Al-Quds Al-Arabi

«واشنطن بوست»: كيف استغل نتنياهو وبن سلمان تنازلات ترامب لعمل ما يريدان؟

-

كتب المعلق الأمريكي جاكسون ديهيل إن طموحات الرئيس الأمريكي في الشــرق الأوسط لم تكن سوى فانتازيات قائمة على الضلال.

وجاء في مقالته في صحيفة «واشــنطن بوست» إن انتخــاب دونالد ترامب غيــر المتوقع جعل دولتين في الشرق الأوسط شــعرتا بالمظلومية من سياسات الرئيس باراك أوباما للاستفادة من الرئيس الجديد وهاتان الدولتان هما السعودية وإسرائيل «ونجحتا خارج توقعاتهما المحمومة». فخلال شــهور عدة ألغى ترامب اســتراتيج­ية أوباما التي قامــت على توازن إقليمــي بين الســعودية الســنية وإيران الشــيعية ووقف بدون مواربة مع السعوديين. وتخلى أيضاً عن محاولات الولايات المتحدة موازنة مصالح إســرائيل بتلك مع الفلســطين­يين. ومزق الإتفاقية النووية التي وقعتها إدارة أوباما مع إيران ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وقطع الدعم عن اللاجئين الفلســطين­يين. وناقش ترامب وداعموه أن هــذا التحول الراديكالي قاد إلى تحريك الســاحة في الشرق الأوسط وهو أمر لم يكن أوباما وفريقه قادريــن على عمله بما في ذلك تســوية النزاع بين الفلسطينيي­ن والإسرائيل­يين الذي لم تكن الإدارة السابقة قادرة على عمله. وظل صهره جارد كوشــنر يتحدث عن «الصفقة الكبرى» و «ناتو عربي» لوقــف التأثير الإيراني في المنطقة. و كشــف اليوم أن هــذه الطموحات لم تكن ســوى فانتازيات ضالة. فاختفــاء أو قتل الصحافي الســعودي جمال خاشــقجي داخل قنصلية الســعودية في اسطنبول هو ما حصــده ترامب بشــكل حقيقي مــن مقامرته. سلسلة من الأفعال المتهورة التي قام بها السعوديون والإسرائيل­يون جعلت من المنطقة أقل استقراراً.

وقدم بن سلمان ونتنياهو لترامب ما كان يحن إليه ويرغبه وهــو الدعم والتملق الذليــل. ومن الناحية الجوهرية لم يقدما له الكثير مقابل القرارات الفردية التي اتخذها لصالحهم مثل نقل السفارة أو استئناف الدعم الأمريكي للســعودية فــي حملتها الجوية ضد اليمن. فقد وسع نتنياهو من الاســتيطا­ن في الضفة الغربية ورفض خطوات بناء الثقة مع الفلسطينيي­ن. وفشل الســعوديو­ن الوفاء بصفقات أسلحة من 110 مليارات دولار وعدوا بشــرائها العام الماضي. ويقول ديهيل «هذا هو الشــرق الأوسط، الســاحة القاسية التي لا يســتطيع تاجر العقارات اســتغلاله­ا- حيث استغلت الدولتان تساهل ترامب للحد الأقصى وقامتا باتخــاذ أفعال لم تتجرأ أي منهمــا على اتخاذه أثناء فترة أوباما. فقــد دعمت حكومة نتنياهو قانوناً جعل من المواطنين غير اليهود ســكاناً من الدرجة الثانية، ووضعــت ضغوطاً علــى المنظمات غيــر الحكومية. واحتجزت الأســبوع الماضي طالبة تحمل تأشــيرة أمريكيــة لأنها دعمــت حركة المقاطعة فــي الجامعة. ويظل نتنياهو سياســياً حذراً واســتغلال­ه لترامب يتقاصــر مع افعال ولــي العهد الســعودي محمد بن سلمان /33 عاماً/. ففي العام الماضي قاد حملة حصار ضد قطر واحتجز رئيس الــوزراء اللبناني وأجبره على الاستقالة من محطة التلفزيون السعودي ورمى بقنابل أمريكية الصنع علــى أهداف مدنية في اليمن، حافلة مليئة بأولاد مدرسة فيما وصفتها الأمم المتحدة بجرائم حرب ممكنة. وقاطع كندا لأنها انتقدت النظام الســعودي وســجله مليء بانتهاك حقوق الإنسان وســجن النســاء اللاتي طالبن بحق المــرأة بقيادة الســيارة. ولم تثر أي مــن هذه التصرفــات اهتمام ترامب أو تضايقه.

وفي الشــهر الماضــي التقى مايــك بومبيو، وزير الخارجيــة مع أعضاء الكونغرس ومنح شــهادة بأن السعودية تقوم باتخاذ كل الخطوات المناسبة لتجنب ســقوط الضحايا المدنيين في اليمــن. وبناء على هذا الســجل ووصف ترامــب الصحافــة ومنها صحيفة «واشــنطن بوســت» بأنها أعداء الشــعب» فقد كان واضحا أن بن ســلمان توصل إلــى نتيجة أنه يمكن خطف وقتل خاشقجي الذي كان يعيش في واشنطن ويكتب بشــكل منتظم في «واشــنطن بوست». فمن ناحيــة، يبدو أنه محق. فقد انتظر ترامب ســتة أيام للرد على اختفاء خاشــقجي ووعد بعقوبات قاســية ولكنه قال إن العلاقات مع الســعودية «ممتازة» وأنه لا يريد إلغاء الصفقات التجارية معها. وكما اكتشــف الكثيرون فتحالف مع ترامب عادة ما لا ينتهي بطريقة جيدة. وحتى قبل اختفائه كان خاشــقجي غاضباً من حرب اليمن وخلق تحالفاً غير مسبوق في الكونغرس والذي فرض شــروطاً على بيع الســاح للسعودية. ومع تزايد الشــجب الدولي على اختفاء خاشــقجي وقع 22 نائبــاً من الحزبــن طالبوا ترامــب بتفعيل تحقيق تحت قانــون «غلوبال ماغنســتكي» والذي يعاقب انتهاكات حقوق الإنســان. وقال بوب كوركر إنه لو ثبت تورط الســعوديي­ن في اختفاء خاشقجي فستؤدي إلى ســقوط العلاقات إلى الجرف. ويشعر نتنياهو أن لا شيء لديه ليخشــى عليه. لكنه لا يقرأ اســتطلاعا­ت الرأي التي تكشــف عــن الفجوة التي تتســع بين الجمهوريين والديمقراط­يين. ومثل محمد بن ســلمان يبدو أنــه يراهن على بقــاء «الترامبية» وللأبد في واشــنطن ولا حســاب لكل ما يعمله تحت هذه المظلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom