Al-Quds Al-Arabi

عدة اعتبارات خلف تحفظ المؤسسة الأمنية في إسرائيل تجاه عملية واسعة في غزة

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة:

خلافا لموقــف حكومــة الاحتلال التــي تنذر غــزة بالتهديد والوعيد وبضربات موجعة جدا وشيكة، تبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلي­ة تحفظها من مواجهة واسعة غير ضرورية. ومع ذلك، في ضوء التصاعد في قطاع غزة، تســتعد القيادة الجنوبية في جيش الاحتلال للرد بشكل أكثر حدة على المظاهرات قرب السياج في أيام الجمعة.

وفيما اعتبر مراقبون أن المؤسســة الأمنية الإسرائيلي­ة تعلن تحفظها من ضربة واسعة بهدف الاحتفاظ بالقدرة على المباغتة، يرى محللون إســرائيلي­ون آخرون أن المؤسســة الأمنية تبحث عن تهدئة مع غزة لانشــغاله­ا في جبهة الشمال مقابل حزب الله وإيران في سوريا.

كما يشير هؤلاء إلى أن المؤسســة الأمنية تدرك أن الحل ليس عســكريا اســتنادا لتجارب عدة حروب وقعت في العقد الأخير أدت للمساس بإسرائيل وهيبتها، وتسببت بمقتل وإصابة مئات الجنــود والمدنيين فيها أيضــا، علاوة على مخاطر نزع شــرعية إسرائيل في العالم نتيجة المساس بالمدنيين الفلسطينيي­ن.

المنطقة العازلة

ولكن قد يقوم الجيش الإســرائي­لي بتوســيع المنطقة العازلة التي يُحظر على المتظاهرين الدخول إليها، لمنع الفلســطين­يين من عبور السياج، كما حدث في نهاية الأسبوع الماضي. وقال مسؤول كبير فــي الجهاز الأمني للإذاعة العامة أمس إنه في ضوء الوضع في قطاع غزة، سيكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي القيام بعمليات قتالية في قطاع غزة دون تعرض إســرائيل لانتقادات دولية، ولتجنب مواجهة عســكرية حتى نهاية عام 2019، الموعد المحدد للانتهاء من بناء العائق الحدودي الذي ســيحبط الأنفاق الهجومية الموصلة إلى أراضي 48.

ووفقا للمســؤول الإســرائي­لي فإن الوضع الإنساني في غزة على وشك الانهيار. كما قال إنه أثناء القتال في غزة، على الجيش التأكــد من أن الســكان المدنيين لديهم ما يكفي مــن الضروريات الأساســية، وأن الســلطات لديها القدرة على عــاج الجرحى. ويضيف استنادا لتجارب حروب سابقة على غزة استدعت حملة انتقادات دولية واســعة ضد الاحتلال «في غياب شــبكة الأمان هذه، ســتؤدي جولة من القتال في غزة إلى إلحاق ضرر شــديد بالسكان، وهو ما ســيحد من نطاق عمل الجيش الإسرائيلي في ضوء الانتقادات الدولية .»

ضغوط الشارع الإسرائيلي

بالإضافة إلى ذلك، فإن تقييم نظام الاستخبارا­ت الإسرائيلي­ة، كما يؤكد المصدر الإســرائي­لي، هــو أن المدنيين في غزة محبطون في ضوء عــدم تحقيق حماس إنجازات في المظاهرات وبســبب سلوكها في ظل الوضع الإنساني الصعب.»

واستنادا إليه تقدر الاستخبارا­ت الإسرائيلي­ة أن حماس تدرك موقفها الإشــكالي، وبالتالي من الضروري تحقيــق الهدوء في الميدان من خلال اســتنفاد محاولات تحقيق عملية التسوية. في الوقت نفسه، يدرك الجيش الإســرائي­لي أن الشارع الإسرائيلي يمارس ضغوطا متصاعدة على المستوى السياسي للعمل، لاسيما بعد الكشف عن اشتعال 1000 حريق في النقب منذ الربيع الماضي بســبب البالونات والطائرات الورقية المشتعلة التي باتت تصل للقدس ومناطق أخرى في عمق البلاد، كما كشف أمس.

وســتقوم المؤسســة الأمنية بإجراء تقييم آخــر للوضع قبل المظاهرات يوم الجمعة القريب.

في المقابل دعــم الجهاز الأمني الإســرائي­لي وقف نقل الوقود الممول من قبل قطر، في أعقاب حادث اختراق الجدار يوم الجمعة، لكن مصادر في الجهاز انتقدت تصريحــات وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، الذي اشــترط اســتمرار نقل الوقــود بالهدوء الأمني الكامل.

ووفقاً للمؤسســة الأمنية، فإن الوقود ضروري للحفاظ على الظروف المعيشــية الأساســية في قطاع غزة وليس هناك خيار سوى تجديده.

وتتوقع صحيفة «هآرتس» أن يتــم في الأيام المقبلة، التوصل إلى حل وســط بشأن هذه المسألة من خلال الوسطاء، الأمر الذي ســيمكن الأطراف من التوصل إلى تفاهمات دون أن يتسبب في إظهار الطرفين كمن تراجع.

الامتحان يوم الجمعة

ونقلــت صحيفة «يســرائيل هيــوم» عن مصدر شــارك في الاجتماع الوزاري المصغر أول من أمس، قوله إن نتنياهو عبر عن نفســه اليوم بطريقة لا رجعة فيها.» وأضاف»ستعاني إسرائيل من الاســتفزا­زات التي تقوم بها حماس خلال هذا الأسبوع، لكن الاختبار الكبير ســيكون يوم الجمعة، بعــد أن تجاوزت صفاقة حركة حماس، خاصة بعد إدخال الوقود».

ووفقا للصحيفة المقربة جدا مــن نتنياهو فإن «هذه هي حرب معروفة ســلفًا ولن تكون مختلفة عما رأيناه في الجرف الصامد أو في الجولات الســابقة. ففي غزة سيبقى بعدها مليونا شخص جائعين، ولكن في ظل الظروف التي نشــأت، إذا لم تكبح حماس جماحها، فلن يكون هناك أي خيار الا الحرب».

ونقلت هي الأخرى عن المتحدث باســم حمــاس عبد اللطيف القنوع قوله إن التهديدات التي وجهها مســؤولون إسرائيليون كبار في الأيام الأخيرة «قديمة ومكــررة ولا تترك أي انطباع ولا تخيف أحدا، وإن هــذه تعكس الأزمة داخــل الكيان الصهيوني بسبب الضغط وتكثيف مسيرات العودة».

وانضم وزيــر البنى التحتيــة يوفال شــطاينتس لنتنياهو وليبرمان وشارك بالتهديدات الموجهة لحماس.

فقدان الردع

وقال شــطاينتس في تصريحات لإذاعة جيش الاحتلال أمس «نحن على عتبة انفجار كل لحظــة، ونحن غير معنيين باجتياح غزة ولو كنا نريد احتلالها لكنا فعلنا ذلك بطريقتنا الخاصة».

في المقابل تحفظ رئيس المخابرات العامة «الشــاباك» السابق يورام كوهــن من مقولة فقــدان قوة الردع الإســرائي­لية. وقال لإذاعة جيش الاحتلال إن تهديدات إســرائيل من شأنها أن تطبق قريبا من خلال ضربات جوية بالأساس.

وفي هذا السياق حذر المحلل لشــؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل من أن إســرائيل من شــأنها أن تسدد ثمن التوتر بين حماس وفتح فــي القطاع. وأوضح أمس أنه فيما تعمل حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال على تقليل حدة التقارير الواردة عن الاحتجاجات فــي الحدود مع غزة، لكن الأوضاع في الميدان تزداد اشتعالا.

وتابع «في حال استمرت صراعات القوة بين حماس وفتح فإن الوقــود القطري أيضا لن يحول دون التدهــور في القطاع الذي يشهد مجددا ســباقا مع الزمن بهدف منع التصعيد العسكري من جديد».

واتهم هارئيل السلطة الفلســطين­ية بالسعي لإحباط مساعي قطر والأمم المتحدة، وقال إنها تهدد أيضا بإلغاء اتفاقات الوقود المعدة للضفة الغربية من إســرائيل وتقليص التنســيق الأمني معها.

كما حذر محرر الشــؤون العســكرية في صحيفــة «يديعوت أحرونوت» يوســي يهوشع أمس من اســتمرار الوضع الراهن. وقال إن سياسة إســرائيل مع غزة تعتريها البلبلة، وأنها تعيش « مــن جمعة إلى جمعة»، معتبرا أن المشــكلة الجوهرية تكمن في تهديدات إسرائيلية دون تغطية. ويتابع نقده «في الصباح تطلق إسرائيل تهديدات وفي المســاء يمنحون فرصة للتسوية مجددا. من كان فعلا راغبا بالرد لقام بهجمــات ضد حماس يوم الجمعة الماضي».

وردا على ســؤال مــن إذاعة جيش الاحتــال اعترف النائب المقرب من الحــزب الحاكم بفقــدان قوة الردع، معلــا ذلك بأن الجيش هو المســؤول عن ذلــك لأنه يوصي بعــدم القيام بحملة عســكرية واســعة، زاعما أن الجيش هو الجهة المهنية المسؤولة وأن أيدي الحكومة مقيدة من هذه الناحية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom