Al-Quds Al-Arabi

«نيويوركر»: النخبة الأمريكية تتخلى عن بن سلمان «المتهور»

- لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

تحت عنــوان «النخبة الأمريكيــ­ة تتخلى عن الأمير المتهور فهل يفعل ترامب الشــيء نفســه» كتبت المعلقة روبــن رايت في مجلــة «نيويوركــر». إن جيف بيزوز مؤســس «أمازون دوت كوم» وأثــرى رجل في التاريخ استقبل في ربيع هذا العام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان في مدينة سياتل.

ونشرت الصحافة الســعودية صورة لبيزوز يلبس قميصــاً بياقة مفتوحــة والأمير الــذي تخلى عن ثوبه الســعودي وارتدى بدلــة غربية وربطــة عنق حمراء داكنة. وبدا الرجلان يشــعان حماســاً وهما يتحدثان عن الأعمــال والفرص التجارية. وكان بيزوز واحداً من بين النخبــة الأمريكية القوية التي التقــت بولي العهد خلال زيارته التي اســتمرت 3 أسابيع والتي أخذته من هارفارد إلى هوليوود وهيوستن.

وفــي الطريق حظي ولي العهد بجلســة مــع أوبرا وينفري وبيل غيتس والرئيســن الأمريكيين السابقين جــورج بــوش الأب والإبــن والرئيس الســابق بيل كلينتــون ومورغان فريمان وهنري كيســنجر ودوين جونســون )ذا روك( وريتشــارد برانســون من بين الكثيرين الذين قابلهم في الجولــة. وحاول إغراء أبل وغوغل وديزني ولوكهيد وســناب شوت وإي أم سي. وخلال توقفه في واشــنطن اتفق على صفقات أسلحة بالمليــار­ات. وقال ترامب إن العلاقة مع آل ســعود «من المحتمل أنها جيدة كما كانت وأعتقد أنها ستكون أفضل».

«نريد أجوبة»

وقدم ولي العهد السعودي )مب س(كما يعرف أثناء الزيارة بالمصلح فــي واحدة من أكثر الدول شــمولية وربما كان يمثل وجه الشرق الأوسط.

إلا أن الاختفاء الغريب للصحافي الســعودي جمال خاشــقجي غير صورة مملكة الصحــراء وولي عهدها الذي أصبح الحاكــم الفعلي بعد ترفيعــه لمنصب ولي العهد في حزيران )يونيو( 2017.

وفي يوم الأحد نشــرت صحيفة «واشنطن بوست» التي يملكها بيــزوز صورة للقنصلية الســعودية على الصفحــة الأولى وفي أعلى الصفحــة تعليق: «في يوم الثلاثاء، 2 تشــرين الأول )أكتوبر( دخل كاتب العمود في البوست جمال خاشقجي» وفي أسفلها :» لم ير أبداً ونريد أجوبة». وربما حقق خاشقجي في اختفائه وربما وفاته ما حاول تحقيقه في العــام الماضي من منفاه في واشنطن: محاسبة المملكة وخاصة ولي عهدها وتحميله مســؤولية آثامها. ومنظور أنه قطع على يد فرقة موت جاءت خصيصاً من الســعودية كما يقول مســؤولون أتراك أثار ثورة حتى من احتفوا بولي العهد قبل أشهر. ونقلت الكاتبة عن بول ســالم من معهد الشرق الأوسط قوله «فــي ايامه الأولى حصل ولــي العهد على صورة جيدة وسط قطاع معين من دوائر الرأي العام الأمريكي باعتباره زعيمــاً مختلفاً عن القادة المحافظين الكبار من العمر في السعودية».

«رواية قاتمة»

وأضاف قائلاً أن هناك «رواية قاتمة بدأت تتجذر تقوم على اعتقال الناشطات ورجال الأعمال وإسكات النقاد. وقضية خاشــقجي حيث قوت من السردية السلبية في دوائر واسعة من الرأي العام الأمريكي». وتشير إلى أن رد ترامب ليس واضحاً. ففي مقابلة مع برنامج «ستون دقيقة» على قناة «سي بي أس» توعد ترامب السعودية بعقوبات قاســية لو ثبت أنها كانــت وراء اختطاف أو مقتل خاشــقجي. وقال: «هناك أمــر خطير في الحقيقة ومقرف حول هذا. ولو كان هو الحال فســنرى». وقال «تتم متابعتها بشكل قوي قوي جداً وسنشعر بالغضب وعــدم الإرتياح لو ثبت الأمر. وفــي الوقت الحالي فهم ينكرون وينكرون بشــدة، هــل هم من فعلــوا هذا؟». وتوعــد بالبحث في الموضوع وعقوبات شــديدة. لكنه قال يوم السبت إنه لن يلغي صفقات السلاح بالمليارات مع السعودية حيث قال إن السلاح الامريكي هو الأفضل في العالم ولو لم يشــتره السعوديون فسيبحثون عنه من مصادر أخرى في الصين وروسيا.

وتشــير رايت إلى أن ترامب لديــه علاقات قوية مع السعوديين تعود إلى العقد الأخير من القرن العشرين. وعندما عانت شــركة العقارات التي يملكها من مشاكل باع يخته وجزءاً من فندق بلازا لأمير ســعودي. وباع مانهاتن للعقارات إلى مســتثمرين سعوديين. وقبل أن يصبح رئيســاً فكر بافتتاح فندق في ميناء جدة. ومنذ أن وصل ترامب إلى البيت الأبيض أصبحت السعودية لاعباً مهماً في سياسته الخارجية . وكانت المحطة الأولى لأول زيارة خارجية لــه حيث تم الاحتفاء به في أجواء باهرة. وطور صهره جارد كوشنر علاقة قوية مع محمد بن ســلمان وقدمه على أنه شــريك يوثق به للولايات المتحدة. وكان للكونغرس أفكار أخرى. فمنذ أن اختفى خاشــقجي تحول الجمهوريــ­ون والديمقراط­يون ضد الســعودية التي أنفقــت ملايين الــدولارا­ت في حملة علاقــات عامة قويــة بالولايات المتحــدة. وقال ماركو روبيــو «لو ثبت أن هذا صحيح فســيكون هناك رد من الكونغــرس» وقال إن الرد ســيكون إجماعيــاً وقوياً وبعيداً في شجبه.

قانون غلوبال

وأشــارت الكاتبة إلى الرســالة التــي وجهها نواب الكونغرس وطالبوا فيها ترامب بتفعيل قانون غلوبال ماغنســتكي لفــرض العقوبات بشــأن منتهكي حقوق الإنســان. وقالت إن الإشمئزاز والتساؤل عن تصرفات محمد بن ســلمان وبلده انتشــر على مستوى دولي. ففي يــوم الأحد أصــدرت بريطانيا وفرنســا وألمانيا وفرنســا بياناً عبرت فيها عن قلقها. وطالبت بتحقيق موثوق بــه يقدم معلومات ورداً. ولم تقدم الســعودية منذ اختفاء خاشــقجي أية تفاصيل عن مكان وجوده أو ما حدث للصحافي المعروف بنقده للحكومة السعودية خاصــة ولي العهــد. وكان رد الرياض علــى تهديدات ترامب بأنها ســترد بطريقة قوية. وتشــير الكاتبة إلى أن بن ســلمان تصرف بتهور قبل هــذا حيث قام بطرد الســفير الكندي لمجــرد تغريدة عــن وزارة الخارجية الكندية تطالب فيها بإطلاق سراح الناشطات المطالبات بحقوق المرأة. وفعل الشــيء نفسه مع رئيس الوزراء اللبناني ســعد الحريري الذي احتجزه لمدة اسبوعين وشــن حرب اليمن عام 2015 والتــي أدت لأكبر كارثة إنسانية. وتأثر السعوديون بالرد الدولي حيث هبطت الأسهم في الســوق المالي الســعودي. وألغى عدد من مدراء الشــركات والشــخصيا­ت المالية مشاركتهم في مؤتمر الاستثمار الذي أطلق عليه «دافوس الصحراء.» وقطعت شركة «هاربور غروب» التي حققت الملايين من علاقاتها الســعوديي­ن تعاملها معهم. وأصدر ريتشــارد برانسون الذي اســتقبل الأمير في صحراء كاليفورنيا الربيــع الماضي بياناً غاضباً يــوم الخميس قال فيه إن ما ورد من تقارير إخبارية تركية عن اختفاء خاشقجي و»لو ثبتت صحتها فستؤدي إلى تغيير قدرة أي منا في الغــرب على التعامل مع الحكومة الســعودية». وتقول إن العلاقــات الأمريكية- الســعودية تراجعت مرتين خلال العقود الماضية الأولى بعد حرب عام 1973 وحظر تصدير النفط للدول التي شاركت في الحرب ضد مصر وســوريا والثانية بعد هجمات أيلول )سبتمبر( 2001 حيث شــارك 15 ســعودياً فيها. وتختم رايــت مقالتها بالقول إن واحدة من المفارقات بشأن خاشقجي هي أنه ليس مواطناً أمريكياً ويقيم فيهــا منذ عام 2017. إلا أن الصدمة خلال الأســبوعي­ن الماضيين كانت قوية والقادم أكثــر. ويقول بول ســالم «تمر العلاقــات الأمريكية- الســعودية في مرحلة حرجة لم تمر بهــا منذ 2001». و «حتى تتم معالجة اختفاء أو قتل خاشــقجي ســتكون الأزمة كبيرة وســتؤثر ســلبياً على خطــط ولي العهد لتقدم سريع للاقتصاد والمجتمع السعودي.»

 ??  ?? صورة أرشيفية لمحمد بن سلمان لدى اجتماعه مع مارك زوكربرغ في وادي السيلكون في أمريكا
صورة أرشيفية لمحمد بن سلمان لدى اجتماعه مع مارك زوكربرغ في وادي السيلكون في أمريكا

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom