة، طبقًا لواجب العمليات، أعدكم بأن كلَّ علم من هذه الأعلام سوف يرفرف فوق أحد مواقع القوات الإســرائي­لية في ســيناء، سيكون موضع اعتزاز وتقدير مــن جميع أبناء مصر وقادتها لكل من ســاهم في رفع هذا العلم». ولما حانت ساعة الصفر، كانت المهمة المكلف بها في حرب 6 أكتوبر/ تشــرين الأول هي قيادة أول لواء مشاة عبر شــرق قناة السويس يوم 9 أكتوبر التابع للفرقة 16 من الجيش الثاني الميداني في القطاع الأوسط في سيناء، وإذا كان يجيد فن القتال بالدبابات في الصحراء بدأ الجنود تحت قيادته في التوغل داخل سيناء، محققين انتصارا بعد انتصار، وكان يعلم أنه ذاهب ليتمركز فوق الأرض الأسيرة بعد تحريرها، فحقق أمجد المعارك الهجومية ثم معارك تحطيم موجات الهجوم الإســرائي­لي المضاد، قبل أن يستشهد في اليوم الرابع للحرب، الذي يوافق 9 أكتوبر 1973 أثناء إدارته للمعركة في عمليات تحريــر النقطة 57 جنوب الطاليــة. أما اللواء فريد عزت وهبة فإنه خلال التوتر الذي ســاد سيناء قبل حرب عام 1967، نُقل للعمل قائدا للقاعدة الإدارية في مدينة الطور، وكانت مســؤوليته إمداد كل القوات في شبه جزيرة سيناء باحتياجاته­ا، وبعد حرب 1967 وأثناء إعادة بناء القوات المســلحة، اشــترك في إعادة بناء وتأسيس الجيش الثالث الميداني وكان رئيســا لإمداد وتموين قــوات الجيش الثالث، ومن هناك انتقل إلى هيئة إمداد وتموين القوات المســلحة وتدرج في مناصبها من مســؤول عن فرع التدريب الإداري في الهيئة إلى رئيس لأركان إدارة المهمــات، ثم رئيس أركان هيئــة الإمداد والتموين برتبة لواء، واســتمر في ذلك المنصب لمدة خمس ســنوات إلى أن اختاره الرئيس الراحل أنور السادات عام 1978 ليؤســس محافظة جنوب سيناء في بداية تحريرها، حيث قاد قوافل اســتلام أراضي ســيناء، وكذلك قوافل تعميرها حيث تم اســتلام مبان أو مقار للعمل ليقيم فيها، ثم أعقب تلك المرحلة استلام أول مرحلة من الأراضي المحررة في مايو/أيار سنة 1979 ثم أعقب تلك المرحلة استلام المرحلة الأخرى من الأراضي في يوليو/تموز 1979 ثم في سبتمبر/ أيلول 1979 ثم مرحلة استلام مدينة سانت كاترين في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1979 وغني عن الذكر المجهودات الشــاقة التــي كانت تتطلبها كل مرحلة من فريق العمل الذي كونه ورأسه اللواء فريد.»

ما هكذا تدار الأمور؟

على وزير التربية والتعليم أن يعلن أســباب الاستقالات التي تضرب وزارته هــذه الأيام، فالاســتقا­لات تحدث فــي الدنيا كلهــا، وعلى كافة المســتويا­ت، وهى ليســت عيباً في حد ذاتهــا، ولكن العيــب، كما يراه ســليمان جودة في «المصري اليوم»، في إخفاء أســبابها، وفي السكوت على دوافع كل اســتقالة منها، وكأن إخفاء الشــمس بكف اليد معناه أنها غير موجودة، وربما تكون اســتقالة المتحدث باســم الــوزارة هي أهون الاستقالات الثلاث، أما الاســتقال­ة الأقوى فهي اســتقالة مساعد الوزير للشؤون المالية والإدارية، وكذلك استقالة المساعد لشؤون المديريات فهل الاستقالة الأولى منهما لها علاقة مباشرة بإصرار الوزير على اقتطاع جزء من ميزانية الأبنية التعليمية لصالح شــراء أجهزة التابلت؟ وهل صحيح أن المبلغ الُمقتطع يصل إلــى مليارين من الجنيهات؟ وإذا كان هذا قد حدث فأيهما أولى بالنســبة للتلميذ: تابلت في يده، أم مقعد في مدرســة نظيفة يذهب إليها، بما يجعل العملية التعليمية مُحببة إلى نفســه، لا ثقيلة على قلبه.. أيهما أولى؟ إنني لا أقلل من شأن التابلت، ولا من أهمية وجوده في يد كل طالب، ولكنني أتحدث عن ترتيب أولويات لا أكثر والســؤال الآخر: أين مشــروع التابلت الذي كان الوزير أبو النصر قد تبناه في أيامه، ودار حوله كلام كثير، وجرى إنفاق مال أكثر عليه؟ أين هو، وكَمْ مليوناً أنفقناها في سبيله، وما هو عائدها؟ والســؤال الأكبر: هل استقالة مساعد الوزير لشؤون المديريات لها علاقة مباشــرة هي الأخرى بخطاب أرسله الوزير إلى كل مديرية يمنع دخول أي وســيلة إعلامية إلى أي مدرسة.. إلا بإذن؟ لا بد من الإجابة عن كل هذه التســاؤلا­ت الحائرة، ولا بديل عن مصارحة الناس، ولا أمل في شــيء إلا إذا كان المواطنون طرفاً مشاركاً في المعادلة كلها.. وإذا كان الوزير لا يريد إعلاماً داخل المدارس، فمن أين سوف يعرف بمواضع الخلل حتى يمكن تداركها وإصلاحها بســرعة؟ أن الإعلام ليس عــدواً للوزير، كما قد يتصور، وإذا كان هذا الإعلام الذي يمنعه من دخول أي مدرســة، قد ســلط الضوء على قصور هنا، أو تقصير هناك، فمن أجل سرعة التعامل مع القصور، ومن أجل المحاســبة على التقصير، لعل البلد ينعم بمســتوى تعليم آدمي ينتظره ويســتحقه لا أحد ضد نجاح الوزير في مشــروعه لإصلاح التعليم، ومن جانبي أتمنى نجاحه بكل قوة، ولكن المشكلة أن ملامح المشروع ليست واصلة للناس، والمشكلة أيضاً أن معالمه ليســت حاضرة لدى كل مصري، بالوضوح الذي يتخيله المسؤول الأول عن التعليم في أرجاء الوطن.»

الخطر الداهم

أما الدكتور أســامة الغزالي حرب فيتحدث في مقاله في «الأهرام» عن محنة التعليم في مصر قائلا: « بعبارة موجــزة أعتقد أن الهدف والمطلب الأسمى الذي ينبغي أن يكون على رأس الأهداف الوطنية أو القومية الآن في مصر هو إصلاح التعليم، هذا المطلب يســتحق أن يكون هو المشــروع القومي الأكبر على الإطلاق. ولن أســتعيد هنا ما هو معروف عن التقرير الأمريكــي الشــهير أمة فــي خطــــــر ‪A nation at risk‬ عن حتمية الإصلاح التعليمي في الولايات المتحدة، الذي صدر عام 1983 والذي كان السبب الرئيسي لإصداره هو الشعور الذي ساد لدى القيادات الأمريكية بضعــف القدرة التنافســي­ة للطلاب الأمريكيين بالمقارنــ­ة مع الطلاب في البلاد الأخــرى. ولن أقول هنا كلاما كبيرا ليس هنــا محله، ولكنني فقط أقول إننا نظلم الدكتور طارق شــوقي كثيرا، وسوف يظلم هو نفسه، إذا كان التصور السائد هو أن إصلاح التعليم في مصر هو مهمة وزير التربية والتعليم.

إصلاح التعليــم بالمعنى الذي أقصده، هو مهمة ينبغي أن تحشــد لها كل الطاقات والكفاءات التعليمية والتربويــ­ة الموجودة في مصر، وهي ـ والحمد لله ـ لا تزال موجودة وقادرة على العطاء والإســهام الفعال، هي مهمة ينبغــي أن تتضافر لإنجازها هيئات المجتمــع المدني جنبا إلى جنب مع الأجهــزة التنفيذية في وزارات التعليــم والتعليم العالي والجامعات ومؤسســات البحث العلمــي والاجتماعي.. وما لم يتم هــذا فصدقوني، سوف تكون أمتنا، الأمة المصرية، في خطر داهم.»

إنهاء التجربة الديمقراطي­ة

وعن الأحزاب والديمقراط­ية كتــب عماد جاد مقالا في «المصري اليوم» وممــا جاء فيه: «جــاءت حركة الجيش في 23 يوليو/تمــوز 1952 لتنهي التجربة الديمقراطي­ة المصرية، وتدخل البلاد في مرحلة من الشــعبوية، وروجت عبر التعليم ووســائل الإعلام لمقولات فساد الأحزاب السياسية والنخب المدنية، وتعهدت بإقامة حياة ديمقراطية ســليمة، وهو ما لم يتم حتى اللحظة. جرى تأجيل العملية الديمقراطي­ة بحجة تحرير فلســطين، ثم إزالــة آثار عدوان يونيو/حزيران 1967، فــا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وبعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 وتوقيع اتفاق السلام مع إســرائيل عام 1979، تم تفصيل تعددية حزبية شكلية استمرت في أواخر عهد السادات وطوال عهد مبارك.. وجرت خلال عهدي السادات ومبارك، هندســة اللعبة مع التيار الديني من إخوان وســلفيين، بحيث يتواجدان في الســاحة السياســية على حســاب الأحزاب المدنية، حتى يتم انتزاع موافقــة الغالبية والغرب على نظام الحكم القائــم على علاته، لأن بديله ســيكون التيار الديني، ومن هنا نفهم سياســة النظم في ضرب الأحزاب المدنية وتشــويه النخب المدنية وتدجينها، كي تعمل تحت أقدام السلطة تروج وتبرر لهــا ما تعمل. ثم جاءت ثورة 25 يناير/كانون الثاني ففتحت المجال أمام إنشــاء وتأسيس أحزاب حقيقية، وتم السماح بإنشاء أحزاب على أساس ديني، ونظرا لإنهاك القوى المدنية على يد نظم الحكم، انتشار الجهل والفقر، فقد كان منطقيا أن تحصــل الأحزاب الدينية على الأغلبية وتفوز بمنصــب رئيس الجمهوريــ­ة، وتبدأ في محــاولات تغيير الهوية الوطنية المصرية، فكانت ثورة الثلاثين مــن يونيو 2013 التي لعبت فيها الأحزاب والقوى المدنية دورا جوهريا. وبعد حظر حزب الجماعة «الحرية والعدالــة»، تقدمت الأحزاب المدنية مثل «المصريين الاحرار» و«مســتقبل وطن» و«الوفــد» وحصلت على المراكــز الثلاثة الأولى فــي الانتخابات البرلمانية التي جرت عــام 2015. وبمرور الوقت بدأت عملية اســتهداف الأحزاب المدنية مــرة أخرى فتمزق حزب «المصريــن الأحرار»، وتراجع «الوفد» وبدأ العمل لتأســيس حزب أغلبية يكون حاكما في الفترة المقبلة بحيث يهيمن على الحياة السياســية لنعود من جديــد إلى المربع الأول، وهو ما حذرت وأحذر منه مجددا، فلا ديمقراطية بدون تعددية حزبية، ولا ديمقراطية قبل نشر التعليم المدني العلمي، والقضاء على الفقر والحاجة ورفع مستويات المعيشة ونشر الفكر العقلاني وإعلاء قيمة العقل، وفصل الدين عن السياســة. هي عملية طويلة ومعقدة المهم فيها وضوح الرؤية وتحديد الغاية والهدف ومن ثم طلقة البداية التي لم تتم بعد».

مشاكل وانتقادات

وإلى المشاكل والانتقادا­ت وأولها في «أخبار اليوم» لهشام عطية الذي أشار إلى حوادث الطرق وكثرة عدد ضحاياها وفوضى استخراج رخص القيادة في مصر واســتمرار الزحام الذي تضيع بســببه أموال طائلة من الوقود وقال: «الإحصائيات الرسمية تشــير إلى أن حوادث الطرق تزيد على 11 ألف حادثة سنويا تنتج عنها وفاة 3747 مواطنا واكثر من 14 ألف مصاب وتدمير 17 ألف مركبة، فــي كل دول العالم. الحصول على رخصة قيادة من المســتحيل­ات، ربما يبقى مصريون في الغربة عشــرات السنين ويفشــلون في الحصول على رخصة قيــادة في بلد أوروبــي أو عربي، ونحن هنا نصدر الرخص باستســهال مريب وتفريط رهيب في الأرواح والممتلكات شــوارعنا غدت من كثرة الســيارات «بارك كبير» عشــرات المليارات من الجنيهات تضيع كل يوم هباء منثورا في الزحام».

قيادات الإرهاب لم يكونوا فقراء أو أميين

وفي «اليوم الســابع» قام رئيس تحريرها التنفيــذي أكرم القصاص بتحليل مشكلة انضمام الكثير من الأغنياء والحاصلين على شهادات عليا إلى التنظيمات الإرهابية، ما يكذب مقولة إن الفقر والمناطق العشــوائي­ة هي البيئة التي تفرز هذه العناصر واستدل على ذلك بالقول: «خلال عقود يســعى محللون وخبراء لفك شــيفرة كيفية تحول الشخص العادي إلى إرهابي، واللحظة التي يمارس القتل أو التفجير أو الإيذاء، وهناك بالطبع محاولات مســتمرة لتحليل الإرهاب ونشأته وأســبابه، وخلال موجات الإرهــاب في الثمانينيا­ت والتســعين­يات كان بعض الخبــراء يعتبرون الظروف الاجتماعية الاقتصادية تمثل عاملا مهما في نشأة الإرهاب، لكن في الوقت نفســه كانت خرائط الإرهاب تناقض هذه التفسيرات، باعتبار أن أغلب قيادات الإرهاب لم يكونــوا فقراء أو أميين، بل إن قيادات تنظيم الجهاد في الثمانينيا­ت كانوا إما طلابا من أســر متوسطة في كليات الطب والهندسة، أو أطباء ومهندسين وأســاتذة جامعة، كان محمد عبدالسلام فرج منظر الجهاد مهندســا، وعمر عبدالرحمن أستاذا في جامعة الأزهر، وكان من نفذ عملية الهجوم على مديرية أمن أســيوط مهندســن وأطباء وتجارا وعاد بعضهم ليمارس الإرهاب في التســعيني­ات، ثم أن أسامة بن لادن من أســرة ثرية، وأيمن الظواهري طبيب، بل إن الإرهابيين ليســوا فقط من يفجر ويقتل لكن الممولين هناك أثرياء ومتعلمين يمولون الإرهابا، تنظيمات مثل «داعش» و«النصرة» وغيرهما، استقطبت شبابا من أوروبا ولدوا وتعلموا في مدارس حديثة، وعاشــوا فــي مجتمعات ديمقراطية، والأمر نفسه ينطبق على أمثال هشام عشماوي، الذي ارتبط بـ«القاعدة» وعدد مــن تنظيمات الإرهاب الإقليمي، وعشــماوي ممــن اعتنقوا الفكر التكفيري وانخرطوا في تنظيمات الإرهاب، وهي تنظيمات ليست بعيدة عن تقاطعات السياسة والاستخبار­ات، منذ تم إنشاء تنظيم «القاعدة» في افغانستان برعاية أمريكية، في مواجهة الاتحاد السوفييتي في واحدة من أخطر محطات الحرب الباردة لتمثل واحدة من أخطر محطات الإرهاب».

توحيد الأذان

ومن الإرهاب ومشــاكله إلى مشــكلة يعاني منها فــي «أخبار اليوم» محمــد عمر، وهي أصوات المؤذنين الخشــنة في المســاجد والزوايا التي تقلق راحته وطبلتــي أذنيه فقال عنها: «من الواضــح أن تطبيق تجربة الأذان الموحد ســتظل «حلما» وســنظل معذبين وقرفانين بتلك الأصوات الخشنة الأجشة الشبيهة أغلبها «بشكمان عربية مخروم» التي تهب علينا وتدعونــا للصلاة يوميا، فكلما ســألت أهل الأوقاف «إمتى أن شــاء الله حتوحدوه؟» يركبوك المرجيحة ويتعللوا بأن توحيد الأذان عملية معقدة تحتاج «هاي تكنولوجي» ووصلات وتجارب هندســية، وكأنك بتكلمهم عن إطلاق قمر صناعي، مع أن الــوزارة لو أرادت الحل بصدق «لقصرت» الأذان على جامع واحد لكل منطقة ســكنية، وتكون بذلك قد أراحت الكل من منفري الدعوة للصلاة. لكن أشك أن يحدث ذلك فالوزير «وحّد» خطبة الجمعة لأنها مطلب سياسي، لكن توحيد الأذان مطلب شعبي فهمت».

محاربة الإشاعات

وبالنسبة للإشــاعات وكيفية مواجهتها قال عنها في «اليوم السابع» عمرو جاد: «في هذه الأجواء المشحونة بعدم اليقين، لا تنتظر من الجميع أن يدققوا في صحة الشــائعة أولًا، قبل تصديقهــا! بعضها أحيانًا يكون منطقيًــا لدرجة تربك العقــل، الأولوية هنا أن يتوقف بعض المســؤولي­ن الحكوميــن والنواب فــي البرلمان عــن إطلاق التصريحــا­ت المتضاربة حول مقترحات لقوانين وتعديلات قد تمــوت في مهدها، بينما يظل أثرها الســيئ باقيا في نفوس الناس وعلى ألسنتهم؛ إذا كانوا يفعلون هذا من أجل قياس ردود أفعال الرأي العام تجــاه مقترحاتهم؛ هناك طرق كثيرة محترفة لإدارة الحــوار المجتمعي، ليس من بينها إثــارة القلاقل، فالآثار الســيئة لمثل تلك المقترحات تمتد لأكثر من مجرد البلبلة والتشويش ثمة مخاوف اقتصادية تتعلق بالأســعار والســلع والمدخــرا­ت وغيرها هذا بخلاف قائمة طويلة أخرى من الأضرار الاجتماعية».

كاريكاتير

وما لم يعرفه عمرو توصل إليه زميله الرسام في «الأخبار» عمرو فهمي عن وجود مافيا لأصحاب المصالح في إطلاق الإشــاعات، وصاحب مكتب لها اسمه دبور للشــائعات وشعاره معنا الشــائعة تصبح حقيقة وأحد أعضاء مافيا المصالح يقول له: عايزك تحرف مقولة طه حسين أن التعليم كالماء والهــواء، وأنه كان يقصد الميــه المعدنية اللي في كنتين المدرســة والهواء الفريش بتاع التجمع الخامس.

الحرب الثالثة

يتساءل بشير حســن في موقع «البوابة»هل يخوض السيسي الحرب الثالثة؟ يقول: «الوجه الذي يشع نضارة وبراءة صار شاحبًا، والابتسامة التي تملأ الوجه توارت خلف أنين مكتوم، والشــعر الأســود الذي يتدلى ليصارع لفحات الهواء أصبح ينتظر المصير المحتوم، والجسم الذي تعجز عن رصد تفاصيله من فرط الحركة، سكن بعد أن طاله الخمول، والعينان اللامعتان الشــقيتان انكســرتا خلف جفنين أرهقهما السهر، والنظرات التي تسابق السراب انزوت تحت الأقدام، والأحلام التي تتحدى بساطة الحال أمســت قاصرة على مرور ســاعة واحدة بدون آلام. ما بين الأطباء تاه التشخيص، وما بين علاجات لأمراض شتى سقم الجسد، وليتهم قالوا من البداية إنه المرض اللعين، لكنها آفتنا في مصر، لكل تشخيصه وفتواه في الــدواء، غير عابئ لا بالمريض، ولا بالأعراض، وإن كنت فقيرًا، فالموت ينتظرك في مستشفيات متهالكة، وأطباء غير متخصصين، وإن كنت ثريًا ولو لم تسترح نفســيًا للأطباء في الداخل.. فأموالك تحجز لك في كبرى مستشــفيات الخارج. أعلم أن من توقفت أمامهــا بالكتابة هي واحدة من آلاف، أو ربما مئــات الآلاف، فلا توجد إحصائية بالأرقام الصحيحة، لكن معايشــتي لحالتها جعلتني اكتشف أمورًا كثيرة تتعلق بمن تسلل المرض اللعين لينهش أجســادهم، مثل التشخيص، ثم العلاج، خاصة الكيميائي منه. في مصر، ووفقًا لما أكده الدكتور محســن مختار أســتاذ الأورام في قصر العيني، ثلاثون ألف مريض بالســرطان من بين كل مئة ألف مواطن، ووفقًا للحملة القومية لمكافحة الســرطان.. لدينــا 113 مصابا من بين كل مئة ألف مواطن، هــذا التضارب في الأرقام جعلنيــث لا أعول كثيرًا على الإحصائيات، لكن الثابت أن النسبة الأكبر من المرضى مصابون بسرطان الكبــد، وهو ما أكــده الدكتور محمــد عبدالوهاب مؤســس مركز زراعة الكبد في جامعة المنصورة، يليه ســرطان الثدي؛ حيث اجتمعت أكثر من إحصائية على أن نسبة سرطان الكبد ٪23 وأغلبها عند الرجال، و٪13 من المرضى جاءهم الســرطان في الثدي وجميعهم إناث، ونسب أخرى ما بين أربعة وخمسة في المئة جاءهم المرض في المثانة والبروستات­ا، وأعداد المرضى تتضاعف ثلاث مرات بحلول عــام 2050. في هذه الزاوية، كتبت أن أكبــر إنجاز حققه السيســي هو إعلانه الحرب على فيروس )ســي(؛ فهو إنجاز لا يقل عن حربه على الإرهــاب، لذلك لا مفر من إعلان الرئيس حربًا ثالثة على الســرطان، وبدون تعليمات منه ســيظل المرض ينهش في أجســاد المصريين، خاصة الفقراء الذين يتعرضون لتشخيص خاطئ يفوت عليهم فرصة العلاج المبكر. مطلوب إحصائيات صحيحة توضع بين يدي الرئيس، وخريطة لأكثر المحافظات تعرضًا للإصابة، وهي في حوزة الدكتــور محمد عبدالوهــا­ب مدعومة بالصور، وأظن أن حملة موســعة للوقاية كفيلة بمحاصرة المرض، وخطة ســبقتنا إليها بعض الدول كفيلة بالقضاء عليه، ولعل تجربتنا في مواجهة فيروس )ســي( عنصر مهم من خطة شاملة لمواجهة ســرطان الكبد. لن يعلن أحد الحرب على السرطان إلا بتعليمات من الرئيس، هكذا اعتدنا، فهل يفعلها السيسي، لتكون حربه الثالثة بعد الإرهاب وفيروس «سي».؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom