Al-Quds Al-Arabi

أبناء غزة في الأردن

- كاتب فلسطيني

يتوجــب علــى كل فلســطيني مــن أبنــاء قطــاع غــزة المقيمــن في الأردن أن يدفــع 300 دولار نظيــر تجديد جواز ســفره، ويتوجــب عليــه أن يدفــع تكاليف علاجه، ســواء زار مستشــفى حكوميا أو مستشفى خاصــا، ويدفع أيضــاً تكاليف تعليــم أبنائه فــي المــدارس، إذا مــا أغلقــت وكالــة الغوث منشــآتها، أو قلصــت من خدماتهــا.. فضلاً عن أنه لا يجوز لــه الحصول على أي نوع من أنواع المعونة الحكومية.

يوجد في الأردن نحو 140 ألف فلســطيني من أبناء القطاع، هم شريحة أشبه بالمنسية، وأغلبهــم يعيــش فــي مخيــم بالــغ البــؤس والضنــك بالقرب مــن مدينة جرش شــمالي الأردن، وثمــة اختــاف كبيــر بــن وضعهم القانونــي وأوضاع نظرائهم من فلســطينيي الضفة الغربية، الذين يحملون وثائق المواطنة الكاملــة، التــي تمكنهــم مــن الحصــول على الخدمات الأساسية مثل العلاج والتعليم.

أبنــاء غزة فــي الأردن هم أشــد فقــراً من غيرهم، بســبب القيود المفروضــة عليهم في مجال العمل، إذ ليس مسموحاً لهم العمل في القطاع العام وليس مســموحاً لهم العمل في قائمــة طويلة من المهن المحصــورة بالمواطنين الأردنيين مثل، الطب والهندســة والصيدلة، وغير ذلك من المهن التي تســتوجب الحصول على عضوية النقابــات المهنية، وهي عضوية محصورة في المواطنين من أبناء البلد.

وبينمــا يهــوي الغزيون إلى مــا دون خط الفقــر فــي الأردن، فإنــه يتوجــب عليهــم أن يدفعوا تكاليف ونفقات علاجهم، كما تتزايد المخاوف لديهم حالياً مــن انهيار وكالة غوث وتشــغيل اللاجئين التي تُشغل المدارس التي يدرس فيها أبناؤهم، ما سيعني بالنسبة لهم أنهم سيضطرون لدفع تكاليف تعليم أبنائهم في المدارس الأساسية الإلزامية، فضلاً عن أن الجامعات تُعاملهم معاملــة الوافد الأجنبي، وتتقاضى رســومها منهم بالدولار الأمريكي أضعافاً مضاعفة. يتوجب على أبناء غزة في الأردن أيضاً دفع مبلغ 200 دينار أردني )300 دولار( نظيــر تجديد جوازات ســفرهم، وهي جــوازات لا يجــوز تركها منتهيــة الصلاحية بســبب أنها "مؤقتة" أي أن تجاهل تجديدها يعني فقدانها بشكل أو بآخر، ما يعني أن كل شــخص يتوجب عليه أن يدفع هذا المبلغ مرة واحدة كل خمس سنوات )5 دولارات شهرياً للفرد الواحد(.

أوضاع الفلســطين­يين بالمجمل أينما كانوا بائســة، وأبناء غــزة أكثر بؤســاً من غيرهم، ســواء مــن كان منهــم داخــل القطــاع أو من كانــوا خارجــه، ورغــم أن الفلســطين­ي فــي الأردن يظــل أفضــل حــالاً منه فــي أي مكان آخــر، إلا أن هذا لا يعني عــدم المطالبة بإعادة النظــر في أوضاعهم وتحســينها، خاصة أن الحديث يــدور عن عدد قليل وليس شــريحة كبيرة. أبناء غزة في الأردن أشبه بـ"البدون" فــي بعض دول الخليــج، وعندما نتحدث عن 140 ألف شــخص في دولة يســكنها أكثر من عشرة ملايين نســمة، فنحن نتحدث عن عدد قليل جداً، وتحســن أوضاعهم المعيشية لن يقدم أو يؤخــر في الوضع الاقتصادي الكلي للبــاد، فاتخــاذ قــرار بعلاجهم مجانــاً في المستشــفي­ات الحكومية لن يزيــد من الأعباء شــيئاً، خاصة أن الـــ140 ألفاً ليســوا جميعاً مرضى، وأن ميســوري الحال منهم ســوف يتجه طواعية للعلاج فــي القطاع الخاص، ما يعني في نهاية المطاف أننا نتحدث عن تكلفة فسيفسائية تكاد لا تُرى بالعين المجردة.

تحســن أحــوال الفلســطين­يين مــن أبناء قطــاع غزة فــي الأردن يصب بــكل تأكيد في خدمــة القضيــة الفلســطين­ية، ويعــزز الدور الأردنــي المســاند لصمــود الفلســطين­يين، كما أنه يصــب بالضرورة فــي خانة مقاومة المشروع الأمريكي الإسرائيلي الرامي لتمرير "صفقة القــرن"، وهي الصفقــة التي رفضها ويرفضها الأردن ويقاومها بشدة.

أوضاع الفلسطينيي­ن بالمجمل أينما كانوا بائسة، وأبناء غزة أكثر بؤساً من غيرهم، سواء داخل القطاع أو من كانوا خارجه

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom