Al-Quds Al-Arabi

تقرير مغربي يحِّذر من عواقب فرض حلّ أمريكي لقضية الصحراء

- الرباط – «القدس العربي»:

في ســياق التطورات التي يعرفها ملف الصحراء، وتكثيف عمل هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمني الدولي بخصوص هذا النزاع، أصدر «المركز المغربــي للدبلوماسـ­ـية الموازية وحــوار الحضارات» تقريــرًا رصد فيه تطورات ملف الوحدة الترابية للمغرب من زاوية عمل البعثات الأممية.

التقرير الــذي أعده صبري لحو، الخبير في القانــون الدولي للهجرة ونزاع الصحراء، نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسي­ة الموازية وحوار الحضارات، اســتُهل بتشــخيص التحديات التي تعترض جهود بعثات حفظ السلام الأممية، وأبرزُها تلك المرتبطة بصعوبة ومشاق التوصل إلى حلول سياسية، كما هو الحال بالنسبة لبعثة «المينورسو».

وعرّج التقرير وفق «هســبرس» على توجيه هورست كوهلر، المبعوث الشــخص للأمين العام للأمم المتحدة، كتابًا إلى الأطــراف المعنية بنزاع الصحراء لمباشرة مفاوضات مباشرة، غداة دراسة المذكرة والتقرير حول بعثة «المينورســ­و» في جلستي 27 أيلول/ ســبتمبر و11 تشرين الأول / أكتوبر في مجلس الأمن، وتوصّل بردّ إيجابي من الأطراف المعنية.

وتســاءل التقرير عمّا إذا كانت السياسة الجديدة للمبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء تكشــف معالم خريطــة طريق الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لكيفية إدارتهما وتســييرهم­ا لملف النزاع في الصحراء، الذي تلعب فيه «المينورسو» دورا مؤثرا وناجعا.

وتوقف عند الموقف الأمريكي من عمل بعثة «المينورســ­و»، إذ اعتبر أنَّ واشنطن تضغط من أجل جعل البعثة الأممية في الصحراء آلية من آليات الضغط على أطراف النزاع لإحراز تقدم ســريع في العملية السياســية، عن طريق تعزيز وظائفها بمهامّ جديــدة، وإعطاء موظفيها اختصاصات واسعة، وتســهيل تنقلاتهم، وتجهيز البعثة بمعدّات تكنولوجية متطورة لإحكام عملية المراقبة.

واســتنتج التقرير من استقراء الموقف الأمريكي من بعثة «المينورسو» أنّ الإدارة الأمريكيــ­ة تريد أن تقوي نفوذ البعثــة الأممية، لجعلها قادرة على لعب دور سياسي ضاغط، وربما منافس في إجراءات صناعة وإنتاج الحل النهائي لنزاع الصحراء، بمشــاركة أطراف النــزاع، «كطموح وأمَل مرغوبَين»، أو باستقلالية عنهم في حالة جمودهم وتصلُّبهم.

ويكشــف أنه فــي وقت تســعى واشــنطن إلــى تقوية نفــوذ بعثة «المينورســ­و»، وجعلها آلية للضغط من أجل الوصول إلى حل سياســي لنزاع الصحراء، فإنّ المغرب يرى أن البعثة الأممية هي التي تُعيق وتعرقل الوصول إلى الحلّ «الذي يؤمن بقدراته الذاتية في صناعته».

ويضيــف أنّ المغرب يتملكه إحساســا بقدرته على إيجــاد حل لنزاع الصحراء، ولا يُقلقه أنْ يعمد مجلس الأمن إلى سـْـحب بعثة «المينورسو» من الصحراء، كمــا كانت تصبُّ في ذلك الفرضيات فــي عهد الأمين العام الســابق للأمم المتحدة، كوفي عنان؛ «لأن المغرب ينطلق من واقع حيازته للأرض، وممارسته لكافة مظاهر وأوجُه السيادة على الإقليم انطلاقا من الشرعية التاريخية ورُجحان البُعد القانوني».

في المقابل، يشــير التقرير المعنــون بـ»قضية الصحــراء المغربية من زاوية عمل البعثات الأممية ومن ضمنها بعثة المينورســ­و»، إلى أنّ جبهة «البوليساري­و»، وداعمتُها الجزائر، ظلتا تختزلان عمل بعثة «المينورسو» في الإشــراف على إجراء الاستفتاء في الصحراء، «دون أن تنتبها إلى أن البعثة الأممية مرتبطة بالهدف وليس بآليات وإجراءات وطُرق ووسائل إدراك الحلّ والنتيجة». وشــدّد التقرير على أنّ الاستفتاء «ليس غاية في حدّ ذاته، بل وســيلة من أجل الحل، والأمم المتحدة استحال عليها تحديد شروط وأركان هذه الوسيلة القانونية الشكلية، فانتقلت بحثا عن تحقيق الهدف في جوهر السياسة عن طريق التوافق عليه»، مشيرا إلى أنّ الأمم المتحدة تسعى إلى إنهاء نزاع الصحراء عن طريق حل سياسي وواقعي، بعدما صار إجراء الاستفتاء الذي تتمسك به «البوليساري­و» مستحيلا.

وفيما قبِلتْ أطراف النزاع في الصحراء مباشــرةَ مفاوضات مباشرة، شــهر كانــون الأول / ديســمبر المقبــل، اعتبر تقريــر «المركــز المغربي للدبلوماسـ­ـية الموازية وحوار الحضــارات» أن مجلس الأمــن تنبّه إلى ضرورة الإبقــاء على بعثة «المينورســ­و» في الصحراء، لأن انســحابها أو ضعفها ســيؤدي إلى احتمالين، إما الحرب الشــاملة فــي المنطقة، أو فتح المجــال أمام الإرهابيــ­ن لاتخاذها مأوى لهم، كما جــاء في تقريرين سابقين لمجلس الأمن ســنة 2016، واستنتاجات تقرير لجنة مراجعة عمل «المينورسو» المقدم إلى الأمين العام الأممي مطلع شهر شتنبر الماضي.

وبعد استعراضه لمكامن ضعف بعثة «المينورسو» في الصحراء، خلُص التقرير إلى أنّ وجودها واســتمرار­ها على حالتهــا «حيوي لضمان تمام العملية السياســية وإشــهاد العالم بنهائية الحل، وهي على هذا المنوال والشــاكلة مَطلب المغرب في إطار مبادرته من أجل التفاوض لإقامة الحكم الذاتي شرط نهائية النزاع، درءًا وقطعًا من أن يشكل أي حل لبنة لمطالبات أو منازعات مستقبلية».

وحذّر التقرير من العواقب السيئة لأي محاولة من طرف القوى الكبرى للضغط بهدف احتلال «المينورسو» لمكانة أو تَولي دور جديد أو استعادة اختصاص الاستفتاء الذي تم تجاوزه، معتبرة أنّ هذا «يجعل ريبة طرف أو أطراف تتفاقم، بالنظر إلى الضرر والتغيير المباشــر الذي يُحدثه ذلك بمراكزها، وهو ســبب وأســباب كافية لحدوث توترات أكيدة بالنظر إلى حساسية المرحلة».

وفيما تســعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى جعل «المينورسو» آلية ضغط لفرض حلّ لنزاع الصحراء، شــدّد التقرير على أنّ العجلة في طرح وفرض الحلول أو الإكراه عليها بإيعاز من الولايات المتحدة بدعوى تغيير أولوياتها الإستراتيج­ية في شــمال إفريقيا، سيؤدّي إلى عواقب وخيمة على المنطقة.

وقــال التقرير إنّ فرض واشــنطن لأي حــلّ دون مراعــاة للأوضاع والمعادلات القائمــة، ودون الجواب عن توضيحــات الأطراف وطلباتهم وشروطهم، ودون اهتمام بتشعب علاقات النزاع بأمن واستقرار المنطقة قاطبــة، وتأثيره على أمــن دول الجوار في الشــرق والجنــوب كما في الشمال، «سيفجر المنطقة، وسيعطي فرصة أخرى لتدويل النزاع، ومنفذًا لتوغل قوى أخرى في المنطقة، منها الصين وروســيا، وتعقد وتمدد النزاع بشكل عميق».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom